علمان أحمر وأخضر على شاطئ بحر لا يمكن السباحة فيه

 شمس وطين على شاطئ البحر الميت
شمس وطين على شاطئ البحر الميت


البحـر الميـت :

تلامس أضواء الشمس الغاربة أطراف الهضاب البعيدة عند الافق. يتحول انعكاس الضوء على مياه البحر الميت الى أشرطة من لهب ونار. يتوافد السياح الى المكان الذي تغيب عنه الكائنات البحرية بسبب كثافة الاملاح فيه. يسود الهدوء بينما تغيب أصوات تخبّط الامواج. يستقطب اسم » البحر الميت« كل من يبحث عن الهدوء، الجمال والعلاج منذ فجر التاريخ، فقد عرفت مياهه شخصيات تاريخية شهيرة كهيرودوس العظيم وكيلوبترا وغيرهما من السلاطين والحكام والأباطرة والملوك. وما زال يجتذب سنوياً الآف الزائرين، نظراً لمياهه الدافئة والغنية بأملاح الصوديوم والبوتاسيوم والبرومين والمنغنيز، إلى جانب شبكة من الطرق الحديثة والعديد من الفنادق الراقية التي تنتشر على شاطئه الشرقي . وأكثر ما يرفع نسبة توافد السياح بجنسياتهم المختلفة هو عجائب الطين الذي يتحول الى أقنعة على وجوههم ، او جلدا ثانيا لأجسامهم. وقد تمّ اكتشاف المزايا العلاجية لمياه وطين البحر الميت قبل حوالى ألفي سنة أي منذ ايام هيرودوس الكبير.

يقع البحر الميت في منخفض عميق يشكل جزء من الشق السوري الأفريقي. يبلغ طوله ٧٩ كيلومترا وعرضه خمسة عشر كيلومترا وسبعمئة متر، أما انخفاض سطحه عن سطح البحر الابيض المتوسط فيبلغ ٤١٧ م. وتبلغ مساحة البحر الميت الإجمالية حوالى ٩٤٥ كيلومتراً مربعاً. وأما أعمق عمق له فيبلغ ٤٠١ متراً وقد أطلق عليه اسم »البحر الميت« بسبب كونه شديد الملوحة، تقارب عشرة أضعاف ملوحة المحيطات، وتتغير بحسب العمق.

على شاطئ إحدى منتجعاته السياحية رفع علم احمر. يمازح سائحا من الجنسية اللبنانية »إنهم يعلنون الثورة«. دقائق ثم يستبدل بالعلم الأخضر فـ»الإعلان عن الدولة المستقلة«. والطريف هنا انه عندما يرفع العلم الاحمر يحذر من العوم في البحر بسبب هيجان الموج، بينما يسمح بالعوم خلال رفع العلم الاخضر. غير ان السائح لا يحتاج الى الالمام بفنون السباحة والغطس ولا يواجه أي صعوبة بالعوم في مياه هذا البحر »الميت« بسبب ارتفاع نسبة الملوحة في مياهه... وكل ما عليه فعله هو تجنب عدم تعريض عينيه للمياه المالحة، فيستلقي ببساطة على ظهره ويترك المياه تحمله دون عناء، في محاولة لامتصاص المعادن الغنية الموجودة في المياه، إضافة الى أشعة الشمس.

يعتبر البحر الميت من مناطق السياحة العلاجية الأكثر نشاطا في المنطقة بسبب الاملاح التي يتضمنها، والتي يقال انها تشفي الكثير من الأمراض الجلدية مثل الصدفية والحساسيات الجلدية المتنوعة. كما يعتبر من المراكز الإقتصادية التي تبنى عليها كثير من الصناعات مثل مصانع الملح ومصانع المستحضرات التجميلية والعلاجية. وقد رشح لأن يكون أحد عجائب الدنيا الطبيعية في نطاق البحيرات، كما نال شهرة عالمية حيث تعتبر فنادقه مكاناً مثالياً لعقد الإجتماعات والمؤتمرات والندوات المحلية والإقليمية والدولية على حد سواء.

لكن يحذر احد الموظفين، ان البحر الميت مهدد بالزوال بسبب انخفاض كميات الماء التي تصب فيه، إذ ان »شفط« المياه من نهر اليرموك ونهر الأردن من قبل فلسطين المحتلة والأردن، قلّل بشكل حاد كميات المياه التي تصل إلى البحر الميت مما يهدده بالجفاف. ومن المشاريع المقترحة لإنقاذه خطة شق قناة من البحر الأحمر أو البحر الأبيض المتوسط لتسييل المياه المالحة إليه، لكنّ المشروع لم يؤخذ بجدية بسبب خشية الخبراء من تداعيات غير متوقعة على البيئة وعلى تركيبة مياه البحر الميت، وبسبب تكاليفه الهائلة.

تعليقات: