الحلبي يعالج انهيار التربية والتعليم الرسمي.. بانتقاد عادات الشيعة!

مشكلة الحلبي ربما تكون أنه أتى وزيراً في الزمان والمكان الخاطئين (مصطفى جمال الدين)
مشكلة الحلبي ربما تكون أنه أتى وزيراً في الزمان والمكان الخاطئين (مصطفى جمال الدين)


دخل التعليم الرسمي في دوامة مفرغة لا يمكن الخروج منها. فالانهيار الحاصل والمتمادي في العملة المحلية سبق الجميع. ولم يعد بإمكان وزير التربية عباس الحلبي القيام بأي شيء. فالحلول التي كان يعمل عليها انتهى مفعولها بعدما فاق الدولار 56 ألف ليرة في السوق السوداء. وحتى مطالب روابط المعلمين في التعليم الرسمي باتت ضحلة جداً حيال الانهيار. فلا التسعون دولاراً عادت كافية، ولا المطالبة برفع بدل النقل من 95 ألف ليرة إلى نحو 150 ألف ليرة، تنفع في ظل الارتفاع الصارخ لأسعار المحروقات. وعليه سيتجدد الإضراب تلقائياً إلى أجل غير مسمى، لأنه لم يعد ينفع ضغط الروابط على الأساتذة للعودة إلى التعليم كما كان يفكر المسؤولون في الوزارة. والأسوأ أن الانهيار سيطال بطبيعة الحال القطاع الخاص في الأيام المقبلة. فحتى لو أن بعض المدارس تدفع جزءاً من الرواتب بالدولار (حد أقصى 30 بالمئة) فانهيار العملة سيحرق الأخضر واليابس. وذلك بإجماع أعضاء في روابط المعلمين وبين الأساتذة المعارضين لأداء الروابط.


عادات الشيعة

لكن مشكلة الحلبي ربما تكون أنه أتى وزيراً في الزمان والمكان الخاطئين. فبعد إعلانه عن منح الأساتذة خمسة دولارات عن كل يوم عمل، ما استجلب "انتفاضة الكرامة"، التي يخوضها الأساتذة اليوم، أتى كلامه عن عادات المجتمع الشيعي لتزيد نقمة الشيعة عليه.

ويقول أحد النقابيين المعارضين للثنائي الشيعي: "عوضاً عن إقفال مزاريب الهدر في وزارة التربية على مشاريع غير ملحة، والضغط على الجهات المانحة لتحويل الأموال حوافز للأساتذة، وتسيير العام الدراسي المنهار، أطل الحلبي على إحدى قنوات التلفزة منتقداً "العادات التي أدخلت إلى المجتمع الشيعي"، قاصداً حزب الله. فقامت قائمة الأساتذة الشيعة عليه وراحوا يتداولون مقطع فيديو من برنامج "الرئيس"، الذي أطل فيه يوم أمس، وكتبوا تحته: "الوزير وجد كل الحلول لكل قضايا التعليم الرسمي في لبنان. وهو اليوم يعالج العادات والتقاليد للشيعة التي أدخلوها وهي لا تنسجم مع النسيج اللبناني".

وأضاف المصدر: "منذ مدة يحاول ممثلو حزب الله في رابطة الثانوي لملمة الوضع لإعادة ترتيب البيت الداخلي بعدما تضعضعت صفوف الرابطة. وقد سبق وتعهدوا مثل باقي الأحزاب للوزير بعدم الذهاب إلى إضراب مفتوح، لكن انتقادات الوزير لحزب الله، من دون تسميته، سيعيد عقارب الساعة إلى الوراء".


كلام في غير زمانه

وجاء على لسان الحلبي: "في البلد يوجد فئات ترى لبنان من وجهة نظر معينة وأخرى من وجهة مختلفة. أو بمعنى آخر إدخال بعض العادات والتقاليد إلى المجتمع الشيعي لا تنسجم مع عادات وتقاليد جبل عامل. أي ثمة خطاب أيديولوجي يأخذ المجتمع في وجهة غير منسجمة إلى حد بعيد مع توجه المجتمع اللبناني الذي ربينا فيه".

كلام الحلبي، كرجل حوار وله مساهمات في حوار الأديان، منطقي وصائب، بما يتعلق بعادات وتقاليد حزب الله، لكن كان يمكن تلافيه في الظروف الحالية التي يعيشها البلد ووزارته. فحتى باعتراف نقابيين وأساتذة منتمين لحركة أمل، كلام الحلبي واقعي وصحيح، يقول أحدهم لـ"المدن" (وما يقال في المجالس عند شيعة حركة أمل قد يكون أقصى بكثير) لكن ما الداعي لهذا الكلام من وزير تربية عاجز عن تلبية متطلبات الأساتذة، ويصارع من أجل لملمة صفوف الأساتذة في محاولة لتسيير العام الدراسي؟ يسأل المصدر.


الانهيار سبق الجميع

وبعيداً من الانهيار الحالي الذي لا يعرف كيفية الخروج منه بعد، جرت في السابق محاولات لتشغيل المدارس والثانويات بمبادرات فردية في المناطق، مثلما فعل النائب أشرف بيضون في بنت جبيل، أو النائب حسن مراد في البقاع الأوسط. عملوا على دعم الأساتذة بالمحروقات أو ببعض المساعدات. ووصل الأمر بأحد الشيوخ من آل عبيد في البقاع حد تحريم الإضراب، والعمل على جمع مساعدات لدعم الأساتذة. لكن الانهيار سبق هذه المبادرات، التي كان من شأنها تحويل التعليم الرسمي إلى كانتونات طائفية ومناطقية، يتعلم من خلالها الطلاب المحظيون، بعدما أقفلت جميع المدارس والثانويات. وبات من الصعب العودة لانطلاق التعليم إلا إذا عاد الاستقرار ولو بشكل هش. فحتى داخل روابط المعلمين بات التوجه هو إلى المزيد من التصعيد، يقول أحد أعضاء الهيئة الإدارية لرابطة الثانوي. فالانهيار أكل المطالب التي كانت مرفوعة سابقاً، وبات الأمر بحاجة للاستقرار السياسي. ولم يعد أمام الوزير عباس الحلبي إلا الاستسلام للواقع المرّ.

استمرار الإضراب

وكانت روابط التعليم الرسمي (مهني، ثانوي، أساسي) عقدت مؤتمراً صحافياً اليوم قالت فيه أن "تكرار الكلام لم يعد ينفع بعد أن صُمّت أذان المعنيين من حكام ومسؤولين، أو أنهم أغمضوا أعينهم كي لا يرَوا البؤس والشقاء الذي نحن عليه.. ولا ندري إن كانت سياسة الإفقار والتجويع هي المطلوبة من أجل التركيع".

وتطرقت الروابط إلى الواقع المرير الذي يعيشه الأساتذة ووعود وزير التربية التي لم تنفذ وقالت: "اعلموا أيها المسؤولون لسنا هواة إضراب ولا تعطيل، ولكننا أصبحنا عاجزين كل العجز عن الوصول إلى مدارسنا وعن تأمين لقمة عيش أطفالنا".

ودعت الروابط إلى الاستمرار بالاعتصامات المتنقله بين المناطق، والمندوبين كافه إلى التصويت على تمديد الاضراب في الأسبوع المقبل.

وكررت الروابط المطالب ودعوة المسؤولين إلى ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة قادرة على معالجة كافة الأوضاع المعيشية والاقتصادية. ورئيس مجلس الوزراء إلى الاسراع في عقد جلسة مخصصه لمناقشه الوضع التربوي"

وطالبت باعتماد سعر صيرفة للرواتب وملحقاتها خاص بهم، يوازي سعر الدولار الجمركي 15 ألف ليرة للملاك والمتعاقدين، وإقرار بدل النقل ستة ليترات من البنزين عن أيام الحضور، وتأمين الاستشفاء من خلال تعاونية موظفي الدولة بما يوازي الكلفة الحقيقية، ودعم صناديق المعاهد والمدارس الفنية في التعليم المهني أسوة بالمدارس والثانويات الرسمية. وطالبت الدول المانحة بتسديد مستحقات المعلمين في دوام بعد الظهر عن العام الماضي والتي أصبحت هزيلة بعد أن فقدت قيمتها، وتسديد المتوجب عليها لصالح صناديق المدارس في دوام بعد الظهر عن العامين الدراسيين الماضيين.

تعليقات: