توقيــف متهــم مصــري بقتــل ســوزان تميــم


مصادرة "الدستور" واشتعال جدل في القاهرة حول "الحصانات"..

توقيــف متهــم مصــري بقتــل ســوزان تميــم

يفجّــر شبهــة حــول شخصيــة نافــذة.

تلقى الجدل المحتدم حاليا في مصر حول ظاهرة زواج الثروة والمال بالنفوذ السياسي على قمة هرم الحكم في البلاد مددا جديدا وقويا عندما فوجئ قراء صحيفة "الدستور" اليومية المعارضة صباح امس بغيابها تماما من مراكز التوزيع وبيع الصحف، ثم تبين بعد ذلك ان اوامر شفهية صدرت من "جهات امنية" الى الشركة الحكومية التي تتولى توزيعها بحجب غالبية الكميات المطبوعة من عدد الاحد عن الاسواق لاحتوائه على تقرير اخباري مطول يشير الى معلومات وشائعات يتم تداولها منذ ايام في الاوساط السياسية والصحافية المصرية عن احتمال تورط رجل اعمال مصري شهير في قضية مقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم في دبي في الثامن والعشرين من تموز الماضي.

وجاء في التقرير ان احد المتهمين في القضية ، وهو ضابط شرطة مصري سابق، ربما يكون ادعى في التحقيقات انه نفذ جريمة قتل المغنية بتحريض من رجل اعمال وملياردير مصري يشغل موقعا بارزا في لجنة سياسات الحزب الحاكم التي يترأسها جمال مبارك ويعد من المقربين الى الاخير، كما انه عضو في مجلس الشورى (الغرفة الثانية من البرلمان المصري).

واعلنت شرطة دبي امس ان القاتل المفترض لسوزان تميم يبلغ من العمر 39 عاما والقي القبض عليه في بلد عربي لم تسمه، لكن فضائية "العربية" نقلت عن مصدر امني في القاهرة ان القاتل القي القبض عليه فعلا في مصر.

وكان مكتب النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود ابلغ الجمعة الصحف ووسائل الاعلام المصرية بقرار مقتضب من النيابة العامة يقضي "بحظر النشر في التحقيقات مع المدعو محسن السكري" الذي اشار اليه القرار باعتباره من "المطلوبين" في اشارة، على ما يبدو، الى طلب شرطة دبي تسليمه لها باعتباره متهما في قضية مقتل سوزان تميم.

ومن جانبها، نقلت "وكالة انباء الشرق الاوسط" المصرية عن "مصدر رسمي" تصريحا نفى فيه صدور أي قرار بمصادرة صحيفة "الدستور"، غير ان المصدر نفسه قال ان النيابة العامة تجري تحقيقات في شأن "مخالفة الجريدة لامر النائب العام بحظر النشر في احدى القضايا".

وعلى صعيد متصل، قال مسؤولون في صحيفة "العربي" الاسبوعية الناطقة باسم الحزب الناصري المعارض ان عدد الصحيفة الصادر امس تعرض لحالات "سحب غامضة وغير طبيعية" من بعض مراكز البيع، ورجحوا ان سبب "هذه المضايقات" يعود الى ان الصحيفة نشرت تقريرا عن قضية مقتل سوزان تميم والشبهات التي تحوم حول علاقة الملياردير المصري بها.

ووصف اعضاء في مجلس نقابة الصحافيين المصريين ما تعرضت له صحيفتا "الدستور" و"العربي" بانه اعتداء جديد على حرية الصحافة، ووصفوا سحب الصحف من الاسTalal Khalilواق من دون قرارات رسمية بانه "قرصنة وعمل خارج على القانون اذ لا يحق لاية جهة ادارية او امنية حجب او مصادرة اية صحيفة الا بأمر قضائي يستند الى اسباب قوية واخطار تتعلق بالامن القومي للبلاد وهو ما لا يمكن ان ينطبق على حالة رجال اعمال يراكمون ثرواتهم بالنفوذ السياسي وتحوم حولهم الشبهات والفضائح من كل نوع".

يذكر ان الصحف ووسائل الاعلام الحكومية شنت الاسبوع الماضي حملة هجوم عنيفة على الصحف المعارضة والمستقلة بسبب الانتقادات التي وجهتها الاخيرة الى الحكم القضائي الذي برأ نهاية الشهر الماضي الملياردير المتنفذ عضو مجلس الشورى عن الحزب الحاكم ممدوح اسماعيل من المسؤولية عن مقتل اكثر من الف مصري غرقت بهم في العام 2006 العبارة "السلام - 98" التي تملكها شركته بينما كانت في طريقها من ميناء ضبا السعودي على البحر الأحمر الى ميناء سفاجا المصري ، وقال مسؤولون كبار ان الانتقاد الكثيف لهذا الحكم في الصحف يمثل خرقا لقاعدة حظر التعليق على الاحكام القضائية، لكن خبراء قانونيين من بينهم قضاة كبار في محكمة النقض اكدوا ان "الأحكام القضائية ليست نصوصا مقدسة ولا منزلة من السماء ومن ثم فان للصحافيين واصحاب الراي الحق في مناقشتها وتوجيه النقد لها".

وكانت وكالة "يونايتد برس انترناشيونال" نقلت عن شرطة دبي إن قاتل المغنية اللبنانية سوزان تميم تسلل إلى شقتها من أجل ارتكاب الجريمة في نهاية الشهر الماضي بعدما زعم أنه يمثل سمسار عقارات وأقدم على ذبحها قبل أن يغادر البلاد في ظرف 90 دقيقة.

وذكرت صحيفة "ذي ناشونال"، التي تصدر باللغة الإنكليزية في الإمارة، أن المحققين قالوا في مؤتمر صحافي إن المشتبه فيه رجل عربي في التاسعة والثلاثين من العمر واعتقل في دولة عربية لم يكشف عنها في 31 تموز الماضي، علماً أن مصادر صحافية أفادت أن الرجل هو ضابط سابق في الشرطة المصرية، وأنه اعتقل في بلاده.

وقالت الشرطة إن القاتل بدّل ملابسه التي تلطخت بدماء الفنانة الضحية وأن تميم لم تكن تعرفه بل استخدم للوصول إلى شقتها في "الجميرة بيتش" رسالة مزورة من أحد سماسرة العقارات.

وكانت فضائية العربية بثت مقابلة مع والد الضحية عبد الستار تميم قال فيها إنه يعرف هوية القاتل وإنه يعتقد أن ابنته ذهبت ضحية "عقد قتل مأجور". ولمح تميم إلى امتلاكه وثائق تثبت أن قاتلاً مأجوراً أقدم على تصفية ابنته وأنه سيسلّم هذه الأدلة إلى شرطة دبي.

وذكرت وكالة "يونايتد برس انترناشونال" ان شرطة دبي أعلنت امس عن تسلمها المتهم باغتيال تميم من دولة عربية لم تحددها إلا ان قناة العربية الإخبارية قالت ان دبي تسلمت المتهم من مصر.

ووصفت صحيفة "الدستور" الكشف بأنه "قنبلة انفجرت في الساحة المصرية السياسية والاقتصادية لا يدرك أحد حتى الآن مدى تأثير شظاياها الجارحة والفاضحة في دوائر المال والأعمال في مصر خصوصاً أنها ترتبط باسم شخصية مصرية نافذة التأثير في عالم السياسة والمال وقريبة إن لم تكن لصيقة بدوائر الحكم وصناعة القرار في مصر".

إلا ان المصادر التي تحدثت لـ"يونايتد برس انترناشونال" استبعدت احتمال تورط الشخصية الكبيرة ، وعزت ورود اسمها إما الى رغبة المتهم في توريط رب عمله المشهور أو الى صراعات بين رجال الأعمال.

وقالت المصادر ان للمتهم سوابق منها اعتقاله في العراق قبل عامين عندما كان يعمل ضابط امن في شركة اتصالات مصرية حيث اتهم ببيع بطاقات هاتف محمول للجماعات الإرهابية هناك.

وكانت تقارير صحافية ذكرت ان مشتبهين مصريين أقاما في دبي خلال يومين غادرا بعد مقتل تميم يوم 28 تموز الى القاهرة.

وفي سياق مجريات القضية، ذكرت صحيفة "الوطن" السعودية امس ان السلطات الأمنية المصرية اعتقلت ضابط شرطة متقاعد بتهمة قتل المغنية اللبنانية. وأشارت إلى أن السلطات المصرية متكتمة على الخبر وأن القبض على الضابط جاء بعدما أكدت التحريات تورطه.

وأكدت أن أفراد أمن البرج الذي كانت تقيم فيه القتيلة أدلوا بأوصاف المتهم، خصوصاً أنه هو الذي توسط في شراء الشقة التي وقعت فيها الجريمة. وأثبتت التحريات أن الضابط المصري غادر الإمارات متجها إلى القاهرة بعد وقوع الجريمة مباشرة.

وفجر الضابط المتهم، مفاجأة مدوية في التحقيقات حيث اعترف بقتل المطربة، مشيرا إلى أنه أقدم على جرمه بتحريض من رجل أعمال مصري معروف، مقابل مليون دولار، وأنه ذهب يوم الحادث إلى شقة القتيلة مستغلا سابق معرفتها به أثناء إقامتها بفندق يملكه رجل الأعمال نفسه وفاجأها بطعنها بسكين ، وقال إنه طعنها عشرات المرات حتى يصور الحادث على أنه انتقام عاطفي.

ونفى رجل الأعمال المتهم، الذي لم تورد الصحيفة اسمه أيضاً، الشائعات التي انتشرت حول هروبه إلى جهة غير معلومة عقب معرفته بالقبض على الضابط.

وقال بيان صدر عن مجموعة شركاته إنه سافر في رحلة سياحية قصيرة خارج مصر وسيعود منها صباح الأحد المقبل.

ونفى رجل الأعمال المذكور اي علاقة له بالجريمة، وقال إن ما كان يربط بينهما علاقة صداقة بريئة، مشيرا إلى أنه سيمثل للشهادة في القضية بمجرد وصوله.

بدورها كشفت صحيفة «الجريدة» الكويتية نقلا عن مصادر مطلعة أن المدعو محسن منير السكري وهو الذي أوقفته السلطات المصرية قبل 48 ساعة، اعترف بقتله المطربة تميم وأنه قام بعملية القتل لحساب شخصية مرموقة.

وقالت "الجريدة" إن الموقوف الذي ضبط في احد حمامات السباحة في القاهرة يعمل لدى أحد فروع شركات رجل الأعمال المصري هـ. ط. م. في مدينة شرم الشيخ وأنه اعترف في التحقيقات أنه تقاضى 3 ملايين دولار لتنفيذ العمل. وأن التحقيقات مع الموقوف ستجري تحت إشراف النائب العام شخصياً وهو أكبر منصب للنيابة العامة في مصر.

ولكن "الجريدة" نقلت عن السلطات المصرية تأكيدها ان التحقيقات مع المتهم ستتم في مصر من دون أي تدخل من شرطة دبي، وهي لم تسلم المشتبه فيه الى سلطات الإمارات للتحقيق معه.

وأوضحت أنه سيتم تحرير ملف كامل بالقضية وباعترافات المتهم، وفور الانتهاء سينتقل وفد من النيابة المصرية إلى دبي وبحوزته الملف للتشاور واستكمال التحقيقات، وفي حال ثبوت التهمة على المتهم فيمكن السلطات المصرية أن تسلمه آنذاك لسلطات دبي.

كما نقلت الصحيفة عن مصادر رفيعة في شرطة دبي تأكيدها أن سلطات التحقيق لديها مفاجآت كبيرة في القضية وأنها تعرف على سبيل اليقين الفاعل الحقيقي وأنها توصلت إلى معلومات مهمة في القضية من خلال الملاكم العراقي ر. ع. الذي ارتبط بعلاقة قوية بسوزان تميم.

وقالت "الجريدة" ان اعترافات المتهم بأنه قام بعملية القتل لحساب شخصية مصرية مرموقة تتقاطع مع أنباء بأن هذه الشخصية هي هـ. ط. م. وأنه هارب خارج البلاد، وهو ما حدا برجل الأعمال إلى بث وتوزيع تصريحات وبيانات عاجلة في الصحف أكد فيها أنه لم يهرب وانما هو في رحلة ترفيهية اعتيادية.

وقال مصدر قريب من البورصة المصرية إن احتمال تورط ه . ط. م. في القضية سيصحبه اهتزازات قوية في سوق العقارات المصري، فضلاً عن إحداث صدمة في البورصة المصرية، وفزع لدى حاجزي مشروعات هـ. ط. م. الذي تقدر استثماراته بحوالي 17 مليار جنيه مصري ولديه شركاء بارزون من مصر والعالم العربي.

القاهرة - من جمال فهمي، الوكالات

--------------------------------

وكتبت إيلاف:

شائعات تربط رجل أعمال مصريا بمقتل سوزان تميم

تروج في القاهرة شائعات تطال رجل الأعمال المصري الشهير هشام طلعت مصطفى، وتتحدث عن هروبه من البلاد، بعد ارتباط اسمه بجريمة مقتل الفنانة سوزان تميم، وإلقاء القبض على شخصين في مصر قيل إنهما يعملان لصالحه وأنهما تورطا في تصفية سوزان تميم جسدياً في دبي لأسباب مازال يكتنفها الغموض، وهو ما نفاه هشام طلعت مصطفى بشدة، وأكد أنها مجرد شائعات لا صلة لها بالحقيقة، وأنه سيعود إلى القاهرة من جولة أوروبية ليرد بنفسه على تلك الشائعات، التي ألمحت مصادر اقتصادية إلى أنها تأتي في إطار معارك رجال الأعمال الطاحنة، وما أسمته المنافسة غير الشريفة في هذا المضمار.

وكانت عدة مصادر مصرية قد تحدثت خلال الساعات الماضية عن القبض على شخصين وصفا بأنهما يعملان بالأمن في أحد الفنادق المملوكة للمجموعة الاقتصادية التي يملكها رجل الأعمال هشام طلعت، وقد نسبت المصادر إلى أحد الشخصين الموقوفين قوله "إنّّه حصل مع شخص آخر على مليوني دولار أميركي مقابل قتل سوزان تميم، وإنّهما سافرا إلى دبي وأقاما هناك لمدة يومين، وعندما وجدا الفرصة سانحة نفذا الجريمة، ثم غادرا دبي عائدين إلى مصر".

ورجل الأعمال المصري المعروف هشام طلعت مصطفى نائب في البرلمان، كما يشغل أيضاً منصباً رفيعاً في الحزب الوطني الحاكم، وهو في لجنة السياسات التي يرأسها نجل الرئيس المصري جمال مبارك، وله حضور واضح في الساحة السياسية والاقتصادية المصرية.

آراء متباينة

غير أنه في مقابل هذه الشائعات، فإن مراقبين يصفون هذه التطورات المتلاحقة التي تتداخل فيها أطراف عدة بأنها تأتي في إطار تصفية الحسابات بين رجال الأعمال في سياق المنافسة الطاحنة، وفي هذا السياق يرى اللواء المتقاعد أحمد بكر وهو مساعد سابق لوزير الداخلية المصري، أنه يجب التحقق جيداً من صحة المعلومات عن القبض على أحد الموظفين في شركات هشام طلعت مصطفى واعترافه بهذه البساطة بأنه كلفه بتصفية سوزان تميم، لأن القصة تبدو ساذجة بل وتثير أسئلة أكثر مما تقدم إجابات عن هذا اللغز العابر للحدود، والذي تتداخل فيه ملفات اقتصادية بأخرى فنية وثالثة شخصية.

ومضى اللواء بكر قائلاً إن رجلاً في وزن هشام طلعت مصطفى في مجال الإستثمار العقاري لابد أن يكون لديه العديد من الخصوم الذين يريدون الزج به في أزمة أخلاقية من هذا النوع من شأنها أن تؤثر حتماً في استثماراته وادائه، ولهذا ينبغي التعامل مع هكذا روايات بمنتهى الحذر، حتى تعلن السلطات ما لديها من معلومات في هذا الصدد حتى تقطع الشك باليقين وتضع نهاية لهذه الشائعات التي انتشرت بسرعة.

غير أنه في مقابل هذا الحذر في التعامل مع ارتباط رجل الأعمال بالفنانة المغدورة، فإن عادل معتوق، زوج سوزان تميم أكد لجهات التحقيق أنها كانت تعيش في الفترة الأخيرة تحت رعاية هشام طلعت مصطفى، وأنه كان أهم المقربين لها وهو الذى حرضها على طلب الطلاق منه.

وتحدث عدد من الصحافيين المصريين المهتمين بالشؤون الفنية عن "صلة ما" ربطت هشام طلعت مصطفى بالمغدورة سوزان تميم، مؤكدين أنهما كثيراً ما شوهدا معاً في أماكن عامة، غير أن مدى هذه العلاقة وطبيعتها مما لا يمكن القطع به، خاصة وأن رجلاً في وزن هشام طلعت مصطفى لا يمكن رصد كافة تحركاته وعلاقاته، بالنظر إلى امبراطوريته الاقتصادية الضخمة، وعلاقاته السياسية والاجتماعية المتشعبة.

ونقلت صحف مصرية عن رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى قوله إنه سيعود إلى القاهرة غداً الأحد بعد جولة في سويسرا وفرنسا وإيطاليا، وأضاف في اتصال هاتفي أجرته معه صحيفة "المصري اليوم" إنه اعتاد السفر إلى أوروبا في مثل هذا الوقت من كل عام لقضاء إجازة مع أسرته.

*ايلاف


تعليقات: