الحرائق تأكل الأخضر واليابس في أحراج منطقة عاليه

الحريق في منطقة عاليه
الحريق في منطقة عاليه


طوافات عسكرية بعدما أخّرت الألغام عمل الدفاع المدني

لو استجاب المسؤولون لنداءات بلديات منطقة عاليه والجمعيات البيئية فيها قبل أسبوعين، لكانت المنطقة بمنأى عن مخاطر الحرائق إلى حدود كبيرة. لكن أحداً لم يحرك ساكناً مما تسبب بكارثة طاولت مساحات شاسعة من أحراج بلدات: عين الرمانة، عين السيدة وسوق الغرب، بعد أن شب حريق فجر امس عند أطراف بلدة عين السيدة قرب بلدتي بمكين والقماطية، وتعذّر إخماده لصعوبات واجهت الدفاع المدني، فضلاً عن تأخر طوافات الجيش اللبناني في المشاركة في إخماد النيران.

أكثر من نداء وجه إلى الجهات المعنية لدعم مراكز الدفاع المدني في قضاء عاليه، ولا سيما أن أكثرها مجهز بسيارات اطفاء من طراز قديم وغالباً ما تكون معطلة، ما يحول دون إمكانية إخماد النيران سريعا والحؤول دون تمددها. فالحريق الذي شبّ قبل أسبوعين لم تتمكن مراكز الدفاع المدني القريبة من إخماده بسبب اعطال طرأت على سيارات الاطفاء، الامر الذي استدعى تدخل سيارات اطفاء من مناطق بعيدة، واستغرق الامر وقتاً كان كفيلاً بالتهام مساحات شاسعة من الاحراج.

كان للزيارة التفقدية لوزير الداخلية المحامي زياد بارود إضفاء جدية رسمية على التعاطي مع الحريق على أمل إجراء تحقيق شفاف لمعرفة من تسبب بالحريق وما إذا كانت ثمة جهة مقصرة، ومعرفة سبب التقصير.

وكان الحريق قد شبّ في مناطق حرجية وزراعية وشوهدت ألسنة اللهب صباحاً من مناطق بعيدة، وامتدت النيران لتلتهم أشجار الصنوبر البري والمثمر في الأحراج التي كانت قد تضررت من الحرب الماضية، ولا سيما في المنطقة الممتدة من تلة ٨٨٨ بين مدينــة عاليه وسوق الغرب إلى القرى المحيطة بدءاً من عين الرمانة مروراً بعين السيدة وعين جويق وصولاً إلى سوق الغرب.

وتوجهت فرق إطفاء تابعة للدفاع المدني إلى المنطقة لكنها لم تستطع المباشرة بإخماد الحريق بسبب ألغام مخلفات الحرب ألأهلية الموجودة في المكان، وكانت ثمة مخاوف من أن تمتد النيران إلى الأحياء السكنية في القرى، وسمع دوي انفجارات ناجمة عن ألغام أو قذائف غير منفجرة.

إزاء الصعوبات التي واجهت عناصر الدفاع المدني والأهالي الذين تطوعوا للعمل، طلبت مديرية الدفاع المدني من قيادة الجيش التدخل للمساهمة في إخماد الحريق، بما يبعد عن المواطنين وعناصر الدفاع المدني والقوى الأمنية خطر الالغام.

وبعد ساعات قليلة، تدخلت طوافة للجيش اللبناني وقامت بإخماد النيران على دفعات متتالية، ما حال دون تمددها إلى مناطق جديدة تتخطى البلدات المتضررة.

في هذه الاثناء وصل وزير الداخلية والبلديات زياد بارود، وأكد لدى تفقده المنطقة أنه »حان الوقت لمعالجة مشكلة الحرائق المتكررة في شكل جذري«، مشيرا إلى »ضرورة عدم السماح لهذه الحرائق أن تمتد وتأكل المزيد من الأراضي«.

وشدد على أن »النيابة العامة ستتحرك إذا كان هذا الموضوع مفتعلا«، مؤكدا أنه »يجب ألا يتم التعامل مع هذه الحوادث على أنها غير مهمة«.

وإذ أشار إلى أن »الجيش أمن الطوافات اللازمة التي تمكن من تأمينها«، لفت إلى أن »وجود الألغام والقنابل العنقودية في بعض أرجاء المنطقة يشكل عثرة أمام رجال الإطفاء«. وحيا »الدور الذي يقوم به الدفاع المدني«، معتبرا أن »المطلوب اليوم متابعة هذا الموضوع والتنسيق بين الجهات المعنية«.

وقال رئيس بلدية عين الرمانة ريمون خلف لـ»السفير« انه »لا يمكننا تحديد حجم الاضرار والخسائر وان كنا نعلم انها كبيرة«، مشيراً إلى أن »البلدية ستقوم بمسح الاضرار مع الجهات المعنية«، ونوه »بمبادرة وزير الداخلية«، وحيا »عناصر الدفاع المدني الذين عملوا وسط مخاطر كثيرة بسبب الالغام والقذائف«.

وذكّر رئيس »جمعية غدي« فادي غانم بأن »الجمعية وبلدية عين الرمانة كانتا قد حذرتا قبل نحو اسبوعين الى ضرورة رفد مراكز الدفاع المدني بالمعدات والتجهيزات الحديثة«، ورأى أن »هناك ضرورة لمؤازرة الدفاع المدني ليس بالمهام اليومية فحسب، وإنما بتأمين المستلزمات الحديثة من سيارات اطفاء وغيرها«.

وهنا، ثمة من طرح علامة استفهام حيال تجدد الحرائق في هذه المنطقة، ولا سيما أن هناك من اعتبر أن الحرائق مفتعلة للحصول على الحطب، وأن الغاية من افتعال الحرائق هي تشريع الباب لاستحداث مجمعات سكنية بشروط لا تلحظ وجود أحراج. إلا أن مثل هذا الأمر يبقى افتراضيا فضلاً عن أنه يستبق التحقيقات القادرة وحدها على تقديم الأجوبة؟.

الحرائق مستعرة

حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، كانت الحرائق ما تزال مستعرة في أحراج منطقة بمكين في عاليه.

وحسب مصادر الدفاع المدني، فإن آلياته استطاعت السيطرة على الحرائق القريبة من الطريق العامة، لكنها بقيت عاجزة عن الدخول إلى عمق الأحراج المشتعلة. ولذلك أبقت آلياتها في المنطقة ليلاً لملاحقة الحرائق التي تعود للاشتعال، وللتعاون مع طوافات الجيش في محاولة إخماد النيران داخل الأحراج.

وزير الداخلية زياد بارود في خلال تفقده المنطقة في عاليه
وزير الداخلية زياد بارود في خلال تفقده المنطقة في عاليه


تعليقات: