العدوان يدخل عامه الثالث وتعويضات بعلبك في بداياتها

شريط غسيل مشترك بين مسكنين جاهزين في بعلبك
شريط غسيل مشترك بين مسكنين جاهزين في بعلبك


بعلبك ـ

ينوء ملف اعمار المنازل المهدمة في منطقة بعلبك جراء عدوان تموز الإسرائيلي في العام ٢٠٠٦ تحت وطأة الروتين الاداري المعروف عن الادارة اللبنانية مصحوباً، برأي الأهالي، »بسياسية غير معلنة تهدف إلى فض جمهور المقاومة عنها«.

يدخل العدوان سنته الثالثة وما زال ملف الاعمار في بداياته برغم كل الملاحقات والمتابعات التفصيلية من قبل اللجان الشعبية المكلفة بالملف مدعومة من نواب المنطقة. تجاوز وزن بعض المعاملات والأوراق الثبوتية المطلوبة لاتمام أي ملف خمسة كيلوغرامات، حتى بات اصحابها يعجزون عن حملها. وعلى الرغم من ذلك، ما زال يطلب من أكثر من ٦٠ في المئة من متضرري الحرب المزيد من الأوراق والمعاملات.

وكان الأهالي، وبسبب فداحة الخسائر، يظنون أن الدولة ستستعجل مد يد المساعدة لهم للتعويض عما دمره الإسرائيليون، لا سيما بعدما توفرت الاموال اللازمة من الدول الصديقة والمانحة. إلا أن ظنونهم خابت إزاء دولة تفرض قوانين وإجراءات تؤخر دفع التعويضات، في حين تعمد بعض الإدارات المعنية الى المماطلة اما بهدف فتح طريق للرشوة أو لأسباب سياسية.

ويفيد التقرير الأخير للجان المتابعة لمدينة بعلبك الصادر بتاريخ ٢٣ حزيران الماضي »أن عدد الوحدات المدمرة ٤٣٥ تم انجاز ١١٩ ملفا من بينها، وقبض أصحابها الدفعة الأولى من الهيئة العليا للاغاثة وقيمتها ٣٠ مليون ليرة فقط عن كل وحدة سكنية بغض النظر عن حجمها و٧٦ وحدة على جدول القبض في الصندوق. ويقول التقرير إن عدد الملفات المتوقفة عند الاستشاري »خطيب وعلمي« هو ٧٦ ملفا تتوافر كل شروطها. كما يوجد على جدول وزير المهجرين ٤٥ ملفا بينما ما يزال ١١٩ ملفاً قيد الدراسة في وزارة المهجرين تنتظر التشريعات اللازمة في حين يعاني أصحابها من ارتفاع الإيجارات والديون المتراكمة عليهم.

المنازل المتضررة

وما هو حاصل في ملف الوحدات المدمرة ينسحب على المنازل المتضررة حيث تقدم اكثر من خمسة آلاف مواطن متضرر من مدينة بعلبك بطلبات تعويض عن اضرار لحقت بهم. وتم إنهاء ألف وخمسمئة طلب فيما ما تزال باقي الطلبات تنتظر الافراج عنها.

يعيد رئيس لجنة المتابعة لملف الوحدات المدمرة الحاج حسين الحاج حسن أسباب التأخير والمماطلة لأهداف سياسية أكثر منها إدارية، مشيراً إلى أنه ورغم المراجعات الدقيقة واليومية ( ثلاثة أيام في الأسبوع ) »لا نجد اهتماما جديا من قبل الموظفين، فإذا لم نحرك الملف من موظف لآخر يمكن ان يبقى شهرا مكانه«.

ويؤكد الحاج حسن ضياع عشرين ملفا في وزارة المهجرين رغم ورود أرقام لها على حاسوب الوزارة. ويقول ان اللجنة استطاعت عبر وضع يدها على مختلف التفاصيل أن تخفف إلى حد كبير من حجم الرشى التي أخضع لها أصحاب المنازل المدمرة.

ويشير الحاج حسن إلى أن حصر الإرث للعقارات ذات الطبيعة الإرثية هو من بين العقبات الفعلية التي تعترض توفير كل المستندات المطلوبة. كما أن بعض العقارات التي تعرضت للقصف مبنية على مشاعات بلدية وجمهورية (عددها ٣١ وحدة) وحتى تاريخه لم يبت بآلية للتعويض على اصحابها رغم التقدم باقتراحات تقضي بتعهد البلدية بمنع صاحب المنزل البناء من إعادة الإعمار على العقار المشاع وتقديم صك ملكية لعقار جديد يفترض ان يبنى عليه.

وتحتاج المقترحات المذكورة إلى تشريع قانوني، بحسب مصادر وزارة المهجرين، ويواجه حوالى ثلاثين مواطناً مشكلة تملك أكثر من شقة سكنية مدمرة. تقدم هؤلاء بطلب واحد لإعادة بناء أملاكهم، فاعتمدت الوزارة وحدة سكنية فقط بدل اعتماد عدد الوحدات الفعلية مما حرم اصحاب الابنية من التعويض على كامل البناء. واستدعى الأمر إجراءات خاصة بهم لم تتضح آليات تنفيذها في الظروف الحالية.

ويشير الحاج حسن الى ان بعض التسهيلات اعطيت لبعض المحظوظين للتقدم بطلبات للتعويض لمن لم يتضرروا مما أثار بعض علامات الاستفهام حول الملف برمته وزاد من عدد المتضررين، مشيراً إلى »أن اللجنة وضعت الأمر برسم وزارة المهجرين وبينت بالأرقام المخالفات التي انعكست سلبا على المتضررين فعليا«.

ويقول الحاج حسن إنه تم، في احدى قرى المنطقة، إحصاء ٢٩ وحدة سكنية مدمرة فيما بلغ عدد الطلبات المقدمة اكثر من ٦٠ قبض منهم أربعون بينما لم يقبض من بين من تضرر فعليا إلا ستة عشر مواطناً مواطنا. وتقدم أهالي إحدى البلدات المحسوبة على سياسة الحكومة بـ٨٥٠ طلب دمار بينما المدمر فعليا لا يتجاوز ٢١ وحدة سكنية.

وحال اصحاب المنازل المدمرة ليست افضل من حال المنازل المتضررة حيث يفترض ان يكون هذا الملف قد اقفل في الاسابيع الاولى التي تلت الحرب كونه لا يحتاج الى المستندات التي تتطلبها الوحدات السكنية المدمرة. مع الإشارة إلى أن مؤسسة جهاد البناء وبتكليف من حزب الله قد أنجزت خلال اقل من شهر وأودعت وزارة المهجرين تقريرا تفصيليا عن ٤٣٠٠ وحدة سكنية متضررة بينما تجاوزت طلبات الترميم خمسة آلاف طلب.

اليوم، وفي مطلع السنة الثالثة للعدوان ما يزال أكثر من ألف وسبعمئة طلب لدى وزارة المهجرين ولم يتم تحويلها الى شركة خطيب وعلمي لاجراء الكشف عليهم حسب المعطيات المتوافرة لدى عضو مجلس بلدية بعلبك قزحيا شبشول، المكلف من البلدية بمتابعة ملف اصحاب المنازل المتضررة.

ويؤكد شبشول ان نوعية المستندات المطلوبة من قبل الوزارة تسببت بالتأخير وبينها سندات ملكية، حصر ارث، تنازل المالكين الشركاء في العقار، هوية صاحب العلاقة، افادة محتويات، تقرير درك، كشف الوزارة، كشف خطيب وعلمي ووكالة كاتب عدل وغيرها.. مما رفع تكلفة بعض الطلبات إلى ما يتجاوز قيمة الاضرار.

ويشير شبشول إلى أن إنهاء الملفات ما يزال يحتاج إلى أكثر من سنة اضافية اذا استمرت وتيرة العمل كما هي عليها. وكشف شبشول ان بعض المعاملات لبعض السماسرة والمتنفذين غير المتضررين قد سارت عبر »الخط العسكري« وقبض أصحابها تعويضات قبل المتضررين.

وحتى تاريخه ما يزال أصحاب المؤسسات التجارية والزراعية ومحطات المحروقات ينتظرون البحث بأوضاعهم برغم الانتهاء من تنظيم ملفاتهم. وتجدر الاشارة الى ان خمس محطات بنزين قد دمرت وكذلك ست مزارع وعشرات المكاتب والمحال التجارية.

الحاج حسن

»على الدولة أن تبحث عن حلول للعقبات ان وجدت لانهاء ملف تعويضات متضرري الحرب« هذا ما اكده عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الحاج حسن. وأضاف الحاج حسن انه برغم المراجعات شبه الأسبوعية ما يزال أكثر من ٤٠ في المئة من ملف التعويضات ينتظر استكماله خصوصا بعد تجاوب المرجعيات السياسية والبلدية والمتضررين وتم تأمين كل المستندات مما يتطلب قرارا واضحا من رئيس الحكومة ووزارة المهجرين ومديرها العام والهيئة العليا للاغاثة والصندوق الوطني للمهجرين والاستشاري باعتبار هذا الملف انسانيا بامتياز وإبعاد كل المواقف السياسية عنه والاسراع بإقفاله.

كما يتوجب ـ وفق الحاج حسن ـ صرف الدفعة الثانية للمتضررين كي يستطيعوا انجاز بناء منازلهم خصوصا بعد الارتفاع الحاد في اسعار مواد البناء.

الطقش

وشبه النائب جمال الطقش مماطلة الجهات المعنية بالحركة المعيبة لما تمثله من استهتار بالانسان الذي دفع وضحى. واعتبر »ان المماطلة غير مبررة لذا يمكننا وضع اكثر من علامة استفهام سياسية خصوصا في الحلقات الضيقة صاحبة القرار التي تضع العصي بالدواليب«. وأضاف الطقش ان اسرائيل لم تميز حين قصفت بعلبك بين مالك عقار ٢٤٠٠ سهم أو شريك في عقار او معتد على الاملاك العامة، »لذا علينا أن نتعاطى مع شعبنا باعتباره معتدى عليه من اسرائيل ونقف الى جانبه ونسهل له شؤونه ولا ندعه عرضة للتسويف لغاية في نفس يعقوب تستهدف قلب الرأي العام ضد المقاومة. وأمل ان ينعكس تشكيل الحكومة ايجابا لطي هذا الملف.

وزارة المهجرين

يعتبر مدير عام وزارة المهجرين احمد محمود أن لا مشكلة للوزارة مع احد ولا اعتبارات سياسية تحرك هذا الملف او توقفه: »نحن نطلب تأمين المستندات الرسمية لانجاز اية معاملة، كما نضطر للفرملة في بعض الاحيان للتدقيق عندما نظن بوجود خلل في ملف قرية ما تجاوزت ما لدينا من معطيات«. وأعلن محمود أن مجمل الطلبات التي قدمت في البقاع تجاوزت ثلاثة أضعاف حجم الخسائر. وأشار الى ان بعض البلدات لم تتعرض للقصف وامامنا عشرات الطلبات منها وهذا ما يستدعي اجراءات الكشف، وبالطبع يدفع بعض المتضررين الفعليين الثمن في مثل هذه الحالات.

وأكد محمود ان الوزارة حلت مسألة الشيوع (المشاع) في العقارات، ولكن لا إطار قانونياً للتعامل مع المعتدين على الأملاك العامة الذين دمرت منازلهم، لان الأمر يحتاج إلى تشريع، مشيراً إلى أن القاضي شكري صادر وضع اقتراح قانون ننتظر من المجلس النيابي اقراره لحلحلة الامور.

وأضاف من ضمن الاقتراحات التي تقدمنا بها شراء قطعة ارض لاصحاب المنازل المدمرة على الاملاك العامة وإنشاء منازل لهم وهذا الامر ما يزال قيد البحث.

ولم ينف محمود فقدان بعض الملفات من خزانات الوزارة عازياً السبب إلى تحريك عشرات آلاف الطلبات مما يؤدي الى خلط الاوراق بعضها ببعض »لكن الأمر سهل، فكل من له رقم ملف في حاسوب الوزارة حقه محفوظ، ولا نكلفه تكوين مستندات جديدة باستثناء صورة هوية له«.

وأعلن محمود أن آلية الدفعة الثانية قد فتحت لمن أنجز بناء المرحلة الاولى.

وحول المؤسسات ومحطات المحروقات والمزارع قال محمود »إن لا آلية متوافرة في الوزارة حتى اليوم، ونحن ننتظر تأمين التمويل من جهة وكيفية احتساب الاضرار خصوصا ان موجودات المؤسسات امر يصعب تقديره اضافة لنوعية المعدات وحجم المنتوجات. واقترح محمود في هذا المجال التعويض لاعادة البناء ووضع تسهيلات لاصحاب المؤسسات عبر قروض معفاة من الفوائد.

تعليقات: