إعـادة الإعمـار: إنجـاز خمسـة فـي المئـة فقـط مـن المنـازل المدمـرة!

مجمع الحسنين السكني: من دمار الضاحية الجنوبية
مجمع الحسنين السكني: من دمار الضاحية الجنوبية


نحو ١٣ مليون دولار دفعت من تعويضات الدفعة الثانية.. من أصل ٢٦٥..

انتهى ترميم المنازل المتضررة، جرّاء »حرب تموز«، في كل من الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع. لكن المنازل المدمرة ما زالت في مرحلة البناء. وبينما أنجز القسم الأكبر من عمليات تأهيل الطرقات في المناطق الثلاث، لم يبق الا جسر المديرج في البقاع غير منجز.

ولم يشأ مدير التدقيق في شركة خطيب وعلمي المهندس نصري عبد النور إعطاء تقدير عن نسبة المنازل المنجزة نهائيا، بانتظار الانتهاء من الكشوفات التمهيدية للدفعة الثانية. لكن عددا من المعنيين في ملف الاعمار أفادوا أن نسبة المنازل التي أعيد بناؤها في الجنوب ورجع إليها سكانها، تشكل ما يقارب خمسة في المئة فقط من مجمل المنازل المدمرة، وتوجد نسبة مماثلة من المنازل التي بني منها غرفتان وحمام ومطبخ، من أجل سكن أصحابها.

وفي الضاحية الجنوبية أنجز القيمون على مشروع »وعد« مبنى واحدا بشكل نهائي، عاد إليه أصحابه هو مبنى كزما، بينما توجد سبعة مبان قيد الانجاز، ينتظر الانتهاء من تجهيزها، خلال فترة شهرين.

وفي مدينة بعلبك حيث توجد النسبة الأكبر من المنازل المدمرة في البقاع، انتهى العمل في أربعة منازل بشكل نهائي، من أصل ثلاثمئة وحدة سكنية.

وساهم تأخر الهيئة العليا للاغاثة في إعطاء الدفعة الثانية من التعويضات لأصحاب المنازل المدمرة، في عدم إنجازها، بينما ارتفعت بالمقابل كلفة البناء بما يقارب اربعين بالمئة، بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء، ورتبت بالتالي أعباء مالية إضافية على أصحاب الوحدات المهدمة.

وتبين استنادا إلى الأرقام المتوافرة لدى الهيئة العيا للاغاثة ووزارة المهجرين أن العدد النهائي للوحدات المدمرة بلغ ١٧٥٠٠ وحدة توزعت كما يلي: الجنوب ١٢٠٠٠ وحدة سكنية، يوجد خلاف في التقديرات بين مجلس الجنوب وبين الشركة الاستشارية الخطيب وعلمي حول أربعمئة وحدة سكنية. في الضاحية الجنوبية خمسة آلاف وحدة. وفي البقاع خمسمئة وحدة.

الصراع في ملف الإعمار

شهد العام الثاني ما يشبه الحرب الاعلامية بين الحكومة السابقة وبين حزب الله في ملف الاعمار، تغذى من الصراع السياسي الأكثر حدة، بين الطرفين، بدءا بالقطيعة مع الحكومة، وصولا الى الاعتصام وسط بيروت لمدة عام ونصف عام تقريبا.

وتمثلت لحظة الذروة في اتهام الحزب الحكومة بنقل أموال من الدول المانحة إلى مناطق أخرى، والكشف عن عدم وجود أموال كافية للدفعة الثانية، مما نشر المخاوف من توقف عملية البناء.

مع ذلك تواصلت اللقاءات بين المسؤولين عن ملف الاعمار لدى كل من حزب الله ومجلس الجنوب ووزارة المهجرين لترتيب التعويضات، لا بل ساهم الصراع السياسي في العديد من المرات في تسريع وتيرة الدفع، كي تسلم الحكومة من اتهامها المتواصل بالتأخير المقصود.

انطلاقا من ذلك تطمئن الهيئة العليا للاغاثة المواطنين إلى أن أموال الدفعة الثانية من التعويضات متوافرة، لكن آلية الدفع التي تتطلب مراقبة المرحلة الأولى من عمليات البناء، فرضت التأخير.

وتفيد الهيئة أن قيمة المبالغ التي دفعت حتى الآن من الدفعة الثانية توازي ما يقارب ١٢ مليونا و٦٦٦ ألف دولار، من أصل المبلغ الاجمالي المتوجب للدفعة الثانية، وقيمته ٢٦٥ مليون دولار.

وكانت التعويضات الخاصة بمباني الضاحية الجنوبية والقرى التي لم يتبنها أحد محاور الخلاف الرئيسية في ملف الاعمار، بعدما أعلنت الحكومة في الشتاء الفائت أنها تقوم بدفعها من أموال الخزينة، وذلك يستدعي قرارا من مجلس النواب الذي لم يجتمع نوابه لفترة طويلة.

وبلغ عدد القرى التي لم تتبنها أي جهة مانحة ٤٦ قرية، من بينها قرى بني حيان وعلي النهري والبستان وتعنايل ورشكناناي، بالاضافة الى بلدة ياطر وأضرارها تزيد عن القرى المذكورة، واتضح أن السعودية لم تتبن بلدة زبقين كما كان معروفا سابقاً، بل تدفع الهيئة التعويضات المخصصة لها من أموال الخزينة.

كما تبين أن هناك عددا من القرى تبنتها بعض الدول، لكنها لم تدفع الاموال التي تكلفت بها من أجل إعمارها، مثل اليمن والاردن ومصر.

وبلغت القيمة الاجمالية للمبالغ التي التزمت بها الهيئة العليا للاغاثة نيابة عن الدول التي لم تحول مساهماتها في عملية إعادة الاعمار، ما يقارب ٢٩٩ مليون دولار، دفعت الهيئة منها حتى الآن ١٨٠ مليون دولار، ولايزال هناك ١١٩ مليون دولار غير مدفوعة.

وتدفع تلك الأموال من تبرعات تقدمها جهات خاصة وسلفات خزينة، ومن المنتظر بعدما تشكلت الحكومة إقرار مشاريع القوانين الكفيلة بإيجاد مصادر للاموال التي تدفعها الحكومة، والتي ستكون في الغالب عن طريق الهبات.

الميزانيات المرصودة والمبالغ المدفوعة

أما بالنسبة للهبات التي تدفعها الدول المانحة، فقد دفعت السعودية وهي إحدى الدول المانحة الرئيسية حتى الآن ما يقارب ١٩٩ مليونا وثمانمئة ألف دولار، من أصل الهبة المخصصة للاعمار وقيمتها ٣٥٠ مليون دولار، وبلغت حصة السعودية من الوحدات المهــدمة، حسب إحصاءات الهيئة العليا للاغـاثة، ما يقارب ٤٧٧٨ وحدة، توزعت على الجنوب والضاحية والبقاع.

وفي حين تضع السعودية مساهمتها المالية في حساب خاص لدى مصرف لبنان، لم يشأ مدير المكتب القطري في لبنان ياسر المناعي ذكر الميزانية التي تدفعها قطر في مشروع الاعمار في الجنوب، لكن التقديرات تشير إلى وصولها إلى ٣٠٠ مليون دولار، من ضمنها المشاريع التي تقوم بها قطر في البلدات التي تبنتها، وهي تشمل مدارس ومساجد وكنائس ومباني بلدية، بالاضافة الى تأهيل الطرقات بعد الانتهاء عن عملية الاعمار.

وتبين بموجب الاحصاءات النهائية أن قطر تبنت العدد الأكبر من الوحدات المهدمة مقارنة بالدول المانحة الاخرى، إذا بلغ عدد الوحدات المهدمة في البلدات الاربع التي تولتها ٤٥١٢ وحدة، توزعت كما يلي: بنت جبيل ١٧٣٧ وحدة. الخيام ١٥٥٠ وحدة. عيتا الشعب ١١٤٩ وحدة. عيناتا ٤٧٦ وحدة.

كما دفعت قطر النسبة الأكبر من تعويضات الدفعة الثانية، مقارنة بما دفعته هيئة الاغاثة، وبلغت ما يقارب ٧٥ في المئة من عدد المنازل المهدمة في تلك البلدات، فيما بلغت نسبة الدفعة الثالثة ما يقارب ٤٥ في المئة، واتبعت قطر آلية مستقلة عن آلية الحكومة، وتقضي بدفع التعويضات الخاصة بالمنازل على ثلاث دفعات، بدل دفعتين.

في بنت جبيل جرى دفع تعويضات ١٤٥٨ وحدة، وبقي .٢٧٩ في الخيام ألف وحدة، وبقي مئة وخمسون. في عيتا الشعب ١١٢٤ وحدة، وبقي خمسة وعشرون، في عيناتا ٤٥٦ وحدة، وبقي عشرون.

ويوضح المناعي أن الوحدات التي لم يدفع لها حتى الآن توجد فيها مشاكل قانونية بين المستفيدين منها، وهناك عدد من أصحاب العلاقة لم يتقدموا بطلبات للحصول على التعويض. كما يوجد خمسة عشر منزلا من الحجر بقيت سالمة من الهدم في عيتا، سوف يجري ترميمها ضمن مشروع خاص بها.

من جهته أوضح ممثل الصندوق الكويتي في لبنان محمد الصادقي أن الصندوق استهل الدفعة الثانية في بلدة حاروف في قضاء النبطية في شهر أيار الماضي، ثم دفع في شهر حزيران لخمس قرى هي حداثا وعلما الشعب وحانين والطيري والمنصوري، وبلغت قيمة الدفعة الثانية حتى الآن ما يقارب ٤ ملايين و٥٠٠ ألف دولار. تضاف إلى الدفعة الاولى وقيمـتها ٥٨ مليون دولار، وقد تبين استنادا إلى الاحصاءات التي أجراها الصندوق أن نسبة ٧٢ في المئة من الذين تقاضوا الدفعة الاولى أنجزوا خمسين بالمئة من عملية البناء، بينما بلغ عدد الوحدات المهدمة في القرى التي تبنتها الكويت ما يـقارب ١٦٩٥ وحدة.

وحتى الآن لم تطلب أي جهة رسمية من الكويت زيادة الميزانة المرصودة للبناء، ومن المعروف أنها رصدت مبلغ ٣٠٠ مليون دولار لاعادة الاعمار، ضمنه مبلغ ١١٥ مليون دولار للمنازل.

ودفعت عمان ٢٠ مليون دولار من أصل ٣٥ مليون دولار جرى رصدها للوحدات السكنية، بينما بلغ عدد الوحدات المهدمة التي تبنتها ٦١٥ وحدة، ودفع العراق ١٣ مليون دولار، من أصل ٢٢ مليون دولار، وهو يتبنى ٣٣٦ وحدة، وهناك وحدات تبنتها سوريا في كل من قانا والقليلة، بالاضافة إلى دول مانحة أخرى دفعت مبالغ مالية قليلة.

تعليقات: