مواطن يحرر أمواله من المصرف بعبوتي بنزين

فرع مصرف بيروت والبلاد العربية في جب جنين (المدن)
فرع مصرف بيروت والبلاد العربية في جب جنين (المدن)


في فعل "جنائي" حقوقياً، لكنه حظي بتعاطف واسع شعبياً، نجح عبدالله الساعي، من بلدة كفريا في البقاع الغربي، بتحرير وديعته المصرفية البالغة 50 ألف دولار من فرع مصرف بيروت والبلاد العربية في جب جنين- البقاع الغربي، بعدما احتجز أربعة موظفين داخل أحد طوابق الفرع، مهدداً بإحراقهم وإحراق نفسه، إذا لم يحصل على وديعته في فرع المصرف.


جنى العمر

وحسب المعلومات، فإن الساعي الذي كان يعمل جاهداً في الإغتراب، ويرسل الأموال إلى لبنان، مخططاً لمستقبله في لبنان، لحق به ما لحق بآلاف اللبنانيين، الذين استيقظوا على سرقة جنى عمرهم.

سنتان انتظرهما الساعي وفقاً لقريبين منه، متأملاً بأن تكون السرقة الجماعية لأموال اللبنانيين "كابوسا" سيصل إلى نهاية... إلى أن بلغ به الأمر حد اليأس، فقرر أن يستوفي حقه بيده، طالما أن لا مؤشرات حتى الآن لاستعادة الحقوق بالأنظمة والقوانين.

في صباح يوم 18 كانون الثاني، حدد الساعي ساعة الصفر، لأخذ حقه بيده، حمل معه سلاحاً فردياً، وعبوتي بنزين، واحدة حملها بيده والأخرى علقها على رقبته، وتوجه بـ"عتاده" إلى فرع المصرف في جب جنين. دخل إلى أحد الطوابق، وأغلق الباب على أربعة موظفين، وسكب عليهم وعلى نفسه مادة البنزين، مهدداً بإشعال النيران، إذا لم تتم الإستجابة لطلبه، بسحب كامل المبلغ الذي يدخره في فرع المصرف.


مفاوضات أربع ساعات

في بداية المفاوضات التي جرت مع الأجهزة الأمنية، بحضور شقيقه الضابط العسكري، سلّم الساعي سلاحه الفردي إلى القوى الأمنية، وبقي متسلحاً بعود الكبريت لإحراق نفسه.

أربع ساعات دامت المفاوضات مع الساعي لإقناعه بالعودة عن فعلته، إلا أنه أصر على عدم تحرير "رهائنه" أو الخروج من المكان إلا غانماً بالمبلغ، وإلا سيحرق المكان بمن وجد فيه. وهكذا، امتثلت إدارة المصرف لطلبه، وسلمته مبلغ 50 ألف دولار نقداً. عندها طلب حضور زوجته شخصياً لإيداعها المبلغ، قبل أن يضع نفسه بتصرف الأجهزة الأمنية، من عناصر قوى الأمن وفرع المعلومات، فأوقف بناء لإشارة النيابة العامة الاستئنافية في البقاع، وبوشر التحقيق معه.

إنسانياً وقانونياً

بحيرة يقف المعنيون بتطبيق القوانين، من قضاة وأمنيين، تجاه هذا الموقف الذي يلقى تعاطفاً حتى في صفوفهم. فمن الناحية الإنسانية، فعل الساعي ما يشتهي الكثير من هؤلاء تحقيقه بتحرير ودائعهم، إلا أنه من الناحية القانونية، ففي فعلته احتجاز لحرية أشخاص أبرياء وتهديد لسلامتهم، علماً أن بين هؤلاء من هم أيضاً ضحايا جريمة العصر، التي بخرت ودائع اللبنانيين. وبالتالي، فإن فعل الساعي وفقاً لمصادر قضائية ينطوي على مخالفة يحاسب عليها القانون، حتى لو كان الهدف منه استيفاء الحق. وعدم محاسبته، حسب المصادر القضائية، سيشجع آخرين على اقتراف الفعل نفسه، وبالتالي ستسود شريعة الغاب وتكثر المشاكل الأمنية الناتجة عن الواقع المالي المأزوم الذي وصلنا إليه. هذا فضلاً عن ما يمكن أن يلحقه من ضرر بمصالح مودعين آخرين، خصوصاً إذا ما وجد فرع المصرف في ذلك ذريعة لإغلاق فرعه نهائياً في المنطقة.

إلا أنه من الناحية الإنسانية، فقد جاءت تعليقات أهالي المنطقة الذين تابعوا القضية، بضرورة أن تشارك الأجهزة الأمنية وعناصرها بإحراق فرع المصرف وباقي فروع المصارف، لما تتسبب به من مذلة للناس. مبررة فعلته بالقهر الذي بات يعيشه معظم اللبنانيين جراء المعاملة اللاأخلاقية التي يلقونها على أبواب المصارف، والاسترسال في إهانة المودعين والإمعان في في سرقت أموالهم التي ائتمنوها عليها.

تعليقات: