الباذنجان .. أم «التفاحة المجنونة»؟ رؤيته في المنام علامة على السعادة


لندن:

اطلق الاوروبيون على الباذنجان اسماء عدة وغريبة عندما تعرفوا عليه عبر العرب والمسلمين في اسبانيا في القرن الثامن للميلاد، مثل «التفاحة المجنونة» و«نبتة البيضة» وغيره، لذا استخدموا اسمه اللاتيني Mala Insana الذي يعني «البيضة الفاسدة» لسنوات طويلة بدلا من الاسم الصحيح Solanum Melongena المستوحى من احد الاسماء العربية والمعتمدة لاحقا في القرن السادس عشر. وكان عالم النبات السويدي كارولوس لينياوس (1707-1778) اول من وثق الباذنجان علميا ونباتيا واعطاه اسمه العلمي الاخير رغم الخلافات المتواصله حول اصله. ووصف العالم جون جيرارد، في تلك الفترة معظم انواعه، خصوصا الطويل الذي يشبه الأوز الابيض.

وقد اطلق الاميركيون وسكان المستعمرات في نيوزيلندا واستراليا في القرن الثامن عشر على الباذنجان اسم «ايج بلانت» (Eegg Plant) لأنهم بدأوا باستخدام الابيض والاصفر من انواعه الذي يشبه البيض شكلا وحجما. وقد استلهم الانجليز اسم «اوبرجين» (Aubergine) الذي يستخدمونه من نفس الاسم الفرنسي الذي يعود اصله الى الاسبانية (Alberg?nia). اما اسم «برينجال» (Brinjal) فهو المستخدم في سريلانكا والهند حاليا. ويطلق عليها الناس ايضا اسم «مالونجين» (Melongen ) في جزيرة ترينيداد في الكاريبي. والاهم من هذا ان اول اسم للباذنجان كان باللغة السنسكريتية: «فاتين جانا» (Vatin Gana)، وبعد انتقاله الى ايران اصبح «بادنجان» (Badingen)، وبعد ان استوحاه العرب اصبح «الباذنجان» (Albadingen)، ومن هناك انتقل الى اللغة الاسبانية.

مهما تعددت الاسماء، فإن الفاكهة التي يعاملها الناس معاملة الخضار مثل الكثير من النباتات، على علاقة نباتية متينة مع البندورة والبطاطا، ويعتبرها بعض الخبراء قريبة من الفصائل العشبية البرية السامة المعروفة بـ«البيلادونة» (Belladonna)، او ما يعرف بـ«نباتات ظل الليل»، لذا تحوي في بدايات نموها على كمية كافية من السموم القادرة على الحاق الضرر بمتناوليها، كما هو الحال مع بعض انواع الفاكهة كالبندورة. ويمكن ان تؤدي مرارة الباذنجان الى ايذاء غشاء المعدة والتسبب في افراز الغازات وتعزيز امراض المفاصل (Arthritis) .

الأصل: يعود اصل النبتة الجميلة والغريبة الى جنوب وشرق آسيا وبشكل خاص الى الهند وسريلانكا، رغم العثور على اول شواهدها التاريخية والاثرية في Q? m?n yào shù في الصين عام 544 قبل الميلاد. ولا يزال الباذنجان في كل من كوريا (الجنوبية والشمالية) واليابان ومنذ زمن طويل احد اهم انواع الخضار والمآكل المعروفة. ويبدو انه وصل الى روسيا واوكرانيا عبر هذه البلدان.

ولأن العرب اطلقوا عليه الكثير من الاسماء، وغابت آثاره من القواميس اليونانية والرومانية، فقد اعتبر الخبراء ان العرب ادخلوها الى اوروبا عبر اسبانيا الاندلسية وايطاليا لاحقا بين القرنين الثامن والثالث عشر، حيث كانت تستخدم للأكل والزينة بأنواعها (الليلكي الداكن والاسود والابيض والاصفر) المختلفة.

ومن هناك حملها الاسبان والبرتغاليون بعد القرن السادس عشر بعد هزيمة المسلمين في الاندلس واكتشاف اميركا، الى المستعمرات في الاميركيتين الشمالية والجنوبية، حيث انتعشت النبتة وانتشرت بسبب الاحوال الجوية الحارة نسبيا. وقد سبق للاسبان ان ادخلوا الى اميركا اللاتينية والمكسيك بشكل خاص الكثير من الانواع مثل: البصل والثوم والجزر والليمون والكرز والدراقن. وبعد ذلك وصل الباذنجان الى جزر الكاريبي عبر اميركا الجنوبية وافريقيا ايام تجارة الرقيق، ليصبح واحدا من اهم المزروعات والمآكل.

الإنتاج العالمي والاستهلاك: وتقول الارقام المتوفرة ان 93 في المائة من انتاج الباذنجان في العالم يأتي من سبع دول، وعلى رأسها الصين، وبنسبة تصل الى 55 في المائة. وتأتي الهند بعد ذلك بنسبة 28 في المائة، ثم تركيا ومصر من الدول العربية، ثم اليابان وغيرها. وفيما تحتل الولايات المتحدة المرتبة العشرين في انتاج الباذنجان في العالم، فإن مساحة الارض المفروزة لزرع النبتة في دول حوض البحر الابيض المتوسط ، تصل الى 4 ملايين هكتار.

لذا يستخدم الباذنجان من اليابان الى اسبانيا بكثرة كـ«يخنة» أي من المآكل التي تطبخ ببطء على نار هادئة كما هو الحال مع طبق «الموساكا» (Moussaka) في اليونان، وطبق «راتوتيلي» (Ratatouille ) في فرنسا وطبق الـ«مالانزين الا بيرميجيانا» Melanzane Alla Parmigiana في ايطاليا. ويلجأ الكثير من الآسيويين الى شواء الباذنجان للتخلص من قشرته وخلطه مع انواع اخرى من الخضار والأنواع، كما هو الحال مع دول المتوسط وطبق «البابا غنوج» (متبل الباذنجان) اللبناني، حيث يخلط الباذنجان مع الليمون والطحينة ليشكل واحدا من اشهر الاطباق او المازات في البلاد. وفيما يلجأ بعض الطباخين الى تقطيع الباذنجان وقليه لتقديم العديد من انواع الصلصات، يعمل البعض، خصوصا في تركيا واليونان والعالم العربي الى حشوه بالأرز واللحم وصلصة البندورة، كما يعمل البعض على تخليله (كبسه) بالماء واحيانا بالزيت، والاخير من اشهر واطيب انواع المآكل وافخرها التي تعرف في لبنان وفلسطين وسورية. كما تستخدم بعض المجتمعات الشرقية (الهند وتركيا وايران وبعض الدول العربية) والاوروبية الباذنجان كمربى او كمازة حلوة للمذاق فقط او لتهدئة نار الفلفل في وجبات الكري الحارة جدا.

المحتويات: يحتوي الباذنجان على نسبة كبيرة من الألياف وكمية لا بأس بها من النحاس والمنغنيز واملاح الكالسيوم والحديد والفوسفور، اضافة الى البروتينات والبوتاسيوم، اضف الى ذلك المواد الدهنية والفوليت والتريبتوفان وعدد من الفيتامينات المختلفة ومركبات الفينول مثل كافييك وكلوروجينك، ومركبات فلافونويد مثل ناسيونين.

التراث والطب: في التراث الشعبي العربي تعتبر رؤية الباذنجان في المنام دليلا على الرزق بعد التعب. ورؤية ثلاث حبات باذنجان في المنام، علامة على السعادة ايضا. ويطلق الاتراك الكثير من القصص على اصل طبق «امام بلدي» المعروف الذي يعني اسمه «الشيخ المغمى عليه»، الشيخ الذي تقول الخرافات انه اصيب بالدوار واغمي عليه عندما اعترفت له زوجته بنفاد زيت الزيتون بعد 12 يوما متواصلا من تناوله الباذنجان من دون توقف. بأية حال، فإنه يصعب عادة في التراث فصل الحديث عن أي نبتة دون التطرق الى فوائدها الطبية ومنافعها الصحية بشكل عام. وينقل ان الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم حث على اكل النبتة الخيرة قائلا:«كلوا الباذنجان فإنّها شجرة رأيتها في جنّة المأوى شهدت للّه بالحقّ ولي بالنّبوّة ولعليّ بالولاية، فمن أكلها على أنّها داء كانت داءً ومن أكلها على أنّها دواء كانت دواءً». وينقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم ايضا أنّه كان في دار جابر فقدّم إليه الباذنجان فجعل يأكل، فقال: إنّ فيه الحرارة، فقال:«يا جابر إنّها أوّل شجرة آمنت باللّه، اقلوه وأنضجوه وزيّتوه ولبّنوه فإنّه يزيد في الحكمة».

الباذنجان في الطب الحديث:

* تقول الدراسات الاخيرة: إن مركبات «ناسيونين» المضادة للأكسدة في قشرة الباذنجان، «تخلص الجسم من الجذور الحرة، وتحمي جدران الخلايا من التلف، وتحديداً تحمي وجود مادة الكوليسترول في بنية جدران خلايا الدماغ». وهي من المواد المهمة التي «تعمل على التصاق اللبنات المكونة لجدران خلايا الجسم والدماغ، إضافة الى دورها في إنتاج هورمونات الذكورة والأنوثة، وتكوين أملاح أحماض عصارة المرارة اللازمة لامتصاص بعض أهم الفيتامينات».

* يحتوي الباذنجان حسب الدراسات الحكومية للزراعة في الولايات المتحدة، على كميات عالية من مركبات فينوليك المضادة للأكسدة واهمها حمض كلوروجينيك، الذي يُعد من أقوى مضادات الأكسدة النباتية. وتكمن اهمية الحمض في الوقاية من التغيرات المُخلة بتراكيب الحمض النووي في نواة الخلية الحية، وبالتالي منع تشكل الخلايا السرطانية في الجسم. كما يقي الحمض من عدوى الميكروبات والفيروسات، ويخفض نسبة الكوليسترول الخفيف المضر بالجسم.

* اما بالنسبة للقلب، فإن تناول عصير الباذنجان يقلل من كمية الكوليسترول المترسبة في الشريان الأورطي ويرخي عضلات جدران الشرايين في القلب.

ويوصف الباذنجان النئ للمصابين بالاسهال، كما يؤدي الى تنقية الامعاء ويساهم في القضاء على الجراثيم وطردها خارج الجسم، يسكن اللهب وينفع ضد الحميات.

* يقال ايضا ان احتواء الباذنجان على مادة «اوكزاليت» الطبيعية، قد يسبب عند زيادة تركيزها في الجسم بتشكل الحصوات في الكلى والمرارة، وتمنع سهولة امتصاص الجسم للكالسيوم. لذا ينصح البعض احيانا بالتقليل منه وتحاشيه.

تجميل: يؤكد الكثير من المصادر العلمية والبحثية الحديثة، ان الباذنجان يزيد من نعومة البشرة وجمالها، خصوصا خلال فصل الصيف. ويصنع من الباذنجان ماسك للوجه لتنعيم البشرة وتخليصها من البثور السوداء. ويتم ذلك عبر تقطيع الباذنجان وتجفيفه ثم طحنه وخلطه مع نصف كوب من الحليب وعصير الليمون للحصول على عجينة لينة. وبعد ذلك توضع العجينة على الوجه لمدة ساعة مع تحاشي منطقة العينين والجفون، قبل غسل الوجه بالماء البارد.

وفي هذا الإطار نقل عن الصّادق قوله: «أكثروا من الباذنجان عند جداد النّخل فإنّه شفاء من كلّ داء، يزيد في بهاء الوجه ويليّن العروق ويزيد في ماء الصّلب». الباذنجان على موائد المشاهير

* تقول الوثائق المتوفرة: إن الملك لويس الخامس عشر (Louis XIV) الذي كان مغرما بإذهال زواره بأنواع جديدة في القرن السابع عشر، هو الذي ادخل الباذنجان الى فرنسا ورسخه في المطبخ الفرنسي، رغم عزوف زواره عنه ووصفه بأنه «فاكهة بحجم الاجاص لكن بمواصفات سيئة». وكانت بعض الخرافات آنذاك تقول انه يسبب ارتفاع درجات الحرارة والصرع. ولا بد من الذكر هنا، ان الشعور بالريبة وردة الفعل السلبية من انواع الخضراوات والفاكهة من قبل بعض المجتمعات الاوروبية في بدايات وصولها، ادى الى رفضها ورفض اكلها واطلاق مواصفات شيطانية سيئة عليها لتخويف الناس من استخدامها وبالتالي تشكيل الخرافات الكثيرة حولها. لكن وكما هو الحال في فرنسا، تنتشر الانواع ويتعدد استخدامها بعد فترة الرفض لدرجة ان تصبح معها احد المآكل الفاخرة. وقد ساعد كل من عصر التنوير والثورة الفرنسية الباذنجان على هذا النحو، بحيث اصبح آنذاك (المشوي منه) احد اهم اطباق القصور.

رغم وصوله الى القارتين الاميركيتين مبكرا، فإن الاميركيين الشماليين لم يبدأوا باستخدام الباذنجان كطعام الا في القرنين الثامن والتاسع عشر. لكن أدى اهتمام الرئيس الاميركي الثالث توماس جيفيرسون به الى تعزيز مكانته وانتشاره لاحقا، وقد كان من المآكل المفضلة لدى الرئيس اندرو جونسون بعدها، خصوصا الباذنجان المحشي على الطريقة الاسبانية (تقطع الباذنجانة الى نصفين، ويتم تفريغ القطع من كل محتوياتها للوصول الى القشرة مع طبقة بيضاء رقيقة، وبعدها يتم حشوها بالبندورة والبصل والخز المحمص وزبدة الحبق والسلري مع قليل من السكر والملح والفلفل الاسود المطحون).

وبعد ان دخل الباذنجان الفلكلور الشعبي عبر حضوره لأول مرة في كتاب ماريو هارتلاند Modern Cooking في الولايات المتحدة عام 1904، اصبح ايضا اهم مآكل البيت الابيض ايام الرئيس وارن هاردينغ عام 1921. وكان هاردينغ يفضل الباذنجان المشرح والمشوي الذي ينقع بالمايونيز والخل وعصير الليمون، وصلصلة الحر والفلفل والملح. وعادة ما يقطع فوقه البيض المسلوق.

يقال ايضا ان الكاتب الايرلندي المعروف جورج برنارد شو، الذي توفي عام 1950 عن عمر يناهز 94 عاما، كان نباتيا من الدرجة الاولى، وكان الباذنجان على انواعه احد الاكثر الاطباق المفضلة لديه. وفضلا عن انه كان مغرما بالباذنجان المحشي فقد طبخت له مربية منزلته وطباخته اليس لادن الكثير من الانواع الخاصة بها.

حكاية الباذنجان

* عاش السيد طلعت وسط حقل القرع والباذنجان كل ما يحيط به هو الخراب في كل مكان، ولكنه لم يستسلم نشر فكرته وسط الكل وأقنع الجميع بضرورة انشاء دكان، ترفع من شأن الجميع وفعلا اقتنع كل من حوله بفكرته ودفع كل شخص ما يستطيع ووضعوا ايديهم معا وحاولوا اقتلاع الباذنجان وحرق نباتات القرع المنتشرة فى كل الحقل انشأ السيد طلعت اجمل دكان ونجحت فكرته واصبح للدكان فروع في كل مكان وانكمشت مساحة الباذنجان واقترب القرع من مرحلة الزوال ولكن!!!! مات السيد طلعت مات وترك فكرته في ايدي الكل امانة ترك اجمل دكان جاء الاغراب من كل مكان واحتلوا الدكان ونسي اصحاب الدكان ما دفعوه نسي الكل وصية السيد طلعت وضع الاغراب ايديهم القذرة على حلم السيد طلعت وفتحوا الخزائن المترسة بالنقود والكل نهب وسحب وفرغت الخزائن وخربت الدكاكين ولما وصل الامر الى الانهيار عرض الاغراب الدكان للبيع وباعوا الدكان باعوا دكان السيد طلعت وانتهت كل الاحلام وعاد الباذنجان وانتشر القرع مرة اخرى في كل مكان.

تعليقات: