نرفض إقامة السفارات بين بيروت ودمشق

اشعر برغبة كبيرة في الكتابة
اشعر برغبة كبيرة في الكتابة


أميركا والمجموعة الأوروبية تريدان وتصران على إقامة سفارات بين بيروت ودمشق تحت عنوان ‏مصلحة لبنان، فيما مصلحة لبنان الحقيقية هي في تعزيز المجلس الأعلى للتعاون اللبناني ‏السوري، لأن مجالاته اوسع ولأن حقيقة العلاقة بين لبنان وسوريا جغرافياً وتاريخياً تتطلب ‏قراراً يحترم استقرار البلدين ولكن ايضاً يحترم التفاعل الأخوي بينهما.

‏ أميركا والمجموعة الأوروبية لا تريدان السفارات من أجل مصلحة لبنان، ولم تكن يوماً السفارة ‏عنواناً لاستقلال اي بلد، بل هي مجرد مبنى يسكنه موظفون ويديرون شؤوناً ديبلوماسياً وأكثر ‏الأحيان تسكن المبنى شبكة مخابرات يديرها ما يسمى ملحق عسكري أو ملحق أمني.

‏ واشنطن والدول الأوروبية تريد اقامة سفارة سورية في بيروت تمهيداً لتسوية في الشرق الأوسط، ‏حيث تريد واشنطن والمجموعة الأوروبية اقامة سفارة اسرائيلية في بيروت.

‏ ونحن في لبنان لا يمكن أن نقبل بسفارة اسرائيلية في بيروت، ولا يجب ان يُرفع علم إسرائيل على ‏سفارة اسرائيلية في بيروت.

‏ نحن في لبنان لا يجب ان نعترف يوماً بالباطل، ولا يجب ان نعترف باغتصاب فلسطين حتى لو أقاموا ‏دولة اسرائيلية ودويلة فلسطينية، فرسالة لبنان شهادة للحق، رسالة لبنان ان لا يقول ‏المغتصبون هذا البيت اصبح ملكاً شرعياً لنا.

‏ رسالة لبنان ان لا يقبل بالباطل، رسالة لبنان ان لا يقبل بالاغتصاب، ان لا يقبل ان تكون ‏فلسطين وبساتين الليمون واللوز، واشجار الزيتون ملكاً للاسرائيليين، لأنهم اغتصبوها ‏بالقوة، ولأن منطق القوة هو أقوى من منطق الحق في ظل الأمر الواقع حالياً.

‏ رسالة لبنان المسيحية - الاسلامية في غناها وعظمتها أن تكون مثالاً عالياً للشهادة للحق، ‏أن تكون مثالاً عالياً لرفض منطق القوة على منطق الحق.

‏ رسالة لبنان المسيحية - الاسلامية ان لا نقبل ان هناك شعباً هو شعب الله المختار وفق المفهوم ‏الاسرائيلي، واننا نحن في المنطقة شعب من درجة ثانية وفق المفهوم التوراتي الاسرائيلي.

‏ ثقافة اسرائيل تقول أن شعب فلسطين هو طارئ على أرضه، وان الملكية الحقيقية هي ‏للاسرائيليين، وهو منطق وهمي لا بل هو منطق اجرامي، لا بل هو منطق يخالف التاريخ وعلم ‏الاجتماع، فاذا كان في المنطقة قد مر اليهود عبر التاريخ وسكنوا أجزاء من فلسطين وأقاموا ‏كتاباً اعتبروا فيه انهم شعب الله المختار، فان ذلك لا يعطيهم الحق في احتلال فلسطين وطرد ‏شعبها والتفوق علينا عسكريا وتكنولوجياً بدعم من اميركا وبعض المجموعات الدولية.

‏ نحن نرفض مبدأ اقامة السفارة السورية في لبنان، وإن وافقت دمشق فانها ترتكب خطأ، ولا بد ‏من أن يكون مبدأ اقامة السفارتين بين لبنان وسوريا موضع استفتاء لدى الشعب اللبناني ‏والشعب السوري وليس قراراً حكومياً موقتاً تأخذه اكثرية او تقرره حكومة.

‏ ان ما بين الشعبين اللبناني والسوري علاقة المصلحة المشتركة، علاقة المصير الواحد، علاقة ‏التاريخ الواحد، علاقة الجغرافيا، علاقة الإجتماع في بيئة واحدة، ولا يمكن لجو العداء الذي ‏حصل لفترة من الزمن ان يلغي ما صنعه الخالق من وحدة الحياة وإرادة الحياة.

‏ وان الأخطاء التي حصلت أو كل ما حصل، فلا بد من اصلاحه، اما إقامة سفارتين في لبنان ‏وسوريا فمن منظوري الشخصي انا كرئيس تحرير جريدة «الديار» اعتبره خيانة وطنية، لأنه حتى ‏أوروبا بدأت تتحوّل من اقامة السفارات في ما بينها لتقيم الهيئة الاوروبية في بروكسل ‏عاصمة بلجيكا بديلاً للسفارات.

‏ وفي اوروبا فروقات لغة وتقاليد وحروب، بينما بين لبنان وسوريا وحدة لغة وحدة تاريخ ‏وجغرافيا واجتماع.

‏ على كل حال أنا أحذّر للتاريخ، ومن واجبي كرئيس تحرير جريدة الديار ان احذر للتاريخ ‏وان اقول للقارئ ان لا يتأثر بمرحلة عابرة، وان اميركا وبعض اوروبا لا يمكن ان تغشنا ‏بإظهار حرصها على مصلحة لبنان، لانها لا تريد الا مصلحة اسرائيل، وهذه المجموعة تصر على ‏اقامة السفارة السورية في لبنان تمهيداً لاقامة السفارة الاسرائيلية في بيروت والسفارة ‏اللبنانية في اسرائيل.

‏ وطبعاً طالما بقي حر واحد في لبنان لن يقبل بالعلم الاسرائيلي يرفرف في بيروت.

‏ إن قدر الأحرار في أوطانهم أكثر الاحيان ان لا يماشوا الموجة العاطفية لدى الناس، بل أن ‏يستقرئوا المستقبل وأن يحذروا من الباطل وان ينتصروا للحق، وإننا في «الديار» سنبقى ‏على موقفنا، ولو أقرت الحكومات ما تقر، ولو ضغطت القوى الدولية بأقصى قدراتها ‏وحاصرتنا ومنعت عن «الديار» كل الإعلانات وكل شيء فإننا سنبقي نقاوم بالقلم والكلمة ‏وبتنبيه شعبنا وبمخاطبة وجدانه وضميره بأن لا يقبل في أي ظرف من الظروف إقامة سفارة ‏اسرائيلية في يوم من الأيام في بيروت.

تعليقات: