الدراجات النارية غابت عن صيدا منذ 1999 فنعمت بالأمن والهدوء

زوجات القضاة وأقاربهن ما زلن يبحثن عن الجناة الفارين
زوجات القضاة وأقاربهن ما زلن يبحثن عن الجناة الفارين


الشباب يجدها الوسيلة الأفضل والدراجات الهوائية البديل الطبيعي لها..

صيدا: بين إرتفاع أسعار المحروقات ووتيرة التوتر الأمني، فإن قرار إلغاء سير الدراجات النارية يقسم المجتمع الى مناصر ومعارض للقرار، ولكن أيهما الأفضل!

كان لمدينة صيدا تجربتها الفريدة في هذا المضمار، فمنذ جريمة إغتيال القضاة الأربعة: "حسن عثمان، عماد شهاب، عاصم أبو ضاهر ووليد هرموش"، اتخذ "مجلس الأمن الفرعي" في الجنوب قراراً قضى بوقف سير الدراجات النارية في المدينة ومنطقتها، ومنذ تلك اللحظة لم يقع أي حادث مماثل·

وبعد اتخاذ القرار تعالت الأصوات الداعية لعودة الدراجات النارية لتأثر المؤسسات التجارية بها، لكن بعد 9 سنوات أثبتت التجربة بفعل تأقلم المواطنين والمؤسسات مع هذا القرار جدواها في سد الثغرة الأمنية، مما انسحب مؤخراً على العاصمة بيروت·

"لـواء صيدا والجنوب" يسلط الضوء على هذا الموضوع باحثاً حسناته وسيئاته··

تساؤلات عن دوافع توقيت مطالبة البزري بعودة سير الدراجات النارية؟

تعود بنا الذاكرة الى حزيران من العام 1999، وتحديداً جريمة إغتيال القضاة الأربعة على قوس قصر العدل في صيدا، وقبلها بأيام قليلة حين تعرّض عنصر من الدرك أثناء القيام بمهمته لإطلاق نار من على دراجة نارية لاذت بالفرار، ومن ثم جاءت حادثة اغتيال القضاة الأربعة دون كشف الجناة·

من ذلك التاريخ، اتخذ "مجلس الأمن الفرعي" في الجنوب برئاسة محافظ الجنوب آنذاك (النائب) فيصل الصايغ قراراً قضى بوقف عمل الدراجات النارية في مدينة صيدا حتى الزهراني جنوباً وكفرجرة شرقاً·

وتعالت الأصوات الداعية الى إلغاء القرار، خصوصاً من قبل أصحاب محال الوجبات السريعة وموزعي الصحف وغيرهم من المواطنين الذين سلبت منهم وسيلة نقلهم الرخيصة·· وبات يتوجب على عابري مدينة صيدا وضع دراجاتهم النارية في "بيك آب" للتنقل بها·

لكن صيدا كان مميزة بكونها مدينة خالية من الدراجات النارية، التي كانت تفاجئ سائقي السيارات بالمرور العشوائي والحوادث المتكررة لعدم التمسك بقوانين السير والسلامة العامة، لأن غالبية راكبي الدراجات لا يملكون دفتر القيادة الخاصة بها، فضلاً عن عدم استخدام الخوذة الواقية من الحوادث، فشكلت صيدا نموذجاً يحتذى·

وتأقلماً مع الواقع، بدأت المؤسسات الصيداوية تعتمد في عملية التوزيع والتوصيل الى المنازل على وسائل أخرى، منها سيارة الـ "ربيد" لكونها الأوفر استخداماً للمحروقات، فيما اعتمد البعض الأخر على الدراجات الهوائية، وبدأت الإختراعات تتوالى على المدينة من الدراجات التي تحمل مولداً صغيراً الى الدراجات بثلاثة دواليب وغيرها··

وتأكيداً على قرار المنع، أعاد محافظ الجنوب الحالي العميد مالك عبد الخالق التأكيد على قرار منع سير الدراجات النارية في صيدا ومنطقتها، من منطلق الحرص على استمرار حالة الآمن في المدينة ومنطقتها·

وجاءت الأحداث الأخيرة في بيروت لتستفيد من تجربة مدينة صيدا، ليطلب من أبناء العاصمة عدم استخدام الدراجات النارية، ويتراوح القرار بين مستجيب ومتمهل وغير مبال، فيما استمرار الحوادث والإعتداءات بين المناطق من قبل الشباب المستخدمين للدراجات النارية أعطى الرؤيا المناسبة لهذا القرار··

واليوم وبعد 9 سنوات من المنع في صيدا، وعلى الرغم من أن شريحة من الشباب تطمح للعودة الى الدراجات النارية على اعتبار إمتلاك وسيلة نقل توفر على الميزانية الضئيلة التي يمتلكونها، ولكن يرون أن الوضع الأمني أهم بكثير·· فيما يرى بعضهم في الدراجات الهوائية الوسيلة الأفضل لذلك·

وكان اللافت توقيت مطالبة رئيس "اتحاد بلديات صيدا ? الزهراني" وبلدية صيدا الدكتور عبد الرحمن البزري بعودة سير الدراجات النارية، وفي هذا الظرف بالذات··

وقد ترك ذلك تساؤلات عدد من الفاعليات عن جدوى هذه المطالبة وتوقيتها، وخصوصاً أنها تهدد أمن المدينة، ومعهم سائر المواطنين من أبناء صيدا والجوار، الذين لا يحبذون عودتها كي لا يعود وجع الرأس، ليس الأمني وحسب، بل من الحوادث وغيرها·· فيما أصحاب المحال الذين وجدوا البدائل المناسبة لعملهم لم يعودوا يشعرون بأهمية عودة الدراجة النارية، وخصوصاً إذا ما قورنت بالأمن·

وفي جولة سريعة على سوق مدينة صيدا، استهل سائق سيارة الأجرة حسين الجبيلي كلامه بالقول: منذ 9 سنوات شهدت ساحة النجمة في صيدا جريمة إغتيال القضاة الأربعة، ومنذ ذلك التاريخ منعت الدراجات النارية، وعملياً ارتاحت المدينة من هذه الظاهرة·

وأضاف: للأسف أن سائقي الدراجات النارية لا يلتزمون بالقوانين والأنظمة، مما يزعج سائقي السيارات، وخصوصاً أنه في كثير من الأحيان تتحول الأمور الى "زعرنة" من قبل الشباب، فتكثر الحوادث، لذلك فإن عدم سير الدراجات جاء كحل لمشاكلنا·

وختم الجبيلي بالقول: لا شك أن ارتفاع اسعار البنزين، يشجع الناس على استخدام الدراجات النارية، لكن يجب أن يكون هناك التزام بالشروط، ومنها عدم الإزعاج للمواطنين·

بدوره صاحب محل الأمير في صيدا عبد الله حمدان قال: إن ما يحدث من مشاكل في بيروت سببها الرئيسي سائقي الدراجات النارية، وحين صدر قرار المنع في صيدا كنا نعاني من العديد من المشاكل، مما استدعى اتخاذ مثل هذا الإجراء·

وأضاف: لا شك أن الوضع الأمني هو الأهم، وكل شيء عدا ذلك يتم تعويضه، والمؤسسات وجدت البدائل وخصوصاً أننا نطلب السندويشات الى المحل وغيرها من الأمور، والمؤسسات تقوم بإيصالها بالسرعة المطلوبة دون الإستعانة بالدراجات النارية، مما يعني أن هذه المشكلة قد حلت أيضاً·

وختم حمدان بالقول: بالتأكيد نحن نرى الأمور بواقعية، وخصوصاً أن الهدوء والأمن هو الذي يحرك العجلة الإقتصادية·

بائع الخضرة محمد سمور قال: أنا لست مع منع الدراجات النارية، لأن مدينة صيدا صغيرة نسبياً، واستخدامها يوفر علينا الكثير من المصاريف، وأنا شخصياً لا اتضايق من راكبي الدراجات النارية·

وأضاف: حالياً استعين بسيارات الأجرة، ولكن لو كان هناك دراجات نارية لإستعنت بها، لأن الوضع الإقتصادي لا يطاق والإنسان يحتاج الى تخفيض المصاريف لكي يستطيع العيش بكرامة·

أما الطالب الجامعي علي خلف فقال: في ظل الأوضاع التي يمر بها لبنان، فإن قرار المنع هو أمر ضروري، والإنسان يستطيع الإستغناء عن الدراجات النارية·

وأضاف: رغم ارتفاع أسعار المحروقات، لكنه ليس من الضروري أن نستخدم الدراجات النارية، لأن هناك العديد من الوسائل البديلة كالدراجات الهوائية، ففي الصين يعتمدون على هذه الوسيلة، ونحن في صيدا يجب أن نستخدم الدراجات الهوائية، خصوصاً أن مدينتنا صغيرة، وهي في نفس الوقت تساهم في تنمية الجسد رياضياً··

وختم خلف بالقول: نحن في صيدا ننعم منذ سنوات بغياب الدراجات النارية، وهو أمر ملفت، وكان لهذا القرار العديد من الإيجابيات، وهي في نفس الوقت تؤمن سلامة المواطنين من الحوادث الخطرة·

SZ@janobiyat.com

حسين الجبيلي

تعليقات: