العودة إلى الإقفال التام... جزئياً: الترقيع لا يواجه وباء!

222 شخصاً في القطاع الصحي أصيبوا وفق وزير الصحة العامة حمد حسن (مروان بوحيدر)
222 شخصاً في القطاع الصحي أصيبوا وفق وزير الصحة العامة حمد حسن (مروان بوحيدر)


القرارات «الترقيعية» التي اتخذتها اللجنة الوزارية لمواجهة «كورونا»، أمس، ليست إلا نتاجاً لتهميش المعالجات الفعلية لمكامن الخلل في القطاع الصحي والإستشفائي. كل التطمينات التي أطلقت على مدى الاشهر الاربعة الماضية عن الاستعداد للوضع الحالي ثبت أنها كانت كلاماً في الهواء، فلا مركز الحجر جهزت، ولا المستشفيات الحكومية تحضّرت، ولا الخاصة أُشركت، أو أُرغمت على الاشتراك، في مواجهة الوباء الذي لا يزال يتفشّى

من بين أكثر من 2300 سرير للعناية الفائقة كان يفترض أن تكون متاحة في الوقت الراهن (وفق تقديرات غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث في آذار الماضي)، «هناك اليوم 300 سرير فقط في غرف العناية الفائقة في كل المُستشفيات الحكومية»، بحسب رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي، الذي حذّر من الوصول إلى الانهيار ما لم تدعم الدولة القطاع الطبي.

صحيح أن أرقام الأسرّة الموعودة قبل أربعة أشهر تشمل تلك التي في المُستشفيات الخاصة، إلّا أنها سقطت عمداً في تصريح عراجي أمس، لمعرفته باستحالة أن تلعب هذه المُستشفيات الدور الذي أرادته لها الدولة. أمّا الأسرّة الـ300 في المُستشفيات الحكومية، فتُفيد المعلومات بأن قسماً مهماً منها غير قابل للتشغيل حالياً، لعدم جاهزية المُستشفيات الحكومية الـ29 الموزعة في المناطق، على عكس كل «التطمينات» التي أُطلقت سابقاً.

أمس، وصل عدد المُصابين المُقيمين في المُستشفيات، وبالتالي الذين قد يحتاجون إلى أجهزة تنفس اصطناعي وأسرّة عناية فائقة، إلى 139، منهم 31 في حال حرجة، بعدما أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 132 إصابة جديدة (120 مُقيماً و12 وافداً)، ليرتفع إجمالي المُصابين الفعليين إلى 2007. ومع توقع تسجيل مزيد من الإصابات، فإنّ الحاجة إلى الأسرّة ستتفاقم حُكماً، في حين أن المعطيات لا تزال تُنبئ بأن وضع أجهزة التنفس الاصطناعي «كارثي»، وفق مصادر في نقابة مستوردي المُستلزمات الطبية، إذ إن هناك نحو 500 جهاز فقط، 80% منها لا تعمل.

وعليه، ثمة تساؤل أساسي يُطرح على وزارة الصحة، ومن خلفها الحكومة، عمّا حال دون تجهيز البلاد للوضع الحالي، وهل كان الرهان، مثلاً، على «الانضباط الحديدي» للمُقيمين والوافدين، وفي غياب خطة مراقبة صارمة؟

التذكير دائماً بتخلّف الدولة عن القيام بمسؤولياتها وإيلاء القطاع الصحي والاستشفائي أولوية قصوى خلال الأشهر الماضية، يُعدّ أمراً ضرورياً في ظل التبعات التي نشهدها اليوم، ولتقييم الإجراءات التي تقوم بها الحكومة حالياً للسيطرة على الواقع الوبائي المُتفلّت. وهي إجراءات ترقيعية، ليست إلّا نتاج تهميش المعالجات الفعلية لمكامن الخلل.

نقيبة الممرضين: كان يجب أن يكون هناك 120 مركزاً للحجر جاهزة لاستقبال المصابين

أمس، قرّرت اللجنة الوزارية لمواجهة فيروس كورونا، برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب، العودة إلى المرحلة الرابعة من التعبئة العامة بدءاً من اليوم لغاية العاشر من آب المُقبل. وهي تشمل إقفال النوادي الليلية والحدائق العامة والشواطئ، فيما قررت الإقفال الكامل للبلاد، بدءاً من بعد غد الخميس حتى الإثنين ضمناً ومن السادس من آب المقبل والعاشر منه، فيما استثنت المطار من الإقفال، وهو أمر عدّه كثيرون غير منطقي، نظراً إلى تسبّب تفلّت عدد من الوافدين في نشر الفيروس. صحيحٌ أن قرار استثناء المطار قد يكون سببه أن الإصابات في صفوف المُقيمين تتفاقم وهو ما يحتّم منع الاختلاط «داخلياً»، إلا أن المطلوب في المُقابل إجراءات صارمة لضبط حركة الوافدين، إذ كان يمكن تجنّب الخطر الكبير الذي تشهده البلاد فيما لو تمّ من الأساس اعتماد استراتيجية وطنية للحجر الإلزامي للوافدين أو آلية فعالة لمراقبة تحركاتهم، مع تفعيل آليات مراقبة تطبيق المُقيمين للإجراءات.

وفيما لم تُفهم «الرؤية» الكامنة خلف «الفرصة» الفاصلة بين أيام الإقفال التام، فإنّ النقاش الأساسي اليوم هو حول الإجراءات المطلوبة لتدارك الأزمة. وهذه تشمل مراكز الحجر التي لم تجهز كلياً بعد، والتي كان يفترض أن يكون عددها 120 مركزاً، وفق رئيسة نقابة الممرضين والممرضات في لبنان ميرنا ضومط، كما تشمل النهوض بالقطاع الاستشفائي وإشراك المُستشفيات الخاصة في مواجهة الكارثة وحماية الطاقم الصحي الذي أصيب منه حتى الآن نحو 222 شخصاً، وفق وزير الصحة حمد حسن.

العمل على هذه الصعد مطلوب مهما كانت نتيجة الواقع الوبائي بعد الانتهاء من الإجراءات الحالية، وإهمالها يعني تشريع البلاد أمام الوباء بعد انهيار القطاع الصحي تماماً.

أخطاء الـ pcr

أثار الخطأ في إعلان نتائج الفحوصات لنحو 25 مريضاً من ضمنهم النائب جورج عقيص موجة من التشكيك في كثير من نتائج الفحوصات التي صدرت أخيراً. ووفق معلومات «الأخبار»، ليست هذه المرة الأولى التي تصدر فيها نتائج مغلوطة، وسببها المعدات الخاصة بفحوصات الـ pcr (ما يُعرف بالـ "kits") التي يتم استيرادها من شركات ذات جودة أقل من المعترف بها عالمياً.

أحد أكبر مستوردي فحوصات الـpcr في لبنان أوضح لـ«الأخبار» أن عددا من المستوردين (نحو ثلاث شركات تصنف على أنها مهمة في مجال استيراد هذا النوع من الفحوصات) تستورد الـ kits من كوريا الجنوبية مثلا المعروف وتسوّقها على أنها سويسرية الصنع!

توصيات اللجنة العلمية

أوصت اللجنة العلمية بإجراءات خاصة من أجل صلاة عيد الأضحى بالتنسيق مع المرجعيات الدينية، وبتفعيل مركز إدارة الكوارث التابع لوزارة الصحة في مستشفى الحريري الحكومي الجامعي لكي يعمل (24/24) على التنسيق والتواصل مع مختلف المستشفيات، ليتأكد من وجود أسرة شاغرة لتأمين الإدخال السريع للمرضى إلى المستشفيات المناسبة في مناطقهم. وأكد وزير الصحة حمد حسن أن تخلف المستشفيات عن استقبال مصابين بالكورونا ستكون له تبعات قانونية.

كذلك أوصت اللجنة بنقل المصابين من دون عوارض إلى مراكز الحجر من قبل القوى الأمنية والسلطات المحلية، وعدم إبقائهم في منازلهم إلا بعد التأكد من وجود قدرة لوجستية على تأمين العزل المطلوب في المنزل من دون تهديد سائر أفراد الأسرة والمخالطين.

أمّا المُصابون الذين يعانون من عوارض، فأوصت اللجنة بنقلهم إلى المستشفيات الحكومية التي تم تجهيزها «والتي من المفترض أن تبدأ بتشغيل أجهزتها». وفيما قررت اللجنة درس تغطية المرضى المصابين ممن لا جهة ضامنة لهم من قرض البنك الدولي، قررت إجراء فحوصات الـpcr لمرضى الأمراض المستعصية على نفقة وزارة الصحة والجهات الضامنة الأخرى

مُقررات اللجنة الوزارية

تقرّر بدءاً من اليوم ولغاية العاشر من آب المُقبل، إقفال كل من مراكز المؤتمرات والصالات وحدائق المناسبات ومراكز الألعاب الداخلية على أنواعها وصالات المسارح ودور السينما وإقفال الأسواق الشعبية، ملاهي الأطفال الخارجية والداخلية، الحدائق العامة والأرصفة البحرية والشواطئ العامة، على أن تُلغى المناسبات الدينية على اختلافها. كما تقرر، ضمن الفترة نفسها، إغلاق المسابح الداخلية في الأندية الرياضية ووقف حلقات التدريب في تلك الأندية (الأندية ستبقى مفتوحة في ما خص الآلات)، فضلاً عن إلغاء السهرات والحفلات على أنواعها، و«تم التواصل مع كل المراجع الدينية لإغلاق دور العبادة»، وفق ما نقل وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي.

أمّا المطاعم والمقاهي، فعلى أصحابها الالتزام بنسبة 50% من قدرتها الاستيعابية التشغيلية، فيما تقرّر خفض الطاقة الاستيعابية لوسائل النقل بنسبة 50 في المئة. ودعت اللجنة من تفوق أعمارهم الـ 65 عاماً إلى ملازمة منازلهم وعدم الإختلاط.

على صعيد المرافق الحدودية، فرض على جميع الوافدين من بلدان تشهد نسبة إصابات مرتفعة، وفقا لإحصائيات وزارة الصحة، أن يخضعوا لفحص pcr، من ثم إلى العزل داخل فنادق تحددها وزارة السياحة لهذه الغاية لمدة أقصاها 48 ساعة وعلى نفقتهم الخاصة، إلى حين صدور نتيجة فحص pcr على أن يحدد خلال هذه المدة اسم المختبر وموعد الفحص الثاني بعد 72 ساعة، وتتولى وزارة الداخلية والبلديات التتبع وتعبئة المعلومات اللازمة الخاصة بكل حالة. أمّا الوافدون من بلدان تشهد نسبة إصابات منخفضة، فعليهم أن يخضعوا لفحص pcr ثم إلى العزل المنزلي لمدة أقصاها 48 ساعة، إلى حين صدور نتيجة الفحص. وبدءاً من 31 الجاري، على جميع الوافدين إلى لبنان إبراز نتيجة فحص pcr سلبية لا تزيد مدتها على 96 ساعة، أي 4 أيام من تاريخ السفر، قبل حصولهم على بطاقة الصعود إلى الطائرة.


تعليقات: