قطر تكاد تنهي ملفها في القرى الأربع، ورش الإعمار في الجنوب هياكل بلا روح

ورش متوقفة في عيترون
ورش متوقفة في عيترون


لم تستطع الارقام التي نشرتها الهيئة العليا للاغاثة بشأن تأخر دفع تعويضات الاضرار الناجمة عن عدوان تموز 2006 التقليل من شعور عام لدى المتضررين، خاصة أصحاب المنازل المهدمة، أن الحكومة تتمهل في دفع التعويضات لاسباب سياسية، لاسيما مع اقتراب العام الثاني للعدوان، من دون أن يتمكنوا من العودة الى منازلهم.

ولا يزال صدى التصاريح بشأن عدم وجود أموال كافية للدفعة الثانية يتردد في زوايا الحارات، ويشكل الحديث عن التعويضات الموضوع الحاضر في كل جلسة أو لقاء، ويعود السبب برأي المهندس فراس الزين الذي يشرف على عدد من ورش الاعمار، الى حجم الاضرار الواسعة التي طالت كل أسرة في المنطقة، سواء كانت دمارا كليا او اضرارا جزئية ويرى الزين أن تأخر دفع التعويضات أبقى الحديث ساخنا، لأن معظم الذين فقدوا منازلهم يعيشون بعيدين عنها في منازل مستأجرة أو مستعارة، ويشير إلى أنه على سبيل المثال يوجد ما يقارب 90 بالمئة من الورش التي يتابعها لا يستطيع أصحابها استكمال بنائها، فضلا عن انهم مدينون لتجار مواد البناء، وقد بدأت المشاكل بالظهور في بعض القرى لان الاوضاع المعيشية الصعبة وخطورة الاوضاع الامنية تدفع باصحاب الديون الى لملمة ما يستطيعون من ديونهم.

ورش بلا روح

يكاد مشهد الاعمار يتطابق في جميع القرى، منازل وأبنية تحتفظ بلونها الرمادي القاتم بلا روح، هجرها اهلها وعمالها منذ مدة فلا صوت «شاكوش على مسمار» ولا هدير «جبالة باطون»، بل عدة متروكة لقدر الايام الآتية وما بقي من مواد بناء جفت قبل استعمالها، فيما وحدها الديون المتراكمة تنبض فيها الروح.

استخدم علي توبة من بلدة عيترون الـ 30 مليون ليرة وهي كناية عن الدفعة الاولى من التعويض في دفع بدل خريطة هندسية واستصدار رخصة بناء وحفر اساسات المنزل وبناء خزان لتجميع مياه الامطار الذي كلف وحده نصف المبلغ، نظرا لارتفاع اسعار مواد البناء، خاصة الحديد، ولفت الى ان خزان تجميع المياه يساوي في المنطقة الحدودية المنزل أهمية، نظرا للشح الذي تعاني منه القرى، خاصة خلال الصيف، وتلك قصة أخرى مع الدولة. الا أن بقية القصة عند توبة لا تنتهي هنا، ففي بلدته التي تكفلت السعودية دفع تعويضاتها ظن مع الكثيرين غيره أن التعويضات ستدفع لهم بعد انتهاء العدوان مباشرة، لكن حسابات السياسة جاءت مخالفة لحساب التوقعات. يقول توبة إنه استنادا إلى تلك الامال استعجل البدء بالاعمار ثم استدان تدريجيا حتى وصلت الديون إلى 15 مليونا اضافة الى الـ 30 مليون الاولى ولم ينته بناء المنزل.

ويوضح رئيس بلدية عيترون سليم مراد أن بعض الذين دمرت منازلهم لم يتقاضوا حتى الآن الدفعة الاولى من التعويضات، كما لم يتقاض اصحاب المنازل المتضررة الذين تقدر اضرارهم بما يفوق الاثني عشر مليون ليرة كامل تعويضاتهم، ويشير الى ان البلدة التي دمر فيها أكثر من 150 منزلا، استلمت الدفعة الاولى ابتداء من 25 كانون الثاني 2007 وكان من المفروض ان تصل الدفعة الثانية بعد ذلك بستة اشهر، لكن لم يصل شيء حتى الآن.

والى كونين المجاورة تتكرر القصة على الرغم من اختلاف هوية الدولة المانحة، وهي الكويت، دفعة أولى بخرتها نار الاسعار المرتفعة، فيما ينتظر الاهالي ان يبادر الصندوق الكويتي الى توزيع التعويضات مباشرة بعد ان انهت الدولة مسوحاتها، ويشير المواطن علي دبوق الى أن جميع المسوحات قد انتهت، ووصلت الدفعة الاولى الى اصحابها وبالتالي لا مجال للتلاعب، مذكرا بتاكيد ممثل الصندوق الكويتي في لبنان محمد الصادقي توفر الاموال المقررة للتعويضات لدى الصندوق، فلماذا الانتظار؟.

لا يتجـاوز عـدد الــورش في كونـين اصــابع اليــد الواحدة، تمكن اصحابها من انهائها من أموالهم الخــاصة، فيما تشمل سيرة الديون المتراكمة ما يقارب المـئة وثلاثين ورشة.

... واخرى تكاد ان تنتهي

وحدها بلدات بنت جبيل وعيناتا وعيتا الشعب والخيام تعيش رخاء نسبيا، بعدما تكفلت قطر دفع التعويضات مباشرة، ويقول مدير المشروع في لبنان المهندس ياسر المناعي ان ما يقارب 95 بالمئة من الدفعة الاولى انتهت، كما قطعنا شوطا كبيرا في توزيع الدفعة الثانية، وقد بدأنا مؤخرا في دفع القسم الثالث من التعويضات، بينما اقفل تقريبا ملف تعويضات الاضرار وأنهى المكتب دفع تعويضات المحلات المهدمة التي شملت ما يقارب الـ200 محل، ببدل 200 دولار لكل متر مربع.

ويستعجل مهندسو المشروع اصحاب الورش تقديم ملفاتهم لقبض ما تبقى لهم من التعويضات قبل حلول شتاء آخر.

تعليقات: