سخريات من أصحاب الأقلام الثقافية


أزمات متلاحقة تعصف بعقليتنا العربية المثقفة وأصحاب الفكر إن جاز إطلاق التسمية عليهم أو وصمهم بهذه السمة، هذه الأزمات هي رد الفعل الطبيعي للأزمة العامة التي نعيشها فلكل فعل رد فعل، ورد الفعل انعكس على الفعل فأصبحنا أمام أزمات ساخرة مؤلمة بذات الوقت.

ما دفعني لتناول هذا الموضوع البسيط والخطير وأضحكني بنفس الوقت أحد الزملاء الذين يمتازون بعلاقات جيدة مع أصحاب المواقع والصحف الالكترونية وهو يحدثني عن بعض الكتاب ممن حملوا الأقلام ونشروا الصور لتخفق قلوبهم طربا كلما وجدوا أسمائهم مدونة في أحد المواقع، وصورهم تزين محرك البحث جوجل، وربما البعض أقام حفلات راقصة فرحا وطربا على أنغام عدم الثقة التي تنتاب شخصه " الكعكة في يد اليتم عجبه" ويستمر الحديث بأن هناك من خاصمه لعشرات الأيام لأنه لم ينشر له مقال في صدر الصفحة وفي وقته، وكيف تحول أيميله ملتقي وقبله حج يومية، والهدف استرضائه لينشر لهم.

السؤال هنا هل هذه هي الرسالة النبيلة الصادقة لأصحاب الفكر والقلم؟! أم هناك رسالة أخرى يجب العمل عليها والانطلاق منها؟

أنا باعتقادي أن الحالة السابقة هي حالة طبيعية وعادية في ظل عولمة كل شيء، الفكرة، والثقافة، والأخلاق، والمبادئ، حتى النفس البشرية خضعت لجراحة العولمة وأصابها ما أصابها من نعيمها. وما نراه هو أحد سمات ومزايا العولمة وأحد توابعها التي أصبحت تتعامل معنا كحزم بشرية شبيهة بحزم الخضار أو الحزم الالكترونية لتي يتكون منها جهاز التحكم عن بعد، وتحركنا كقطع شطرنج بلا وعي أو إدراك.

وهناك صنف أخر من أصحاب الأقلام من يتسمر ساعات أمام مقالات الآخرين مستخدم مهارة القص واللصق ليخرج بمقال باسمه يعبر به عن مرضه واهتزازه الفسيولوجي ويفرض نفسه محللا وكاتبا..الخ.

وهذا كما واسلفت ما هو سوي تعبير كمي عن حالة الأزمة التي نعيشها ونتنفس هوائها حتى تسللت لعقولنا وشكلت لدينا انفصام نفسي وشخصي ظهر بشكل أقلام تملئ الدنيا ضجيج وصراخ بلا فائدة أو عائد يذكر، بل أصبحنا نطحن وأجيالنا تحت ضروس طاحونة الإفراز الفكري الضبابي المغلف بصورة جميله واسم تفنن في نشر رذاذ فاسد ملوث.وهو ما يدعونا أن نقف أمام تصور واضح وفعلي لعملية التثقيف التي تغذي عقول الشباب وأبناء الأمة، ومدي فاعلية الرسالة الثقافية التي أفُسدت كما أفسد كل شيء بحياتنا، وأصبح مصير تفكيرنا معلق بلوحة الحروف (الكيبورد) بجهاز الحاسوب التي تتلاعب به بعقول المتلقي.

فالقلم الصادق الواثق المثقف قاعدته دوما تصدح في سماء الحقيقة لا تحتاج لواسطة ومحسوبية ليعبر عن إرادته، ويبقي السؤال هل من مجيب؟!

الإجابة تكون في نفس كلٌ منا عندما نقف أمام النفس ونستفز دواخلنا لنجيب بقناعة، استنادا لأسس راسخة نؤمن بها ذاتيا ومبدئيا.

فدعونا نتصور لص صاحب قلم، وفاسد صاحب قلم، وساقط صاحب قلم، ومتطفل صاحب قلم، وصاحب سوابق صاحب قلم، كيف ستكون عليه حالتنا؟! وعجبي!

تعليقات: