بلدة الغجر تبقى أسيرة الاحتلال بعد فشل المفاوضات لسحب قواتها

القوات الإسرائيلية ما زالت تحتل أراضيَ لبنانية منذ العام 1967.

إحاطة الشطر اللبناني من جهاته الثلاث بسياج من الأسلاك الشائكة.

حاصبيا - "اللــــواء": على الرغم من مضي ثمانية أشهر ونيف على انتشار قوات "اليونيفيل" المعززة في جنوب لبنان في أعقاب حرب تموز الإسرائيلية العدوانية، لا يزال الوضع على حاله داخل بلدة الغجر المحتلة، بعدما فشلت المفاوضات، التي كانت تجري من وقت لآخر بين ضباط من الجيش اللبناني وآخرين من جيش الاحتلال الإسرائيلي عبر ضباط دوليين، في مقر قيادتهم في الناقورة من أجل اجبار قوات الاحتلال على الإنسحاب من الشطر الشمالي اللبناني للبلدة والذي يحتله الإسرائيليون منذ العام 1967، وذلك تطبيقاً للقرار 1701 ·

ومعلوم أنه وبعد توقف حرب تموز، وفي محاولة منها احكام سيطرتها على بلدة الغجر وتكريس احتلالها للشطر الشمالي اللبناني للبلدة، عمدت قوات الإحتلال، إلى احاطة هذا الجزء من جهاته الثلاث: الشرقية والشمالية والغربية بسياج من الأسلاك الشائكة وبعمق يتراوح ما بين 650 - 900 متر وبعرض يتراوح بين 250 و700 متر في بعض الأماكن إلى الشمال من الخط الأزرق، الذي حدده فريق الأمم المتحدة ابان ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين في العام 2000 · والسياج الشائك هو بارتفاع مترين ونصف المتر، زودته قوات الإحتلال بأجهزة للمراقبة، وأخرى للتنصت، على غرار السياج الحدودي، الذي تقيمه على طول الخط الأزرق مع لبنان·

كما عمدت هذه القوات أيضاً إلى حفر خندق بعمق مترين وعرض متر ونصف المتر خلف هذا السياج، بحيث بات هذا الجزء معزولاً تماماً عن باقي الأراضي اللبنانية المحررة·

كما أن قوات الإحتلال لم تكتفِ بذلك، بل عمدت أيضاً إلى اقامة سواتر ترابية، وحفرت الخنادق وسط الطريق الذي يمر بمحاذاة هذا السياج ويربط بلدة الوزاني بالعباسية، مما أثار حفيظة الجيش اللبناني وقوات "اليونيفيل" التي انتشرت لاحقاً في هذا المحور، فعمدت الكتيبة الإسبانية إلى ازالة هذه السواتر، واعادت فتح الطريق تسهيلاً لحركة تنقلاتها، وأقامت على هذا الطريق ثلاث نقاط عسكرية ثابتة، منعت عبرها أحداً من الوصول إلى الشطر الشمالي اللبناني، بمن فيهم الصحافيون، وعزت ذلك لدواع أمنية·

وكانت في كل مرة تأتي تطمينات من قبل مصادر رفيعة المستوى في قوات "اليونيفيل" بأن حل مسألة الشطر اللبناني في بلدة الغجر بات قريباً، وأن المفاوضات التي تقوم بها قيادتها مع القيادة الإسرائيلية تقضي بانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى خلف الخط الأزرق، وتسليم هذا الجزء للجيش اللبناني وقوات "اليونيفيل"، تطبيقاً للقرار 1701 إلا أن شيئاً من هذا القبيل لم يتحقق حتى حينه، نتيجة عدم صدقية قوات الإحتلال بما يجب أن تلتزم به تجاه الشرعية الدولية واستمرارها في اتخاذ مواقف سلبية من شأنها أن تعيق أي حل لهذه المشكلة، كما أشارت بعض المصادر المطلعة على هذا الملف·

ورأت المصادر عينها أن كل ما كان يدعيه المفاوض الإسرائيلي عن تجاوب بهذا الخصوص خلال مفاوضات الناقورة، كان من باب المراوغة ليس أكثر، وأن ما يجري على أرض الواقع مغاير تماماً لحقيقة ما يجب فعله، لا سيما وأن قوات الإحتلال ماضية من خلال استعداداتها الميدانية تكريس هذا الإحتلال·

وتضيف هذه المعلومات: إن الإسرائيليين كانوا في كل مرة يحاولون القاء المسؤولية على أهالي الغجر، الذين يرفضون التخلي عن منازلهم في هذا الجزء مهما كانت الأسباب، باعتبارهم جزءاً لا يتجزأ من الجولان المحتل، وأن أي حل يجب أن يكون مرتبطاً بحل شامل للجولان·

كما وأن المفاوض الإسرائيلي كان يطلب من الضباط الدوليين أن يبقى الوضع على ما هو عليه، بانتظار تطورات ما قد تحصل في المنطقة، وهذا ما لم يقبل به الجانب اللبناني اطلاقاً، معتبراً أن ذلك مضيعة للوقت، ومراوغة مكشوفة من الجانب الإسرائيلي الذي يلعب على كسب الوقت·

كما ويشدد الجانب اللبناني على ضرورة تطبيق القرار 1701 بحذافيره، من خلال قوات "اليونيفيل" التي يجب عليها أن تضغط على القوات الإسرائيلية وتجبرها على الإنسحاب من الجزء اللبناني المحتل، تطبيقاً للقرار نفسه، مما يسمح ببسط سيطرة الجيش اللبناني على كافة أراضيه·

وأمام هذا الواقع، يبقى الوضع على حاله في الجزء الشمالي من بلدة الغجر، بانتظار حل ما لهذه المشكلة، والتي قد تظل عالقة حتى الحل المرتقب لمزارع شبعا المحتلة·

تعليقات: