\"المختار\" دور قديم يتعاظم مع مرور الزمن

بات له يوم يحتفل به تقديراً لجهوده..

صلة وصل بين المواطن وأجهزة الدولة يعمل كالجندي المجهول خدمة للناس..

الجنوب -

إذا رأيت رجلاً كثير العلاقات والمعارف، يحظى بمحبة الناس، ترى الجميع يبادر بتحيته بلقب "مختار"·· في دلالة واضحة على الدور المنوط بالمختار الذي يعرف جميع الناس ويعرّف عنهم·

لقد كانت مهنة المختار ومجلسه الإختياري قبل تأسيس الجمهورية اللبنانية، فهي تتابع لدور شيخ القبيلة في المدن والبلدات والقرى، وكان يلقب في زمن الدولة التركية بـ "شيخ صلح"، ومن ثم اتخذ لقبه مع الإنتداب الفرنسي، ليتوسع دوره اليوم ويتعاظم مع مرور الزمن، فبات له يوماً يحتفل به من كل عام، تزامناً مع الإحتفال بعيد الأم والطفل وحلول الربيع، وهذا العام مع الإحتفال بمولد النبي محمد "صلى الله عليه وسلم"، وذلك عرفاناً بالدور الكبير للمختار في العمل الخدماتي·

···فلا يستقيم عمل أجهزة الدولة إلا بتعريف من المختار الذي يمهر ختمه·· لتأكيد الأوراق الثبوتية، كما أن الأجهزة الأمنية تصطحبه في عملها بعد حصولها على أذن لتفتيش المنازل، فضلاً عن دوره الإجتماعي في ترسيخ المحبة بين الناس وصولاً الى انجاز المعاملات والتأكد من صحة لوائح الشطب التي على أساسها يتحدد من هم أبناء المناطق وحقوقهم في الترشح والإنتخاب والحصول على المواطنية·

"لـواء صيدا والجنوب" تحتفل مع المختار في عيده فكانت هذه الإنطباعات··

الزين

رئيس "رابطة مخاتير قضاء صيدا - الزهراني" ومختار بلدة حارة صيدا مصطفى الزين أكد "أن المختار هو صلة الوصل بين الناس وادارات الدولة، لكن دوره يتعدى ذلك، فله دور كبير في ترسيخ الوحدة الوطنية والتواصل بين مختلف الإنتماءات والتيارات الفكرية والدينية والسياسية داخل بلدته وقضائه وعلى صعيد المناطق"·

وقال: إن عملنا في "رابطة مخاتير قضاء صيدا - الزهراني" المتواصل منذ سنوات، ساهم في تذليل العديد من الصعاب، فمن زيادة عدد العاملين في ادارة النفوس الى اقرار الضمان للمختار، وما الى هناك من اجراءات كلها تهدف لحسن سير العمل والتسهيل على الناس، كل ذلك ما كان ليتم لولا الدعم الكبير من رئيس مجلس النواب نبيه بري وفاعليات المنطقة والمحبة الكبيرة بين المخاتير أنفسهم ومع محافظ الجنوب العميد مالك عبد الخالق، كل ذلك أثمر العديد من الإنجازات وسرعة أكبر في العمل، لكن يبقى أن الروتين الإداري، الذي يعيق معاملات المواطنين يؤخر العديد من المعاملات، والمختار لا يبغي سوى تسهيل العمل على المواطنين لأنهم أبناء منطقته وعمله يهدف لخدمتهم·

وختم المختار الزين بالقول: لا شك أن الإحتفال بيوم للمختار هو بمثابة التكريم لعمل متواصل توارثه الأبناء عن الأباء، فمهمة المختار كانت ولا زالت أمراً لا بد منه في كل معاملة، لذلك نرى أن التكريم الحقيقي للمختار هو محبة الناس وما اقرار يوم له إلا جزء من العرفان بجميله من قبل الدولة، ونحن في منطقة قضاء صيدا ما يميزنا هو المحبة والألفة بين المخاتير والأهالي، هذه المحبة التي تجمع بين المسلم السني والشيعي والمسيحي الماروني والكاثوليكي والأرثوذكسي، على خلاف ما هو حاصل في الوضع السياسي اللبناني· النعماني

رئيس "رابطة مخاتير مدينة صيدا" المختار محمد عبد الكريم النعماني (الذي يبلغ من العمر 79 عاماً، ما زال يجلس في محلة صيدا القديمة "البلد"، بعدما بدأ عمله كمختار في العام 1987، حيث تولى المنصب بعد وفاة المختار يوسف عجرم كونه أكبر الأعضاء سناً في المجلس الإختياري، لينتخب لدورتين متتاليتين، حيث يحظى بمحبة الناس وتكريمهم)، قال: كان المختار في السابق تنحصر مهمته في اجراء بعد الوثائق الثبوتية، لكن اليوم توسع عمله لأن هناك معاملات جديدة كالهوية والزواج بين اللبناني والفلسطينية· وأضاف: لكن انحصر دور المختار كمصلح اجتماعي لأن الناس كثر عددها، والأحزاب والتيارات تأخذ دوراً كبيراً في هذا المجال، فهي تساعد المنتمين اليها، غير أن المختار ما زال له مكانته بين الناس، وهو ما لمسته خلال عملي داخل المحل الذي أملكه في صيدا القديمة، والذي ورثته عن والد جدي، فمحبة الناس كبيرة لنا، لذلك اشجع أولادي على تولي هذه المهمة لخدمة المجتمع والجيران، وما تكريمنا من قبل الإدارات الرسمية على دورنا إلا خير دليل على هذه المحبة للمختار والعرفان بدوره·

عنتر

نائب رئيس "رابطة مخاتير مدينة صيدا" المختار ابراهيم عنتر، رأى "أن المختار هو الذي ينتخب من قبل الناس كي يمثلها لدى الدوائر الحكومية والمعنيين، حيث لا يستطيع كل مواطن تعطيل عمله وحياته اليومية، وكذلك لا يستطيع المسؤولين استقبال جمهور المراجعين"·

وقال: لذلك فإن دور المختار أن ينقل هم المواطن الى المسؤول وينجز ما يستطيع من معاملات لتسهيل أمور المواطنين، فضلاً عن الوثائق الرسمية والمستند المادي، الذي يبنى عليه كل الشؤون الإدارية كالولادة والزواج والطلاق والوفاة وافادات السكن والسفر، فالمختار يعرف عن الناس الذين يقيمون في محلته·

وختم المختار عنتر بالقول: لا بد من شكر القائمين على ايجاد يوم للمختار لإبراز الجوانب التي يقوم بها، ذلك الجندي المجهول، الذي يلتجأ اليه الناس وصاحب المهام الكبيرة، فعلى الدولة أن تكرم المختار الذي ينجز الكثير من المهام دون أجر مادي، على عكس العاملين في الإدارات الرسمية الذين تتقاضى أجر على ذلك، فالمختار يكرم كما تكرم أي مؤسسة خيرية تقدم خدماتها للناس، فالجسد الإختياري هو كأي مؤسسة تنموية أو اجتماعية أو ثقافية، لأن المختار يوجه الناس الى سبل اتمام معاملاتهم·

مخول

نائب رئيس "رابطة مخاتير قضاء صيدا ? الزهراني" ومختار بلدة الهلالية شوقي مخول، أشار الى أنه "قد يتساءل الناس فيما بينهم ألا تكفي المناسبات المتلاحقة في ايام السنة حتى تضاف اليها مناسبة جديدة وهي يوم المختار"·

وقال: لقد نسي البعض أو لربما تناسى دور المختار الإجتماعي والخدماتي لأبناء البلدة وللقاطنين فيها، بل أصبح التفكير السائد لدى الأكثرية، وخصوصاً ساكني المدن، حيث يكثر من تنظيم وملاحقة المعاملات، بأن المختار يعمل فقط في ختم الصور الشمسية وتنظيم طلبات لاخراج القيد واعطاء افادات السكن، مما يظهره كمعقب للمعاملات أو كجابي يقتطع الأموال من الشعب كل حسب طبقته تحت ستار الخدمة العامة·

وأضاف: يخطأ من يظن ذلك، فالمختار اختير من الشعب ليقوم بدور اجتماعي وخدماتي بين أبناء بلدته ومنطقته، يعيش معهم جميع الظروف، يساعد للعيش المشترك، فهو مصلح وساع بالخير بين الناس، وشيخ صلح يسعى لخدمة الناس قد يوفق في احداها وقد يعجز في الأخرى، لكن عليه السعى والتواجد حين تدعو الحاجة، فهو كما وصفه القانون بـ "الضابط العدلي" في منطقته أو بلدته· واعتبر "أن كلمة مختار في نظري لها مفهوم خاص، ذو نكهة طيبة لا تجدها في غيرها من الكلمات، فحرف "الميم" يرمز الى المسؤولية والممارسة التي على المختار أن يتسلح بها، أما حرف "الخاء" فهو يشير الى التجدد والتوافق والتآلف، هذه الصفات التي وجب على المختار التمتع بها، ناهيك عن حرف "الألف" الذي يجسد صفات العمل الإختياري من استمرارية في الامانة والإخلاص، وأخيراً الى حرف "الراء" الذي يناشد بالرأفة والرحمة بالجميع، اذ يكفي هذا الشعب ما يعاني ويتحمل من ضرائب"·

وقال: ففي هذا اليوم، وفي هذه الذكرى لا يسعني إلا أن أتوجه بمعايدة جميع زملائي المخاتير أينما كانوا على أراضي الجمهورية اللبنانية، متمنياً منهم العمل والتركيز على الدور الإجتماعي والخدماتي لمسح هذه الوصمة "وصمة العار" التي الحقت بصاحب الرسالة عنيت به "المختار"، كما انتهز الفرصة واسمح لنفسي بالنيابة عن زملائي المخاتير عموماً وعن مخاتير مدينة صيدا وقضائها، وخصوصاً توجيه كلمة شكر الى رئيس مجلس النواب نبيه بري لمساعدته لنا في تحقيق الضمان الصحي للمختار، كما اننا ما زلنا بانتظار مد يد العون لولادة المشروع الذي ما زال نائماً في محل ما عنيت به مشروع "طابع المختار"·

وختم المختار مخول بالقول: كما أتوجه بالشكر الى محافظ الجنوب العميد مالك عبد الخالق على ما يقوم به من دور ريادي، والى رئيس دائرة النفوس في الجنوب وسام الحايك ومأمور النفوس حنا السمرا للخدمات والتقديمات والتسهيلات والتنظيمات في اتمام المعاملات بدقة وسرعة، رغم ضآلة عدد العاملين في الدائرة، عسى الله أن يعود علينا يوم المختار في السنة القادمة ويكون مشروع طابع المختار قد أبصر النور·

بعاصيري

مسؤول العلاقات العامة في "رابطة مخاتير مدينة صيدا" المختار محمد بعاصيري، أوضح "أن الناس عندما تختار مختاراً لها، فإنها تختار الإنسان الصالح ذوي الأخلاق الحميدة والجيدة مع المجتمع، وكان يسمى على زمن الأتراك "شيخ صلح"، وكان يختار لكي يصلح بين الناس ومن شروط اختياره أن يكون محبوباً، وخلال الإنتداب الفرنسي أصبح أسمه مختاراً، ويندرج عمله في العمل القانوني والإداري والإجتماعي"·

وقال: أما الشق القانوني فيتضمن تقديم الأوراق الرسمية الى الدوائر الرسمية واثبات شخصية المواطن ومعاملاته، فيما العمل الإداري يتضمن التواصل مع الإدارات، فهو صلة الوصل بين المواطنين الذين انتخبوه والإدارات، فضلاً عن القضايا الإجتماعية كي يبقى قريباً من الناس وعلى صلة محبة وتواصل من حيث الواجبات الإجتماعية التي هي أمر اساسي لأي شخصية اجتماعية·

وختم المختار بعاصيري بالقول: اقرار يوم للمختار كان قراراً من وزارة الداخلية منذ 6 سنوات، ولكن بعد الأحداث التي توالت منذ اغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري توقف الإحتفال به، ولكن الآن سيكون هناك تكريم في صيدا للمخاتير الذين امضوا عمراً طويلاً في المخترة، ونحن نفتخر بيوم المختار، وكذلك بالعلاقة التي تشدنا كمخاتير مع بعضنا البعض ومع الأهالي، ومطالب المختار هي تسريع المعاملات، لأن الروتين الإداري ما زال مملاً في التواصل بين الإدارات، ولا يستطيع كل مواطن أن يتابع معاملاته عبر السماسرة فهي أمر مكلف، لذلك نسعى بكل طاقتنا لخدمة الناس·

شومر

مختار بلدة السكسكية أمين شومر، اعتبر "أن المختار هو مرآة مجتمعه وحامل هموم أبناء بلدته وجيرانه، يقف على مسافة واحدة، ولكن متحيزة لصالح العمل الإجتماعي والخدماتي، فهو لا يميز بين من انتخبه أو لم ينتخبه، لأن العمل العام يتطلب تقديم الخدمة للجميع"·

وقال: من هذا الدور ينطلق عمل المختار ليتوسع ويشمل مواساة الناس في احزانهم واتراحهم وحل قضاياهم، ولا شك أن البلدات والقرى المحافظة على التقاليد ما زالت تتمسك بالتواصل فيما بينها، لذلك فإن للمختار دور اجتماعي بارز في هذه البلدات والقرى، ونحن نحرص على زيادة التماسك بين الناس، لأن دور المختار الإجتماعي يسهم في حل الكثير من المشاكل بين أبناء البيت الواحد·

وختم المختار شومر بالقول: كما أن التواصل مع أجهزة الدولة يحتاج الى الكثير من الجهد من قبل الأهالي، فإننا نوفر عليهم هذه الجهود عبر السرعة في انجاز المعاملات، لكن يبقى أن التكريم الحقيقي للمختار هو بتحمله كل تلك المتاعب لأنه يعلم أن أجره في خدمة الناس عظيماً عند الله، وهو أمر وواجب شرعي وديني ووطني، يكون تكريمه الحقيقي من الله عز وجل، غير أن اقرار الدولة بدور المختار من خلال الإحتفال بيوم المختار لهو لفتة جيدة، كما نطالب الدولة بإقرار مشروع الطابع المالي للمختار ليكون تكريماً حقيقياً له·

تعليقات: