الاسواق التجارية: تنزيلات وجيوب فارغة والسياسيون يعيّدون خارج لبنان


مع بدء كل عام يستشبر اللبنانيون خيراً بأن السنة المقبلة لربما تكون افضل ، لكن النتيجة تتكرّر من خلال وضع سياسي واقتصادي يرثى له لا بل الى تفاقم، ومع اقتراب فترة الاعياد يشعر المواطن بهذين الوضعين اكثر بكثير من الفترات العادية، بسبب ما يرافقها من مدفوعات تشمل الهدايا والثياب وتحضير الولائم والضيافة والى ما هنالك، خصوصاً ذويّ الدخل المتوسط والمحدود.

لذا وحين تسأل أي لبناني عن وضعه المالي في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، التي وصل اليها البلد بفضل اغلبية مسؤوليه المتناحرين على الحصص في جميع المجالات، والمتناسين هموم مواطنيهم على كل الأصعدة، يصل اليك الجواب على الفور:» عن أي عيد تتحدثون؟، لم نعد نشعر بفرحة العيد، فلا مال ولا بهجة بل هموم وجيوب فارغة محتاجة الى مَن يعيلها، مع هذا الغلاء الفاحش وقلة السيولة والبطالة». ما جعل المواطن يعيش أسوأ مراحل حياته لأنه لم يشعر بهذه الضيقة منذ عقود ، اذ حتى في فترة الحرب كان الوضع المادي افضل بكثير.

انطلاقاً من هنا يتوّحد اللبنانيون اليوم في المعاناة و«النقمة» اليومية، بحيث باتت هواجسهم كيفية تأمين المأكل والمسكن والاستشفاء والأدوية، ومبلغ شهري معيّن لتعليم أولادهم ، مع دفع فواتير الكهرباء والموّلدات والمَلبس وغيرها من الحاجات، والنتيجة وضع مادي كارثي، جعلهم ينسون انتظارهم لاستقبال عيدي الميلاد ورأس السنة.

وسط هذه المشاهد المأسوية، تبدو زينة عيد الميلاد المنتشرة في المناطق والبلدات اللبنانية هي وحدها مَن ادخل البهجة الى قلوب اللبنانيين، التواقين الى الفرح والسلام والاستقرار. خصوصاً تلك المميزة التي تجذب الزائرين كزينة مدينة جبيل، التي تمتد من مدخل المدينة الى السوق القديم. فضلاً عن مناطق اخرى منها جونيه والكسليك والجديدة والزلقا، والى ما هنالك من مناطق تنقل اجواء العيد الى شوارعها واحيائها.

هذا على صعيد زينة الميلاد، اما على الصعيد التجاري، وخلال جولة لـ«الديار» على اسواق فرن الشباك والزلقا وجونيه والكسليك والحمرا، يبدو المشهد حزيناً بعض الشيء، لان عجلة الاسواق التجارية راكدة كما في السنوات الماضية. لكن هذه السنة إزدادت بحسب ما نقل بعض اصحاب المحال، اذ اشاروا الى ان الحركة خجولة لان الجيوب فارغة وهي تتجوّل فقط من دون ان تبتاع اي شيء. وتابع أصحاب المحال: «نشهد حركة سير ناشطة من دون بركة كما يقول المثل، على الرغم من التنزيلات التي وضعناها على الاسعار قبل فترة الاعياد، مع العلم اننا كنا نقوم بذلك بعد فترة العيد اي في الاسبوع الاول من العام الجديد».

هذا ونشير الى ان البعض وتحديداً في أسواق الزلقا وفرن الشباك، حذّر من إمكانية إقفال مؤسسته التجارية، لانه يخسر ومستمر في هذه الخسارة منذ حوالى العامين، وبالتالي لا يستطيع الاستمرار في هذا الوضع. لافتاً الى عدم وجود قدرة شرائية لدى فئات ومجموعات كبيرة من اللبنانيين، الذين باتوا يحجمون عن شراء الكماليات، لان الساحة اليوم هي للضروريات فقط، فيما اغلبية السياسيّين حجزوا اماكن لهم في اوروبا لتمضية الاعياد متناسين ويلات المواطنين الذين يئنون من الوجع.

وامل أصحاب المحال ان تنشط الحركة قليلاً اعتباراَ من الويك اند، لان الاعياد تكون قد دخلت جديّاً في إطار الشراء والتبضّع. «اذ كنا نأمل خيراً مع مجيء المغتربين والاخوة العرب، لكن اين هم اليوم؟، فالسياسة قضت على كل شيء، حتى باتوا يخافون المجيء الى لبنان بسبب ما يجري على ارضه من ويلات».

وفي اسواق جونيه يشير التجار الى ان الحسومات تقارب الخمسين في المئة واكثر، لكن لا زبائن بل اسئلة فقط عن سعر هذه القطعة وتلك، والمطالبة بالمزيد من الحسومات. معتبرين أن معالجة المشاكل السياسية ومنها الإسراع في تشكيل حكومة، لربما يساهم في تحريك الوضع الاقتصادي. لكن بالتأكيد هذا من نسج الخيال لان الاقتصاد وصل الى الانهيار، كذلك المواطن اللبناني الذي بدوره يتحمّل تداعيات هذا الوضع.

كذلك هو الوضع في شارعي الحمرا ومار الياس، اللذين يُعتبران من اهم الاسواق التجارية التي تحوي الثياب الراقية. لكن كغيرها حوت حركة خجولة جداً. والامر مماثل في الاسواق الشعبية كشارعي «اراكس وبربور»، حيث لفت بعض التجار الى ان الوضع مماثل منذ سنوات وهو الى تفاقم ، خصوصاً بعد ان انخفض الى ما يقارب الثمانين في المئة، واصفين هذا العام بأنّه أسوأ عام تجاري عاشته الأسواق اللبنانية.

اما الحركة الناشطة فتوجد في «السوبرماركت» في مختلف المناطق. حيث يتحضّر اللبنانيون لعشاء الميلاد في منازلهم مع الاهل والاقارب والأصدقاء، ومن ثم لليلة رأس السنة في الاطار عينه، لان إرتياد المطاعم واماكن السهر باتت عبئاً كبيراً على الاغلبية.

في الختام وللتخفيف قليلاً عن الهموم والاعباء، على اللبنانيّين ان يفكروا فقط في ولادة السيّد المسيح، وبالصلوات والتراتيل الميلادية وباجتماع العائلة في هذه الليلة المجيدة، علّها تنسيهم المآسي. مع التمنيات بعام جديد يؤمّن لهم البحبوبة التي أصبحت حلماً.

* المصدر: carloscharles.net

تعليقات: