الغرير آكل الجرذان... معرض للانقراض بسبب الصيد واستخدام المبيدات والعمران

الغرير
الغرير


بعد أن أصبح وجوده نادراً، وضعت مراكز الأبحاث العلمية «الغريْر» على قائمة الحيوانات البرية المهددة بالانقراض في لبنان، لأسباب وعوامل عدة، أبرزها، إقدام المواطنين على اصطياده وكثرة استعمال المبيدات والأدوية الزراعية وعوامل عدة ناجمة عن التصحر وانحسار رقعة المساحات الخضراء مع التوسع العمراني.

و«الغرير» حيوان ثديي قصير القوائم، يكثر اصطياده طمعاً بجلده ذي اللون الرمادي مع بقع بيضاء وسوداء غالباً ما تغطي عنقه ورأسه فتزيدانه جمالاً، كما أن كثيرين يصطادونه ظناً منهم أنه من الحيوانات التي تقتات على النبات وأن لحمه يؤكل، فيما الحقيقة أن «الغرير» حيوان لاحم باستثناء أنه يغتذي على حبوب الذرة دون غيرها من الحبوب والنباتات، ولذلك فإن تناول لحمه قد يكون مسبباً لأمراض، خصوصاً إذا علمنا أنه يقتات على الجرذان والزواحف.

كما أن «الغرير» يضرب به المثل تشبهاً بموفوري الصحة، كأن يقال لشخص مكتنز وعلى شيء من السمنة بأنه «مثل الغرير»، فيما يتم اصطياده أيضاً على نطاق واسع في العالم للحصول على وبره الذي يستخدم في مجال صناعة «فرشاة الحلاقة» وبعض أدوات التجميل، وثمة إجراءات اتخذتها دول عدة لجهة منع سرقة وتعذيب «الغرير» التي تتم عن طريق استخدام كلاب تحاصره وتقتله، ومن بينها بريطانيا التي حظرت اصطياده منذ عام .1981

فما هي حقيقة هذا الحيوان الذي بات شبه منقرض ووجوده محصور في مناطق جردية نائية من لبنان خصوصاً أن قلة من المواطنين تعرف هذا الحيوان عن كثب أو شاهدته من قبل؟

فوائد الغرير

رئيس «مركز التعرف على الحياة البرية والمحافظة عليها» في مدينة عاليه المهندس منير أبي سعيد الذي بدأ العمل من ضمن مشروع وبرنامج علمي وتثقيفي حول «الغرير» من أجل الحد من عمليات اصطياده من جهة، والعمل على تكاثره في المركز وإعادته إلى بيئته الطبيعية من جهة ثانية، أكد لـ «السفير» أن «الغرير واحد من حيوانات برية كثيرة نعمل على محاولة منع انقراضها من أجل الحفاظ على التوازن الطبيعي والبيئي في لبنان»، ورأى أن «خسارة أي نوع من الحيوانات البرية تترتب عليه نتائج سلبية على الإنسان».

ولفت إلى أن «الاسم العلمي لهذا الحيوان هو Badger والموجود منه في لبنان هو من نوع الغرير الأوروبي ـ الآسيوي».

وأضاف أبو سعيد: إن «الغــرير» يأكــل النـفايات ولا يلحق ضرراً بالمزروعات، باستثنــاء حقول الذرة، وإذا ما علمنا مدى الفوائد التي يحصل عليهــا المزارع من هذا الحيوان، فإن الأمر يستدعي إقامة ســياج لحماية حقول الذرة، وهي كفيلة بحــل هذه المشكلة، فيما بعض المزارعين يشتكــون من أن «الغــرير» يدخل الأراضي الزراعـية ويــقوم بحفــر التــراب، وهم يظنون أنه يخرب الأراضــي الزراعية، فيما الحقيقة هي أن «الغرير» يبحث وســط الخضار المزروعة عن «المالوش» وهو عبارة عن حشرة تضر بالمزروعات وتقضي أيضاً على الأشجار إذا تمكن من قضم أغصانها وجذورها، وهو إلى ذلك يأكل الأفاعي والسحليات.

وأشار إلى أن «المخاطر التي تتهدد الغرير وقد تؤدي إلى انقراضه هي بالدرجة الأولى الصيد، الدهس بالسيارات ومــن ثم استــخدام المبـيدات التي تتسبب بموته مبـاشرة أو تؤثــر على إمكــانية الإنجاب لديه»، وأكد أن «الغرير بات وجوده نادراً وهو مهدد بالانقراض ومن هنا دعوتنا للحفاظ على هذا الحيوان».

مركز للتوعية

وقال أبو سعيد: إن الخطوة الأولى التي قمنا بإعدادها، هي التوعية من خلال المركز الذي يستقبل سنوياً آلاف الطلاب من المدارس من مختلف المناطق اللبنانية، خصوصاً أن المركز ليس كما يظن البعض حديقة للحيوانات، وإنما هو مركز دائم للأبحاث ورعاية الحيوانات البرية والطيور، فالحيوانات في عرفنا ليست مادة للفرجة، بل هي تشكل حلقات أساسية على مستوى بيئتنا الطبيعية، واختفاء إحدى هذه الحلقات تترتب عليه نتائج تطال الإنسان على مستوى الزراعة والأمراض والكثير من مقومات حياتنا، فالكون يقوم على هذا التوازن وأصبح الإنسان يعي أهمية البيئة في تكاملها وتناغمها.

وأردف: «في السابق، كنا نواجَه بسيل من الانتقادات لجهة طبيعة عملنا في المركز، وكان ثمة من يسخر من حرصنا على الحفاظ على الحيوانات البرية والطيور، لكن الآن بدأت تتغير النظرة حول عملنا البحثي والميداني وسط تشجيع كبير نلقاه من العديد من المواطنين وبعض المؤسسات. وبالنسبة إلى «الغرير» فسنسعى في مرحلة لاحقة، وكما فعلنا بالنسبة للضبع والقنفذ وبعض الطيور، إلى إقامة أماكن في المركز لتكاثره وإعادته إلى حياته الطبيعية».

تعليقات: