ياسر المناعي: قطر دفعت اكثر من 90 في المئة من إلتزاماتها لأصحاب المنازل المهدّمة

كنيسة في الخيام
كنيسة في الخيام


إعادة إعمار الخيام وبنت جبيل وعيناتا وعيتا الشعب شارفت على نهايتها..

أهالي الجنوب يثنون على الجهود التي يبذلها المكتب القطري..

الجنوبيون في بقية القرى عاتبون على الهيئة العليا للاغاثة ويناشدون السعودية التدخل..

يُفترض ان ينجز المكتب القطري لاعادة اعمار لبنان" مشروعه في الأسابيع القليلة المقبلة، بعدما انجز دفع 90 في المئة من التعويضات لأصحاب المنازل المهدمة والمتضررة من جراء العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز 2006. دولة قطر تبنت اعادة اعمار 4 مدن وبلدات جنوبية هي: بنت جبيل، عيناتا، عيتا الشعب والخيام، إضافة الى تبني مشاريع عدة في بلدتي البستان والظهيرة وغيرهما من القرى و البلدات اللبنانية، اضافة الى تجهيز مستشفى بنت جبيل الحكومي وغيره من المؤسسات العامة.

البلدات الأربع تجاوزت عدد المنازل المهدمة فيها الاثني عشر الف، ما يعني ان زهاء 40 في المئة من مجموع الوحدات السكنية المهدمة في الجنوب من جراء الحرب الاسرائيلية الأخيرة يقع ضمن نطاق عمل المكتب القطري.

كذلك تكفلت قطر اعادة اعمار وترميم كل دور العبادة في الجنوب، اضافة الى اعادة اعمار وتجهيز عدد كبير من المدارس الخاصة والرسمية مما سمح لآلاف التلامذة الالتحاق بمدارسهم في العام الدراسي 2006-2007.

قباني: الشكر لدولة قطر

وزير التربية والتعليم العالي الدكتور خالد قباني يعبر عن جزيل الشكر لدولة قطر تقديراً لجهودها في ترميم المدارس الرسمية والخاصة في البلدات الأربع وتجهيزها بعدما تبنت اعادة اعمارها، ويؤكد ان العمل جرى بالتنسيق التام مع وزارة التربية والتعليم العالي وبموازاة من وحداتها الهندسية والفنية ويضيف "اثر العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز العام 2006 سارعت الدول العربية الشقيقة ومنها دولة قطر، الى مد يد العون للشعب اللبناني وقام المكتب القطري لاعادة اعمار لبنان بترميم واعادة اعمار المدارس الرسمية والخاصة في بنت جبيل والخيام وعيناتا وعيتا الشعب. وانهت دولة قطر اعادة بناء كل المدارس في سرعة قياسية، وثمة 5 مدارس يجري العمل على اعادة اعمارها، ومن المفترض ان تتسلمها وزارة التربية في نهاية العام الدراسي الحالي".

ويثمن قباني المساعدة القطرية لترميم المدارس وتمكين التلامذة من الالتحاق بها في مطلع العام الدراسي 2006- 2007 ويعدد المآثر الايجابية للمبادرة القطرية، ويخص امير دولة قطر الشيخ خليفة بن حمد الثاني والبعثة القطرية في لبنان ومديرها ياسر المناعي بالشكر "على هذه الوقفة الشجاعة والأخوية التي ساعدت الشعب اللبناني في نفض آثار العدوان".

ويختم "نجدد الشكر لهذه الدول وللكثير من الدول العربية وغيرها التي ساعدت لبنان بعد العدوان". ويشير قباني انه تم ترميم اكثر من 260 مدرسة في الجنوب اللبناني وبعض المدارس في البقاع وجبل لبنان.

ويذكر انه يفترض بالمكتب القطري ان يسلم 5 مدارس الى وزارة التربية في الربيع المقبل بعد ان يعيد اعمارها، كذلك ساهم في تجهيز مدارس عدة في الجنوب عبر مبادرة من جمعية "ايادي الخير نحو آسيا" من ضمن توجيهات دولة قطر لمساعدة الشعب اللبناني.

خليل: يغطي التقصير الحكومي

من جهته يقول النائب علي حسن خليل "استطاع المشروع القطري ان يغطي الى حد كبير العجز الواضح لدى الدولة ومؤسساتها في تلبية حاجات اعادة الاعمار والترميم في القرى الأكثر تضرراً. وجاء الاهتمام القطري المميز في تبني القرى الأربع (بنت جبيل وعيناتا وعيتا الشعب والخيام) واعتماده آلية مرنة وشفافة في الوقت عينه، ليعمل على سد حاجة ملحة لدى ابناء هذه القرى.

ونستطيع القول ان ما انجز لتاريخه، رغم بعض العقبات التقنية، يشكل تغطية حقيقية للحاجات، حيث ان الورش المفتوحة في هذه القرى هي اكبر شاهد على جدية العمل وانه يسير في الاتجاه المرسوم.

ونسبة ما انجز قياسية بالمقارنة مع القرى الأخرى، التي هي في عهدة الهيئة العليا للاغاثة والتي لم تقبض الدفعة الأولى لتاريخه.

في الوقت الذي نرى فيه ان احصاءات القرى الأربع تشير الى انجاز اكثر من85 % من الملف، والباقي يسرع العمل به لانجازه خلال السابيع المقبلة. بالاضافة الى حالة الثقة التي تولدت بين الأهالي والمؤسسات الأهلية المحلية وادارة المشروع القطري التي استجابت للملاحظات والتفاصيل التي تعقد مثل هذا الملف. وحلت معظمها بما يرضي اصحاب الحقوق ودون تجاوز القواعد المرسومة.

من جهة اخرى استطاع المشروع القطري ان يغطي النقص الفادح في غياب ادارات الدولة ووزاراتها، عدا عن تأميم الخدمات المرافقة لاعادة الاعمار ومنها الطرقات وشبكات الكهرباء والمقار الرسمية والتربوية الخاصة والعامة".

بنت جبيل: اعادة اعمار الوسط

خلال العدوان الأخير دمرت اسرائيل قلب مدينة بنت جبيل بشكل كامل وحسب الاحصاءات فإن اكثر من 1000 وحدة سكنية دمرت بشكل كامل في احياء بنت جبيل الأثرية.

ونظراً الى تداخل حدود العقارات في وسط البلدة تم استحداث مكتب استشاري خاص عمل على اعادة فرز الملكيات العقارية بشكل حصري، وبعد عمل استمر اشهراً عدة انجز رسم الخرائط لوسط البلدة. وفي موازاة ذلك باشر المكتب القطري دفع التعويضات لأصحاب المنازل المدمرة وترك الخيار لأصحابها، اما باعادة البناء في المكان المدمر او بناء وحدة سكنية جديدة في البلدة خارج الوسط.

يذكر ان المكتب الاستشاري الخاص تمكن من مسح العقارات رغم عدم خضوعها لعملية التحديد والتحرير الاجباري او الاختياري، علماً ان العقارات في هذه المنطقة غير مسجلة في السجل العقاري ويتم اثباتها بواسطة العلم والخبر الصادر عن مختار البلدة ويصدق عليه عضوان اختياريان. وهذا النوع من الأراضي يفتح باب التملك امام واضعي اليد، ضمن شروط مرور الزمن، والاستمرار، والعلانية، اي من دون معارضة احد والهدوء، وهو ما يعرف بالحيازة. الا ان وسط بلدة بنت جبيل، ورغم وجود مشاكل في الحدود وملكية بعض العقارات، لا يعاني هذه التبعات، ولكن المعضلة تكمن في رغبة اصحاب المنازل في اعادة اعمار منازلهم في المكان عينه، ويفضل بعضهم بناء وحدات سكنية خارج وسط البلدة.

وتساهل المكتب القطري مع هؤلاء ودفع لهم التعويضات بغض النظر عن مكان اعادة الاعمار والاكتفاء بصرف هذه التعويضات بهدف بناء وحدة سكنية.

المدينة المقاومة للاحتلالات

صورة بنت جبيل اليوم مغايرة تماماً لصورتها قبل العدوان.. عدد قليل من اهالي بنت جبيل ظل بعد هذا التاريخ. 37 شخصاً فقط جاهدوا للبقاء في مغامرة لم يكتب لها النجاح، لان بعضهم سيستشهد مثل ام نعيم بزي التي نفد دواؤها وانقطعت صلاتها بالعالم الخارجي، ولم يستطع زوجها ابو نعيم ان يعينها، لانه اصلاً يعاني قلة السمع وحتى لو سمع استغاثاتها لم يكن في امكانه مساعدتها. اليوم عاد ابو نعيم الى بنت جبيل وأضحى وحيداً لا يهمه متى يقبض الدفعة الثانية وجلّ همه اعادة تجميع الكتب التي فقدها بعدما دمر منزله ومنزل ولديه المغتربين في اوستراليا والولايات المتحدة الاميركية اسوة بـ 28 الفاً من ابناء بنت جبيل المهاجرين منذ عشرات السنين بحثاً عن الامان.

يذكر أيضاً ان لمدينة بنت جبيل خصوصية فريدة. فالمدينة كانت قاعدة متقدمة في مواجهة الاحتلالات المتعاقبة من الاتراك وصولاً الى الاسرائيليين، وبنت جبيل كانت ولا تزال تترنم بلغة فلسطين لان "روحها عربية".

يذكر ان المكتب القطري حدد بدل الوحدة السكنية بـ 40 الف دولار تدفع على ثلاث دفعات، الأولى 10 آلاف، والثانية 20 الفاً فور البدء بعملية البناء، وتسلم الدفعة الثالثة قبل انجاز البناء اي قبل التشطيب.

يفترض ان ينجز المكتب القطري دفع التعويضات لأصحاب المنازل المهدمة في بنت جبيل والبلدات الثلاث الأخرى في الأسابيع القليلة المقبلة حسب ما تشير وتيرة دفع التعويضات، وخصوصاً انه لوحظ زيادة الدفعات في الفترة الأخيرة رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.

المناعي: نواصل الدفع رغم كل الصعاب

يؤكد مدير المكتب القطري ياسر المناعي ان البعثة القطرية تواصل دفع التعويضات على قاعدة إنصاف جميع المتضررين وعدم استثناء اي متضرر، ولكن على اساس ان الحق يعطى لكل مستحق ولن تهدر الأموال التي تبرعت بها دولة قطر، وان توجيهات اميرها الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني هي رفع آثار العدوان واعادة اعمار هذه البلدات الاربع، اضافة الى اعمار دور العبادة كلها في الجنوب.

ويذكر المناعي المشاريع التي انجزها المكتب القطري في الجنوب، ومنها اعادة اعمار كل المدارس الرسمية والخاصة في البلدات الأربع، بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم العالي.

ويفترض ان ينجز المكتب القطري مشروعه في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، وخصوصاً بعد انهاء ملف الترميم في البلدات الأربع ودفع اكثر من 90 في المئة كتعويضات لأصحاب المنازل المهدمة.

واللافت في المشروع القطري اعادة اعمار كل دور العبادة في الجنوب بما فيها المساجد والكنائس والخلوات، وبلغ عدد الكنائس 48 كنيسة فيما تخطى عدد المساجد والحسينيات الـ500.

وتمت عملية اعادة الاعمار عبر المناقصات التي اجراها المكتب القطري، ولاقت الخطوة القطرية الشكر من رجال الدين في الجنوب.

اهالي البلدات الأربع عبروا عن امتنانهم العميق لما تقدمه دولة قطر، وخصوصاً بعد توقف دفع التعويضات في قرى الجنوب وبلداتها التي تبنتها الدول العربية الأخرى، اضافة الى المرونة المتبعة لدى المكتب القطري لاعادة الاعمار، وخصوصاً ان باب الاعتراض مشرع امام الجميع.

وفي السياق عينه يقول جميل جعفر(52 عاماً) من بلدة عيناتا "لقد انجزت اعادة ترميم منزلي منذ اكثر من ستة اشهر بعدما قبضت التعويض كاملاً من المكتب القطري، وحصلت على اكثر مما أستحق ولا يسعني الا شكر دولة قطر على ما قدمته من مساعدات للجنوب وخصوصاً للبلدات الأربع التي تبنت اعادة اعمارها".

ويعرب محمد بزي (46 عاماً) من مدينة بنت جبيل عن امله في ان يقبض الدفعة الثالثة (عشرة آلاف دولار اميركي) قبل نهاية الشهر الحالي، كي يتمكن من استقبال اقاربه في المنزل الجديد قبل عطلة الأعياد والربيع.

لكن هناك من يسجل تحفظاً عن المبالغ التي تقاضاها كتعويض عن ترميم منزله، ومن هؤلاء شوقي بزي من بنت جبيل، إذ قبض الف ومئة وخمسين دولارا فقط لاعادة ترميم منزله الذي انفق على ترميمه اكثر من 1500 دولار.

•••

بعدما نشرت "النهار" تحقيقاً عن توقف دفع التعويضات لأصحاب المنازل المهدمة في الجنوب كان من البديهي ان تعرض لما يقوم به المكتب القطري لاعادة الاعمار.

لكن بقية الدول المانحة، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية التي تبنت اعادة اعمار اكثر من 200 بلدة وقرية جنوبية وقدمت ما يقارب 500 مليون دولار لمساعدة الشعب اللبناني على رفع آثار العدوان الاسرائيلي الأخير، لم تحصل على حقها في الشكر والامتنان من الجنوبيين بسبب تعثر عملية الدفع بعدما اعلنت الهيئة العليا للاغاثة عن نفاد الأموال اللازمة لتمويل اعادة اعمار هذه القرى والبلدات المتضررة من الحرب الاسرائيلية الأخيرة. لكن ابناء الجنوب لا يتنكرون للمساعدة السعودية المشكورة، وانما يسجلون عتبهم على الآلية المعقدة المعتمدة في الهيئة العليا للاغاثة، ويناشدون عبر "النهار" السعودية التدخل لإكمال عملية اعادة الاعمار.

تعليقات: