بين كمين القناصة وتصرف الجيش والإعلام المأجور تضيع دماء المواطنين


يوم الأحد المنصرم كان يوما دمويا بامتياز، نفذته ايد اثمة استغلت ضيق الفقراء بمعيشتهم ولقمة عيشهم وحرمانهم من الكهرباء دفعهم للتعبير عن فقرهم وحرمانهم فنزلوا الى الشارع محتجين ومستنكرين الاهمال، فيما قررت تلك الايدي ان تغتالهم لتريحهم من ظروفهم الصعبة وربما رافة بهم، واوكل الامر الى القناصة لتتكفل باخذ ارواحهم التي وهبهم اياها الله ومنعت الشرائع السماوية والانسانية من الاعتداء عليها تحت اي ظرف من الظروف، هذا المشهد ذكرنا بمشاهد وجرائم ارتكبت بحق الفقراء من الماضي القريب والبعيد ففي 13 ايلول ارتكبت القوى الامنية مجزرة مستديرة المطار، وبعدها مجزرة حي السلم بسبب احتجاجات معيشية، وفي الرمل العالي قتل الاطفال بسلاح القوى الامنية تحت حجة مخالفات البناء، وبعدها قتل من قتل على طريق قصقص يوم مسيرة المعارضة الوطنية، وتلتها احداث منطقة الجامعة العربية والكولا في مشهد «لكمين القناصة» وهم يطلقون النار امام اعين الجيش والقوى الامنية، ويتكرر المشهد على اطراف الضاحية الجنوبية عند مفترق كاليري سمعان - مار مخايل، 7 مواطنين ابرياء سقطوا صرعى واكثر من 50 جريحا حالة البعض منهم حرجة. وايضا في كمين للقناصة. هذا المشهد المثير والمخيف امام اعين القوى الامنية دون ان تحرك ساكنا يضع الموطن امام مجموعة من علامات الاستفهام.

هل نشهد اعلان الاحكام العرفية في البلاد، ومنع الاحتجاجات السلمية والعفوية تحت وطأة المعاناة الاجتماعية والمعيشية؟

هل بات مشهد القناصين مقبولا ومباركا ومغضوض الطرف عنه من القوى الامنية في حين الاحتجاج السلمي المحمي بالقانون هو جرم ارهابي يتم التعامل معه كما تم مع ارهابيي نهر البارد؟

هل اصبح الجيش اللبناني اداة قمع للمواطنين المعارضين لسياسة الحكومة غير الشرعية والسلطة الغاصبة، بعد ان كان رديفا للمقاومة وعدوا لاسرائيل امام ما شاهدناه من تصرفات فاضحة مفاجأة ضد المحتجين العزل؟

هل اصبح الجيش اللبناني متاثرا بالسياسة الاميركية بالكيل بمكيالين، وعدم الرؤيا بعينين بل بواحدة من خلال تساهله مع الظهور المليشيوي المسلح واطلاق النار في الشمال في جنازة ضابط الامن الداخلي الذي قضى اغتيالا؟.

ان الاجوبة عن ذلك سوف تظهر من خلال التصرف الذي سوف يسلكه العماد سليمان في تعامله مع هذه الأحداث، كقائد جيش والأولى كمرشح توافقي للرئاسة، وعلى تصرفه في التحقيق الفوري والعاجل الذي يجب أن يكشف الحقائق والوقائع كاملة للناس ولذوي الشهداء والجرحى ولشريحة كبرى من المواطنين التي تجد في الذي جرى شكوكا كثيرة ترددت مؤخرا بحقه , ما لم يبرهن قائد الجيش على العكس.

فعليه ان يجري تحقيقاً يعلن فيه من الجهة التي وراء القناصة من عين الرمانة والذين اطلقوا النار على المواطنين وارتكبوا المجزرة،او من هم عناصر الجيش الذين ارتكبوها بدم بارد.

ان دماء الفقراء ليست مشاعا لأحد أيا كان موقعه او طموحه وأيا كانت صفته، وقدرة ضبط الموقف محدودة في مثل هذه المذبحة وفي مجابهة التصرفات التي لم يسبق أن شهدتها الضاحية، إلا في ظل نظام أمين الجميل وديكتاتورية 17 أيار, وعلى يد الاحتلال الإسرائيلي في زمن مجزرة صبرا وشاتيلا، خاصة ان اهالي الضاحية باتوا يشعرون بعد حرب تموز انهم مستهدفون للإبادة , وعلى قيادة الجيش ان تعطي اجوبة وان تقوم بمحاسبة الضباط المسؤولين عن الإساءة إلى سمعة الجيش ورصيده عند الناس.

هذه الاحداث ليست عمليات تفجير او اغتيال تنفذها شبكات مخابراتية او ارهابية لنقول انها معقدة وكشفها يحتاج الى تحقيق دولي او خبراء بالتحقيق، هذه الاحداث هي برسم الاجهزة الامنية التي تغطيها ما لم تعمل على كشفها برغم سهولة التعامل معها.

ولا يمكن ان تكتفي الناس بتبرير ان ميليشيات مجهولة وقناصين كانت تصورهم الكاميرات وشاهدهم اللبنانيين على الشاشات، كانت تتلطى وراء مواقع الجيش , لانه المسؤول عن ردعها والتصرف معها، لا كما تصرف في مناورته الوحشية وتمثيلية المداهمة وتهويله على المحتجين، لان مشهد الجنود وهم يعبثون ويروعون الناس كان سخيفا ومقززا، ومثيرا للريبة، في حين لم بتصدى للقتلة القناصة واقتحم بالياته المواطنين العزل المعتدى عليهم وهم الضحية واعتدى على بعض الشبان بالضرب والركل، بمشهد روع الأطفال والمواطنين لم نراه حتى في عهود المليشيات , وهذا سيذهب بحيادية الجيش وقيادته لا سمح الله.

المواطنون وعوائل الشهداء والجرحى التزموا ضبط الاعصاب وكانوا على مستوى المسؤولية اكثر من القوى الامنية والجيش والسلطة، لكن الى متى يبقى الصبر متاحا على الجرائم والمذابح التي ترتكب بحق الفقراء والجياع. وهل يبقى حزب الله وامل قادرين على ضبط الشارع من ردات الفعل، والذي لا زال يراهن على الضبط وانضباط واهم لان الامور على شفير السقوط والهاوية.

والسلطات الامنية والجيش امام مشهدين، اما هي من اطلق النار على المتظاهرين وما الاسباب الموجبة لذلك او انها حمت مطلقي النار ولم تتعامل معهم خاصة وانها تملك القوة للرد على مطلقي النار والقدرة على ضبط عناصر الجيش.

اما المشهد الاعلامي والصحفي اللبناني فقد كان الابشع والاسوأ امام الدماء التي سقطت في الطرقات، فبعض المراسلين والصحفيين كانوا بعيدين عن المهنية والمسؤولية، وحين تسمعهم اوتتفرج على شاشاتهم وتقرأ كتاباتهم تشعر انك امام تلفزيونات العدو الصهيوني او اعلام معادي، وان اعتبرتوه حرية راي عليكم ان تعتبروا هذا الكلام حرية راي و تسمحوا لي، ولا تختبؤا خلف حرية الرأي والإعلام فهذه كذبة لا تنطلي على احد، فبعض المراسلين كان يؤجج للفتنة وكاننا امام لغة النوعية والاكترية. او امام من يقوم بدور اوكل اليه لتكملة مشهد المذبحة، فمن يقنل هنا مشاغب ومن يغتال هناك شهيد للحرية والسيادة بين قوسين.

الذين ذبحوا امس لبنانيون فقراء اخرجهم الحرمان والعوز وليس مشاغبون ومشاكسون ولا ارهابيون حتى تنعتوهم بهذه الصفات وتبرروا ذبحهم وقتلهم من جماعات تملك مؤسساتكم الاعلامية والتي حركت القناصة والقتلة سواء في طريق الجديدة او في احداث مار مخايل.

لم يشاهد اللبنانيون اسوء من الصورة التي كنتم تبثونها او اللغة التي تتحدثون فيها عن ابناء جلدتكم من اللبنانيين، من خلال قلب الحقائق.

تريدون لقمة العيش و الرزق من هذا العمل؟ فليس عيبا ان تعمل وتبحث عن رزقك، ولكن ليس بتحويل عملك ورسالتك لتكون مأجورا،وموتورا فكلمة قاتل مأجور قد تكون عادية امام كلمة "صحفي مأجور" او " اعلام مأجور " يعتاش من قلب الحقائق وتحويرها وجعل الضحية هي من جنت على نفسها. وتبرر للمجرمين افعالهم بانهم نزلوا الى الشارع لحماية انفسهم مع ان احدا لم يهاجمهم، فهذا يخالف المهنية والموضوعية، والاستخفاف بمصائب الناس ومطالبهم واهانتهم بالفاظ مشينة ومسيئة وتصنيفك لهم هو استخفاف بنفسك ايها الاعلامي قد تدفع ثمنه بشخصك وحياتك لا سمح الله من ردة فعل مظلوم او بائس تدفعه بكلماتك الى الياس.

المرتهن والمؤجر لقلمه لمن يدفع اكثر كما هو بعض الصحفيين والاعلاميين يتنافى مع مبدا حيادية وموضوعية الاعلام فالاعلامي يؤدي رسالة ويوقظ الضمائر ويبدو ان في هذه المهنة الشريفة اصبح البعض بلا ضمير او ان ضميرهم اضحى في جيوبهم يعد ما فيها كل يوم حتي يعرف كم كسب وكم عليه ان يكتب من كذب وتلفيق حتى يزداد رقم حسابه ويكسب اكثر.

ان مشهد بعض وسائل الاعلام البارحة كان قبيحا ومؤلماً وقلوبهم كانت قاسية امام مشهد الدماء التي تسيل وغير مهني ولا حريص على الوطن بل كان انعزاليا وموتورا. رغم ان هناك تلفزيونات وصحافيين واعلاميين كانوا ينقلون الاحداث والحقائق بمهنية وشفافية ومسؤولية اظهرت وكشفت انحراف وتلفيق وكذب البعض..

والاسوء مما حصل هو مشهد اللبنانين والمسؤولين المستزلمين للسلطة ولمن وراءها، كان حري بكم مواساة اخوانكم المظلومين والفقراء واهالي الضحايا الذين جرى الاعتداء عليهم، ولو بلغة التاسف والاستنكار والمواساة، ولا تكلفكم شيء وليست صعبة عليكم فهي اقل الواجب، الا اذا كان يمنعكم احد او لا يسمح لكم بالادانة، وهذا اقل ما تفترضه الانسانية ومشاعر الوطنية والضمير والوجدان، لكن مرة اخرى ببياناتكم الهزيلة والمريضة والمواربة للحقيقة بادانة الضحية وتبرير المجزرة , تجعلكم متورطين في هذه المذبحة التي سوف ينظر اليكم الاميركي والاسرائيلي بعين الرضا والسعادة من اخلاصكم لسياساته وقتلكم البعض ممن نجا من صواريخه والة القتل التابعة له ابان حرب تموز من خلال بيانكم الانساني في تحديد مسؤولية الضحية عن افعاله , ولكنه سيثير سخط وبغض ابناء وطنكم عليكم، ويضعكم بموقع المتورط مع الاسرائيليين في ذبح هؤولاء الفقراء على ايدي الاسرائيليين في تموز 2006.

ما عرضته المشاهد الحية المنقولة عبر البث التلفزيوني يكفي لوحده لتشعب التساؤلات ودخولها حقولا شديدة الحساسية والخطورة.عن المستقبل ومصير البلد.

هل سيتكرر مشهد تصرف الجيش المستهجن في مكان آخر وينام على كشف الحقيقة، وبالتالي يشكل سلسلة من مؤامرة او مشروع يستكمل مشاريع خارجية باتت معروفة للفتنة والفوضى؟

هل ستكرر صور القناصين فوق اسطح الابنية كما ظهر في طريق الجديدة وعين الرمانة ومحيط مستشفى الحياة مرة اخرى؟

وهل التغطية المحرضة والسخيفة لبعض الوسائل الاعلامية والصحفية الماجورة والتي تعتبر شاهد زور ان لم تكن شريك في الجريمة ستصبح رسالة وقيم الصحافة والاعلام؟

هل سينجو المجرم والقاتل من دون عقاب على فعله وجريمته ويطوى ملفها او يلفق كما جرت العادة لدى هذه السلطة المرتهنة؟

اسئلة وشجون المواطن نضعها برسم المسؤولين والاعلاميين وضمائرهم و نامل ان يلتفتوا الى خطورة الاوضاع، رافة بالفقراء والمواطنين الذين لا يملكون وطنا غير هذا الوطن. وان كنت اعلم مسبقا انهم صم عمي بكم لا يشعرون ولا من يحزنون.

لك ان تنظر الى ما شئت لتعرف انك سترى اسوء منه.

* حقوقي لبنان

تعليقات: