ابو طالب مات كافراً


كنت مسافراً الى احدى الدول الأوروبية وتصادف بجانبي رجل ملتحي تدل ملامحه انه من احدى دول الخليج ، وكان بجانبه رجل تدل ملامحه انه بريطاني ، وابتدأ الحديث بينهما باللغة العربية الى أن تتطور الحديث الى الدين ، حيث تبين أن الأجنبي له اطلاع في الديانة الإسلامية ، فبادره العربي بالقول هل انت مسلم ؟ اجابه الأجنبي لا .. وبعدها دار بينهما الحديث :

العربي : مادام عندك هذا الإطلاع في الإسلام لماذا لم تعلن اسلامك ؟

الأجنبي : انت مسلم .. ماذا تعرف عن ابي طالب ؟

العربي : مات كافراً .

الأجنبي : من هي عائشة ؟

العربي : زوج رسول الله وحبيبته .

الأجنبي : من هي خديجة ؟

العربي : زوج رسول الله .

الأجنبي : هل للرسول زوجات أخرى ومن هن ؟

العربي : نعم .. ومنهم حفصة وأم سلمة وزينب الى ما هنالك .

الأجنبي : من كان أفضل زوجات النبي ؟ ولماذا ؟

العربي : أفضلهن عائشة .. لأنه كان يحبها اكثر من الكل ، وعندما كان يريد القيلولة كان ينام على فخذها ، ولما دنت المنية طلب نقله الى بيتها .

الأجنبي : من هو يزيد ؟

العربي : خليفة المسلمين من العهد الأموي .

الأجنبي : ما رأيك في الحسين ؟

العربي : ابن علي ابن ابي طالب ، وقد خرج على إمام زمانه يزيد .

الأجنبي : ما رأيك في علي بن ابي طالب ؟

العربي. : رابع الخلفاء الراشدين .

الأجنبي : ما رأيك في معاوية ؟

العربي : اول الخلفاء الأمويين .

الأجنبي : ألم يخرج على إمام زمانه ؟

العربي : معاوية يختلف عن الحسين بالخروج على إلامام ، لأن معاوية على خلاف فكري مع علي .

الأجنبي : تدعوني الى اشهار إسلامي ، وانت لا تعرف قيمة ألإسلام .

انا كمطلع على الرسالة السماوية " القرأن " الكريم وعلى الأحاديث النبوية ، وانا كرجل مسيحي ، وعلماني في نفس الوقت ، اولاً سأرد على أجوبتك في العقل والمنطق وليس من القرأن والأحاديث بداية :

ابو طالب : عم النبي ، وهناك عمومة أخرى للنبي وقفوا ضده وحاربوه ، ولكن ابو طالب وقف بجانبه ودافع عن الرسالة بكل ما يستطيع معرضاً حياته للخطر من اخوته ومن القرشيين بجميع عشائرهم وقبائلهم .

العقل يقول : لا يمكن لشخص ان يعرض حياته للخطر في سبيل قضية لا يؤمن بها ، وهذا ثابت وموثق في كل عهد وعصر .

المنطق يقول : أن من يدعو الى قضية ما يكون مؤمناً بها ، والدليل على ذلك ابراهيم وابوه ، ونوح وابنه .

اذاً قولك بأن ابو طالب مات كافراً ينقصه الدليل ، والدليل يقول أن ابو طالب هو من حمى الرسول ورسالته ، وليس هذا نبل اخلاق من ابو طالب بل إيمان في الرسالة ، ولماذا لم يقف باقي العمومة مع الرسول ؟ لأنهم لم يؤمنوا برسالته كما آمن ابى طالب .

ان إيمان ابي طالب بالرسالة كان أقوى ممن يؤثر عليه من الذي رأه من قريش ومن أعداء الرسالة ، امثال ابو لهب وأبو جهل وأبو سفيان وهم كُثر ، من التعذيب والإهانة للذين آمنوا مع محمد.

عائشة : حبيبة رسول الله ، وكأنك تقول بأن الرسول لم يكن لديه وقتاً إلا للحب ، والرسالة ثانوية بالنسبة له ، واذا كانت حبيبته ، لماذا كانت تغار من خديجة كلما ذكر اسمها ، وهي من قال :

((ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة وما رأيتها ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة؟ فيقول: إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد))

والظاهر من هذا القول أن عائشة كانت تغار من نساء الرسول وكانت الأكثر غيرة من خديجة ،

واذا أردت التأكد من هذا راجع سند البخاري وسند مسلم وسند احمد وغيرهم امثال : النيسابوري ، الغزالي وأبو داوود الخ ..

خديجة : هي ركن من أركان الرسالة ، لأن المنطق يقول أن اي عمل يحتاج الى مال لإنجاحه ، ولولا المال لم وجدت شركة ناجحة ، ومال خديجة كان عَصّب الرسالة ، وقال الرسول فيها رداً على تساؤل عائشة :

قال: ما أبدلني الله عز وجل خيراً منها قد آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء))

وتقديراً لما قامت به خديجة فقد نزل جبريل على الرسول ليخبره :

((أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب))

يزيد : رجل فاسق والإسلام حسب تعاليمه وفحوى رسالته لا يقر هذه التصرفات ، واما القول بأنه إمام مخالف لأبسط التعاليم المدنية فكيف بالإسلامية ، ولا اريد الشرح اكثر ،لأن اكثر المؤرخين المسلمين كتبوا عن سيرته وما جاء فيها انها خارجة عن المألوف ولا يصلح لأن يكون رجل دولة .

الحسين : العقل يقول أن يزيد هو الذي خرج على إمام زمانه .. لأن الإمام الحق هو الحسين وليس يزيد ، ولنفترض جدلاً ، أن يزيد إمام ، من نصبه إماماً ؟ مجموعة من الإشخاص وتحت الترهيب أقروا بإمامته ، من الأجدر بالإمامة الذي ينصبه فئة تخاف يزيد ؟ ام الذي نصبه الرسول ؟ من البديهي القول بأن الإمام هو من نصبه الرسول إماماً .. ألم يقل الرسول محمد: الحسن والحسين إمامان قاما ام قعدا ؟..

اذاً الإمام هنا الحسين وليس يزيد ، وخروج يزيد على تعاليم الإسلام وأحكامه قد عرض الرسالة للخطر ، لذلك قام من اسماه الرسول إماماً على يزيد لتصحيح خط الرسالة حيث قال :

"واني ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً وإنما خرجت أريد الإصلاح في أمة جدي"، أي أريد الثورة لأجل الإصلاح لا للوصول إلى الحكم حتماً أو للشهادة حتماً، والإصلاح ليس بالأمر الهين .

ولا اريد ان اطيل عليك فهذا موضوع شائك ومعقد وطريقه موحش لأنه الحق وهنا استشهد بقول لعلي بن ابي طالب : لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه

والإسلام حق ، وأنتم تأخذون منه القشور وتتركون الإنسانية التي جاءت فيه وما يتفرع عنها لصالح البشرية ، وتتلهون بين انفسكم وبعضكم وتحقدون على بعضكم وتتقاتلون وتجزون الرؤوس الآدمية كأنها قطعان غنم ، وتنسون الجوهر الذي نحن أخذناه لصالح شعوبنا كالطبابة للجميع والعلم والتقاعد بدون استثناء وكل ما هو خير الإنسانية ، واشتغلنا على تعميق الخلافات فيما بينكم حتى وصلنا الى ما نحن عليه ووصلتم الى ما أنتم عليه ، واستشهد هنا بقول الى مفتي الديار المصرية الشيخ محمد عبده حيث قال : ذهبت الى اوروبا فوجدت الإسلام ولم اجد المسلمين وعدت الى بلادي فوجدت المسلمين ولم اجد الإسلام .

علي :

كما كانت خديجة ركن من أركان الإسلام بمالها وبمؤازرتها للرسول ، كذلك علي كان المدافع في كل المعارك عن الرسول وعن الرسالة ، ووقوف معاوية ضده كان حباً في السلطة والإنتقام حيث استغل بنو أمية الضعف في خلافة الخليفة الثالث وتغلغلوا في الدولة وأعلنوا العصيان بمجرد تولي علي بن ابي طالب الخلافة وأعلنوا الحرب عليه ، ولم يكن همهم حينها الإسلام بل استغلوا الإسلام لحروبهم ولتثبيت سلطتهم ، وأفعالهم ما زال المنتمون الى مدرستهم يمارسونها الى الآن .

لهذا التوضيح يا اخي واذا اردتم حكم العالم انصحكم العودة الى تعاليم القرآن وما يعنيه والى تعاليم الرسول وآل بيته ، وانت لا تعجبك هذه الكلمة " آل بيته " علماً بأنكم ترددونها مرات ومرات في صلاتكم " اللهم صَلِّ على محمد وآل محمد "

بعد هذا التفت إلي ثم قال : ما رأيك ؟.. لا تعليق مني ولا رأي !!

ونظرت الى العربي لأرى إجابته على ما قدمه ، ولكن بقي صامتاً وكأنه يسلم بما قاله الأجنبي خاصة وأن ما ورد كله مذكور في الأسانيد .

لا يسعني هنا إلا أن اتوجه الى الباري عز وجل أن يأخذ بيد المسلمين ويهديهم الى طريق الحق والى الإلفة والمحبة وأن يبعدوا عن أنفسهم كل خطر بإتحاد كلمتهم ووحدة عملهم بما يريد الله للبشرية من خير .

..

* الحاج صبحي القاعوري - الخيام

تعليقات: