كفرحمام ·· منها انطلقت شرارة المقاومة الفلسطينية الأولى بإتجاه الأراضي المحتلة

 مدخل بلدة كفرحمام
مدخل بلدة كفرحمام


العدو الإسرائيلي صب جام غضبه على البلدة فسوى منازلها بالأرض

كفرحمام - عند الطرف الجنوبي الغربي لجبل سدانة المنحدر من جبل حرمون، وعلى مرمى حجر من مزارع شبعا المحتلة ترتاح قرية كفرحمام العرقوبية، وهي الشقيقة التوأم لكفرشوبا التي تحدها من الشرق،، وتحمي ظهرها جارتيها الهبارية وراشيا الفخار شمالاً وغرباً وتفتح ذراعيها لسهل الحولة الذي تطل عليه جنوباً· تتصف كفرحمام بمناخها المعتدل، خاصة في فصل الصيف نظراً لغابات الصنوبر وأحراج السنديان والملول، التي تحيطها من كل الجهات تشتهر بزراعة التين والكرمة وبالزيتون حديثاً، تعلو عن سطح البحر حوالى 850 متر وتبعد عن العاصمة بيروت 118 كلم تصلها عبر مثلث سوق الخان - جسر الشقعة راشيا الفخار·

يعود تسمية كفرحمام للغة السريانية، وهي غنية بالآثار القديمة المهمة التي يعود تاريخها للعهدين الروماني والفينقي، يدل على ذلك ما تبقى من نواويس ومغاور وكهوف منحوتة بالصخر وبقايا معبد في حارتها الجنوبية، وإلى جانبه مقبرة يعود عمرها لمئات السنين وتعرف بمقبرة بنات يعقوب· ويفوق عدد سكانها 5 آلاف نسمة يشكلون نموذجاً للوحدة الوطنية والعيش المشترك من خلال العلاقات الوطيدة، التي تربطهم مع أبناء منطقتهم، حيث لم يتأثروا يوماً بالنعرات الطائفية أو المذهبية رغم كل الأحداث الأليمة، التي عصفت بلبنان، وظلوا أوفياء لمسؤولياتهم الوطنية والقومية من أجل عزة وكرامة لبنان والعرب، خاصة لجهة دعمهم غير المحدود للقضية الفلسطينية منذ نكبة 1948، مما كلفها العشرات من الشهداء والمعوقين، ناهيك عن الخراب والدمار اللذين لحقا بها في أواخر السبعينيات، بعدما سويت معظم منازلها بالأرض حيث صب العدو الإسرائيلي جام غضبه على هذه القرية التي تميزت يومها بمركز "فتح لاند"، ومنها انطلقت شرارة المقاومة الفلسطينية الأولى باتجاه فلسطين المحتلة·

إستهدافات لاعتداءات العدو

أهالي كفرحمام شأنهم شأن اخوانهم في باقي بلدات وقرى العرقوب، ظنوا ان زمن المعاناة ولى إلى غير رجعة مع اندحار العدو الإسرائيلي عن الجنوب والبقاع الغربي في العام 2000، فسارعوا في العودة إليها بعد غياب قسري دام 3 عقود من الزمن، وهبوا في ازالة الخراب وإعادة بناء ما دمره الحقد الصهيوني، إلا أن فرحة العودة هذه لم تدم طويلاً، ووجدوا أنفسهم بعد أشهر قليلة أن التاريخ يعيد نفسه، وانهم ما زالوا في قلب الحدث، مستهدفين في أية لحظة لاعتداءات العدو الذي أعاد تمركزه من جديد على جبهة مزارع شبعا وتلال بلدتهم المتحكمة فيها جنوباً وشرقاً، وهذا ما بدا جلياً ابان حرب تموز الأخيرة، وقبلها خلال المناوشات العسكرية التي كانت تحصل بين فترة وأخرى بين رجال المقاومة الإسلامية من جهة، وقوات الاحتلال من جهة أخرى، مما اضطر بالعديد من عائلاتها إلى عودة ادراجهم، والنزوح مجدداً إلى أماكن اقامتهم، بانتظار تبدل الأحوال بأحسن حال من يدخل كفرحمام هذه الأيام يلفته الجمود المخيف، الذي يخيم على البلدة، فالحركة في شوارعها وأحيائها الداخلية شبه معدومة، معظم منازلها مقفلة ومهجورة·

سعيد حمود

ويشير رئيس البلدية سعيد محمد شريف حمود، الى "أن عدد المقيمين في البلدة لا يتعدون 400 نسمة غالبيتهم من العجزة والمسنين، كما أن المدرسة الرسمية في البلدة ما زالت مقفلة منذ العالم 1991 وحتى يومنا هذا، لعدم وجود طلاب، وذلك بسبب الأوضاع الصعبة التي مرت بها البلدة ولاتزال اقتصادياً وأمنياً"·

وقال: ابان حرب تموز مرت البلدة بأوضاع صعبة جداً فإلى جانب الخوف الذي انتاب الأهالي، الذين فضلوا الموت على ترك منازلهم فعانوا العطش والجوع والنقص في الأدوية ولا من أحد يسأل عنهم، باستثناء بعض المساعدات التي قدمها كلاً من النائبين الدكتور قاسم هاشم وأنور الخليل، خاصة لجهة تقديم المواد الغذائية والأدوية، وبعد توقف الحرب بدأت الهجرة مجدداً من البلدة بحثاً عن لقمة العيش·

وتابع حمود: يطالبوننا بالصمود فأي صمود هذا؟ وأين مقوماته؟ وأين فرص العمل؟ أين حقوقنا في التعويضات عن الأضرار، التي خلفها القصف الإسرائيلي على منازل البلدة؟ وكذلك على أملاكهم، خاصة بساتين الزيتون والكرمة التي احترق بعضها واتلف البعض الآخر؟

ولفت الى أنه "بالتعاون والتضامن مع باقي أعضاء المجلس والأهالي تمكنت البلدية خلال فترة زمنية قصيرة، وبامكانيات مادية محدودة من تنفيذ العديد من المشاريع الإنمائية والخدماتية في البلدة، دعماً لصمود الأهالي ومساعدتهم في تخطي الصعوبات، التي تواجههم، خاصة في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة التي تتحكم بهم"·

ومن أبرز المشاريع التي عددها حمود تعبيد الطرقات الداخلية في البلدة شق وتعبيد طرقات زراعية، بناء جدران دعم، مد شبكة جديدة لمياه الشفة، إقامة محطة لتكرير الصرف الصحي بالتعاون مع "مؤسسة مرسي كور"، تزويد البلدة بمحطتي هاتف بالتعاون مع "مؤسسة أوجيرو"، صيانة وتأهيل شبكة الكهرباء، استكمال العمل في ملعب كرة القدم، انشاء مركز للمعلوماتية بالتعاون أيضاً مع "مرسي كور"، تأمين سيارة اسعاف للحالات الطارئة، تأمين جرار زراعي مجهز بموتور لرش النصوب والأعشاب بالمبيدات، حملات تشجير متعددة قامت بها البلدية للتعويض عما خسرناه من ثروة حرجية نتيجة القصف والحرائق التي طالت غابات البلدة"·

وشدد على "ضرورة الإفراج عن الأموال المستحقة للبلديات والمجمدة في الصندوق البلدي المستقل"·

وطالب حمود أنه لتنفيذ ما تبقى من مشاريع ضرورية وملحة في البلدة "بضرورة معالجة مشكلة النقص في مياه الشفة بعد أن نضبت مياه البئر الإرتوازي الذي يزود البلدة بمياه الشفة منذ العام 1990، والذي انشئ آنذاك بتمويل من "مجلس الجنوب"، والعمل يتطلب إعادة تأهيل البئر وتنظيفه، وحفر بعمق 30 متراً عما هو عليه الآن، والبلدية حالياً عاجزة عن تنفيذ مثل هذا المشروع"·

المختار شحرور

من جهته المختار قاسم محمد شحرور، لفت إلى "الأوضاع الحياتية والمعيشية الصعبة، التي تواجه أبناء البلدة منذ منتصف السبعينيات وحتى يومنا هذا"·

وقال: إن ما تحمله أبناء كفرحمام طيلة هذه الفترة وما عانوه جراء الإعتداءات الإسرائيلية المتكرر، وخصوصاً خلال عدوان تموز العام الماضي، لا يقوى على تحمله أي شعب في العالم·

ونبه شحرور إلى "النزوح القسري الذي شهدته مؤخراً كفرحمام"، مطالباً "المسؤولين ضرورة الإسراع في معالجة هذه المشكلة قبل أن تفرغ البلدة من جميع سكانها، وذلك من خلال دعمهم ومساعدتهم وتأمين فرص عمل لهم· والى مخاطر القنابل العنقودية المنتشرة بشكل كثيف في الأملاك العامة والخاصة، مما اضطر العديد من مزارعي البلدة الى ترك مواسمهم الزراعية وخاصة موسم الزيتون، الذي تساقط تحت أمه حفاظاً على سلامتهم ودرءاً لمخاطر هذه القنابل"·

وطالب "الدولة بدعم صفيحة المازوت على غرار السنوات السابقة، وذلك تزامناً مع حلول فصل الشتاء، لأن المواطن لم يعد بمقدوره أمام الأوضاع المتأزمة سياسياً واقتصادياً أن يتحمل أعباءً اضافية، خصوصاً أن برميل المازوت تجاوز سعره الـ 250 ألف ليرة"·

وعما يتردد من التحضير لفتنة ما في العرقوب قال شحرور: إن هذه المنطقة تتحلى بوعي وحكمة أبناءها بمختلف انتماءاتهم الطائفية والمذهبية والسياسية، وهي قائمة على التآخي والمحبة والوحدة الوطنية، ولا يمكن لأحد أن يفرق بيننا، لذلك نرفض رفضاً قاطعاً أية فتنة وكل ما من شأنه أن يعكر صفو أمن واستقرار المنطقة من أية جهة كانت·

وأضاف: كما إننا نعول كثيراً على الجهود والتضحيات التي يقدمها الجيش اللبناني المنتشر في المنطقة لتأمين الأمن والإستقرار لجميع المواطنين، والمساعدات التي تقدمها قوات "اليونيفيل" للسكان المحليين، مؤكداً على "العلاقة المتينة القائمة بين الطرفين"·

د· علي يحيى

وعن الوضع الصحي في كفرحمام حدثنا الدكتور الجراح علي يحيى (أحد الأطباء العاملين في مستوصف كفرحمام الخيري التابع للمكتب الصحي الإجتماعي المقاصدي)، فقال: تكمن أهمية هذا المستوصف الذي يعود تاريخ افتتاحه إلى العام 2001 في موقعه الإستراتيجي كونه يتوسط منطقة العرقوب، وهذا المستوصف مجهز بمعدات طبية حديثة لتخطيط القلب والسمع والبصر والصور الصوتية، ويفتح أبوابه على مدار الأسبوع، ويعمل فيه 11 طبيباً من مختلف الإختصاصات، يؤمون الخدمات الطبية والصحية للمرضى ويقدمون الأدوية اللازمة لهم مقابل مبالغ رمزية·

وكشف "أن تزويد الأدوية اللازمة للمستوصف تتم من قبل وزارة الصحة العامة، ومن "جمعية الشبان المسيحية"، وكذلك من "جمعية المقاصد الإسلامية"، كما أن المستوصف يقوم بخدمات ونشاطات متنوعة، مثل إقامة مخيمات للتوعية الصحية، وتقديم اللقاحات ضد شلل الأطفال في المناز،ل وكذلك دورات تدريبية للاسعافات الأولية والدفاع المدني والصحة الإنجابية وغيرها من النشاطات الأخرى"·

ولفت يحيى إلى "التعاون القائم بين قوات "اليونيفيل" في المنطقة والقيمين على المستوصف"، مشيراً إلى "أن الكتيبة الهندية تقيم في المستوصف سنوياً مخيماً طبياً على مدى 3 أيام تقدم خلاله الأدوية والمعاينة للمرضى مجاناً·

رئيس بلدية كفرحمام سعيد حمود
رئيس بلدية كفرحمام سعيد حمود


تعليقات: