كفرشوبا·· أم الشهداء، الخط المتقدم في مواجهة العدو الإسرائيلي

مدخل بلدة كفرشوبا
مدخل بلدة كفرشوبا


دمرها المحتل بالكامل مرتين وهجّر أهلها مرات وتلقت أكثر من 50 ألف قذيفة

همُّ أبنائها استرجاع ما تبقى من أراضيها المحتلة ورفع كابوس الاحتلال عن تلالها

كفرشوبا- تعتلي بلدة كفرشوبا في قضاء حاصبيا، احدى الروابي الغربية المنحدرة من جبل الشيخ، لتطل من خلالها على سهل الحولة والجليل الأعلى في فلسطين المحتلة، وعلى قمم جبل عامل جنوباً وغرباً، وتهددها المواقع العسكرية الإسرائيلية في تلال الرمثا - السماقة ورويسات العلم فتتحكم بها شمالاً وشرقاً·

وجعلها موقعها الجغرافي مع شقيقاتها العرقوبيات: شبعا، كفرحمام، وراشيا الفخار، الخط المتقدم في مواجهة العدو الإسرائيلي منذ احتلاله لفلسطين في العام 1948، فكانت على الدوام عنواناً للتضحية والفداء، وتاريخها النضالي ناصع كثلج حرمون، فكانت السبّاقة في احتضان رجال المقاومة الفلسطينية منذ انطلاقتها في الستينيات، وهي التي فتحت قلبها ومنازلها لرجال "المقاومة الإسلامية" حتى التحرير في العام 2000، كما كان لمجاهديها بقيادة ابنها الثائر أحمد خليفة شرف المشاركة في الثورة العربية في العام 1925 بقيادة سلطان باشا الأطرش ضد الإنتداب الفرنسي، فكانت عند كل مفصل وفي كل محطة من محطات المواجهة تقدم كوكبة من الشهداء من خيرة شبابها وشيبها، آخرهم كان الشهيدان أحمد عبد الله وولده محمد اللذان قضيا بغارة شنها الطيران الحربي الإسرائيلي على منزلهما في الأسبوع الأخيرة لعدوان تموز العام الماضي· كفرشوبا بلدة المائة شهيد باتت تعرف بـ "أم الشهداء"، وربما كانت البلدة الجنوبية الوحيدة التي دمرت بالكامل مرتين، وهُجّر أهلها مرات، وهي التي حملت وجع أكثر من 50 ألف قذيفة من قبل العدو الإسرائيلي منذ العام 1968 حتى اليوم، إلا أنها كانت في كل مرة تقوى على أوجاعها وتلملم جراحها، وتنطلق من جديد صوناً للكرامة، وحفاظاً على الأرض والعرض، كما ويبقى همُّ أبنائها أولاً وأخيراً استرجاع ما تبقى من أراضيها المحتلة من براثن العدو الإسرائيلي·

عزات القادري

رئيس بلدية كفرشوبا عزات القادري، يرى "أن بلدته اليوم تستحق رعاية مضاعفة واهتماماً خاصاً ومميزاً من قبل الدولة بكافة مؤسساتها الخدماتية، الصحية، التربوية والزراعية للتعويض عما لحق بها من اهمال وحرمان مزمنين، ومسح آثار الخراب والدمار الذي خلفه عدوان تموز الأخير وجعل من هذه البلدة الوادعة الآمنة بلدة منكوبة بكل ما للكلمة من معنى، لذا بات من واجب الدولة أن تعمل جاهدة لانصاف كفرشوبا، على اعتبار انها جزء لا يتجزأ من هذه الدولة، وتحترم كافة مؤسساتها ومسؤوليها"·

ويفتخر القادري بـ "الإرادة القوية التي يتمتع بها أبناء البلدة الذين عادوا إليها في اليوم الأول الذي وضعت فيه الحرب أوزارها، حيث بدأت ورش العمل في كل اتجاه لمحو آثار العدوان، وساعدنا في ذلك أكثر من 30 مؤسسة وجمعية وجهة، البعض قدم جرافة لإزالة الركام وفتح الطرقات، والبعض الآخر قدم مساعدات تموينية ومياه، واحتياجات أخرى تهم الأسرة، كما لا ننكر ايضاً التقديمات المتنوعة من قبل الهيئة العليا للإغاثة"·

ولكنه شكا "من تأخر وزارات الخدمات في الدولة في إعادة اصلاح وتأهيل وبناء ما دمرته الحرب من جسور وطرقات وشبكات هاتف ومياه وكهرباء ومشاريع أخرى تتعلق بالبنى التحتية"·

وكشف القادري بأن "مجلس الجنوب" دفع التعويضات المستحقة لأصحاب المنازل المدمرة والمتضررة في البلدة باستثناء 20 منها لم يقبض أصحابها حتى الآن مستحقاتهم، كما أن الدولة لم تدفع أيضاً التعويضات المستحقة لأصحاب المحلات التجارية والآليات والسيارات التي دُمرت أو تضررت جراء هذا العدوان، شأنهم شأن المتضررين الزراعيين وأصحاب المواشي·

وشدد على "ضرورة تحريك ملف التعويضات المستحقة لأبناء كفرشوبا، الذين تضررت منازلهم قبل العام 1975 وعددهم يناهز الـ 410 منازل، ولا أحد يتكلم عنها، وهذا اجحاف بحق الأهالي·

ولفت القادري إلى "العديد من المشاريع الإنمائية والخدماتية التي استطاعت البلدية تنفيذها رغم امكاناتها المادية المتواضعة، أو من قبل مؤسسات أخرى أهمها: بناء ثانوية رسمية في حي الشميس من قبل "مجلس الجنوب"، اعادة تأهيل وصلات جزئية لشـــبكة المياه مـــن قــبــل "برنامج الـــتـنـمـيـــة الإجتــماعـية والإقتصـاديــة في جــنـوب لـبــنان U.N.D.P"، إعادة تأهيل الطرقات والأماكن المتضررة في الحرب وفلشها بالإسفلت، كما أن العمل جارٍ لتمرير شبكة للصرف الصحي في مزرعة حلتا بتمويل من "مجلس الإنماء والإعمار" بتكلفة بلغت 117 ألف يورو"· وكشف القادري عن سلسلة مشاريع سيبدأ تنفيذها خلال فترة قريبة جداً وهي: "حفر بئر ارتوازية بتمويل من عائلة الشهيد الرئيس رفيق الحريري لتزويد البلدة بمياه الشفة، إقامة قاعة كبرى للإحتفالات بتمويل من المملكة العربية السعودية، انشاء حديقة عامة بتمويل من UNDP، كما تقدمنا بطلب إلى "الهيئة الإيرانية لإعادة اعمار لبنان" من أجل فلش طرقات كفرشوبا وحلتا بالإسفلت، ونأمل تحقيق ذلك"·

حسين عبد العال

من جهته عضو المجلس البلدي المستقيل حسين عبد العال أشار إلى "أن بلدته كفرشوبا بقيت الجبهة الوحيدة التي انحصرت دائرتها بذات رأس سهم ضيق محصور ومحدد بمصطلحات سياسية، وأكثر المرددين لا يميزون بين الواقع والسياسة، حتى أن البعض يُطالب بتحرير مزارع شبعا دون الإنتباه إلى كرامة أصحابها بنغمة العازفين على وتر التحرير والناس في طريق العودة"·

وأضاف: إن كفرشوبا التي عُرفت منذ منتصف السبعينات "بقنيطرة العرب" نظراً للخراب والدمار الهائلين اللذين لحقا بها جراء الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة، انفردت بخاصية المعاناة بعد التحرير، وتناقص سكانها عما كانوا عليه قبل التحرير، بعد أن هجرها أهلها قسراً لأسباب مختلفة"·

وانتقد "تقصير الدولة المتعمد تجاه هذه البلدة الصامدة خصوصاً لجهة التعويضات المستحقة منذ العام 1975، حيث أن الأهالي أعادوا بناء منازلهم على نفقتهم الخاصة على أمل التعويض عليهم لاحقاً من قبل "مجلس الجنوب"، لكن وللأسف منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم لم يقفل هذا الملف، الذي هو في عهدة "مجلس الجنوب" واكثر العارفين بتفاصيله وبالمناسبة نذكر رئيس مجلس النواب نبيه بري بالوعود التي أطلقها، وأن حق أهالي كفرشوبا لن يضيع، إلا أن شيئاً من هذا القبيل لم يتحقق"· وأنهى عبد العال بالقول: إننا آسفون لكل الآتين إلينا من بوابة تاريخنا المقاوم، أن يحملوا تاريخهم ويقارنوه بتاريخنا المقاوم، وألاَّ يكونوا معلمين لنا، انما ندعوهم لدروس في الوطنية··"

المختار قصب

من جهته مختار البلدة محمد سعيد قصب نبّه الجهات المعنية من "خطر القنابل العنقودية والقذائف غير المنفجرة التي تهدد أبناء البلدة لاسيما المزارعين منهم، ورعاة الماشية"·

وكشفت عن أن قوات الإحتلال الإسرائيلي وخلال عدوان تموز، استخدمت كافة الأسلحة بما فيها المحرمة دولياً ضد أبناء العرقوب، وكان لبلدتنا كفرشوبا النصيب الأكبر من هذه الموبوءات، وخصوصاً القنابل العنقودية، التي تنتشر بشكل كثيف وعلى مساحات واسعة من احراج كفرشوبا وبساتينها المغروسة بأشجار الزيتون والتين والكرمة، وباتت تشكل خطراً داهماً على مزارعي البلدة، مما اضطر العديد منهم إلى عدم المغامرة لجني مواسمه الصيفية، حفاظاً على سلامته، ناهيك عن الحرائق التي سببتها هذه القذائف في حينه وأتت على مساحات واسعة من أملاك البلدة"·

وشدد على "ضرورة ايلاء هذه المشكلة عناية خاصة من قبل المعنيين، كي يتمكن المواطنون من جني موسم الزيتون، التي تشكل مورداً أساسياً في معيشة أبناء البلدة"· وانتقد "التقصير غير المبرر من قبل أبناء العرقوب بشكل عام وكفرشوبا بشكل خاص·· متسائلاً "أين المشاريع المقررة لهذه المنطقة منذ سنوات، خصوصاً لجهة توسيع وتعبيد طريق سوق الخان - كفرشوبا، وكذلك طريق كفرشوبا، عزرائيل؟ وأين الإنماء المتوازن الذي يتحدث عنه مسؤولونا في طلاّتهم التلفزيونية والإعلامية؟ وأين حقوق كفرشوبا المحرومة منها منذ أكثر من 40 عاماً في كافة المجالات؟"·

وختم قصب بالقول: لقد آن الأوان للدولة بكافة مؤسساتها أن تلتفت إلى كفرشوبا، وتقوم بالحد الأدنى مما هو متوجب عليها، لأن هذه البلدة الصابرة الصامدة تستحق ذلك·

محمد القادري

المواطن محمد حسن القادري أمل "أن لا يتأخر "مجلس الجنوب" في دفع الدفعة الثانية من التعويضات المستحقة لأصحاب المنازل المدمرة جراء عدوان تموز، كي يتمكن الأهالي من استكمال بناء منازلهم قبل أن يداهمهم فصل الشتاء"·

وشدد على "ضرورة دفع التعويضات للمزارعين وأصحاب المواشي، الذين تضرروا أسوة بباقي المناطق الأخرى"·

ولفت إلى "هجرة أهالي كفرشوبا الكثيفة من البلدة باتجاه المدينة، ليست خوفاً من العدو الإسرائيلي، بل بحثاً عن لقمة العيش، في ظل الظروف الإقتصادية الضاغطة، وانعدام فرص العمل في البلدة والمنطقة ايضاً"·

وأشار إلى "أن عدم وجود فروع للجامعة اللبنانية في قضاءي مرجعيون وحاصبيا، يُساهم أيضاً إلى حد كبير في هجرة الأهالي من بلدان وقرى العرقوب، لذا نناشد المسؤولين بأن يحكموا ضمائرهم وينصفوا هذه المنطقة بقسم من حقوقها لأنها تستحق ذلك"·

وأشاد القادري: "بالجهود والتضحيات التي يبذلها الجيش اللبناني لجهة تأمين الأمن والإستقرار داخل البلدة وفي محيطها، كما لا ننكر دور قوات "اليونيفل" في هذا المجال، وما تقدمه أيضاً من مساعدات إنسانية وخدماتية وطبية لأبناء البلدة"· وأمل "أن يتحرر ما تبقى من أراضٍ محتلة في تلال كفرشوبا، والتي تفوق مساحتها 8 كلم مربع"، متمنياً "أن توفق الحكومة في مساعيها واتصالاتها مع المجتمع الدولي لانسحاب قوات الإحتلال الإسرائيلي منها، ونشر قوات الطوارئ الدولية محلها كمرحلة أولى"·

منظر عام لجانب من بلدة كفرشوبا
منظر عام لجانب من بلدة كفرشوبا


رئيس بلدية كفرشوبا عزت القادري
رئيس بلدية كفرشوبا عزت القادري


تعليقات: