الحلويات الصيداوية اكتسبت شهرة واسعة وتميّزت بأسعارها


إتخذت من العائلات أسماءً لها وتناقلت خبرتها الأجيال

الحلويات الصيداوية اكتسبت شهرة واسعة وتميّزت بأسعارها ومنافسة على أشدّها لتقديم الأفضل

«حلويات الجندولين»... مزجٌ بين العربي والغربي

«صناعة كل ما فيها حلو»، حلاوة تبدأ من اللسان وحسن الاستقبال إلى تذوّق ما لذَّ وطاب، والهدف إرضاء الزبائن وكسب ولائهم...

إنّها مهنة صناعة الحلويات، التي تشتهر بها مدينة صيدا، وتوارثتها جيلاً بعد آخر، صناعة خبرتها العائلات الصيداوية التي أعطت لها إسماً من تاريخها، وحافظت على تراثٍ امتد قروناً عبر الزمن...

صناعة يمتزج فيها تعاقُب الحضارات العربية والتركية والغربية، التي جعلت من العاملين في هذه المهنة مقصداً لأبناء المدينة وبلاد الاغتراب، الأمر الذي شجّع البعض على فتح فروع في المناطق والتوجّه نحو العالمية...

حركة لا تهدأ خلال شهر رمضان المبارك، الذي تتنوّع في أيامه أصناف الحلويات لتفوق الـ 50 صنفاً تُصنع خصيصاً للشهر الفضيل، وتغيب عن بقية أيام العام...

«لـواء صيدا والجنوب» يُسلّط الضوء على صناعة الحلويات الرمضانية في مدينة صيدا، حيث عاد بهذه الانطباعات...

«الجندولين» ... تطوير مستمر

{ النجاح والتميّز في إعداد صنف، تعقبه نجاحات أخرى، كل ذلك يتطلّب الابتكار والتجديد، حيث كان المعمول بحجمه الصغير على يد صاحب «حلويات الجندولين» الحاج حبيب جويدي بداية النجاح والتطوير، وفق ما أشار إليه مدير عام «حلويات الجندولين» عبد الكريم حبيب جويدي بالقول: «بدأنا بفرع وحيد، لكن تعدّدية الزبائن جعلتنا نتوجّه إلى فتح فروع في المناطق، كي لا ننتظرهم في عطلة نهاية الأسبوع، فكان الخيار الذهاب إليهم من خلال الفروع في بيروت وعرمون، ونسعى حالياً إلى فتح فروع في ضبيه والنبطية أو صور، ورغم الأحداث فإنّ خيارنا هو التوسّع، لأنّه إذا توقف فرع يستمر الآخر».

وأضاف: «نقوم في كل عام بإجراء تحسينات جديدة في الفروع والأماكن وتطوير العمل والأصناف، وبتنا مع الخبرة نعرف إلى أين يحب الناس الذهاب، وكيف ينوّعون خياراتهم في رمضان، فقمنا بإجراء تحسينات في فروع الأوّلي والوسطاني في صيدا وفرع بيروت، وهذا الأمر يُعطي راحة نفسية للزبائن، ولنا كعاملين في هذا المجال. لقد تأثّرنا كثيراً بسبب الأحداث، فقد خف العمل في فرع بيروت بسبب الحواجز في محيط المحل، لكن بقي الزبائن يتكبّدون عناء اجتياز الحواجز للشراء، وكان الضرر الأكبر بوقوع الانفجار في بئر حسن، الذي أدّى إلى تدمير المحل بكامله، لكن عاودنا الافتتاح وإستعادة الزبائن».

وختم جويدي: «ما قام به وزير الصحة وائل أبو فاعور أثّر إيجاباً على العمل، وخصوصاً التنبُّه إلى وضع القشطة، وعدم عرضها باكراً في الصالة وطريقة التخزين أيضاً، ورغم الحملات التي قامت بها الوزارة، الحمد لله لم يرد إسمنا، ونحن في تطوير مستمر ما يشجّع الزبائن على الشراء».

«الإخلاص»... انتشار واسع

{ بدورها «حلويات الإخلاص» وجدت مع صاحبها الحاج زهير قبلاوي انتشاراً في مختلف المناطق اللبنانية، وفق ما أوضح المدير الإداري في «حلويات الإخلاص» في الفرع الرئيسي - سينيق هلال الجعفيل: «الحلويات الرمضانية متعدّدة وتتنوّع في شهر رمضان، ومنها الشعيبيات بالقشطة، المدلوقة بالقشطة، العثملية بالقشطة، العصافير بالقشطة، حلاوة الجبن بالقشطة، زنود الست، هذه المنتوجات تُعرض في فرع الإخلاص الرئيسي في سينيق، وفي كافة الفروع في الشياح والشويفات وصور وشتورا وكترمايا - الإقليم، وجاء فتح الفروع في المناطق لتقريب المسافات على الزبائن، وذلك ضمن سياسة أسعار مدروسة تناسب جميع طبقات المجتمع».

وأضاف: «صيدا تُعتبر مدينة مميّزة في صناعة الحلويات، وفيها أسعار تناسب الجميع، فهناك الشعبي والوسط والمتميّز، كما إنّ الحلويات منها ما هو خاص بشهر رمضان، وخصوصاً التي تضم في مكوّناتها القشطة، أما الحلويات الأخرى فهي متوافرة على مدار العام، ونحن لم نكتفِ بالحلويات، ولكن توسّع المجال ليضم المطبخ والمطعم الذي يقدّم خدماته للزبائن، فضلاً عن بيع البزورات والبن».

وختم الجعفيل: «الحملة التي قام بها وزير الصحة وائل أبو فاعور كان لها تأثير إيجابي على العمل، ونحن حرصنا على الاستجابة لكافة الشروط المطلوبة من خلال المحافظة على النظافة وارتداء الكفوف عند تعبئة الحلويات وغيرها، وأساليب التعاطي مع الزبائن، كما إنّ الناس تعرف جودة البضاعة لدى «حلويات الإخلاص»، ودائماً يأتي فريق وزارة الصحة للكشف، ونحن نتقبّل أي ملاحظات تُعطى ونأخذ بها».

«السمرة»... التمسّك بالجودة

{ أما «حلويات السمرة» فقد واصلت الحفاظ على التراث مع تطوير المصلحة، وفق ما أكد مدير عام «حلويات السمرة الممتازة» معروف الغربي حيث قال: «بما أنّني صهر الحاج محمد السمرة «الحنون»، الذي لم يكن لديه أولاد شباب، عملتُ معه في هذا المجال وأتقنتُ هذه المصلحة، والآن أولادي يُكمِلون المسيرة، وقد قمنا بتطوير المصلحة من صنف إلى عدّة أصناف، وأدخلنا العديد من التطويرات الأخرى، فهي كانت محدودة في السابق وتشتمل على المكسّرات من الجزرية والبندقية والفستقية، كما تمّت إضافة الحلويات العربية وإدخال البوظة إلى فروعنا، والحمد لله برعنا في هذا المجال، وهمّنا خدمة الزبائن».

وأضاف: «إنّ وضع علامة الأصلي من قِبل آل السمرة على محالهم هدفها المنافسة، لكن المنافسة الحقيقية هي في الجودة ونوعية البضائع والتعامل مع الزبائن والصدق معهم، ودائماً نحرص على التواجد في فروعنا والإشراف على المعمل، وبالتالي الاحتكاك مع الزبائن يكون من قِبل صاحب المصلحة مباشرة وليس مع الموظّفين، كما إنّنا في عطلة نهاية الأسبوع نشرف شخصياً على إيقاف سيارات الزبائن، فإرضاء الزبائن يبدأ من الاستقبال عند باب المحل ثم داخل الصالة، فحسن الإدارة والمعاملة ونوعية البضائع تجعل الزبائن يعتادون على المحل».

وختم الغربي: «لم نتأثّر بالمنافسة السورية، لأنّ نوعية البضائع المستخدمة هنا غير التي كانت تُستخدم في الشام، وإسمنا تأسّس على الصناعات التقليدية، لكن تمَّ تطوير الصناعات الأخرى بأسعار مدروسة، بناء على قاعدة بيع كثير وربح قليل، والاحتكاك بالناس والنجاح لديه لذّة أكبر من الحصول على المال، وفي نفس الوقت المحافظة على التراث الصيداوي مع تطويره، فمن ضمن المكسّرات أصبح لدينا 14 صنفاً، ونتلقّى الطلبات من الخارج».

«بسيوني بيه»... خبرة وتنوّع

{ بدورها «حلويات بسيوني بيه»، زادت على الخبرة التنويع في الأصناف، وفق ما شدّد عليه مدير الإنتاج مصطفى محمد بسيوني بالقول: «لقد فتحنا المحل في العام 2006، فقد كان الوالد على مدى 15 عاماً مديراً للإنتاج في «حلويات البابا الممتازة»، وقرّر بعد ذلك فتح محل خاص به، والحمد لله تميّزنا بالبقلاوة الصغيرة والقطر الخفيف، وكُنّا الأوائل في لبنان بهذا المجال، ولم نقم بتقليد غيرنا، بل ركّزنا على القطع التركية في هذا المجال، وطبعاً خبرة والدي الكبيرة التي بدأت منذ سن التاسعة عند «حلويات السنيورة»، ثم سافر إلى قبرص، حيث تعلّم المصلحة جيداً، وبعدها إلى «حلويات الدار» في دبي، وعاد في العام 1990 إلى لبنان، فبدأ عند «حلويات البابا»، وتطوّر عمله من خلال الدورات التي خضع لها وأعطته الخبرة الإدارية».

وأضاف: «صيدا تمتاز بكرمها في الحلويات، وتشتهر المدينة بالطيبة والحلويات العربية والمعمول الصغير، فتُقصد لهذه الأمور، فضلاً عن أنّ أسعارها هي أرخص من بقية المناطق، مع التركيز على نوعية البضائع الجيدة، وما يميّزنا هو المحافظة على نفس النوعية، فرغم ارتفاع أسعار السمنة لم نغيّر النوعية، بل اضطررنا إلى رفع الأسعار بقيمة التكلفة، كي لا تتغيّر النوعية على الزبائن، فالبقلاوة لدينا «تقرش» أما في محلات أخرى فهي «تعلك» وتذوب في الفم، وشكل البقلاوة مختلف عن بقية المحال، ونحن نصنع جميع أنواع الحلويات العربية وليس الأجنبية، فيما هناك محال أخرى تميّزت في قوالب الحلوى، وفي ظل الأوضاع الأمنية والاقتصادية من الصعوبة بمكان المخاطرة في صنع أصناف جديدة غير متميّزة».

وختم بسيوني: «نتميّز أيضاً في صناعة الفيصلية التي تعوّد عليها كبار السن، فهي عجينة بورمة محشوّة بالفستق، صُنِعَتْ للأمير فيصل في الحرب العالمية، وتُطلَب من قِبل محبّي التراث، ونحن نصنع العديد من الحلويات الرمضانية التي تصل إلى 50 صنفاً، من المدلوقة إلى المفروكة وحلاوة الرز والجبن والصنوبرية، كما نقوم بتصنيع هذه الحلويات على مدى 3 أيام أسبوعياً في الأيام العادية، تُضاف إليها لقمة الجنة، تراب الجنة، لقمة الملك، العثملية والمد والمفروكة بالقشطة، السمرة، والحدف الذي هو أساس التراث، أما الجيل الجديد فيحب القشطة ومكوّناتها، ونفخر بمدينتنا صيدا التي تتميّز بصناعة الحلويات، ونسعى إلى التقدّم والتطوير وإرضاء الزبائن ومعاملتهم بشكل جيد».

صناعة جعلت من «عاصمة الجنوب» مقصداً للزائرين لشراء الحلويات الرمضانية الشهيرة وبأسعار في متناول غالبية الطبقات الاجتماعية.

تعليقات: