شعر رندا عبدالله: سياحة ذهنية و تجوال بين الاماكن الرمزية‎

رندا عبدالله تعلمت منذ طفولتها كيف تقرأ وتكتب ثقافة منفتحة على الكلمة فامتد حبها خارج ذاتها لتتعاطف مع كل الدمعات والقلوب الجريحة
رندا عبدالله تعلمت منذ طفولتها كيف تقرأ وتكتب ثقافة منفتحة على الكلمة فامتد حبها خارج ذاتها لتتعاطف مع كل الدمعات والقلوب الجريحة


عرفتها تسكن في اعماقها روح التأمل في امتداد لإحساسها الشعري المفعم الذي يسكن داخل البيئة التي هي منها ليمزج ذاتها في فكرها. هي امرأة تتعمق قيم الحب و الجمال و الحرية في شعرها. هي امرأة ترصد ظواهر الواقع فترسمها نسيجا يتابع مسيرة المرأة فتقف شامخة في اشعارها حينا و متمردة احيانا.

رندا عبدالله تعلمت منذ طفولتها كيف تقرأ وتكتب ثقافة منفتحة على الكلمة فامتد حبها خارج ذاتها لتتعاطف مع كل الدمعات والقلوب الجريحة، ولا غرابة في شاعريتها الرقيقة النابضة بالحب و الحنان واحساسها المرهف الجميل. وكأن مشاهد البحر و الشطآن وطيور النورس والوز في الخيام تسكن اشعارها وتدعوها كل صباح الى التأمل بمشاعرها وخيالها فتعشق الطبيعة في سكونها وعنفوانها، وفي نسائمها الحريرية.

قرأت قصائدها وشاهدت من خلالها بعضا من ملامح مدينة عريقة اسمها الخيام. وللسيدة رندا عبدالله فلسفة بثتها في اشعارها اضافة الى حياة حافلة بالتجارب و المدن التي زارتها. واذا كانت جذابة في تناول اطراف الحديث في الشعر وشؤون الحياة فهي جذابة بصوتها وهو يترنم ببعض ما تكتبه من "خربشات" كما يحلو لها ان تسميها من على صفحات التواصل الاجتماعي.

يا زهرة نبتت في صحراء قاحلة

انثري اريجك بين ضلوع الوجد

اصرخي بأمل الوجود...

انبهري بنور في بقعة ضوء

عودي الى ربيع الامل

اغزلي خيوطاً من حرير

على ربيع ايام عطشى...

فماء الحياة تاه...

في عتمة حالكة

وبقيت انت لي

انها بالطبع اهازيج لا تهجرها الارصفة ولا حتى رحلة الاشياء. ترصفها اغاريد الغيارى القادمين فوق افواج البيادر، فوق بوح الماء في كنوز عملت على تطريزها جبهة المساكين والفقراء. وانا اكتب استوقفتني الكلمات حيث بدت في كلمات رنداعبدالله لحظة روحية تنساب في اتجاه هذا الكائن الذي يُكتب له الكثير من الشوق والحنين والتشظي والعشق فالضوء يقود عشاقه اليه.

انسكب ايها الماء على عطاشى الزمن...

ربما تروي به عروقاً...

نشفت مع مرور الزمن

احييها برحيق ورد...

لتعبر الى مسام جسد

تركت فيه الايام

اثلاماً من الاسى...

طوتها قساوة الغربة

تحت رداء من الالم.

كانت السيدة رنداعبدالله مغتربة اغتراباً داخلياً وخارجياً بحثا عن اماكن وفتوحات، ولعل هذا ما انتهى بها الى ادب الرحلة بما تعنيه من سياحة و تجوال بين الاماكن المفترضة، حيث يمكن لهذه السياحة ان تكون ذهنية ويعبر عنها شعرياً من خلال التجوال بين الاماكن الرمزية. انها عجينة تلك الشاعرة التي تقفز فوق المراحل و تتقدم لتضع محل الصياغة الشعرية المألوفة جملة شعرية جديدة تفتح في ذهن كل من يقرأها اكثر من نافذة. نوع من ترويض الكلمات على التطبع بقضايا عصرها. ورندا عبدالله اذ تفعل ذلك لا تشعر بالتكلف ولا يعتريها ارتجاج حيث تنفتح مع الكلمات حياتها ونشاطها من جديد.

أحياك سنبلة قمح

احياك عصفور التين

لا اشتكي قهراً من التغيير

ولكن اهوى ان اكون

طائراً يزهو بحرية الامل

ويشدو على اطرافه

انغام الغزل...

في الاتجاه العام، يبدو ان السيدة رندا عبدالله تتذوق الحب و الحياة من خلال وجود البشر و هي تستقرئ الفرحة على شفاههم، لذلك فان عالمها الوجداني وثيق الصلة بواقع الناس من حولها والا فكيف يهنأ هذا النوع من الحب وهناك من يقاوم

* هيفاء نصّار، أوتاوا - كندا

تعليقات: