أم فؤاد ورفيقاتها يعدن إلى المدرسة

لم يخطر في بال أم فؤاد، الشيخة الستينية، بعدما طوت سنوات مديدة من عمرها، أنها ستعود يوماً إلى غرفة الصف، والجلوس على مقاعد الدراسة هي وزم
لم يخطر في بال أم فؤاد، الشيخة الستينية، بعدما طوت سنوات مديدة من عمرها، أنها ستعود يوماً إلى غرفة الصف، والجلوس على مقاعد الدراسة هي وزم


لم يخطر في بال أم فؤاد، الشيخة الستينية، بعدما طوت سنوات مديدة من عمرها، أنها ستعود يوماً إلى غرفة الصف، والجلوس على مقاعد الدراسة هي وزميلات لها. فقد هُجِّرت هي والعشرات من بنات جيلها، من مدرسة الضيعة، بحجّة ضيق المكان آنذاك، وعدم قدرته على استيعاب الراغبين بالتعلم. والمكان عبارة عن غرفتين يفصل بينهما ممر ضيق، كانت قد سمحت رعية كنيسة مار الياس في البلدة للمدرسة باشغاله. ونظراً لكونه لا يتّسع لأكثر من أربعين ولداً، تقرر أن يُفسح المجال لولد واحد من كل عائلة للتعلم في المدرسة، وغالباً ما يقع اختيار الأهل على الذكور، وترك الإناث في المنزل. وبالرغم من ذلك الجميع ما زال يذكر مدير المدرسة آنذاك، أبو سهيل مهدي يونس، وقد اشتهر بلقب "باني عمارة العلم".

لاقت أم فؤاد صعوبة في بداية دورة محو الأمية، التي تنظمها "الجمعية النسائية الخيرية الاجتماعية" في عين عطا، تحت عنوان "تعليم الكبار لحياة أفضل"، برعاية البلدية التي تكفلت بالنفقات ومنها بدل الأتعاب والنقل والقرطاسية، وبالتنسيق المباشر مع وزارة الشؤون الاجتماعية، التي قدّمت الكتب المخصصة للبرنامج. لكنّها أصرت على متابعة الدورة، حتى تمتلك القدرة على "الكتابة والقراءة والإملاء"، كما تقول. وتُفاخر بأنها استطاعت أن تبني أسرة متعلمة، فأحد أبنائها برتبة نقيب في الجيش، والآخر برتبة ملازم، بينما الثالث يحمل إجازة في إدارة الفنادق.

وتصف رئيسة الجمعية سمر الحاج القاضي الدورة بالحدث، لأن "المنتسبات أمهات لنا وشقيقات وقريبات، ولا يجوز أن يعشن منغصات لا يفقهن القراءة ولا الكتابة، في زمن أضحت المعرفة هي السلاح الأمضى والوثيقة الأبرز".

وتلفت القاضي إلى أن الجمعية أجرت مسحاً في البلدة، فتبين أن هناك 53 حالة في صفوف الإناث، تراوح أعمارهن بين 55 و70 عاماً لا يعرفن القراءة والكتابة، بينما لا تزيد حالات من هن في الأربعينات وما دون عن الأربعة، في مقابل حالتين فقط في صفوف الرجال.

مدّة الدورة، وفق القاضي، نحو مئة ساعة، وتمتد على أربعة أشهر بمعدل ساعتين في اليوم على مدى ثلاثة أيام في الاسبوع، وتقوم مدرسات متخصصات بتعليم المنتسبات ومساعدتهن كتابة وقراءة، ليتمكن من إنهاء دورة ناجحة، تستكمل بدورات أخرى للتقوية.

حُرمت الشيخة أم فؤاد وهي طفلة من الدراسة (شوقي الحاج)
حُرمت الشيخة أم فؤاد وهي طفلة من الدراسة (شوقي الحاج)


تعليقات: