صورة حديثة لك على أقمار التجسس الإسرائيلية كل 90 دقيقة

الأقمار التجسسية الإسرائيلية تراقب اتصالاتنا وتشوش عليها
الأقمار التجسسية الإسرائيلية تراقب اتصالاتنا وتشوش عليها


إذا أردت أن تعرف مصدر التشويش عليك أن تعرف ما يحصل في الفضاء...

شكلت قضية تشويش إسرائيل على الاتصالات الهاتفية اللبنانية خلال الغارات التي نفذتها ضد سوريا قبل أكثر من أسبوع محور اهتمام إعلامي وسياسي انحصر في مواقف الإدانة والاستنكار. لكن القضية ليست جديدة، وربما لن تكون الأخيرة. فهي تكررت مرات عدة خلال حرب تموز الماضي ولعل السعي لفهمنا يجعلنا نتوجه نحو الأعلى في محاولة لرسم الخريطة لما يحصل في الفضاء من فوقنا. فبخلاف الدول العربية التي تتبارى في إرسال أقمار اصطناعية للاتصالات والبث التلفزيوني الفضائي، فإن اهتمام إسرائيل بهذه التكنولوجيا يتجه نحو آفاق أخرى أكثر خطورة أهمها اليوم «أفق 7».

في الحادي عشر من حزيران الماضي أطلقت إسرائيل إلى الفضاء بنجاح القمر الاصطناعي التجسسي «أفق ـ7» (Ofek 7)، بواسطة صاروخ من صنع إسرائيلي، حيث اتخذ مداره وبدأ بالدوران حول الكرة الأرضية بعد ساعتين من إطلاقه من قاعدة «بلماخيم» القريبة من تل أبيب. وقد تباهى المسؤولون الإسرائيليون في تصريحاتهم التي نقلتها صحيفة «جيروزاليم بوست»، بأنه ما من «دولة بحجمنا» في العالم «تمتلك قمراً صناعياً في الفضاء»، لا سيما وأن هذا القمر أنتجته شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI). وشدّد المتحدثون باسم المؤسسة العسكرية على أهمية الإطلاق الجديد في تعزيز «التفوق النوعي» لإسرائيل على أعدائها، وخاصة في الجانب الاستخباراتي. وأشارت الصحيفة نفسها إلى أن هذا القمر الجديد يمر فوق إيران وسوريا والعراق كل 90 دقيقة ناقلة عن مسؤولين عسكريين أنه «هو الأكثر تطوراً من بين كل الأقمار الاصطناعية التي أطلقتها إسرائيل سابقاً حيث يتفوق على القمر إيروس «ب» القادر هو نفسه على تصوير نقاط على الأرض لا يزيد حجمها عن 70 سنتيمتراً!

مشروع الفضاء الإسرائيلي

لكن هذا الخبر ليس جديداً أو الأول من نوعه، إذ تحتل إسرائيل المرتبة التاسعة في نادي الدول الفضائية بعد ما دخلت مجال الفضاء رسمياً في العام 1988 بإطلاقها القمر الاصطناعي الإسرائيلي الأول «أفق 1» من منصة إطلاق متحركة إسرائيلية. تُحيط إسرائيل أنشطتها الفضائية بهالةٍ من الغموض والسرية، وتُخضع الحديث عنها إلى قيودٍ أمنية صارمة، غير أن هناك من يرجع دخول إسرائيل إلى برامج الفضاء والأقمار الصناعية إلى قبل ذلك بكثير، إلى أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات بالتوازي مع بداية برنامجها النووي.

وقد جاءت فكرة غزو الفضاء بعد أن أطلق الاتحاد السوفيتي أول قمر اصطناعي إلى الفضاء في تشرين الأوّل ,1954 حينها أدرك رئيس وزراء إسرائيل السابق «ديفيد بن غوريون» أهمية التفوق في المجال الفضائي فقام في العام 1960 بإنشاء اللجنة القومية لأبحاث الفضاء، وفي 5 تموز ,1961 أطلقت إسرائيل صاروخاً بدائياً يحمل بعض المعدات للأرصاد الجوية، ووصل إلى ارتفاع 80 كيلومتراً. وفي العام 1964 طلبت إسرائيل من الولايات المتحدة وفرنسا مساعدتها في إقامة محطة لرصد الأقمار الاصطناعية. وفي العام 1966 أنشأت معهد أبحاث الفضاء الذي أتبع في العام 1983 بوكالة الفضاء الإسرائيلية (ISA). كلفت الوكالة بوضع البرنامج الفضائي الإسرائيلي، والإشراف على تنفيذه، وحددت لها العديد من المهام، مثل دعم الأبحاث النظرية وتحقيق تعاون وثيق مع الهيئات الفضائية الأجنبية، فوقعت اتفاقية مع الولايات المتحدة الأميركية للاشتراك في مبادرة الدفاع الاستراتيجي، واشترت مساحات من قاعدة الإطلاق الروسية في بايكونور في كازاخستان، وأحسنت استغلال العلماء اليهود، الذين قدموا إليها من الاتحاد السوفيتي، وبذلك أمكنها إنتاج الأقمار الاصطناعية وإطلاقها بمعرفتها. كما شاركوا ألمانيا في إنتاج أقمار استشعار عن بعد، واستفادوا من كل هذا التعاون في تطوير الصواريخ التي تحمل هذه الأقمار ـ ومن ضمنها الصواريخ الحربية ـ بحيث أنتجوا الصاروخ المتطور «شافيت» في العام 1986 لحمل الأقمار إلى الفضاء.

وقد وضعت الوكالة برنامجاً ينفذ على ثلاث مراحل:

ـ المرحلة الأولى: يتم فيها إنتاج قمر اصطناعي تجريبي (أفق1 و2)، ويوضع في مدار قريب من الأرض، ويحمل معدات أساسية بسيطة، ويكون قادراً على البقاء في الفضاء لفترات تتراوح بين شهرين أو ثلاثة. أطلق الصاروخ «أفق 1» في 19 أيلول 1988 في مدار أقرب نقطة فيه للأرض على بعد 249 كيلومتراً وأبعد نقطة 1149 كيلومتراً ومن أهم وظائفه اختبار الخلايا الشمسية التي كان يحملها وإجراء تجارب في الاتصالات.

في 3 نيسان 1990 أطلق «أفق 2» في مدار أبعد نقطة فيه عن الأرض 251 كيلومتراً وأقرب نقطة 149 كيلومتراً لإجراء اختبارات في الاتصالات.

ـ المرحلة الثانية: ويتم فيها إنتاج قمر استطلاع أكثر تطوراً وأطول عمراً وإطلاقه، يستطيع البقاء في مداره لمدة تتراوح بين عامين وعشرة أعوام، ويحتوي على أجهزة تجارب علمية مختلفة. وكان إطلاق القمر «أفق ـ 3» في العام 1995 بمثابة إعلان عن نجاح العمل في المرحلة الثانية. هو من أبرز الأقمار الاصطناعية التجسسية الإسرائيلية، ويدور على علو يتراوح بين 400 و700 كيلومتر بمعدل دورة واحدة حول الأرض خلال مدة تتراوح ما بين 90 و120 دقيقة، أي بمعدل ست دورات نهارية في اليوم، بحيث يمر في الدورة النهارية الأولى فوق منطقة غرب الهند وباكستان وأفغانستان ودول آسيا الوسطى وإيران والعراق ومنطقة الخليج العربي. ومن أبرز وظائفه:Åتزويد إسرائيل بمنظومة استطلاع متكاملة للتجسس والتصوير الفضائي تغطي منطقة الشرق الأوسط؛ والحصول على فرصة الإنذار المبكر عند تعرض إسرائيل لهجمات بالصواريخ الباليستية؛ والتوجيه الدقيق للصواريخ الباليستية الإسرائيلية؛ وإعاقة الاتصالات السلكية واللاسلكية ووسائل الاستطلاع الإشعاعية وأجهزة الاستطلاع الراداري العربية؛ وجني مكاسب اقتصادية حيث ترى إسرائيل أن خدمات الفضاء أصبحت سوقاً ضخمة يراوح حجمها بين 100 و200 مليار دولار في السنة.

إلا أن هذا القمر لم يعمر طويلاً ففي خريف العام 2000 احترق وسقط على الأرض.

بعد ذلك أطلق «أفق 4» الا أنه سقط في البحر المتوسط ولم تصرح إسرائيل عن سبب سقوطه.

وفي العام 2000 أطلقت إسرائيل من روسيا قمراً صناعياً تجارياً (Eros) حيث أرسل بيانات إلى وكالات الاستخبارات الإسرائيلية وهو مشابه لـ «أفق 3».

ـ المرحلة الثالثة: تتصف بقدر بالغ من الطموح، إذ تحتوي برامج لإطلاق أقمار اصطناعية متنوعة، أطول عمراً وأكبر حجماً من الأقمار السابقة.

أطلق في أيار 2002 القمر الاصطناعي التجسسي «أفق5» على متن صاروخ إسرائيلي من طراز «شافيت» من ميدان التجارب الصاروخية في شاطئ «بلماخيم» جنوب تل أبيب. ويدور هذا القمر على ارتفاع 500 كلم فوق سطح الأرض وبمعدل 16 دورة في اليوم. وبإمكان «أفق 5» المرور فوق نقطة معينة فقط مرة واحدة كل يومين. وقدÅبلغت كلفته نحو 60 مليون دولار أميركي، ويعتبر صناعيا خفيف الوزن. ويتميز بالكاميرا التلسكوبية الخاصة التي تقوم بالتصوير الدقيق ويرسل صورا لتحركات القوات وبطاريات الصواريخ أو بناء مواقع نووية. وهو يستطيع أيضاً التقاط صور لأشياء يقل طولها عن متر واحد من ارتفاع 450 كيلومتراً. ويشكل جزءاً من منظومة جمع المعلومات الاستخباراتية عن الدول العربية وغيرها من الدول لاحتوائه على أجهزة تنصت على الاتصالات السلكية واللاسلكية.

ثم أطلقت إسرائيل في27 كانون الأول 2003 من قاعدة «بايكونور» الروسية في كازاخستان، القمر الاصطناعي «عاموس» (تجاري) الذي بلغت كلفة تطويره حوالى 150مليون دولار بدعم أميركي واسع، بواسطةÅصاروخ تابع لشركة الإطلاق الفرنسية ـ الروسية «ستار ـ سام». ويوفّر هذا القمر خدمات بث للعملاء الإسرائيليين والأجانب في الشرق الأوسط وأوروبا ويخدم الشركة الإسرائيلية للتلفزيون الفضائي YES ومحطة HBO الأميركية في المجر وبولندا وسلوفاكيا ورومانيا وجمهورية التشيك.

وفي العام 2004 حاولت إسرائيل إطلاق القمر «أفق 6» إلا أنها فشلت في إطلاقه وسقط في البحر المتوسط أيضا واعتبر هذا الفشل ضربة للفضاء الاسرائيلي. وهي عادت واطلقت القمر الجديد Eros b في 25 نيسان 2006 ويستطيع هذا القمر مسح وتصوير الكرة الأرضية كاملة تقريبا لأنه يدور في المدار القطبي، أي أنه يمشي من القطب إلى القطب (من الشمال إلى الجنوب أو العكس). ويعطيه هذا المدار حرية أكبر في التصوير بعكس القمر «أفق 5» وتستخدمه إسرائيل أيضاً لأغراض التجسس وله ميزة أن دقة الصور فيه عالية جداً والمعلن عنه انه يلتقط الأجسام حتى حجم 70 سنتيمتراً. وهو مخصص لتصوير إيران وتحديداً أنشطتها النووية حيث سربت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية في 30 نيسان 2006 صوراً لأماكن إستراتيجية عربية مثل «سد الطبقة» على نهر الفرات في سوريا ومطار «كسلا» في السودان. ومن المتوقع أن يطلق «إيروس سي» مطلع العام .2009

أما القمر التجسسي الجديد «أفق 7» الذي أنتجته مؤسسة الصناعات الجوية الإسرائيلية وأطلق من قاعدة «بالماخيم» حيث بلغت زنته 300 كيلوغرام وطوله 3.2 متر وقطره 2.1 متر وبإمكانه الدوران حول الكرة الأرضية خلال 90 دقيقة (راجع «السفير» في 12/6/2007). وهو مزود بجهاز رادار متطور يستطيع رصد أهداف أرضية من ارتفاع 400 إلى 600 كيلومتر على مدار 24 ساعة بلا توقف وينقل صوراً أكثر دقة من تلك التي يستطيع أن يلتقطها القمر «إيروس بي» والذي تم إطلاقه في نيسان ,2006 علماً بأن هذا الأخير قادر على تصوير أجسام على الأرض قطرها حتى 70 سنتيمتراً بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ليلاً نهاراً، وأيا كانت الأحوال المناخية. وسيوفر هذا القمر صوراً دقيقة لمواقع إستراتيجية وهامة ولتحركات آليات عسكرية وجيوش بأكملها في منطقة الشرق الأوسط وخصوصاً إيران. ويقدر بعض الخبراء العمر الافتراضي له ما بين 4 و6 سنوات. وتعتبر الأقمار الصناعية «أفق» الوحيدة في العالم التي تطلق تجاه الغرب بعكس دوران الكرة الأرضية، منعاً لوقوعها في مناطق مأهولة أو معادية لإسرائيل.

قمر لكل عسكري؟

من جهة ثانية كشفت صحيفة «يديعــوت أحرونوت» عن أن إسرائيل تستعد للدخول في مرحلة أخرى من مراحل الفضــاء وهـى مرحلة قمر صناعي لكل قائد عســكري. وسيكــون ذلك عن طــريق إطـلاق أقـمار صناعية صغيرة لا يزيد وزن الواحد منها عن 50 كيلوغراماً، يستطيع من خلاله كل قائد حرب إسرائيلي رصد أي شيء يتعلق بمهامه خلال الحرب، بحيث يتم تخزينها في مخازن السلاح الجوى الإسرائيلي وإطلاقها عن طريق الطائرات المقاتلة عند نشوب أي حــرب. وقــد تم بالفعـل تصميـم هذا الطراز من الأقمار الصناعية والقيام بتجارب لإطلاقها عبر طائرات القتــال العادية «إف 16» و«إف 15» بالتعاون مع روسيا. كما تخطط إســرائيل أيضــاً لإطـلاق «افق 8» و«تكسار» في الأيام القليلة المقبلة. الجدير بالذكر أن إسرائيل تحصل عن طريق «أفق» على 80 بالمئة من معلوماتها الاستـخباراتية، وعلى 20 بالمئة عن طريق عملائها، حيث تتغلب هذه الأقــمار على مراكــز الإنــذار المبكر والاستشعار عن بعد في الدول العربية سواء بالمتابعة أو التصنت والتشويش على الاتصالات الهاتفية الخلوية بواسطــة أقمــارها الاصـطناعية. وهذا ما يتوقع أن يكون قد حصل مؤخراً عندما غارت الطائرات الإسرائيلية على الأراضي السورية والتشويش الذي طرأ على شبكة الهاتف الخلوي اللبنانية نظراً لوجود هواياتها بالقرب من الحدود السورية. فمن أشكال التشويش على الأقمار الاصطناعية الخاصة بالاتصالات ما يورده الدكتور محمد عطوي في كتابه «التجسس الإسرائيلي» الصادر في العام 2006 «حيث يتم التقاط الموجات الخاصة لمحطات أرضية تملك هوائيات عملاقة، ولها اتصال مع قمر اصطناعي مجاور للقمر المراد التجسس والتشويش عليه. وهذا ما تقوم به إسرائيل بفضل أقمارها التجسسية (افق1و2و3) وقمرها للاتصالات الهاتفية والبث والتلفزيون (عاموس)». كما تجبر وكالات المخابرات الغربية شركات الاتصالات على توقيع اتفاقيات سرية للتجسس على زبائنها عن طريق ابتزازها مثلاً: التهرب من دفع الضرائب أو بالضغط على الحكومة كي لا تمنحها إجازات لفتح وزيادة خطوطها أو استئجار بعض من خطوطها بحسب ما يورد الكتاب نفسه.

تعليقات: