شبعا·· جارة القمر·· منسية في أقصى الجنوب الشرقي للبنان

شلالات نبع الجوز
شلالات نبع الجوز


بلدة وادعة في أحضان جبل الشيخ تنفض عنها غبار الحرب.

شبعا حرمون جارة القمر وأم العرقوب بلدة منسية مشلوحة في وادي ضيق في اقصى الجنوب الشرقي للبنان وهي الحد الفاصل مع جارتيه سوريا وفلسطين بحكم امتدادها الطبيعي ومزارعها المحتلة من قبل العدو الاسرائيلي منذ العام 1967 مع مرتفعات الجولان وسهل الحولة المحتلين أيضاً فموقعها الجغرافي هذا جعلها ان تبقى على الدوام عنواناً عريضاً للعنفوان والكبرياء في الصراع العربي - الاسرائيلي منذ نكبة 1948 وحتى اليوم إذ كانت ولا تزال تدفع الفاتورة غالية نيابة بل فداء عن لبنان والعرب فتقدم عند كل مفصل او محطة من هذا الصراع كوكبه مشرقة من خيرة شبابها وشيبها ليبقى جبينها مرفوعاً وكرامتها محفوظة والتاريخ خير شاهد على ذلك· فهذه البلدة الوادعة في احضان جبل الشيخ نفضت عنها غبار الحرب بعد التحرير مباشرة في العام 2000 وشهدت نهضة عمرانية لافتة ساهم فيها عودة ابناءها الذين هجروها قسراً ابان الاحتلال وخاصة المغتربين منهم كما وكان لبلديتها دوراً مميزاً في هذا المجال وحققت العديد من المشاريع الانمائية والعمرانية والخدماتية داخل البلدة وفي محيطها· فشبعا وبحكم موقعها الجغرافي المميز جديرة بأن تكون في طليعة المواقع السياحية المدرجة على الخارطة السياحية في لبنان لما لها من مواصفات ومقومات قلما تجدها في منطقة اخرى تساعدها على استقطاب السواح صيفاً وشتاء، فإلى جانب مناظرها الطبيعية الخلابة وهواءها العليل وغناها بثروتها المائية العذبة التي ربما كانت الوحيدة التي ما زالت بعيدة كل البعد عن التلوث وهذه المياه تتدفق على مدار السنة من عشرات بل مئات الينابيع المنتشرة في محيطها وأكبرها عين الجوز الذي يغذي العديد من قرى وبلدات المنطقة بمياه الشفة كما تبقى بساتينها جنة خضراء وافرة غنية بالغلال وبالفاكهة والخضار على أنواعها· كذلك بالنسبة لمواقعها الاثرية العديدة والمتعددة والتي يعود تاريخ بعضها الى قرون خلت اشهرها "قصر عنتر" الذي يحتل أعلى نقطة في قمة جبل الشيخ بحيث يعلو عن سطح البحر 2814 متراً ويحمل هذا القصر طابع القداسة حيث فيه تجلى السيد المسيح· كما وان للشبعاويين ما يشهد لهم فيه من عادات وتقاليد مشرفة توارثوها أباً عن جد خاصة لجهة كرمهم وحبهم للضيف· وبالرغم من كل هذه المقومات والمواصفات الطبيعية والجمالية التي تتميز بها شبعا عن غيرها فإن الحركة السياحية فيها لهذا الموسم ظلت ضعيفة وللعام الثاني على التوالي بفعل الاوضاع الامنية والسياسية التي تتحكم بمنطقة الجنوب خاصة وبلبنان بشكل عام والتي كان لها اثر سلبي على عودة المغتربين من ابناء البلدة وبخاصة المنتشرين منهم في الدول العربية، بحيث كان لهم دوراً اساسياً في تحريك الدورة الاقتصادية في البلدة وهذا ما قوّض الآمال التي كان يعقدها العاملون في القطاع السياحي وزاد من حجم خسائرهم· رئيس بلدية شبعا عمر الزهيري أمل أن يتبدل الحال بأحسن الاحوال وأن تزول هذه الصورة الضبابية وتزول معها المعوقات والاوضاع الصعبة التي تتحكم بلبنان ليعود الى سابق عهده منارة للشرق وبلداً للمحبة والوئام· ورأى الزهيري ان القطاع السياحي الناجح يشكل رافداً اساسياً في الاقتصاد الوطني ويخفف من الضائقة الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع وانطلاقاً من ذلك عملت بلديته ومنذ اليوم الاول لتسلمها مهامها على أدراج الوضع السياحي من أولى اهتماماتها حيث تنبهت الى الموقع الطبيعي والمعطيات السياحية المميزة لبلدة شبعا وخطت خطوات متقدمة جداً على هذا الصعيد ونفذت العديد من المشاريع السياحية لجذب السياح وتسهيل تحركهم وانتقالهم بين مختلف المواقع وأبرز هذه المشاريع هو إعادة تأهيل وتجهيز بعض المطاحن القديمة عند نبع المغارة والتي يعود عمرها لمئات السنين وكانت تستخدم في طحن الحنطة بواسطة ضغط المياه وقد أعيدت احداها للعمل بشكل طبيعي كما في زمن الاجداد كما حولنا مطحنة اخرى مجاورة الى متحف تراثي يضم الادوات والآلات القديمة التي كانت تعمل في تسيير المطحنة كما عملت البلدية على شق شبكة من الطرقات ما بين البلدة والمواقع الطبيعية والاثرية من ينابيع وتلال ومغاور وبساتين وأقامت فوق مجرى النهر العديد من الجسور لتمكين الزوار من التنقل بأمان والاستمتاع بالمناظر الخلابة، تأهيل نبع المغارة واعداده لاستقبال الزائرين وتأهيل الطرقات المؤدية الى النبع بطريقة تتناسب مع الواقع الجغرافي للمنطقة وكذلك المباشرة بتأهيل نبع عين الجوز من خلال مشروع هام ما زال قيد التنفيذ· كما عملت البلدية على شق طريق جبلية من مرتفعات جبل الشيخ بين محلة الفاقعة وبلدة راشيا الوادي وعبدتها بالاسفلت بهدف تسهيل قدوم السياح عبر هذا المحور· ولفت الزهيري الى تعاون البلدية مع مؤسسة "مرسي كور" على التخطيط والتنفيذ في نشاطات تتعلق بممارسة رياضة السير وتسلق الجبال وكذلك التعاون مع الجمعية اللبنانية لاكتشاف المغاور الطبيعية وخصوصاً نبع المغارة· وكشف الزهيري عن خطة تسعى لها البلدية من اجل إقامة منتجعات سياحية في محيط البلدة واستحداث مصعد كهربائي يربط البلدة بجبل الشيخ لتسهيل حركة وتنقل الزوار والسياح وأنهى الزهيري بالقول: اننا نتطلع الى اليوم الذي تحرر فيه مزارعنا من براثن الاحتلال لتعود الى حضن الوطن حيث في جعبة البلدية العديد من المشاريع لجلب السواح الى هذه المزارع التي دخلت التاريخ من بابه الواسع وشاع صيتها في أصقاع العالم بعدما باتت الحدث اليومي على الفضائيات وفي وسائل الاعلام الاخرى وكذلك في مجلس الامن وفي المحافل الدولية· من جهته العميد المتقاعد زياد السعدي صاحب منتزه "شمس المطاحن" يتأسف على المغامرة الخاسرة التي خاضها عندما قرر انشاء هذا المشروع الذي كلفه غلة العمر· ويضيف: إن فكرة بناء هذا المنتزه كان عندي بمثابة حلم وكنت انتظر الوقت المناسب لتحقيقه وبعد التحرير مباشرة في العام 2000 عدت فوراً الى بلدتي شبعا بعد غياب قسري استمر 40 عاماً وبدأت العمل في هذا المشروع وكنت أعمل ليل نهار من أجل إنجازه بسرعة ولم اكتف بذلك بل عمدت الى إقامة متحف حربي اثري بجوار المنتزه وكان ذلك من ضمن خطة ودراسات اعدتها مسبقاً وتتضمن أيضاً بناء فندق صغير لاستقبال وإيواء الزوار والسياح صيفاً وشتاء وتكلفت على هذا المشروع حوالى 400 الف دولار أميركي على أمل أن الوضع الامني استتب بعد اندحار العدو عن المنطقة وأن الامور تتجه نحو الافضل في كافة المجالات والقطاعات وخصوصاً السياحي منها لكن وللأسف حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر ووقعنا في عجز مالي يفوق قدرتنا· ويعتب السعدي على تقصير الجهات المعنية في عدم دعم ومساعدة العاملين في هذا القطاع مما سيضطره الى إقفال المنتزه وإلى الهجرة مرة جديدة· من جهته منسق تيار المستقبل في شبعا والعرقوب الدكتور بسام حمدان اعتبر ان تراجع الحركة السياحية في شبعا والمنطقة ينسحب على كافة المناطق اللبنانية الاخرى وذلك نتيجة للوضع السياسي المأزوم في البلد بشكل عام وغياب الاستقرار الامني خاصة في الجنوب بدءاً من حرب تموز العدوانية العام الفائت وما خلفته من تداعيات سلبية على كافة القطاعات وكذلك فيما شهدته المنطقة من اعتداءات ارهابية على قوات اليونيفل وكذلك بالنسبة للخروقات الاسرائيلية المتكررة البرية منها والجوية وكشف حمدان الى ان التيار أسس في شبعا نادي رياضي سياحي وذلك بدعم وتوجيه من عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبدأنا التحضيرات اللازمة للقيام بنشاطات سياحية متنوعة كتسلق الجبال واستكشاف الطبيعة والمحافظة على البيئة إلا ان الاوضاع الامنية المستجدة في المنطقة اضطرتنا الى تجميد هذه النشاطات حالياً على أمل تنفيذها مطلع الربيع المقبل·

تعليقات: