دراق البقاع الغربي وراشيا: الموسم جيد والتصريف على الله

إحدى عاملات القطاف بين حبات الدراق في راشيا (شوقي الحاج)
إحدى عاملات القطاف بين حبات الدراق في راشيا (شوقي الحاج)


رسمت الزيادة المتصاعدة، بنسبة المساحات المستغلة في زراعة الدراق على مستوى البقاع الغربي وراشيا، في السنوات الخمس الأخيرة، علامة استفهام واسعة أمام مستقبل هذه الزراعة، لجهة ارتفاع الكميات المنتجة سنوياً من هذه الفاكهة، وكيفية تدبر أمر تصريفها في الأسواق المحلية والخليجية والعربية، والتحكم بأسعارها ارتفاعاً أو انخفاضاً، ما جعل المزارعين يتخوفون على مستقبل مواسمهم، في حال لم تتدخل الوزارات المعنية لوضع خطة تقضي بفتح أسواق جديدة امام هذه الفاكهة لاستيعاب الكميات المنتجة، ومساعدة المزارعين في تخفيف الأكلاف التي يتكبدها المزراع لرفع انتاجيته والحفاظ على جودة هذه الإنتاجية .

تعدت المساحات المزروعة بشجرة الدراق في البقاع الغربي وراشيا 12 ألف دونم، ينتج الدونم الواحد بحدود 2-3 طن سنوياً كمعدل وسطي. وتتركز هذه الزراعة في تل الذنوب، خربة قنافار، عانا، عميق، عين زبدة، صغبين، مشغرة، الخيارة، لوسي، المنصورة، (في البقاع الغربي). أما في راشيا فالمساحات المزروعة بهذه الفاكهة صغيرة، وتتوزع على قرى عدة، ولا تتعدى نسبة الإنتاج حاجة السوق المحلية لهذه الفاكهة.

وقد أجمع المزارعون على أن الأصناف الجديدة من الدراق، احتلت معظم المساحات الزراعية في المنطقة، بعدما اقتلعت النوعيات القديمة من هذه الأشجار، لتحل محلها نوعيات أكثر جودة وإنتاجية، وأطيب مذاقا، وأبهى مظهراً، وأفضل تسويقا، ولم يبق من الأصناف القديمة لا سيما شجرة «الألبرتا» التي تعد النوعية الأفضل في استخدامها كفاكهة مجففة لفصل الشتاء، سوى بعض «الواحات»، في بعض القرى.

المزارع سيمون سلوم لفت إلى أن هناك عشرة أصناف جديدة من الدراق. وهذه الأصناف تختلف من حيث تواريخ نضوجها، التي تتسلسل على مدى أشهر الصيف من كل سنة. وهي مرغوبة ومطلوبة في الأسواق المحلية والخارجية أيضا. ويشكل «النيكترين» الصنف الأكثر زراعة وتسويقاً، وتتعدى نسبة الطلب عليه 70 في المئة إن محليا أو في الأسواق العربية والخليجية.

ويلفت سلوم إلى أن الأسعار تتأرجح في كل سنة مع بداية الموسم ونهايته، بين ارتفاع وانخفاض. كأن يبدأ سعر الكيلوغرام الواحد في بداية النضوج بـ1500 ليرة، ثم يتناقص تدريجياً إلى حدود 500 ليرة.

ويشير سلوم إلى أن إنتاجية هذه الفاكهة الزائدة عن حاجة السوق المحلية، يتم تصديرها عادة إلى بعض الدول الأوروبية وإلى دول الخليج، وبكميات أكبر إلى مصر وسوريا والعراق. لكن سلوم لفت إلى انخفاض الكميات المصدرة إلى الأسواق الأخيرة، نتيجة الأوضاع الأمنية المتفجرة في سوريا، ولجوء مواطنيها إلى الدول المجاورة من جهة، وتخوف سائقي الشاحنات المبردة من العبور إليها، ومنها الى العراق ودول الخليج، مؤكداً أن النسبة الأكبر من موسم الدراق يتم تصديره إلى الأسواق الخارجية عن طريق البحر بواسطة العبارات، كون هذه الفاكهة لا تتحمل البقاء في البرادات أكثر من شهر.

ونفى سلوم إصابة هذا الموسم بأمراض قاتلة، لكنه أشار إلى انتشار الأمراض العادية مثل السوسة والرمد والتجعد. وهي أمراض من الأنواع المسيطر عليها. وقال: الدونم الواحد من هذه الزراعة يتطلب سنويا مبلغاً من المال قد يتعدى المليوني ليرة، موزعة كتكاليف على شراء الأدوية والأسمدة والحراثة والتقليم واليد العاملة والقطاف وغيرها من المتطلبات، لتحافظ هذه الزراعة على تقانتها، ولتأتي الإنتاجية مرتفعة ومميزة بالجودة وبالمذاق الشهي. وأشار إلى الغلاء العالمي في أسعار الأدوية والأسمدة، مميزاً بين الأدوية ذات الفعالية العالية وهي الأوروبية والأميركية، والأدوية الأخرى الصينية والهندية وغيرها.

سلوم لفت إلى أن إنتاجية الدراق تتفاوت من عام إلى آخر. وهذه الإنتاجية مرتبطة إلى حد ما بأحوال الطقس، فحين يحل البرد والصقيع تنخفض الإنتاجية إلى حدود الخمسين في المئة من معدل إنتاج الدونم الواحد، بينما ترتفع الإنتاجية إلى حدود 80 في المئة في حال استقرار الطبيعة والطقس. وأكد أن المزارع قد يتعرض من حين إلى آخر لنكسات في إنتاجية مواسمه، لأسباب أخرى أهمها: عدم العناية، أمراض مستجدة وغير معروفة من المزارعين، سوء نوعية الأدوية أو الأسمدة المستخدمة في هذه الزراعة. من هنا كما قال سلوم: يجب على المزارع التيقظ والاهتمام، والاستعانة بالمهندسين الزراعيين المختصين، والاستفادة من كل الخبرات التي تتوفر في وزارة الزراعة في حال وجودها.

تعليقات: