القمل والسيبان تجتاح تجمعات اللاجئين السوريين في النبطية

الظروف المعيشية الصعبة تستجلب المشكلات الصحية. (أرشيف
الظروف المعيشية الصعبة تستجلب المشكلات الصحية. (أرشيف


ولكن ماذا عن "الحبة الحلبية"؟

فرحت لينا إبنة العشر سنوات كثيراً عندما قدمت عائلة سورية مع اولادها للسكن بجوارهم في إحدى البلدات "النبطانية"، لأنها وجدت من سيؤنس أيامها الصيفية، لكن قصتها مع المرح سرعان ما تحولت مصدراً للقلق بالنسبة الى أهلها، لا سيما بعد عدوتها بالعديد من الأمراض، خصوصاً ظاهرة القمل والسيبان التي قد تتحول وباءً في الجنوب.

بالتأكيد لم يحمل اللاجئون السوريون الهاربون من "وحول" الحرب السورية الى بلادنا معهم امتعتهم فقط خلال رحلة "تغلغلهم" داخل المناطق اللبنانية، لأنهم ببساطة إنتقلوا للعيش معنا وفق أسلوبهم في الحياة وثقافتهم بالتعامل مع الأمراض والأوبئة على إختلافها. لكن في اوضاع إقتصادية ومعيشية ضاغطة قد يظهر المزيد من المشكلات الصحية، لا سيما على صعيد النظافة الشخصية، خصوصاً مع إضطرار أكثر من عشر عائلات للسكن في منزل قد لا يتسع لعائلة واحدة؟

مع بدء تدفق المزيد من العائلات السورية الى منطقة النبطية، لاحظ الصيدلي نزار علي أحمد تزايداً ملحوظاً في نسب بيع الأدوية المعالجة للقمل والسبيان، بقوله: "للوهلة الأولى ظننت أنها ظاهرة عادية بالتزامن مع عودة الأولاد الى المدارس بعد عطلة صيفية طويلة. لكن هذه النسبة أخذت بالتزايد في شكل يتجاوز 200 في المئة، حتى أن بعض انواعها لم يكن مألوفاً لدينا ولا نملك الشامبو المعالج لها، مما إضطرني الى طلبها من الشركات المستوردة بكميات لم نكن نطلبها مسبقاً، رغم أني أعمل في مجال بيع الأدوية منذ أكثر من 20 عاماً".

ولفت الى انه "بعد مبادرة الجهات الرسمية الى تنظيم حركة العائلات السورية وتأمين المساعدات لهم، بدأ أولئك بالتوافد الى الصيدليات لشراء الأدوية المعالجة لما يعانونه من أمراض، فتبين لي أن اكثر اولاد اللاجئين حاملين هذا النوع من حشرات القمل والسيبان. عندهاعرفنا مصدرها وعملنا على معالجة المشكلة في شكل أوسع ضمن نطاقنا الجغرافي، بالتعاون مع البلدية، ليتم الكشف عليهم كخطوة إستباقية قد تحد من إنتشار هذه الظاهرة قبيل إختلاطهم مجدداً في المدارس".

وشدد على أن "هذه القملة تنتشر أساساً بسبب قلة النظافة الشخصية، وبالتالي وجود أكثر من عائلة سورية في منزل واحد، وشح الموارد المائية المتاحة لخدمتهم في ظل الصيف الملتهب قد يؤدي الى وجود بيئات غير نظيفة تسهل فرص إنتشار هذه الأوبئة".

وكشف لـ"النهار" أن" هناك حالات حضرت الى صيدليته في كفررمان والى العديد من صيدليات النبطية مصابة بنوع من الطفح الجلدي الذي لا نعرفه، ولكن بعد الإستعانة ببعض أطباء الجلد من أصدقائنا رجحنا انه نوع من انواع "الحبة الحلبية" التي لا وجود لأدوية لها لدينا، وبالتالي بلغنا الجهات الرسمية المعنية".

"الحبة الحلبية" طفح معد؟

لا شك في ان العديد من الأهالي لا يعرف شيئاً عن هذا الطفح الجلدي المسمى "حبة حلبية"، لكن السؤال الذي يتبادر الى الذهن عنها هل هو طفح معدٍ أم ماذا؟

الحبة الحلبية أساساً، وفق طبيب الأمراض الجلدية رضا رضا، "نوع من أنواع الطفيليات "برازيت" التي تنتشر في دول شرق أسيا، ومنها مدينة حلب السورية، وتحتاج الى مناخ صحراوي مداري لتنمو، وعادة لا تصل الى لبنان بسبب وجود سلسلة الجبال بيننا وبين سوريا".

ولفت الى انها "بعوضة تعقص حاملها فقط، وبالتالي هي غير معدية وأن كان شكلها غريب وهي مقتصرة الإنتشار، وفق علمي، على بعض الوافدين من مدينة حلب السورية. حتى أني كشفت على بعض اللاجئين وشخصت حالهم، لكن عدم توافر الأدوية الخاصة بها جعلنا نحولهم الى الوزارة، مع العلم أن هذا الطفح لا تظهر عوارضه مباشرة بل قد يحتاج من أسبوع الى ثلاثة أشهر".

واكد انه وفق علمه "أخذت الوزارة على عاتقها مسؤولية تأمين الأدوية المناسبة لها التي تتوافر حكماً في سوريا".

قد لا تكون هذه الاوبئة والأمراض التي بدأت تنتشر وسط مجتمعنا معدية وخطيرة ، وفق الجهات الرسمية المعنية في محافظة النبطية، كونها "تحت المراقبة"، لكنها بالتأكيد ستقلق عائلات الجنوب وتزيد من الضغوط الحياتية لأنهم لم يعتادوها مسبقاً. ويزداد تحلقهم حيال هذه الظاهرة، لا سيما "القمل والسيبان" على أبواب السنة الدراسية الجديدة التي ستفتح قريباً؟

تعليقات: