لقائي من أدهم السلفي

لم أتعرف عليه من الوهلة الأولى. لقد غيّرته الأيام. فقط إحدى عينيه كانت الدليل إلى رؤيته مجدداً. إنه رفيق الدرب. درب ذات الشوكة... وهكذا كان اللقاء.

عند الخامسة والثلاثة دقائق صباحاً رنّ هاتفي الخاص. على السمع كان فداء، أخ صديق، لطيف، وغيّور على سلامتنا وراحتنا. بصوت كله حيوية، خاطبني، "صباح الخير، سأكون عندك في عشرة دقائق، نصلّي الفجر سوياً... معي شخص يريد رؤيتك." وزاد بعدها، "بشوق."

"بشوق؟" حدثّت نفسي. اللهم أجعله خير. اللهم أجعله خير.

توضأت. جهزّت الشاي، وأنتظرت. ما هي إلا دقائق معدودة، وإذا بفداء وضيفه يطرقان الباب. إدخلا، صحت عالياً. لقد تركت الباب غير مقفلاً كالعادة. دخل فداء. عانقني بشدة وطبع قبلة على جبهتي، عادة إكتسبها في الصغر ومازالت دائرة بيننا. كنّا أحياناً نفعل هذا وفي أخرى نقبّل أرجل بعضنا بعد عناء عمل يوم في العمل. تلك الأيام كانت ألطف من هذة الأيام. النفسيات كانت مختلفة. العدو هو العدو. عدو البارحة لم يكن لديه دين ولكن، كان لديه بعض الأخلاقيات. أما عدو اليوم، فليس عنده دين أو أخلاق.

عدت بالذاكرة إلى البعيد. وما هي إلا لحظات وفجأة دخل أدهم. ياه، إنه الأخ أدهم. لم أراه منذ زمن. مع إننا بقينا على إتصال هاتفي وإلكتروني، لكن، لم أشاهده أو يشاهدني كل هذة المدة. لم أتعرف عليه حقاً. لم أعرفه مباشرة. عينه كانت الدليل الذي أرشدني إليه. تذكرته. دمعت. عانقته بشدة. لم أتركه إلى أن وضع يداه جانباً. أدهم يا أحبة فقد إحدى عينيه في لغم خلال عملية في أواخر الثمانينات، وتقاعد لفترة وبعدها لطبيعة عملنا أنفصلنا.

لقد تفاجأت به وبشكله. الآن لديه لحية بطول لحية الأسير. سألته، "شو مربّي مكنسة؟" فقط، للعلم. في الإسلام الأحوط أن لا تترك اللحية أطول من عرض الكف. كل ما تزيد طولاً يجب أن تهذّب. فالمخالف يعرف مباشرة من طول لحيته.

"لا تتعجب" صرّح فداء. الأخ أدهم هو إحدى قادة الألوية السلفية العاملة بين لبنان وسوريا. وظيفته قضائية في الهيئة الشرعية. ما عرفته أن ألأخ أدهم هو واحد من مجموعة ليست بصغيرة تعمل بسرية في الداخل السوري - اللبناني في صفوف أحفاد أولاد مرجانة. بينما قلوبهم تردّد، لبيك يا حسين.

بالنسبة لآدم، لعلّ إسرائيل أعمت إحدى عينيه. ولكن، من خلال عينه البصيرة في عالم جاهل مظلم، لقد أنار لنا طريق القصير.

بارك الله بكما آدم وفداء. بارك الله بكما. بارك الله بك يا أدهم يا حفيد أعور الدجّال. هس.

بقلم: د. إبراهيم محمد خريس

تعليقات: