وقف رخص البناء البلدية.. اعتراضات وغضب

استكمال أشغال البناء في عكار (نجلة حمود)
استكمال أشغال البناء في عكار (نجلة حمود)


لا تزال تداعيات قرار وزير الداخلية والبلديات مروان شربل لجهة إيقاف العمل بالتعميم الذي أصدرته الوزارة، منذ نحو أسبوع، والذي سمح بموجبه للبلديات بإعطاء رخص بناء 150 متراً مربعاً وفقاً لشروط محددة، ترخي بتداعياتها على كامل محافظة عكار ساحلا وجرداً، حيث تنطلق ورش البناء على قدم وساق في محاولة لاستباق إجراءات قوى الأمن الداخلي التي من المفترض أن تتحرك خلال أيام لإيقاف البناء، وفقاً لقرار الوزير شربل الذي طلب تعميمه على القوى الأمنية.

وقد بات واضحا أن البلديات لم تعد قادرة على امتصاص نقمة المواطنين التي بلغت حدّ الانفجار، خصوصاً أن قرار السماح بإعطاء رخص البناء للبلديات جاء بعد عدة مطالبات ولقاءات كان آخرها مع المدير العام لقوى الامن الداخلي بالوكالة العميد روجيه سالم خلال زيارته محافظة عكار منذ أسبوعين، إثر إعلان رؤساء اتحادات وبلديات المنطقة أن ورش البناء ستنطلق عنوة، وجرى حينها الطلب من البلديات التريث لحين صدور تعميم شربل، الذي يسمح للبلديات بإعطاء رخص البناء لمساحات لا تتعدى الـ 150 متراً مربعاً مع الشرفات، شرط أن تكون ضمن الأملاك الخاصة وغير متعدية على الأملاك العامة ومصادق عليها من قبل رئيس البلدية وموقعة من قبل مهندس من قبل البلدية أو مهندس اتحادات البلديات».

وبناء عليه انطلقت ورش البناء وتنفس المواطنون الصعداء، إلا أن العودة عن القرار شكلت صدمة للمواطنين الذي تكبدوا أموالاً طائلة لتأمين مستلزمات البناء. ولفت هؤلاء إلى «أن ما يجري يعد مهزلة لا يمكن السكوت عنها إطلاقا»، واصفين قرار شربل «بالفتنة لأن المراد منه هو وضع الناس في مواجهة أهلهم وتحديدا القوى الأمنية»، متسائلين «لماذا يصدرون القرارات ويوقعونها إذا كانوا سيتراجعون عنها؟ وهل تصرفات السياسيين مسؤولة في لبنان؟ وهل حياة الناس ومستقبلهم رهينة مزاجهم وقراراتهم الارتجالية والاعتباطية؟ ومن يعوض علينا خسارتنا بحال تم إيقاف الورش؟.

«لن نتوقف عن البناء مهما كلف الأمر، وليأتوا بكل القوى الأمنية، فلن يستطيعوا أن يزيلوا لوح خشب واحد»، عبارة يرددها المواطنون في مختلف أرجاء المحافظة، إذ يستحيل إيجاد بلدة واحدة خالية من ورش العمار.

«سنكمل العمار وفقاً للرخصة التي حصلنا عليها من البلدية»، يؤكد المواطن أنور شخيدم من بلدة برج العرب، لافتاً إلى «أنه تكبد ما يقارب الـ20 ألف دولار لإنشاء الأساسات، وإنجاز عمليات الحفر، وأجرة عمال، ومواد بناء، فمن يعوض علي كل هذه الكلفة؟ ومن المعلوم أن أكياس الإسمنت تتلف بعد ثلاثة أشهر». وتساءل ما هي الحلول البديلة التي تطرحها الدولة للمواطنين؟ يضيف: «في غالبية بلدات عكار لا يتم العمار إلا برخص صادرة عن البلديات، وذلك لأن منازل عدة مشيدة على عقار واحد، والأراضي غير ممسوحة، أي لا وجود لأعمال تحديد وتحرير، وبالتالي فمن المستحيل فرزها وفقا للأصول القانونية وبإشراف التنظيم المدني، لأنها مكلفة جداً وعلينا حينها أن نبيع كل ممتلكاتنا لنقوم بعملية الفرز، هذا فضلا عن مشاكل الورثة وغيرها».

ويشير المواطن محمد جبيلي إلى «أنه بدأ بالعمار منذ عشرة أيام وذلك بعد وعود متكررة من قبل البلدية، التي منحته الرخصة مؤخراً. وإذ به يبلغ منذ يومين من قبل شرطي البلدية بصدور قرار وقف ورش البناء»، مؤكداً «أننا وللوهلة الأولى ظننا الأمر مزحة، ولكن كل شيء معقول في لبنان، لقد دفعت ستة آلاف دولار أجرة معلم البناء والعمال، كما تكبدت 15 مليون ليرة كلفة مواد أولية فهل يعيد لي التاجر أموالي، وكيف لي أن أستعيد الأموال التي دفعتها للعمال». ويضيف: نحن نقوم بالبناء في أملاكنا الخاصة ووفقاً لاستشارات هندسية وفق الأصول، فما الضرر الذي نلحقه بالدولة؟

من جهته يقول المواطن يوسف علي من بلدة مشمش «لن أتوقف عن البناء ويروحوا يبلطوا البحر، لقد تعودنا إنو إذا ما كبرت بلبنان ما بتصغر، هم لن يستكينوا حتى يروا دماء المواطنين تسيل». يضيف: «لقد قمت ببيع البقرة التي كنا نعتاش منها بأربعة ملايين ليرة، واستدنت المبلغ نفسه من أقاربي، حتى أتمكن من شراء مواد البناء، لتشييد منزل بمساحة 95 متراً مربعاً، ظناً مني أن الأمور لمصلحتنا وأن الوقت مناسب ما دامت الرخصة موجودة، وليعذرنا المسؤولون لن نتوقف مهما كانت الأسباب، لأن حياة الناس ليست رهن مزاجهم وقراراتهم الاعتباطية غير المدروسة».

وأثار موضوع رخص البناء سجالا بين رؤساء اتحادات وبلديات عكار الذين أصدروا بيانا تداولوا فيه «بالقرار الفجائي الصادر عن وزير الداخلية والبلديات وبين الوزير شربل، وبعد نشر البيان في «السفير» يوم أمس الأول، طلب الوزير شربل الاجتماع برؤساء الاتحادات، الذين أوضحوا عقب الاجتماع «أن الهدف من البيان كان التحذير من الفتنة بين الأهالي والقوى الأمنية، وعدم نسب مشروع الفتنة الى الوزير نفسه»، مؤكدين «أن الوزير شربل من أكثر الوزراء حرصاً على أمن المواطنين، وأكثرهم دعماً لأمور البلديات».

في المقابل، وتعليقاً على بيان رؤساء الاتحادات البلدية والبلديات في عكار، بشأن ملف تصاريح البناء، (المنشور في «السفير» أمس الأول)، أوضح المكتب الإعلامي لشربل «أن التعميم رقم 379/م.ص تاريخ 24/5/2013 الصادر عن وزير الداخلية والبلديات واطلاع رئاسة الحكومة، القاضي بإعطاء تراخيص طابق واحد لا يتجاوز مساحته 150 متراً مربعاً كناية عن طابق أرضي أو طابق أول، لاقى اعتراضات من قبل بعض رؤساء البلديات في مناطق عدة لعدم توفر الإمكانية الفنية لديهم التي تمكنهم من تنفيذ التعميم، ما اضطر وزارة الداخلية والبلديات إلى تأجيل التنفيذ بغية التنسيق مع الدوائر الفنية المختصة لوضع آلية لمساعدة البلديات على التنفيذ. ويؤكد أن الوزارة ستعيد العمل بالتعميم معدلا بأسرع وقت ممكن بعد عرضه على رئاسة الحكومة، وأن ما تقوم به يهدف إلى تنمية المناطق الفقيرة ومساعدة أهاليها على تخطي الصعوبات بصورة قانونية وبما يضمن السلامة العامة وليس جلب الفتنة إليها».

تعليقات: