جريمة قتل في طريق المطار

 يتعين على المرء، إذا تعرّض لحادث سير، أن يترجل من السيارة رافعاً بيديه علماً أبيض اللون
يتعين على المرء، إذا تعرّض لحادث سير، أن يترجل من السيارة رافعاً بيديه علماً أبيض اللون


بدأت جريمة أمس بحادث سير عادي: كان ثمة سيارة من نوع «هوندا» يقودها محمد ن. في نفق خلدة متوجهاً إلى طريق المطار، فجراً، عندما اصطدمت به سيارة من نوع «بيك-أب» يقودها أشرف ح.، ويستقلها أ.غ. (ملقب بـ«أبو جورج»)، وم.ك.

تعطّلت سيارة الرجل نتيجة الحادث، فركنها جانباً عند النفق، بينما لاذ سائق الـ«بيك-أب» بالفرار. ومذهولاً من الحادث وسرعة فرار السائق، ترجل محمد، سائق الـ«هوندا»، وانتظر مرور سيارة كي تقلّه في اتجاه السيارة الهاربة بغية توقيفها.

ركاب الـ«بيك-أب» الثلاثة، وفق مصدر أمني، كانوا في طريق عودتهم من بشامون، بعد تنفيذهم سرقة شملت دراجتين ناريتين ومكيفا هوائيا.

وكان السائق يسير بسرعة جنونية حين اصطدم بالسيارة، ثم أكمل طريقه بالسرعة ذاتها، لكن ما إن سار نحو 60 متراً، حتى تعطّلت سيارته أيضاً، فركنها عند جانب طريق المطار - الكوكودي.

في تلك الأثناء، تمكن سائق الـ«هوندا» من توقيف حافلة عمومية، يقودها م.ح. وإلى جانبه ط.ر. وفتاة تُدعى أروى.ب. (مواليد 1994). لم يكن ثمة معرفة مسبقة بين الرجل وركاب الحافلة، لكنه أخبرهم أنه تعرّض لحادث سير ولاذ الصادم بالفرار، ويريد أن يلتحق به كي يوقفه.

وافق السائق على طلب محمد، معرباً له عن تضامنه، وسار بالحافلة مسرعاً، ثم سرعان ما ظهر الـ«بيك-أب» أمامهم. ترجل الركاب، ومعهم سائق الـ«هوندا»، وتوجهوا نحو ركاب الـ«بيك-أب» الذين كانوا يحاولون صيانة السيارة، التي كانت تحتشد خلفيتها بالمسروقات.

بدأ الإشكال بتلاسن بين ركاب السيارتين، ثم تطوّر إلى تضارب بالأيدي. وفجأة، شهر أ.غ. سلاحاً حربياً من نوع «كلاشنيكوف»، وراح يطلق النار كيفما اتفق، فقتل الفتاة من خلال إصابتها بنحو 6 طلقات نارية، وأردى سائق الحافلة م.ح. برصاص في صدره، بينما أصاب صديقه أشرف عن طريق الخطأ، وأحد ركاب الحافلة طارق.ر. بجروح بقدميه.

ساد هرج ومرج. لاذ مطلق النار بالفرار، وتبعه م.ك.، بينما قامت دورية من «فرع المعلومات» بنقل أشرف إلى «مستشفى الحياة». أما سائق الـ«هوندا» فلم يصب بأي أذى.

بعد وقوع الجريمة، أقفل الطريق، وتحول المسلك المحاذي إلى وجهة سير اعتمدها السائقون. بذلك، أصبح خطّ السير يضم خطّين، أحدهما معاكس للوجهة الأصلية.

تفاجأ السائقون بالسيارات الآتية بعكس السير، ما أدى إلى وقوع 4 حوادث سير متفرقة، من دون وقوع جرحى، وفق المصدر الأمني. وظهراً، ألقى الجيش القبض على مطلق النار، الذي يبلغ من العمر 20 عاماً، ويقطن في مخيم برج البراجنة.

لا يختلف السبب الذي أدى إلى وقوع قتيلين، أمس، عن السبب الذي أدى أيضاً إلى وقوع قتيلين (والد وابنه) قبل أربعة أيام، في وطى الجوز: حادث سير، جرت العادة بأن ينتهي بالعبارة الشهيرة «حمدالله ع السلامة، حديد بحديد».

لكن الحديد استحال حاجزاً في هذه الأيام، مثله مثل الحواجز السياسية - الطائفية. وربما يشعر اللبنانيون، ذات يوم، بالحنين إلى تلك المواساة التي اعتادوا عليها في الأحداث غير السياسية، مثل الكوارث الطبيعية التي لا تصيب طائفة معينة، والحديد عندما يضرب حديداً.

وإلى حين عودة الحديد إلى حديده، ربما يتعين على المرء، إذا تعرّض لحادث سير، أن يترجل من السيارة رافعاً بيديه علماً أبيض اللون.

..

* جعفر العطار

تعليقات: