لهذه الأسباب تورّط إسرائيل في تفجير مُستودع أسلحة لحزب الله

تشييع الشهداء الثلاثة الذي قضوا في انفجار النبي شيت
تشييع الشهداء الثلاثة الذي قضوا في انفجار النبي شيت


لم يكن ينقص لبنان سوى خبر ضلوع إسرائيل في تفجير مستودع الأسلحة التابع لـ«حزب الله» في المنطقة التي تقع بين النبي شيت والخريبة في البقاع، لكي يتأكّد من أنّ كلّ الطلعات الجوية الإسرائيلية والخروقات التي تنفّذها في الأجواء اللبنانية لا تذهب سدى بل تصبّ في توثيق كلّ ما يجري على الأراضي اللبنانية لا سيما من قبل العناصر التابعة للحزب، فهي ترصد ليس تحرّكات مجموعاته وحسب، بل «تؤرشف» للأماكن التي يخبىء فيها الأسلحة التي يتوعّد الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله بأنّه سيضرب إسرائيل بها في حال شنّت حرباً جديدة على لبنان..

والأخطر من المعلومات التي تملكها إسرائيل عن طريق خرقها لسيادة لبنان الجوية والقرار الدولي 1701، على ما يقول مصدر سياسي مطلع، هو قدرتها على خرق أمن «حزب الله» الوقائي الذي بات يحسب أكثر من ألف حساب لإسرائيل بعد انتصاره عليها في حرب تموز- آب 2006 خشية عدوان غادر عليه، كما يتخذ كلّ الاحتياطات اللازمة لكي لا يكون «صيداً سهلاً» لمخابراتها.

ولا ينفي المصدر أنّ انفجار مستودع الأسلحة الأخير في المنطقة البقاعية قد أحدث «صدمة» لدى قوى 8 آذار لأنّها لم تكن تنتظر حصول مثل هذا الأمر رغم كلّ التدابير الإحترازية التي تتخذها، كما أعطى في المقابل «ورقة رابحة» إضافية لقوى 14 آذار تستطيع استخدامها في كلّ مناسبة منذ الآن وحتى إقرار قانون الإنتخابات الجديد، وصولاً الى موعد حصول العملية الانتخابية في العام المقبل. فبحسب رأيه، إنّ موضوع السلاح كان ولا يزال الهاجس الأكبر لهذه القوى، وهي لا تنفكّ تطالب بنزعه، خوفاً من أن يتكرّر استخدامه في الداخل (أي خلق 7 أيار جديد) من جهة، ولوضع خطة استراتيجية دفاعية للبنان يكون القرار فيها للقيام بحرب ما، أو الردّ على هجوم أو عدوان إسرائيلي ما بيد الحكومة اللبنانية، على أن يكون التنفيذ بيد الجيش اللبناني وحده.

ومن هنا، يمكن التأكيد أنّ الإنفجار الذي حصل قد خدم قوى 14 آذار كثيراً، في وقت كانت تسعى فيه للتأثير بشكل أكبر على مناصري خصومها السياسيين واستمالتهم الى صفوفها، بعد أن فشلت في محاولات سابقة اتُهمت فيها باختلاق الروايات ووضع سيناريوهات لمحاولات اغتيال كادت تطال قياديين فيها، بهدف إعادة التذكير أنّ الإغتيالات السياسية إن استخدمت مجدّداً فإنّها لن تطال سوى قوى 14 آذار المناهضة للنظام السوري، ما يدلّ على أنّ هذا الأخير وحلفاءه في لبنان يمثّلان الجهة المنفّذة لها. غير أنّ المصدر يؤكّد أنّ محاولة اغتيال رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون» الأخيرة جاءت لتدحض كلّ هذه النظريات، وتشير الى أنّ أمن الشخصيات اللبنانية من جميع الأطراف مستهدف، أو على الأقلّ مهدّد بالاستهداف خدمة لمصالح جهة واحدة، ما يدلّ بوضوح على أنّ المخطط والمرتكب والمنفّذ لها واحد وهي إسرائيل.

وبرأيه، إنّ الدولة القادرة على اتباع حركات عناصر «حزب الله»، والتي تدرك بدقّة المواقع التي يخزّن فيها أسلحته، لن يصعب عليها تحديد مواقع الشخصيات السياسية خلال تنقّلها أو أي موكب استقلّت دون الآخر، ولعلّ هذا ما يؤكّد أنّها لم تكن تقصد اغتيال الجنرال عون أو أي شخصية أخرى من قوى 14 آذار التي تعرّضت للمحاولة نفسها، بقدر ما كان الهدف من محاولاتها هذه، إثارة البلبلة والفتنة في البلاد، وخلق الصراعات السياسية مجدّداً لا سيما الإتهامات المتبادلة عن الجهة التي تقف وراء اغتيال شخصيات من ضمن فريق سياسي واحد، ما يجعل التشكيك في محاولة اغتيال الجنرال عون أكبر سيما وأنّه خصم سياسي لقوى 14 آذار.

والخطورة الكبرى أيضاً، على ما يلفت المصدر، لا تكمن بفضح أنّ «حزب الله» يمتلك الذخيرة وبكميات كبيرة، فهذا تحصيل حاصل، لأنّ الأمين العام للحزب أعلن مراراً في خطابات سابقة له عن أنواع وحجم الأسلحة التي يمتلكها حزبه والتي بإمكانها أن تطال الداخل الإسرائيلي بالعمق إنّما بأنّ الحزب يخزّن هذه الأسلحة في مبانٍ وفي مناطق سكنية ما يُشكّل خطراً أولياً على السكّان القاطنين في المنطقة، في حين أنّ الجميع كان متأكّداً أنّ للحزب مخازن سرية تحت الأرض وتبعد عن المناطق المأهولة بالسكان، وذلك بهدف حماية هؤلاء من جهة، ولتأمين عدم انفضاح مكان هذه الأخيرة من قبل المتطفّلين من جهة ثانية.

وقال: «إنّ مجرد انفجار مستودعات الأسلحة هذه وتلميح الجانب الإسرائيلي بضلوعها بهذا الأمر، يشكّل بحسب رأيي تهديداً واضحاً ومباشراً للحزب، وردّاً ربما على خطابات ومواقف السيد نصرالله التي أعلن فيها بكلّ صراحة أنّه سيردّ على الضربات الإسرائيلية للبنان بالمثل، فإذا قصفت شركة كهرباء، سيقصف هو محطة كهرباء، وإذا قصفت بناية سيقصف مبانٍ، وإذا قرّرت تدمير لبنان سوف يدمّر هو كلّ شيء. فإسرائيل التي تخطط لحربها الجديدة على لبنان، والتي ستكون الثالثة، ولم تحدّد موعدها بعدها نظراً للأحداث الإقليمية وعدم توافق اتخاذها لقرار مماثل مع ما يحدث في المنطقة، أرسلت في قيامها بخطوة تفجير مستودع الأسلحة في النبي شيت، رسالة الى الحزب، كان ينتظرها في إعلان حربها على لبنان، فأتته من باب خرقها لأمنه المتشدّد الذي يفاخر به».

غير أنّ الحزب، بحسب المصدر، سيكون له ردّ على هذه الرسالة، إن لم يكن في القريب العاجل، ففي الوقت المناسب، مبدياً تكتّمه عن كيفية الردّ أكان بالقول أو بالفعل. وأكّد أنّ الحزب لم يعد يقع في استفزازات الجـانب الإسرائيلي، وهو يدرك التكتيك الذي يستخدمه هذا الأخير للإيقاع به، لهذا فهو سيتجنّب الوقوع قدر المستطاع.

وأمل أن تكون استفزازات الجانب الإسرائيلي، إذا كانت متورّطة فعلاً بعملية التفجير أو أنّها تدّعي ذلك، بديلة عن فكرة شنّ الحرب مجدّداً على لبنان، أقلّه في المرحلة الراهنة، رغم الخسارة العسكرية التي لحقت بالحزب، خصوصاً وأنّ دول العالم كافة تسعى في مجلس الأمن الدولي الى تجنيب المنطقة امتداد الحرب السورية اليها، وتدعو الى ضبط النفس على الحدود السورية- التركية، وعدم انتقالها عبر الحدود اللبنانية الى الداخل اللبناني لأنّ الوقت غير مناسب حالياً لإشعال النيران في المنطقة.

تعليقات: