قراءة في انتخابات «المذهبي الدرزي»: جنبلاط وأرسـلان.. والشـارع ثالثهما!

يدلي بصوته في انتخابات المجلس المذهبي الدرزي في حاصبيا (طارق أبو حمدان)
يدلي بصوته في انتخابات المجلس المذهبي الدرزي في حاصبيا (طارق أبو حمدان)


في قراءة أولية لما آلت إليه نتائج انتخابات المجلس المذهبي الدرزي، يقول أحد أعضاء المجلس المذهبي السابق، إن العملية الديموقراطية التي تجري في ظل واقع سياسي مأزوم «لا تفضي بالضرورة إلى ترجمة إيجابية لمناخ الحرية في اختيار طائفة ما لممثليها المفترض إدارة شؤونها على مستوى الاحوال الشخصية والأوقاف وغيرها، ضمن آليات قانونية تمر لزاماً عبر المجلس النيابي، وبهذا المعنى لم تحقق الانتخابات ما هو منتظر منها لجهة تجديد بنية هذه المؤسسة لتؤدي الوظيفة والمهام المنوطة بها».

«المشكلة ليست في الأشخاص الفائزين وجلهم من أصحاب الكفاءة ـ يوضح المسؤول السابق الذي رفض ذكر اسمه ـ إنما هي في كيفية إدارة الاستحقاق، ولعل الإشكالية الأكثر حضوراً تمثلت في تكريس ثنائية الزعامة بين النائبين وليد جنبلاط وطلال أرسلان، من خلال مفاوضات لم تفضِ إلى اتفاق، بمعنى أن الانتخابات ظلت محكومة بسقف سياسي بدل أن تكون مشرعة أمام سائر القوى السياسية بما فيها تلك الرافضة أساساً لحصرية التمثيل وغير المنضوية في أي من الاحزاب».

من هنا، يضيف العضو السابق في المجلس المذهبي، «تحمل جنبلاط عبئاً ثقيلاً أبقى الالتباس ماثلاً بين الحزب («الاشتراكي») والطائفة (الدرزية)، وتحمل أرسلان عبئاً أكبر من خلال مواجهة تبعات المقاطعة المفضية إلى تكريس الانقسام من خاصرة مشيخة العقل، والعودة إلى مرحلة انتفت معها الثنائية وإن بدت قادرة على البقاء وسط جمهور قليل، بدليل أن مشاركة النخب المثقفة في الانتخابات لم تتعدَّ الـ 30 في المئة، وهذا مؤشر يحمل دلالات من المفترض أن تكون موضع نقاش في قراءة القوى المعنية للنتائج التي لفظتها صناديق الاقتراع».

وكان لافتاً للانتباه أن أحداً من المنفردين «لم يتمكّن من خرق اللوائح، فضلاً عن ظاهرة تمثلت في عدم القدرة على تشكيل لوائح مقابلة، ما شوّه العملية الديموقراطية». ويقول المسؤول السابق «إن ثمة مسؤولية يتحمّلها «الاشتراكي» الذي وإن نأى بنفسه عن الاستحقاق، إلا أنه كان حاضراً في توليف اللوائح، وهذا ما يفسّر الإحجام عن الترشح، لعدم القدرة على الوقوف في وجه كتلته الناخبة، فانتفى المعنى الحقيقي للمنافسة بما هي صراع مشروع يمثل روحية وهدف أي استحقاق ديموقراطي».

اما النائب أرسلان ـ ولاعتبارات خاصة ـ فقد أقصى جمهوره عن المجلس المذهبي، وكان يمكن لمشاركتهِ أن تضفي حيوية أكبر على الانتخابات وثمة تساؤلات لجهة المقاطعة، «فالمفاوضات مع جنبلاط تعني سقوط الأسباب التي كانت وراء المقاطعة في العام 2006، وهذا يعني أن أرسلان خسر بإرادته حضوراً لممثليه في المجلس المذهبي المنتخب، ولم يحظَ بأكثر من موقع لمشيخة العقل لا يملك اي سلطة قانونية»، يقول العضو السابق في المجلس.

يذكر أن المجلس المذهبي يمثل سلطة حقيقية لجهة دراسة مشاريع القوانين المنظمة لشؤون شريحة طائفية يفترض أنه يمثلها، ولديه هامش كبير من الصلاحيات في مجال القضاء المذهبي وإدارة الاوقاف.

هل سيتمكن المجلس الجديد من تكريس حضوره؟

هذا السؤال يمثل التحدي الأكبر، بمعنى القدرة على الخروج من سلطة الوصاية، فضلاً عن مدى تمكن الفريق المقاطع من استحضار معارضة قد تفضي إلى إشكالات في الشارع، وقد شهدت الساحة الجبلية فصولاً مأساوية في فترات سابقة، وإن كانت الآن محصنة باتفاق ظرفي بين جنبلاط ـ أرسلان على رفض الصراع داخل الطائفة.

÷ جاءنا من نائب رئيس اتحاد بلديات المتن الأعلى ورئيس بلدية القلعة العميد الركن المتقاعد رياض الأعور أن عدم ترشحه لانتخابات المجلس المذهبي «نابع من إرادة فردية وبعيد كل البعد عن أي موقف سياسي».

....

...

..

توقعات باستنساخ المجلس المأزوم.. وأرسلان أبرز المقاطعين

انتخابات هادئة لـ«المذهبي الدرزي».. ونسبة الاقتراع 30%

انور عقل ضو

اتسمت انتخابات المجلس المذهبي الدرزي، أمس، بهدوء قارب حد الرتابة، لولا إصرار بعض المرشحين المنفردين على خوضها، ما يعني أن النتائج «المرتبة» سلفا ستنتج مجلس اللون الواحد غير القادر على الخروج من عباءة القيادة السياسية الجنبلاطية، في تجربة مستعادة ومستنسخة من المجلس السابق الذي استطاع أن يبني هيكلية تنظيمية من دون أن يتمكن من تحقيق الانجازات المنتظرة منه.

ولعل هذا ما يفسر إحجام كثيرين عن خوض التجربة مرة ثانية، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر، نائب حاكم مصرف لبنان الدكتور سعد العنداري، العميد عصام أبو زكي، الصحافي سامر صالحة، العميد السابق رياض الأعور وغيرهم، فضلا عن تسجيل ظاهرة قلة المرشحين إن في المناطق أو على مستوى الهيئات الدينية والمهن الحرة وحملة الشهادات الجامعية، وهي حالة تشكل تعبيرا عن القرف السياسي.

من هنا، أقصى ما بلغه التنافس هو السعي لخرق بعض المنفردين اللوائح (وهي غير معلنة في معظمها بشكل رسمي)، لتتبدى إشكالية تمثلت في عدم القدرة على تشكيل لوائح تنافس تلك المدعومة «عن بعد» من «الحزب التقدمي الاشتراكي»، لسببين أولهما استحالة الوقوف بوجه «المحدلة الاشتراكية» وثانيهما عزوف النخب الدرزية عن خوض الاستحقاق، ما يفسر فوز كثيرين من ممثلي المهن الحرة بالتزكية.

وزاد الطين بلة قرار التيار الارسلاني بالمقاطعة بعد تعثر المفاوضات بين النائبين طلال أرسلان ووليد جنبلاط والتي كانت ستفضي في حال نجاحها إلى لوائح مشتركة، فضلا عن بروز مشاركة محدودة لـ«حزب التوحيد العربي» برئاسة وئام وهاب، وكذلك للقوميين السوريين.

هذه الوقائع وغيرها، تفسر بحسب أحد القيمين على الانتخابات ضعف المشاركة التي لم تتعد الـ30 في المئة من اجمالي عدد الناخبين، مشيرا الى أن اجراء الانتخابات بواسطة اخراج القيد وليس الهوية (لا ذكر للمذهب عليها) ساهم في خفض نسبة المقترعين.

يذكر أن عدد المرشحين بلغ 140 تنافسوا على 65 مقعدا.

انطلقت الانتخابات عند الثامنة صباحا في بيروت والمتن الاعلى وعاليه وحاصبيا وراشيا في أجواء هادئة، حتى أن بعض مراكز الاقتراع غاب عنها الحضور الأمني خصوصا في المتن الأعلى، باستثناء بيروت التي شهدت حضورا أمنيا مكثفا عزاه البعض إلى تفجير سيارة أحد المرشحين قبيل الانتخابات.

في بيروت كان مركز الاقتراع في ثانوية الرئيس رينيه معوض في منطقة «رمل الظريف»، ومعروف أن العاصمة احتضنت الى ممثليها وممثلي المناطق انتخابات أعضاء الهيئة الدينية لبيروت والمناطق التي لا يشكل حضور الطائفة حالة كبيرة(قضاءي مرجعيون والمتن)، إضافة إلى حملة الشهادات الجامعية، خبراء المحاسبة (فاز المرشّحون بالتزكية)، المحامون، المهندسون، أطباء الصحة وأطباء الأسنان (فاز المرشّحون بالتزكية)، الصيادلة (فاز المرشّحون بالتزكية)، أساتذة الجامعات حملة الدكتوراه (فاز المرشّحون بالتزكية).

وقال الوزير غازي العريضي بعد الادلاء بصوته اننا كنا نأمل ممارسة الديموقراطية بالمشاركة لا بالمقاطعة.

المتن الأعلى وعاليه والشوف

في المتن الأعلى، انطلقت الانتخابات في ثانوية حمانا الرسمية لاختيار خمسة أعضاء من ستة قدموا ترشحهم، هم: القاضي عباس الحلبي وفاروق الأعور وكميل سري الدين والدكتور مروان قائدبيه وحسان صالحة، ورجا صالحة الذي قرر خوض الاستحقاق من خارج اللوائح.

وأشار سلطان أبو الحسن (من المسؤولين المشرفين على الانتخابات) إلى أن «نسبة الاقتراع بلغت حتى الثالثة من بعد الظهر أكثر من 70 بالمئة من عدد الناخبين وعددهم في المتن الأعلى 184 عضوا بلديا واختياريا الذين يحق لهم التصويت لانتخاب هؤلاء الممثلين».

أما بالنسبة إلى أعضاء الهيئة الروحية للمجلس المذهبي، فقد فاز بالتزكية في منطقة المتن الأعلى كل من الشيخ روزبا أبو فخر الدين والشيخ هاني غزال بعد انسحاب الشيخ عماد فرج.

وفي عاليه، انطلقت الانتخابات في تكميلية عاليه الرسمية لاختيار ثمانية أعضاء من تسعة قدموا ترشحهم هم مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس والعميد أنور يحيى والدكتور طلال جابر والصيدلي ربيع غريزي وسهيل مطر وفاروق الجردي وعبد المجيد غريزي وعصمت صعب وتوفيق البنا..

وفاز أعضاء الهيئة الروحية لقضاء عاليه بالتزكية بعد انسحاب الشيخ سهيل ابو غنام وفاز كل من الشيخ نزيه صعب، الشيخ سامي أبي المنى، الشيخ هادي العريضي والشيخ وجدي الجردي.

وكان لافتا للانتباه مشاركة بعض رؤساء البلديات وأعضاء المجالس البلدية والاختيارية المحسوبين على النائب طلال ارسلان في الاقتراع برغم مقاطعة النائب ارسلان ترشحا وانتخابا.

ووصف مفوض الاعلام في «التقدمي» والمرشح للمجلس المذهبي رامي الريس اجواء الانتخابات بأنها «كانت هادئة وتميزت بشفافية تامة وبديموقراطية عالية»، آملا ان «تولد مرحلة جديدة تكون على مستوى طموحات وتطلعات ابناء الطائفة».

وردا على سؤال اذا كان سيحصل توافق على مشيخة العقل في ظل المجلس الجديد قال الريس: «هذا الموضوع ليس مطروحا، نحن في صدد انجاز استحقاق ديموقراطي يتمثل في انتخاب الهيئة العامة للمجلس المذهبي وتاليا مجلس ادارة جديد، ومسألة مشيخة العقل خارج هذا النقاش في هذه المرحلة».

وفي قضاء الشوف، توجه الناخبون إلى مركز الاقتراع في ثانوية بعقلين الرسمية لانتخاب الهيئة الدينية (4 مقاعد)، وممثلي المناطق (8 مقاعد)، وحملة الاجازات الجامعية (3 مقاعد) وسط إجراءات امنية مشددة وبمشاركة من «الاشتراكي» وبمقاطعة من «الحزب الديموقراطي».

حاصبيا وراشيا

وفي منطقة حاصبيا، شهدت الانتخابات بعض الحماوة، اثر فشل المساعي الوفاقية للوصول الى لائحة وفاقية في كل من الهيئتين الروحية والزمنية.

وبلغ عدد المرشحين في الهيئة الروحية اربعة تنافسوا على مقعدين اثنين، وهم المشايخ فايز جبر حديفة، علي ابو ترابي، كمال الخماسي، غازي ابو ترابي، في حين تنافس على المقاعد الخمسة للهيئة الزمنية ستة مرشحين هم: سليم الحمرا، غازي قيس، غازي الخطيب، العميد المتقاعد اسماعيل حمدان، العقيد المتقاعد محمد الدمشقي وعامر صياغة. وبلغت نسبة المقترعين في حاصبيا حوالي 85 بالمئة، في ظل مقاطعة كاملة من «الحزب الديموقراطي اللبناني» وجزئية من «الحزب السوري القومي الاجتماعي».

واشار وكيل داخلية الحزب التقدمي الإشتراكي في حاصبيا شفيق علوان الى «محاولات اشتراكية بالتنسيق مع عدد من المشايخ للوصول الى لائحة توافقية، الا انها اصطدمت برغبة الجميع في المضي في التنافس الديموقراطي الحضاري».

وفي قضاء راشيا، انطلقت الانتخابات في ثانوية راشيا الرسمية، وتنافس سبعة مرشحين على خمسة مقاعد بعد انسحاب اثنين من المرشحين هما شوقي بحمد وفادي طليع، والمرشحون السبعة هم: اكرم عربي، معين حمدان، محمود خضر، شمس الدين ناجي، ابراهيم نصر، زكي اشتي والدكتور فارس زيتون.

وأكد شوقي بحمد أنه انسحب «افساحا في المجال للتزكية»، وأشار إلى أن نسبة الاقبال تخطت الـ 60 بالمئة. أما ممثلا الهيئة الدينية، فقد فازا بالتزكية، وهما الشيخ اسعد سرحال والشيخ يوسف ابو ابراهيم.

وقال الوزير وائل ابو فاعور بعد ادلائه بصوته اننا كنا نتمنى أن يكون المير طلال جزءا من الاستحقاق ونأمل برأب الصدع لاحقا.

الفـائـزون

أفرزت النتائج الأولية لعملية الانتخاب، التي ستعلن نتائجها رسميا اليوم، فوز كل من:

- بيروت: سهير أبو زكي، سامر أبو مجاهد ونزار غنام (حملة الإجازات الجامعية). دنيا أبو خزام، دانا شديد سيور وبشير أبي عكر (المهندسون). زهير نصر، وجيه مفرج ووليد غريزي (الأطباء). نشأت هلال، ندى تلحوق ونزار البرادعي (المحامون). عادل العموري وابتسام حاطوم (بيروت وبقية المناطق).

- قضاء عاليه: رامي الريس، العميد أنور يحيى، الدكتور طلال جابر، الصيدلي ربيع غريزي، سهيل مطر، فاروق الجردي، عصمت صعب وتوفيق البنا.

وعن الهيئة الروحية فاز بالتزكية: الشيخ نزيه صعب، الشيخ سامي ابي المنى، الشيخ هادي العريضي والشيخ وجدي الجردي.

- قضاء بعبدا (المتن الاعلى): فاروق الأعور، كميل سري الدين، القاضي عباس الحلبي، الدكتور مروان قائدبيه وحسان صالحة.

وفاز بالتزكية عن الهيئة الدينية الشيخان روزبا ابو فخر الدين وهاني غزال.

- قضاء راشيا: اكرم عربي، معين حمدان، محمود خضر، ابراهيم نصر والدكتور فارس زيتون.

وفاز بالتزكية عن الهيئة الروحية الشيخان اسعد سرحال ويوسف ابو ابراهيم.

- قضاء حاصبيا: غازي الخطيب، غازي قيس، العميد المتقاعد اسماعيل حمدان، العقيد المتقاعد محمد الدمشقي وعامر صياغة، وعن الهيئة الروحية فاز كل من الشيخين فايز حديفة وعلي ابو ترابي.

- قضاء الشوف: بهيج ابو حمزة، منير بركات، وجدي عبد الصمد، حمادة حمادة، عماد الغصيني، المحامية غادة جنبلاط، وهيب فياض وباسل ابو زكي.

وعن الهيئة الدينية: الشيخان محمد ابو شقرا وشوقي كمال الدين، سلمان عودة.

وحصل الشيخان محمد حلاوي وحاتم أبو ضرغم على عدد الاصوات نفسه، ففاز ابو ضرغم بصفته الاكبر سنا.

مشاركة نسائية

استرعى الانتباه وجود مرشحات آثرن خوض التجربة عن معظم القطاعات، ولاقت خطوتهن احتضانا من رئيسة «هيئة تفعيل دور المرأة في القرار الوطني» الاميرة حياة أرسلان، وهن: دنيا أبوخزام الشعار ودانا سلمان شديد (المهندسون)، تحية حسون مطر (حملة الشهادات الجامعية)، ابتسام حاطوم (باقي المناطق)، إنصاف حسن (الشوف)، ندى نجيب تلحوق (المحامون)، سهير زهير أبو زكي(حملة الشهادات الجامعية)، عبير سهيل الحلبي (حملة الشهادات الجامعية)، سارة معين أبو شقرا (أساتذة الجامعات حملة الدكتوراه) وأسمى سعيد قيس (خبراء المحاسبة). وقالت ارسلان لـ«السفير»: «اننا مؤمنون ومتمسكون بمبادئ وأخلاق سامية مشرفة وسننتخب المرأة التي تشجعت وترشحت واخترقت حاجز الحذر والانكفاء»، وأكدت أن «بعض المرشحات تربطني بهن صداقات، أما بعضهن فلم أسمع بأسمائهن من قبل لكني احترمت وقدرت إقدامهن».

احدى الناخبات تقترع خلال الانتخابات في بيروت (علي لمع)
احدى الناخبات تقترع خلال الانتخابات في بيروت (علي لمع)


تعليقات: