عيتـا الشعـب، البطلـة، جـارة فلسطيـن

عيتا 2006 (م. ع. م.)
عيتا 2006 (م. ع. م.)


عيتا الشعب :

إن سلكت الطريق جنوبا ووصلت إلى النقطة الأخيرة في الأراضي اللبنانية، سوف تجد نفسك في عيتا الشعب، تجاورها فقط بلدة رميش التي استقبلت النازحين في حرب تموز .

بعدهما تبدأ فلسطين.

تتداخل أراضي عيتا مع أراضي بلدة طربيخا، إحدى القرى السبع، وهي تبعد عن مدينة حيفا نحو أربعين كيلومترا، أي المسافة نفسها تقريبا التي تفصلها عن مدينة صور.

تروي الحاجة فاطمة سرور، الثمانينية، أن مدينة حيفا كانت مركز تسوق أهالي البلدة لا صور التي لم يعرفوها إلا بعد احتلال فلسطين.

وتعتبر عيتا من البلدات الجنوبية القليلة التي بقي سكانها يعيشون فيها ولم يهاجر سوى قسم قليل منهم.

يبلغ عدد أبناء عيتا، بحسب رئيس البلدية تيسير سرور، ما يقارب العشرة آلاف نسمة شتاء، واثني عشر ألف نسمة صيفا، يعمل ثمانون في المئة منهم في زراعة التبغ، بينما تشكل التجارة المورد الثاني للتبغ، إذ تعتبر البلدة مركز تسوق للقرى المجاورة وهي رميش، ورامية، وبيت ليف، ومروحين، ويارين.

في عيتا نحو مئة محل تجاري، بالإضافة إلى استراحتين. وفيها أيضا بعض المزارعين الذين يعتمدون على بيع محصول الحبوب والأشجار المثمرة، وصناعة صابون الغار الذي تشتهر به البلدة لجودته.

وفي عيتا أيضا ما يقارب الألف مهاجر، معظمهم في الولايات المتحدة والكويت ودولة الإمارات، ومئتا موظف يتوزعون بين قطاعات التعليم والجيش وقوى الأمن الداخلي والمؤسسات.

حولت قوات العدو عيتا، خلال فترة احتلال الشريط الحدودي، إلى مركز أمني وعسكري. اعتقلت من رجالها وشبانها خلال تلك الفترة ما يقارب الثلاثمئة، ولدى تحرير معتقل الخيام في العام ,2000 عاد إلى عيتا خمسة وثلاثين رجلا من أبنائها.

انتقمت إسرائيل من عيتا في حرب تموز لسببين، على الأرجح: الأول هو نجاح عملية أسر الجنديين من أراضيها، والثاني هو عجزها عن دخولها في الحرب.

أكثر ما يذكره الأهالي من أيام الحرب، هو كيف استقدمت اسرائيل الجرافات، لجرف المنازل، بعد فشلها في احتلال البلدة، تماما كما تفعل عندما تجرف المنازل في فلسطين، حيث يشكل الجرف فعلا أشد انتقاما من القصف.

خسرت عيتا حارتها القديمة كليا، ومعظمها منازل مبنية بالحجر.

بلغ عدد المنازل التي دمرتها اسرائيل ما يقارب الخمسمئة منزل، أي نصف المنازل تقريبا وبعضها تسكن فيه أكثر من عائلة، لذلك سجل عددها في المسوحات بثمانمئة وخمسين وحدة سكنية.

لكن الحياة عادت بعد الدمار، وبالرغم منه.

عاد عدد من السكان إلى منازلهم بعد بنائها. ظلوا يزورون البلدة على امتداد العام المنصرم، يجلسون على الشرفات، وسط ورش الاعمار المتواصلة والغبار المنبعث منها.

عادوا اليوم يجلسون، من جديد، على شرفات منازلهم، يرشفون من فناجين القهوة وينظرون نحو مراكز المراقبة الاسرائيلية المواجهة.

يعرفونها جيدا، ويعرفون عددها، المواقع تلك التي نصبت في أجمل الاراضي الحرجية. كان معظمها تابعا لعيتا قبل احتلال فلسطين، وما زال الأهالي، كبار السن، يذكرون أرض الراهب الخصبة التي تحولت إلى موقع عسكري رئيسي.

من عيتا، نفذت بنجاح، في 12 آب ,2006 عملية أسر الجنديين الإسرائيليين والتي تذرعت بها حكومة العدو لاحقا لشن الحرب على لبنان.

من عيتا، وفيها، لها ولكل الوطن، خط المقاومون بطولات، كشف عن بعضها، لكن معظمها سيبقى في الوجدان طويلا.

لعيتا، في ما يلي ، مجرد تحية.

من عيتا، ولها، قصتان عن ناسها الذين يشبهونها كثيرا، وأخرى عن حيّها القديم الذي دمره العدو، وكأنه ينتقم عبره من عراقة هذه الأرض وناسها. وقصة رابعة عن صباح الأربعاء 12 تموز .

عودة الحياة إلى أراضيها  الصور لـ: حسن عبد الله
عودة الحياة إلى أراضيها  الصور لـ: حسن عبد الله


 إعادة إعمار عيتا ...جارة فلسطين 
إعادة إعمار عيتا ...جارة فلسطين 


تعليقات: