كادت تكون مجزرة... لولا الكلب


على مسافة قريبة من مستشفى «دار الحكمة»، كان يسكن محمد الجدوع (من البدو الرُحّل الموسميين) في خيمة تفصلها عن المستشفى، الطريق الدولية بمسافة تزيد على 500 متر.

ليلة الرعب اجتاحت المدينة وضواحيها. استغرق الإنزال أكثر من 6 ساعات. «ملأت السماء طائرات حربية ومروحية وأخرى للتجسس، الرصاص يمشّط كل مكان. الظلام والخوف لفّا المكان، الصواريخ الذكية تنهمر على محيط المستشفى، وعلى مرتفعات بعلبك» كما يصف محمد الجدوع.

يتابع: «عند منتصف الليل بعد أن بدأ الإنزال شعرت مع عائلتي بأن الخيمة بدأت تهوي وكادت تُقتلع من مكانها لكثافة الطائرات المروحية التي تُخيم فوق رؤوسنا وعلى علوٍ منخفض جداً». هرع الجدوع مع زوجته وابنتيه (الأولى في السابعة من عمرها والثانية في الخامسة) وابنه الرضيع خارجاً: «خرجنا من الخيمة ونحن نركض دون توقف، ابنتي الكبرى تتمسك بعباءتي وانا أحمل شقيقتها، فيما زوجتي تحتضن الرضيع. في البداية تخيّلت زوجتي أن السماء سوف تمطر ظناً منها أن البرق والرعد يتبعهما مطر، فهي لم تكن مدركة أن البرق نتج عن صاروخ والرعد كان صوته». قطعوا مسافة لا يستهان بها ركضاً وكانوا جميعاً يشعرون بأن أحداً كان يتبعهم في كل اتجاه.

فجأة لمعت السماء مرة ثانية واستهدفتهم طائرة الأباتشي بصاروخ سقط بعيداً عنهم عدة أمتار فقط: «عندها أدركت أن أحداً يطاردنا لأن الطائرات تستهدفنا، لذا اختبأنا في حفرة وبتنا فيها حتى شروق الشمس مع انتهاء الإنزال. عندها فقط هدأت الأصوات وعمَ السكون المكان».

خرج محمد من الحفرة وتفقّد المكان جيداً ليكتشف أن من تبعهم كان كلباً هارباً من الطائرات والرصاص وخائفاً مثلهم، وأن الصاروخ استهدفه بدلاً من العائلة.

فدى الكلب بروحه العائلة الضعيفة وإلا ربما كانت قد أُضيفت الى لائحة المجازر واحدة تحت عنوان مجزرة عائلة الجدوع. يضحك محمد قائلاً: «فدانا الكلب بحياته، حيث كان من المحتمل أن نُضاف إلى لائحة مجازر حرب تموز».

تعليقات: