جريمة رأس النبع: القاتل استخدم صمّامي أذنين.. والبندقية مجهولة المصدر

الوالد المفجوع في مكان الجريمة مساء أمس الأول (مصطفى جمال الدين)
الوالد المفجوع في مكان الجريمة مساء أمس الأول (مصطفى جمال الدين)


الابن البكر هو المتهم الأول.. وقتل العائلة لـ«إنقاذها»

جريمة رأس النبع: القاتل استخدم صمّامي أذنين.. والبندقية مجهولة المصدر

جعفر العطار

تكشّفت أمس، خيوط أولية حول جريمة القتل المرّوعة التي وقعت ليل أمس الأول في رأس النبع، وأودت بحياة عائلة مؤلفة من سبعة أفراد من بينهم الأم، وذلك بعد ظهور قرائن تدين هادي الحاج ديب (25 عاماً)، وهو الابن البكر للعائلة، بارتكابه الجريمة التي نجا منها فقط الوالد علي، الذي كان متواجداً في الفرن الذي يملكه في المنطقة.

فقد علمت «السفير» أن الأدلة الجنائية عثرت على صمّامين للأذنين (عازلين للصوت، ويُستخدمان في أثناء الرماية) كانا داخل أذني هادي لحظة وقوع الجريمة، ويُرجّح أنه استخدمهما لمّا بدأ بإطلاق النار على والدته وأشقائه.

وأجمع أكثر من مصدر أمني يشرف على التحقيقات، على أن الشهود أكدوا غياب الأب عن المنزل لحظة وقوع الجريمة، وهو ما يتطابق مع إفادته التـي قال فيها انه كان مع ابنتيه في قريـته عرمتى، ثم أوصلهما إلى مدخل المبنى من دون أن يدخل معهما إلى المنزل.

عندها، كان القاتل قد قضى على أربعة من أفراد العائلة، من بينهم الأم، وانتظر وصول الفتاتين، فأفرغ طلقة نارية بوجه كل واحدة منهما، ثم أطلق النار على نفسه، مصوباً فوهة البندقية على فمه، من السلاح ذاته وهو بندقية من نوع «بومب اكشن».

ووفقاً لمصادر أمنية وثيقة الصلة بالتحقيقات، فإن الأب أكد في إفادته أن البندقية التي استخدمت في الجريمة لم تكن موجودة في المنزل قطّ، وتعمل الأجهزة الأمنية على معرفة مصدرها، لربطها بحيثيات الجريمة.

وكخطوة أولى تلي الاستماع إلى إفادات الأقارب والجـيران، فإن الأدلة الجــنائية تعــمل على تحليل بصمات البندقية من جهة، وتحليل الحمض النووي (دي أن آي) لآثار الدماء التي خضبت جسد هادي.

وفي حال تبيّن أن مصدر الدماء المنتشرة على جسده، هي بقايا دماء من المغدورين، فتتشكل فرضية مفادها أن يكون هادي قد تلطخ بالدماء، جراء إطلاقه النار على المغدورين من مسافة قريبة.

ومن بين المعطيات التي تعمل الأجهزة الأمنية على تحليلها، لربطها في خيط تناسقي، هوية البصمات التي دمغت بالبندقية، والتحاليل المخبرية للجثة التي ستبين إن كان هادي قد تعاطى حبوبا مخدرة قبل تنفيذه الجريمة أم لا، وإن كان فعلاً شاباً متوحداً كما روّج بعض الجيران.

وعلى الرغم من أن أصابع الاتهام الأولية موجهة ضد الابن، إلا أن مسؤولاً أمنياً لم يستبعد «ولو بنسبة واحد في المئة، أن يكون القاتل مجهول الهوية بما إن التحقيقات لم تُقفل بعد، وأن يكون قد قتل الابن بطريقة تدل على أنه انتحر».

إلا أن محققا أمنيا آخر يستبعد فرضية القاتل المجــهول، مستندا الى معطيات يتحفظ عن ذكر تفاصيلها قبل انتهاء التحقيقات، كاشفاً في الوقت ذاته عن إفادة أحد الأقارب، الذي قال ان الابن «أسرّ له (للقريب) قبل أيام، بأنه سيخلّص العائلة من هذه الحياة الظالمة والمجحفة»، بالإضافة إلى أن المؤشرات الأمنية لا تدل على أن العائلة قد تكون مستهدفة مالياً (من قبل لصوص مثلاً)، أو أمنياً (لا ينتمون إلى أحزاب سياسية)، أو حتى اجتماعياً (كوجود خلافات ثأرية)، وبالتالي فإن المتهم الأول هو الابن البكر.

وفي حال أُثبتت إفادة قريب العائلة، فإن الأمنيين سيقاربونها بوضع العائلة المادي من جهة، ووضع هادي الذي كان يعمل في محل ميكانيك للسيارات بالقرب من فندق «فينسنيا»، قبل أن يتوقف عن العمل لمدة شهر كامل قبل وقوع الجريمة.

وبدا أن هناك تناقضات واضحة في إفادات الجيران، حول شخصية هادي. ففي حين أفادت ز.، وهي جارة العائلة وتقطن في الطابق السادس من المبنى ذاته، أن هادي «كان شاباً رصيناً ومتزناً، ومعروفا عنه أنه يتمتع بذكاء حاد»، فإن بعض الشبان الذين يقطنون في الحي ذاته، أفادوا أن هادي كان شاباً متوحداً.

وبدا مريباً في إفادات الجيران، أن غالبتيهم أكدوا عدم سماعهم أي أصوات عيارات نارية لحظة وقوع الجريمة، كما أكدت ز. أنها كانت متواجدة في المنزل عندما وقعت الجريمة، ولم «أسمع، أو أي أحد من أفراد العائلة، صوت طلقات نارية قطّ».

وفي حال أثبتت التحقيقات، التي يشرف عليها قاضي التحقيق جورج رزق، أن هادي هو القاتل، فإن أسئلة عدة تُطرح في السياق: ما هي الدوافع الأساسية التي ساقته إلى تنفيذ الجريمة، وهل كان فعلاً يريد الخلاص لعائلته، ولماذا استثنى الأب من الجريمة؟

ثم لماذا لم يستطع أي من المغدورين الإفلات من قبضته، وهل كان يلاحقهم من غرفة إلى أخرى في المنزل؟ كيف استطاع التحلّي بهدوء، بدا واضحاً من خلال انتظاره لباقي أفراد الأسرة من جهة، وإعادة تزويد البندقية بعيارات نارية (سعة البومب اكشن ست طلقات، من بينها طلقة في بيت النار)؟

وفي السياق ذاته، علمت «السفير» أن مرجعاً أمنياً استدعى أحد الضباط المسؤولين، للتحقيق معه حول التسريبات الإعلامية لوسائل إعلام مرئية، التي أدلى بها مسؤولون من دون أن يتأكدوا من صحتها، وقبل أن تُرفع البصمات، الأمر الذي أدى إلى وقوع إشكالات بين صفوف العائلة، بعدما شاهدوا - على أكثر من وسيلة إعلامية مرئية - خبراً يفيد بأن الابن هو القاتل.

تجدر الإشارة إلى أن «السفير» تحفظت، أمس، عن اتهام الابن بجريمة القتل، علماً بأن أكثر من مصدر أمني أكد أن الابن هو المتهم الأول، غير أنهم كانوا يراهنون على تحليلات أولية استبقت أي معطيات ملموسة، وكادت تؤدي إلى وقوع جريمة ثانية في صفوف العائلة.

جعفر العطّار

تعليقات: