صيف ثان في عاليه والمتن الأعلى بعد انحسار الحركة في رمضان

جانب من الحركة في بحمدون ليلاً
جانب من الحركة في بحمدون ليلاً


توقعات باستمراره لشهرين والحجوزات تخطت الـ 50 في المئة

بعيداً من التمنيات والتحليلات المتشائمة أو المغدقة بالتفاؤل، ثمة معطيات تؤكد على أن "صيفا جديداً" بات على الأبواب في مناطق الاصطياف، أهمها حجوزات الفنادق التي واجهت خلال شهر رمضان شبه إقفال، فضلاً عن حجوزات السفر إلى لبنان، وتجديد المقاهي والمطاعم لعروضاتها وحفلاتها الفنية، يضاف إلى ذلك ما هو باد للعيان مع توافد الخليجيين الذين عادوا ليملأوا ساحات عاليه، ومحطة بحمدون، وقرى وبلدات المتن الأعلى، وسوق الغرب، وصوفر. صحيح أن "الصيف في جزئه الثاني" لن يكون طويلاً، وقد لا يتعدى منتصف تشرين الاول المقبل، تبعا لظروف الخليجيين وارتباطاتهم في مجالات العمل ومراعاة بدء العام الدراسي الجديد في دولهم، إضافة إلى حضور المغتربين اللبنانيين، الذي بات يشكل رافدا مهما لقطاعي السياحة والاصطياف. وتؤكد سعاد المصري أبو شاهين (صاحبة أحد مكاتب السياحة والسفر في خلوات فالوغا – المتن الأعلى) على أن "حركة غير عادية بدأت من دول الخليج إلى لبنان خلال الشهر الجاري وحتى تشرين الأول المقبل"، لافتة إلى أنه "بات من الصعب إيجاد أمكنة على متن الطائرات الآتية إلى لبنان". وأشارت إلى أن ذلك "ساهم في ارتفاع أسعار بطاقات السفر"، وأعطت مثالا عن الإمارات، حيث "ارتفع سعر التذكرة من 900 درهم إلى 5000 آلاف درهم!". وتوقعت المصري أن "يساهم ذلك الإقبال في إطالة موسم الصيف، واستعادة الحركة السياحية على مستويات مهمة". ورأت أن "ما هو قائم لجهة حركة الوافدين من دول الخليج فاق التوقعات، لا بل ثمة تقديرات بأن تنشط حركة الحجوزات أكثر، مع الحديث عن تسيير رحلات جديدة من قبل شركات الطيران العربية". وعادت مقاهي الصيف في حمانا وفالوغا، والعديد من قرى وبلدات المتن الأعلى، لتستقبل أعدادا من الرواد بعد حركة جمود استمرت شهرا كاملاً. ويؤكد سامر الحلبي على أن "الحركة تراجعت وكادت تنعدم لولا مهرجانات الصيف في بلدات القلعة، وحمانا، والشبانية، وقبيع وغيرها، التي ساعدت في تحريك القطاع"، لافتاً إلى أن "مقاهي الصيف والمطاعم في المتن الأعلى، عادت لتشهد حركة مقبولة. ونتوقع أن تستمر في خط تصاعدي لشهرين متتاليين". أما في مدينة عاليه، فالحركة وإن شهدت تراجعا خلال شهر رمضان، إلا أن ذلك لم يؤثر بشكل كبير على حركة الأسواق فيها. وشهدت الفنادق والمقاهي والمطاعم تراجعا ملحوظا باستثناء تلك التي كانت تقيم سهرات فنية خصوصا خلال عطلة نهاية الأسبوع، فضلاً عن أن المدينة باتت تعتمد على محيطها، وعلى السياحة الداخلية من دون إغفال المغتربين، الذين ساهموا في التعويض نسبياً عن غياب النسبة الأكبر من الخليجيين. وأشار رئيس بلدية عاليه وجدي مراد إلى "أننا لم نشهد حركة سيارات خليجية على نطاق واسع. كما كان الأمر في السنوات الماضية، حيث كان عدد السيارات الحاملة لوحات دول الخليج يوازي عدد السيارات اللبنانية أو يزيد عنها قليلا"، لافتاً إلى أن "عاليه شهدت إقبالا خليجياً، عبر المطار، نظرا للظروف الصعبة التي تمر بها بعض الدول العربية". ورأى أن ذلك "بدا للبعض وكأن ثمة غيابا للأخوة الخليجيين". وقال: "صحيح أن شهر رمضان شهد تراجعاً للحضور الخليجي. ولكن ثمة كثيرين من الخليجيين أمضوا الشهر الفضيل في عاليه والمنطقة، خصوصاً أنهم اصحاب أملاك وباتوا يشكلون جزءا من النسيج الاجتماعي في عاليه ومنطقتها، لا بل إن تواجدهم لا يقتصر على الصيف فحسب، فهم يزورون المدينة في فترات متفاوتة من العام". ورأى مراد أنه "رغم الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، فإن الصيف كان مقبولا، فضلاً عن أننا نتوقع صيفا ثانيا بدأت تطل بوادره"، مؤكداً على أن "عاليه المدينة تشهد حركة استثمار سياحي واسعة مع اشادة مشاريع ضخمة من شأنها أن تكرس السياحة المستدامة". رواد حيدر، صاحب مطعم في عاليه، أشار إلى أن "الحركة كانت شبه معدومة طوال شهر رمضان، لكن في الأيام الأخيرة بدأنا نشهد تحسنا ملحوظا ينبئ بموسم صيف جديد وواعد ايضا". أما في محطة بحمدون، وبعلشميه، وصوفر، فعادت حركة الصيف لتنشط معلنة عن نفسها من خلال عودة الخليجيين الذين يشغلون المقاهي والمطاعم ويتجولون في الأسواق التجارية. مسؤول في فندق شيراتون بحمدون أكد لـ"السفير" على أن "نسبة التشغيل طوال شهر رمضان كانت شبه معدومة"، لافتاً إلى "أننا سجلنا خلال الأيام الماضية نسبة حجوزات وصلت إلى 50 في المئة". وتوقع "ارتفاع النسبة إلى 70 و80 في المئة طوال الشهر الحالي". ويؤكد رئيس بلدية محطة بحمدون أسطه أبو رجيلي على أن المدينة "تبقى مقصداً للسياح برغم كل الظروف، فهي تعتمد على مناخها الصحي وهوائها الذي ينصح به الأطباء لعلاج الربو وأمراض الصدر، إلى جانب هدوء أجوائها وطابعها العائلي حيث باتت بالنسبة للكويتيين بمثابة "ديوانية صيف". وأوضح أبو رجيلي أن تواصله مع المصطافين يؤكد على أن زوار محطة بحمدون لا يغيبون عنها مهما اكتظت "أجندتهم السياحية في كل عام"، علماً أن بعضهم قد عاد مع بداية عيد الفطر، بينما بعض العائلات كانت قد حضرت مع الأقارب لتمضية شهر الصوم وفترة العيد في محطة بحمدون. وإذ انتقد أبو رجيلي السياسة المتبعة على مستوى السياحة والاصطياف في لبنان، طالب بـ "تطوير صناعة السياحة"، لافتاً إلى أن "لبنان هو صاحب الفضل على حكامه واللبنانيين بهبات الله عليه من طبيعة ومناخ وليس العكس"، فـ "المشكلة تكمن في ضعف الخطط الإنمائية والخدمات وعدم تطوير المقدرات الطبيعية". وأكد أبو رجيلي على أن "المجلس البلدي سيبقى ساهراً على مصالح الناس والمصطافين. وسيعمل قدر المستطاع على تعزيز المراقبة عبر شرطة السير، والشرطة السياحية الخاصة بالبلدية، التي تتابع شكاوى المصطافين القليلة جدا". لكن يبقى ثمة سؤال يسوق نفسه وسط موجة التفاؤل التي أطلت حاملة بواكير موسم متجدد، هل سيكون المسؤولون حاضرين لمواكبة الفصل الثاني من موسم الاصطياف؟ والإجابة عن ذلك التساؤل، تفترض تلافي العثرات التي واجهت بداية الموسم، إن لجهة تأمين المرافق الأساسية في حدّها الأدنى، وإن لجهة تفعيل الرقابة عبر الأجهزة المعنية، لجهة ضبط الأسعار، ومنع اعتماد فاتورتين... وغيرها من مخالفات تفترض ملاقاتها بتدابير صارمة وإجراءات رادعة.

تعليقات: