الخيام

الأستاذ عدنان اسماعيل
الأستاذ عدنان اسماعيل


تقع بلدة الخيام في اقصى الجنوب الشرقي من الاراضي اللبنانية اذ تتصل اراضيها بسهل الحولة في فلسطين المحتلة، والاراضي السورية المحتلة(بلدة الغجر) التي يفصلها عن بلدة الوزاني( التابعة اداريا وبلديا للخيام) نهر الوزاني حيث تمثل جزأ من المثلث اللبناني السوري الفسطيني، وبذلك تصبح حدوها الجنوبية سهل الحولة وجزء من شمالي فلسطين يمثل اليوم بعض المستوطنات الاسرائيلية،ويفصلها من الشرق عن جبل الشيخ(حرمون) وادي نهر الحاصباني الذي تقع علي ضفته الشرقية بلدة المارية وعلى ضفته الغربية سهل الوطى الذي يعتبر امتداداً لوادي التيم،بينما يحدها من الشمال ابل السقي التي تصل اراضيها الى تخوم الخيام،ويحدها من الغرب سهل الخيام(سهل مرجعيون) الذي يفصلها

عن جديدة مرجعيون(مركز القضاء)وبلدات القليعة وبرج الملوك.وهي تقع فوق هضبة

ترتفع حوالي 700 متر عن سطح البحر وتبعد 5 كلم عن جديدة مرجعيون مركز القضاء و100 كلم عن بيروت.

اما اسم البلدة فينسب الى ما جاء في التوراة ان يعقوب نقل اهله وماشيته الى شمال فلسطين واقام في سهل ،في خيام،قرب منابع الماء،ويرجح ان يكون الاسم قد اطلق على البلدة منذ ان اقام فيها يعقوب .كما انها كانت تعرف سابقاً باسم خيام يعقوب(1)

1- عفيف مرهج:مجموعة اعرف لبنان-المجلد الرابع-موسوعة القرى والمدن

اللبنانية. الصادرة عام 1971

وهناك رواية متناقلة من الاجداد تؤكد ان الخيام كانت في تاريخ مضى موجودة الى الشرق من سهل المرج بالقرب من نبع الدردارة حيث ما زالت المنطقة تعرف باسم

الخرايب ،ولكن انتشار الحشرات وخاصة النمل الطياردفع الاهالي الى ترك السهل والانتقال الى اعلى الهضبة حيث نصبوا خيامهم بانتظار الخلاص من هذه الحشرات

وبعد ان طال الانتظار عمدوا الى اقامة منازلهم حيث نصبوا خيامهم، وهكذا اكتسبت

البلدة اسمها الحالي.

- لمزيد من المعلومات اطلع -موقع الخيام الالكتروني.(التسمية)

السكان

اختلفت التقديرات الاحصائية لعدد السكان في الخيام بسبب انعدام الاحصاآت

السكانية في لبنان منذ العام 1932 والتي يمكن الاعتماد عليها لتكوين معرفة صحيحة،

حيث تبقى كل الارقام مجرد تقديرات غير مؤكدة. واهم هذه التقديرات هي العتمدة

علي اللوائح الانتخابية حيث بلغ عدد الناخبين حسب لوائح الشطب كالتالي:

انتخابات عام 1996=12500

انتخابات عام 2001=13750

انتخابات عام 2005= 14700

انتخابات عام 2009= 16250

وهذه الارقام لا تشمل الاسماء الكثيرة التي سقطت سهواً او قصداً من لوائح الشطب.

وبالرغم من ان الولادات انخفضت بنسبة كبيرة لدى العائلات الحديثة في البلدة الآ

انها ما زالت تصنف في اطار البلدان النامية من حيث عدد السكان اذ انَ المعدل

الوسطي العام للعائلة يزيد عن خمسة اشخاص وبذلك يمكن اعتبار عدد البالغين2/5

من العدد الاجمالي الذي يمكن تقديره ب40000 نسمة(اربعون الفا تقريبا).يمثلون

طائفتين اساسيتين وهما: المسلمون الشيعة 80./. المسيحيون 20./.(موزعون بين

معظم المذاهب المسيحية).

الخيام موزعة انتخابياً الى اربعة احياء ضمن نطاق بلدية واحدة ولكل حي مختاران

وهي:الحي الشرقي -الحي الحنوبي - الحي الغربي- الحي الشمالي- وهذا الاخير يعرف

باسم حارة المسيحيين.

يعود التعايش بين المسلمين والمسيحيين في الخيام الى تاريخ قديم غير محدد ومما جاء

في المعلومات القليلة وحسب ما جاء في موقع الخيام نقلاً عن المجلة الاكليريكية عام 1953 ان الامير فخر الدين اسكن جماعة من الموارنة في الخيام والقليعة وكوكبا،

وذلك لدرء هجمات الاعداء الخ...؟ (علما ان فخر الدين لم يكن مارونياً)؟.

ولكن هذه الثنائية الشيعية المسيحية يؤكدها الراهب المستشرق البريطاني د. ادوار

روبصون بعد زيارة قام بها الى فلسطين والاقاليم المجاورة في العام 1837 ومما

جاء فيها: بعد ان تركنا جديدة مرجعيون ضربنا عبر الحقول باتجاه الجنوب الشرقي،

برحناه يوم الخميس،للوصول الى التل، تابعنا السيرعليه فكنا الساعة الخامسة والدقيقة

45 تجاه سد الينبوع الكبير(نبع الحمَام) وحوضه المهدمين، هنا تحولنا الى اليسار،

تسلقنا المنحدرالطويل الى الخيام فوصلنا الساعة السادسة والدقيقة 15، نصبنا خيامنا

بين بيادرها.المسافة المستقيمة بين الجديدة والخيام نحو ثلاثة اميال.

الخيام هي البلدة الرئيسية في مرجعيون يقدر عدد الذكور البالغين فيها ب500

نفس، فيكون عدد سكانها نسبة الى ذلك الفي (2000) نفس اكثرهم متاولة. اما

الارثوذكس والكاثوليك فقليل عددهم.اعتنق بضعة منهم البروتستنتية ففتحت لهم

مدرسة انجيلية.

(د.ادوار روبنصون،مباحث توراتية عن فلسطين والاقاليم المجاورة

الصادرعام 1952 بعنوان يوميات في لبنان تاريخ وجغرافيا،الجزء الثاني ص.17

عن وزارة التربية اللبنانية)

المهم في هذا الاطار امرين لافتين.

اولاً: مدرسة انجلية وهذا يؤكد ان الخيام تنعم بمستوى تعليمي مدرسي(اكاديمي)منذ

ما قبل ذلك التاريخ لان المدرسة كانت موجودة قبل الزيارة.

ثانياً: ثنائية الوجود المشترك الذي مربمراحل تاريخيةمختلفة التعقيدات والتناقضات

والحروب الطائفية والمذهبية منذ ذلك التاريخ ولغاية اليوم، لم تلعب فيه العصبيات

الطائفية في البلدة اي دور يذكر، بينما عرفت العلاقات الاجتماعية بين الطائفتين

نوعاً مميزاً من الاستقراروحسن التعامل ما زال سائداً ومنعكساًفي معظم الممارسات

وخاصة المشاركة في الافراح والاتراح والمناسبات الدينية والاجتماعيةوسوى ذلك.

وبالرغم من ان لبنان عرف حروب طائفية او شبه طائفية في ماضيه وحاضره الآ

انها بقيت بعيدة عن اجواء البلدة. حتى في العهد الاستقلالي حيث مر لبنان بحربين

اتخذتا الطابع الطائفي في عام 1958 وعام 1975 والذي ما زالت مفاعيله مستمرة

حتى وقتنا الحالي . وهنا تجدر ملاحظة امرين مميزين جداً:

أ- خلال وبعد حرب 1958 كان رئيس بلدية الخيام من الاقلية المسيحية (د.شكرالله

كرم) واستمر في رئاسة البلدية حتى انتهاء مدة المجلس البلدي

ب- خلال الحرب الاهلية اللبنانية التي اندلعت في العام 1975 انعكس التفاعل بين الجميع وخاصة عندما انتقلت الاحداث الى الجنوب مع بداية التدخلات الاسرائيلية

وانفصال مجموعة سعد الحداد عن جيش لبنان العربي وما رافق ذلك حصار على البلدة

ومن ثم التحرشات المتواصلة التي ادت الى بداية الهجرة الخيامية التي تكاملت في

اذار 1978 لتصبح شاملة. وقد فشلت كل مساعي سعدالحداد وسواه في اقناع المسيحيين بالانفصال عن الشيعة والبقاء داخل البلدة مع كافة الضمانات المطلوبة،

لكنهم ربطوا مصيرهم بمصير الشيعة بالرغم من كل الاغراآت التي اغدقت عليهم

مثل جعل المنطقة مسيحية خالصة وتوزيع اراضي المسلمين عليهم. فكان نصيبهم

التهجير اسوة بالشيعة وتكرر هذا الموقف الموحد بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان

عام 1982 عندما رفضوا العودة الى البلدة ما لم تكن مربوطة بعودة المسلمين

اليها، وهكذا كان.

هذا التفاعل الايجابي بين الطائفتين لم يلغ التمايز لخصوصية كل طائفة منهما

فقد بقيت لكل طائفة شعائرها ومشاعرها وطقوسها الخاصة دون المساس بها.

حتى ان الزواج بينهما بقي في حالات نادرة كانت تتم (خطيفة) بدون موافقة الاهل

وهذه يمكن اعتبارها الثغرات السلبية الوحيدة التي كانت تؤدي الى بعض الخلافات

التي بقيت بدورها محدودة التاثير ومقتصرة على الاشخاص اصحاب العلاقة

المباشرة(الاهل).دون سواهم.

...

...

* هذه الدراسة، كنت قد اعددتها في العام 1991 كاطروحة لنيل شهادة الجدارة في الجامعة اللبنانية ولكنها بقيت بدون طباعة لاسباب خاصة، ولم يجر تعديل الا القليل منها ليتماشى مع المعطيات الجديدة التي طرأت بعد ذلك التاريخ.

الغاية من الدراسة كانت حول (الرسملة الزراعية في بلدة جنوبية).

لذلك اعتبر ما جاء فيها متمماً للمعلومات والدراسات التي تناولت معلومات عن الخيام وان لم تكن افضلها، ولما كانت هذه الدراسة تتناول جوانب متعددة من واقعها الحديث سوف اكتفي حاليا بما جاء في المقدمة وجزء من الفصل الاول.

..

عدنان اسماعيل

تعليقات: