الأطباق التايلاندية.. خلطة آسيوية سحرية

الأطباق التايلاندية.. عدة مطابخ في مطبخ واحد
الأطباق التايلاندية.. عدة مطابخ في مطبخ واحد


بيروت:

لا يخفى على أحد أن المطبخ التايلاندي يحظى بشعبية في كثير من البلدان، منافسا غيره من المطابخ شرق الآسيوية؛ حيث تمكن الطهاة التايلانديون من ابتكار وتطوير مطبخهم بأسلوب شائق وفريد؛ لكونهم قدموا على نحو متفرد نمطا غذائيا جديدا للعالم وخدمة تقليدية مغذية ولذيذة وغير مكلفة في الوقت نفسه. ويظن البعض أن هذا المطبخ هو عبارة عن نسخة مكررة من نظيره الهندي، في حين أنه مزيج من المطبخ الصيني والماليزي والبرتغالي، بالإضافة إلى الهندي، هذا الأمر منحه نوعا من الخصوصية، ولعل أكثر ما يميز المأكولات التايلاندية هو طعمها حار المذاق لاحتوائها على العديد من الأعشاب والتوابل والصلصات التي لا نستطيع أن نجدها في أي مطبخ. وقد دخل هذا المطبخ ضمن قائمة أكثر 7 مطابخ صحية في العالم، وذلك يعود إلى وجود الفلفل التشيلي الحار، فقد أكدت الدراسات أن مادة الكابسيسين، الموجودة في هذا الفلفل، يمكنها قتل الخلايا السرطانية من دون أي آثار جانبية، وحتى الآن تم إثبات هذا التأثير على سرطان البنكرياس والرئة، إضافة إلى قدرته على محاربة الصداع النصفي وأعراض الإنفلونزا وعدوى جهاز التنفس وإبقاء الأوعية الدموية وصحتها. وإن تميز المطبخ التايلاندي بالجودة والنكهة الفريدة، فضلا عن أسلوب التقديم الذي أسهم في انتشار صيته في العالم أجمع، فما العوامل الحقيقية التي أكسبت هذا المطبخ فرادته؟

الأعشاب والتوابل.. لا يكتمل أي طبق تايلاندي من دونها يعتبر المطبخ التايلاندي من المطابخ العالمية المشهورة بالأطباق اللذيذة، التي تعتمد في مكوناتها على 5 نكهات أولية بسيطة يؤدي خلطها بنسب متفاوتة إلى سر التنوع الكبير في أطباق هذا البلد. وهذه النكهات الأساسية الخمس هي: المالح، الحلو، الحامض، المر، الحار. كما تتميز الأطباق التايلاندية باحتوائها على أصناف الأعشاب والبهارات المختلفة وجوز الهند التي نتجت عنها أطباق شهية المذاق تنوعت بين الخفيفة الزكية والحارة الكثيفة. وأبرز هذه التوابل هي «الجالانجال» المنتمي إلى فصيلة الزنجبيل، ويتم استخدامه طازجا أو مجففا. و«الحبق» أو الريحان الذي يستخدم فيه ثلاثة أنواع ذات روائح مختلفة، وأكثرها شيوعا هو «باي هورافا»، أو الحبق الحلو الذي يرش على الكاري، أما الأنواع الأخرى فهي «باي كافراو» الذي يتميز بنكهته الحارة. و«باي ماينجلاك»، الذي يرش عادة على الحساء والسلطة، والفلفل الحار المتمركز على رأس القائمة، وذو الأنواع المختلفة، أهمها الفلفل الصغير الأحمر أو الأخضر الذي يمتاز بالطعم الحار جدا. وهناك أيضا «السيلانترو» أو الكزبرة، بالإضافة إلى «الليمون الحامض» الذي يستخدم بصورة أساسية لتزيين أطباق الأسماك والأطباق الرئيسية، و«الهيل» فعندما يمزج الزنجبيل التايلاندي ونكهة الشاي الأخضر وأوراق الليمون الحامض يصبح طعم المأكولات مميزا بشكل كبير، وفي واقع الأمر أن التنوع من ناحية التوابل والأعشاب في جميع الأطباق يهدف إلى تحقيق التوازن، ونيل رضا جميع الأذواق، وهذا الأمر يبشر المطبخ بزيادة كبيرة في عدد المطاعم التايلاندية خارج البلاد.

وقائمة الأطباق الشهية لا تنتهي لقد اعتاد التايلانديون على تناول ثمار البحر المشوية غالبا والمقلية أحيانا في جميع أطباقهم، فضلا عن لحم البقر والدجاج وأنواع اللحوم الأخرى التي يصاحبها في أكثر الأحيان الأرز والنودلز. ففي هذا المطبخ العريق المتنوع يلعب الأرز دور الخبز فنجده يرافق غالبية الأطباق، أما النودلز فهي جزء من الأطباق الرئيسية والأطباق الجانبية سهلة التحضير وتستخدم في الطهي أيضا أنواع عدة من الخضار والفواكه بما فيها الباذنجان والمشروم (الفطر) والفجل الأبيض والببايا والموز الأخضر الذي تستخدم أوراقه عادة في تقديم الأرز. والأطباق الرئيسية الأكثر أهمية في تايلاند هي الكاري التايلاندي وهو عبارة عن جمبري بصلصة الكاري بأنواعها الرئيسية الثلاثة: الأخضر، الأحمر، الأصفر.. وشرائح الدجاج بصلصة الكاري الأحمر. وهي شرائح اللحم البقري بصلصة الكاري الأصفر ولبن جوز الهند. وهنا نلاحظ مدى أهمية هذه الصلصة في تايلاند، ولكن نلفت إلى أننا لا نشير هنا إلى بودرة الكاري الهندية التي اعتدنا عليها بل عن خليط من البهارات الصحيحة والأعشاب بالإضافة إلى بعض الخضراوات التي تحضر منزليا من خلال طحن المكونات جميعا باستعمال الهاون من أجل الحصول على أطيب النكهات.

وإلى جانب الكاري هناك العديد من الأطباق الرئيسية الأخرى، مثل الـ«ساتي»، وهو عبارة عن الدجاج المشوي بصلصة الفول السوداني والتوابل التايلاندية المميزة كالجالانجال، وأعشاب الليمون والكزبرة والكركم وغيرها. وطبق «توم كاكاي»، وهو حساء الدجاج وجوز الهند. وطبق «توم بام كونج»، وهو عبارة عن حساء الجمبري الحار والحامض وتقدم هذه الأطعمة – كما ذكرنا سابقا - عادة مع الأرز الذي يكون مطهيا على البخار.

وهناك أيضا المقبلات والسلطات التايلاندية المتنوعة، وعلى رأسها سلطة اللحم البقري الحار مع الأعشاب التايلاندية. وسلطة الجمبري الحارة على الطريقة التايلاندية.. أما المقبلات، فأهمها اللفائف، وتكون محشوة بالجمبري والخضار، أو الدجاج والخضار أو الخضار فقط. وحسن المذاق لا يقتصر على الأطعمة المالحة فحسب؛ فالحلويات أيضا لذيذة الطعم ويكثر معها استخدام حليب جوز الهند الذي يعتبر مادة أساسية لصناعة الأطعمة في تلك البلاد، مثل الحليب العادي في جميع البلدان.

ولا يمكننا نسيان أن أهم ما يميز الطعام التايلاندي هو الطريقة الصحية في الطهي، التي يستعمل فيها البخار بالدرجة الأولى، بينما يعتمد الجزء الآخر على القلي أو الشواء على النار. وهي طرائق تجعل منه طعاما لذيذا وفي الوقت نفسه غير ضار.

لكل منطقة في تايلاند خصوصيتها في الطعام إن عادات الأكل اليومي في تايلاند تختلف عن أي دولة أخرى؛ فالشاي عند الإفطار يستبدل به وعاء من الحساء. أما الغداء فيتألف عادة من خضار نيء أو مطهي مع الكثير من البهارات تقدم إلى جانب اللحم أو السمك. بينما يبدأ العشاء بالمقبلات، تليه مجموعة منوعة من أطباق السمك والدجاج مصحوبة بالأرز والحساء الخفيف. وهذا الأمر يختلف من منطقة إلى أخرى؛ حيث إن في المنطقة الوسطى، الواقعة في قلب تايلاند، يتناول السكان الأرز الذي ينمو بكثافة في جميع الأرجاء، والسمك الطازج وبعض التوابل المحلية مثل الثوم والملح والفلفل وصلصة السمك.

بينما يفضل سكان الشمال تناول الأرز من النوع اللزج الذي يتم طهيه على البخار بدلا من الأرز الرقيق، الذي يفضله سكان المنطقة الوسطى. ومن وجباتهم الشهيرة: «كاينج هانج لو»، وهي عبارة عن لحم بنكهة الكاري والزنجبيل. و«كاوسوي»، وهي عبارة عن حساء الكاري مع البيض والمعكرونة واللحم الذي تغطيه شرائح الكرات والليمون.

أما سكان المنطقة الشمالية الشرقية، فيفضلون تناول طعامهم مضافا إليه الكثير من التوابل، ومن أطباقهم المفضلة: «سوم تام» وهو عبارة عن سلطة الباباي الأخضر مع التوابل. و«كاي يانج»، وهو الدجاج المشوي. أما سكان الجنوب، فيفضلون تناول الأطعمة البحرية الطازجة، ويتم استخدام جوز الهند بصورة واسعة، والحليب لتخفيف حرارة الفلفل في الحساء والكاري.

ولتناول الطعام في تايلاند قوانينه القاسية؛ فعند تناولك وجبة طعام مع تايلانديين حاول أن تستخدم أدواتهم كالملاعق والأشواك وعيدان الطعام، فأطباق الأرز يتناولونها بالشوكة والملعقة فقط، والمعكرونة يأكلونها بعيدان الطعام، أما في المطعم فتجري العادة أن تقدم الوجبة بأسلوب عائلي شائع؛ حيث توضع الأطباق الكبيرة في منتصف الطاولة، وهنا ما عليك إلا أن تأخذ ملعقة كبيرة أو اثنتين من الطبق الكبير وتضعهما على صحن الأرز الخاص بك، ولا بد أن تأكل طعامك ببطء، كما أنه من الأدب أن تتذوق من كل صحن من الأطباق الكثيرة الموجودة أمامك.

تعليقات: