الوضع المتردي يلقي بـحممه على المشاجرات الزوجية

الوضع المتردي يلقي بـحممه على المشاجرات الزوجية
الوضع المتردي يلقي بـحممه على المشاجرات الزوجية


جمعهم "الحب" وكلل في ما بعد "زواجهم" لكنه غفل عن خاطره انه في بلد مثل "لبنان" لن يكون وضعه "مستقراً" دائماً وسيخترق من وقت لآخر برصاص المشاحنات المتنقلة حسب "المزاج" او حسب "وضع البلد" ان كان في حالة "مخاض" ام "ولادة". فإن كان هذا الأخير متواجدا في دوامة الحالة الاولى (اي المخاض) حيث "الاوجاع" و "التوتر"، فـلا بد عندها ان يكون لـوضعه "السيئ" أثر على بعض العلاقات الزوجية "سلباً"، اما ان كان وضعه "سليماً" نتيجة "الولادة" فلا خوف من انعكاسات "سلبية" طائشة على الازواج، الذين تبقى في يديهم مسألة اما "التصعيد" واما "ارساﺀ" الهدوﺀ.

الوضع المتردي يلقي بـحممه على المشاجرات الزوجية فـبعدما دخل لبنان مرحلة من التوتر على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، (مــا جعله يعيش مرحلة "اليوم بـــــيــوم"، حــتــى لا نــقــول اكــثــر من ذلك، باعتباره الاكثر تأثراً والحلقة الاضــعــف فــي منطقة الــصــراعــات المفتوحة على كل الاحتمالات، من الحرب الــى السلم، تبعاً لمصالح الدول المتصارعة من حوله)، ارتفعت حدّة "الغضب" عند الازواج، دافعةً البعض منهم الى اخراج الذبذبات "الـــمـــكـــهـــربـــة" مـــن اجــســادهــم واسقاطها على اجواﺀ البيت الزوجي الدافئ التي ما تلبث ان تتحول الى "برودة قارسة".

فــادي متزوج منذ سبع سنوات ولـــديـــه ولـــــدان، يـــقـــول: "الــوضــع المعيشي سيئ فعلا وبــات راتب الفرد في ظل غلاﺀ الاسعار بلا قيمة ولا يكفي لسد ثغرة معيشية واحدة.

ما من شأنه زيادة درجة الاحتقان في النفس الى درجة الانفجار". فـفادي الذي يعمل من المشرق الى المغرب سبيلاً لتأمين الحد الادنى من الحياة اللائقة لعائلته، يرى نفسه تحت وطأة الاثقال المعيشية والاقتصادية وغــيــاب الــدولــة عــن رعــايــة شــؤون رعاياها، انسان في حالة عصبية دائمة تدفعه الى الشجار مع زوجته" الحنون والمخلوق الناعم الــذي يعرف كيف يسامح ويعيد المياه الى مجاريها "حسب تعبيره.

ياسر، متزوج منذ 10 سنوات، ولــديــه ثــلاثــة اولاد وهــو نــــادراً ما يغضب، ولكنه عندما ترتفع حدّة عصبيته، يخرج من البيت ساعات لـيجالس أصـــدقـــاﺀ ه فــي مقهى، "نلعب الورق والزهر أو نتجمع حول التلفزيون لمتابعة آخر المستجدات الأمنية والسياسية والتعليقات عليها بـانتظار" الفرج "الذي يخرجنا من الحالة العصبية والتعيسة التي نعيشها بسبب غلاﺀ الاسعار سواﺀ كانت مرتبطة بـالمواد الغذائية ام اقساط المدارس ام البنزين... فنحن لم نعد نحتمل لا الوضع المتردي ولا حتى بعضنا اذ بتنا نتشاجر كعائلة على امور تكون في بعض الاحيان لا تتطلب الشجار".

امــا سامر، فيذكر انــه يتشاجر مع زوجــتــه، أحياناً، بسـبب الأبناﺀ وطلباتهم المتزايدة في زمن بات كــل شــيﺀ فيه باهظ الثمن، وهو مجرد موظف ميسور الحال. والجميل ان سامر عندما يتخاصم مع زوجته لا يعود يكلمها، وأحياناً ينام وهو "جــائــع". هـــادي، طفل لا يتعدى عمره العشر سنوات، يقول إن والديه يتشاجران دائماً. وقد ورث الطباع العصبية عــن والـــده، لــذا فعندما يغضب "يكسر" أي شيﺀ امامه.

ليس معيباً أن يختلف الــزوجــان في أمر حياتي يواجهانه، فهو أمر طبيعي، ويــحــدث فــي أكثر الأســر توافقا وتفاهما. ولكن ما الاسباب التي تقف وراﺀ اشعال "الجبهة" بين الطرفين؟ : "مسببات كثيرة تقف وراﺀ المشاجرات المنزلية منها اختلاف العادات والتقاليد والحالة المادية الصعبة التي بات يعيشها كل منزل في لبنان" حسب تعبير ربــى فـــارس، اختصاصية فــي علم الاجتماع ومنسقة القسم الاجتماعي في الشبكة اللبنانية للتنمية.LDN من جهتها ترى دنيا النضايري، اختصاصية فــي الــطــب النفسي ومــســؤولــة الـــمـــرأة والــشــبــاب في جمعية تنظيم الاسرة اللبنانية ان "الاختلاف شيﺀ طبيعي وهو أمر وارد. والسبب في ذلك يعود لأمور كثيرة منها خلل في تكافؤ العلاقة الزوجية من حيث العطاﺀ والتوازن في الوفاﺀ والصدق أو بسبب، تقصير أحد الطرفين مثل ان تقصر الزوجة في واجبها تجاه الزوج، والأبناﺀ أو يقصر الزوج في واجبه من نفقة أو تواجد بالقدر المطلوب مع أفراد الأسرة".

وتضيف "لا شــك ان الوضعين الاقتصادي والمعيشي في لبنان لهما تأثير على العلاقات الزوجية، لكن الامر يعود في بادئ الامر وفي نهايته للزوجين اللذين يقع عليهما واجب التنبه لكل التحديات التي قــد يواجهونها مستقبلاً وذلــك قبل الارتــبــاط، لان التشاجر أمــام مــرأى الاولاد امــر خطير". وتوضح دنيا "الصراع الأسري بين الأبوين خطر على الأسرة بكاملها وبخاصة الأولاد، ومن شأنه انتاج اما أطفال يميلون إلى المشاجرات مع زملائهم ويتخذون الشغب والعنف نمطا في حياتهم وامــا اطفال خمولين وخجولين، كما ينتج كذلك فقدان ثقة الأولاد واحترامهم لآبائهم المتشاجرين".

وتضيف: "وقع العنف اللفظي افظع من العنف الجسدي. ونحن كـجمعية تعنى بـالأسرة نشدد دائما على اهمية التوعية على كيفية التصرف بين الــزوجــيــن عند وقـــوع مشكلة معقدة لاننا نرى ان هناك العديد من الازواج الذين يجهلون التعامل مع المشاكل والتحديات الواقعة والتي قد تقع".

من جهتها ترى ربى فارس ان مسؤولية ارساﺀ السعادة في البيت الزوجي "تقع على الزوجين، فلا بد من تبادل حسن الظن، والثقة بين الطرفين، كما يعد التكامل عاملا مهما فــي تهيئة الجو المناسب للبيت السعيد، ويتمثل في حسن استعداد الزوجين لحل ما تتعرض له الأسرة من مشكلات، فالعديد من المشكلات تنشأ من عدم تقدير أحد الزوجين لمتاعب الطرف الآخر".

ختاماً، نتمنى ولــو لـمرة واحــدة ولــو لـيوم واحــد ان يتناسوا "الــرد والرد المضاد" ويتذكروا ان هناك "شعبا" في البلد بحاجة لـرعاية...

ان يعوا ان هناك "اولادا" بسبب المشاجرات المنزلية (والتي تعود فــي قسم لا بــأس بــه الــى الوضع المعيشي المتردي) في مرحلة تعد أصعب مرحلة يمر بها الإنــســان، لأنها المسؤولة عن تحديد مستقبله المشرق أو القاتم، فإما أن تجعله إنساناً عبقرياً نافعاً لأمته، متفائلاً بحياته. وإمـــا أن تجعله إنساناً خمولاً منطوياً على نفسه، وربما مجرماً وحاقداً، ووبالاً على "دولته" التي بغيابها وانشغال قياديها بمشاجراتهم الدائمة بدل ارساﺀ "الـــتـــوافـــق" ســاهــم بــشــكــل غير مباشر الى القاﺀ حممها الملتهبة على المشاجرات المنزلية "ارتفاعا" ودافــعــة الازواج خــارج البيت على الطريق نحو "بيت أهلها او أهله" او "المقهى لشرب القهوة الورق"... او النوم "جائع" كـسامر.

تعليقات: