قانصوه يعتبر أن الهيئة للمحاصصة

النائب عاصم قانصوه
النائب عاصم قانصوه


قانصوه يقول إن علي حسن خليل تبنّى دراسة نروجية أعدّتها إسرائيل..

ما الفائدة من قانون الموارد النفطية ؟..

ولماذا اقتصر على البحر دون اليابسة ؟..

هل يعود لبنان بلد البحبوحة والهناء والرخاء والعيش الرغيد ؟ وتعود بالتالي قوافل المغتربين ادراجها، لتستقر في بلاد العز والاحلام و"مرقد العنزة"؟ سؤال يطرح بقوة مع تحول البلد ما بين ليلة وضحاها دولة نفطية عائمة على بحر ثروات الذهب الاسود المكتنزة تحت الأعماق وفي بواطن الارض، وتقدر مداخيلها السنوية بمئة مليار دولار، وهو ما ينعكس حتما ارتفاعا قياسيا في دخل الفرد، كما ارتفع معدل دخل الفرد في نروج واصبح من الاعلى في العالم على اثر الاكتشافات النفطية في تلك البلاد.

ففي 17 آب الماضي اقر مجلس النواب اللبناني "قانون الموارد النفطية في المياه البحرية"، الامر الذي كان شهد سجالا كبيرا، امتد لسبع سنوات، وتمحور حول فكرة "اقتسام جلد الدب قبل اصطياده"، ما تُرجِم خلافا معلنا بين القوى السياسية على نقاط ثلاث: الصندوق السيادي، وهيئة ادارة النفط، واصدار القرارات التنظيمية.

صراع الاعوام السبعة اختصرته سبع جلسات نيابية، سبقت اقرار القانون، الذي ولد أعرج من دون قانون رديف يقضي بترسيم الحدود البحرية، رغم اقرار الجميع بأهميته والحاحه، تمهيدا لتسجيل هذا الترسيم لدى الامم المتحدة، وهو ما يحمي لبنان وموارده البترولية من المواجهة مع كل جيرانه، سواء الاشقاء أو الاصدقاء أو الاعداء.

ورغم اقرار الجميع بأن رسم "خريطة الطريق" للسياسة النفطية وادارة الموارد البترولية المرتقبة، تكمن اولا في ترسيم الحدود البحرية، خاصة ان عملية الترسيم انجزت في مجلس الوزراء ولم تعد تحتاج الا الى مصادقة مجلس النواب لتنتقل الى الامم المتحدة، فان احدا من المسؤولين في لبنان لم يكلف نفسه عناء رفع الصوت لانجاز الشق الاكثر الحاحا بالسرعة اللازمة قبل ان تستغل اسرائيل هذا التلكؤ والتباطؤ الرسمي اللبناني وتعمد الى سحب الثروات النفطية الموجودة ضمن حوض افقي واحد، يمتد من تحت مياهها الى مياه لبنان وصولا الى تركيا مرورا بسوريا وقبرص. علما انها بدأت عملانيا بذلك قبل 7 سنوات على الاقل.

فماذا ينتظر المسؤولون في لبنان لانجاز ملف ترسيم الحدود المائية، واعلان المنطقة الاقتصادية الخالصة، واقراره في المجلس النيابي قبل تسجيله لدى الامم المتحدة من جانب واحد؟

آبار النفط خارج المياه الاقليمية اللبنانية!

في المبدأ تتقاطع آراء المطلعين على ملف النفط اللبناني والمتخصصين فيه حول الأهمية الكبرى لاقرار القانون في مجلس النواب، كاتفاقهم على مبدأ ان ما ينقصه بعد، هو اعلان المنطقة الاقتصادية الخالصة، وموافقة الامم المتحدة عليها، ولا سيما في ضوء المعلومات التي تتردد في أكثر من دائرة معنية وتؤكد على ان آبار النفط الموعودة، هي فعليا خارج المياه الاقليمية اللبنانية.

احد اهم المراجع العلمية في لبنان (رفض ذكر اسمه) اعطى مثالا على ذلك بالقول ان حدود المياه الاقليمية بيننا وبين قبرص، تصل الى حوالى 22 كيلومترا غرب رأس بيروت، بينما الحدود الاقتصادية الخالصة تصل الى نحو 75 كيلومترا من الشاطئ اللبناني.

وذلك يعني ان حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة تبلغ نحو 55 كيلومتراً، وهي نصف المسافة البحرية مع قبرص، التي يفترض ان مسافة مياهها الاقليمية موازية، وكذلك منطقتها الاقتصادية الخالصة، ولذلك يرجح ان يكون ثمة آبار نفط مشتركة بيننا وبين قبرص، وهو ما ينسحب تماما على سوريا.

حول نقطة ترسيم الحدود المائية للمنطقة الاقتصادية الخالصة مبدئيا، يبدي المرجع اعتقاده بان "ليس ثمة مشكلة مع سوريا" من الشمال لا سيما ان المسؤولين السوريين، سبق ان اعلنوا استعدادهم للترسيم، اما مع قبرص فالمشكلة محلولة مع الجزء اليوناني من الجزيرة، وقد سبق للوزير محمد الصفدي ان وقع مع القبارصة اتفاق ترسيم، حين كان وزيرا للنقل والاشغال، لكن هذا التوقيع اوجد اشكالا مع تركيا في حينه، خاصة في ما يتعلق بالجزء القبرصي التركي في منطقة "فاماغوستا" جنوب الجزيرة.

اما مع اسرائيل، فان مشكلة ترسيم الحدود، مرتبطة بمطامع الاسرائيليين الدائمة بـ"دفش" الحدود شمالا، لاستغلال الجزء الاكبر من المواقع الموعودة شمال فلسطين المحتلة.

لترسيم الحدود البحرية عمليا، لا بد من ان تطلب الحكومة اللبنانية من المراجع الدولية المختصة اقرار الحدود والخرائط للموافقة على الصيغة التي وضعتها اللجنة المختصة في مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني، وابلاغ الامم المتحدة بذلك لاعتمادها كما جرت العادة بين اغلب الدول المتاخمة للبحر الابيض المتوسط.

ولكن حظوظ اعتمادها تبقى رهنا بالقوة السياسية التي تستطيع الحكومة ان توظفها عبر حلفائها في العالم لاعتماد المعايير العالمية لترسيم الحدود، وليس وفقا لضغوط اسرئيل واهوائها.

من هنا فان موضوع الحدود الجنوبية مهم جدا نظراً لامكانات التداخل الممكنة بين الآبار الموعودة شمال المياه التي تسيطر عليها اسرائيل وامتدادتها الجيولوجية شمالا داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان.

بين قانصو ورئيس المجلس

النائب عاصم قانصو يكشف من منطلق اهتمامه بالقضية، أن اللبنانيين يعومون على اكبر حوض نفطي في العالم. وان نتائج دراساته في هذا الاطار تطابقت مع ما اكدته شركة "نوبل" الاميركية في هذا الشأن.

لكن قانصو يذهب مذهبا مختلفا عن الخلاصات التي تبناها المسؤولون اللبنانيون، على صعيد تحديد مواقع النفط وسبل وآليات واوقات استخراجه، فيعلن ان البترول والغاز موجودان على عمق واحد، وفي حوض واحد، يمتد من تحت بر فلسطين المحتلة وبحرها الى بر وبحر لبنان وقبرص وسوريا وصولا الى تركيا، وبالتالي فإن من يحفر اولاً في امكانه ان يستخرج حصته وحصص الدول الاخرى المجاورة من البترول. انه حوض متصل يبدأ من تحت المياه الفلسطينية وصولا الى المياه التركية، والطبقة التي تحمل البترول هي طبقة واحدة، وهي على عمق 2577 متراً تحت المياه كما تحت اليابسة، وعلى هذا العمق نفسه ظهر عندنا البترول في القاع وفي تل دنوب، حين تولت شركة المانية الحفر في العام 1961، ووصلت الى المياه الجوفية على عمق 700 متر، ثم ظهر الغاز عائما على عمق 1500 متر، ووجدوا البترول على عمق 2577 مترا، لكنه من دون غاز، الامر الذي يحول دون استخراجه الا بواسطة الضخ اليدوي، وهي طريقة مكلفة في حينه، اذ تصل تكاليف استخراج البرميل الى حد الـ 4 دولارات ونصف الدولار للبرميل الواحد بواسطة الضخ، في حين ان ثمنه في ذلك الوقت لم يكن يتجاوز الخمس دولارات. ولذلك اقفلت هذه الآبار بالباطون في حينه، حتى لا يهرب الغاز ويتسبب بمشكلات في المنطقة، لكنها ما تزال حتى الآن وفي الامكان فتحها والافادة منها، لا سيما انه الآن اصبح سعر برميل النفط في حدود الـ80 دولاراً.

ولماذا لا يستخرج النفط الآن اذا، ولو في معزل عن الغاز، من هذه الآبار الموجودة عمليا، كبداية على الاقل؟

يجيب قانصو، بأن هذا ما اوجد المشكلة بيني وبينهم في مجلس النواب، إذ قالوا ان الكميات في البحر اكبر والافادة منها اكثر. اما الحقيقة فليست كذلك، واكثر من مرة رد علي رئيس المجلس باننا سنقر قانونا خاصا لليابسة، علما بانني طالبته مرارا باضافة كلمة (واليابسة) الى جانب ترويسة "قانون الموارد البترولية في المياه البحرية" في مشروع القانون الذي تم تصديقه في المجلس، لكنه كان يرفض في كل مرة. وفي المرة الاخيرة قال لي انه سيخرج وكأنه هو وراء عدم استخراج البترول من اليابسة، فقلت له: نعم انت من اوقفت ذلك. وقلت له ان هذا الامر في متناولنا ولا مشكلة عليه حاليا فلنفد منه، لكنه لم يوافق.

أعطني حفارة

وخذ نفطاً في أيام

ملاحظات قانصو على القانون كثيرة وكبيرة اولها ان القانون اعطى الشركات المنقبة مهلة عشر سنوات. فلماذا؟ انا اقول اعطني الحفارة الآن لانصبها في اقرب مكان من هنا، على شاطئ الرملة البيضاء مثلا، وخذ بترولا مني بعد ايام او أسابيع، فلماذا الضحك على ذقون الناس؟ لذلك انا اعتبر ان المؤامرة الكبرى على لبنان هي في عملية استخراج البترول وتأجيله. لماذا لا نبدأ الآن؟ ثم أليس من المعيب ان يتبنى النائب علي حسن خليل مشروع قانون هو عبارة عن دراسة وضعها النروجيون سابقا، ثم يذيله بتوقيعه ليبدو وكأنه هو من أعده؟.

والمفارقة ان التقرير نفسه قدمه رئيس الحكومة في مجلس الوزراء، وهو نفسه الذي قدمه وزير الطاقة ايضا.

ثمة سؤال كبير، هو كيف يمكن ان يستخرج النفط من دون وزارة؟

المهم عندهم (المسؤولون على اختلافهم) انهم شكلوا الهيئة، لماذا؟ لانهم يريدون ان يؤمنوا حصة كل واحد منهم من البترول، هذه هي القصة. قضية محاصصة فقطّ

وما اذا كان يرى ان ترسيم الحدود سيخلق مشكلة مع الاسرائيليين، يجيب ان الاسرائيليين رسموا حدودهم المائية منذ سنين عديدة، واسرائيل تحفر وتستخرج الغاز والبترول من سنين ايضا. والاسرائيليون هم من رسموا كل الخرائط الموجودة بين ايدينا اليوم، وهم من اعطوها للنروجيين الذين زودوا المسؤولين عندنا نسخاً منها على انها من اعدادهم، ونحن الآن نعمل على اساسها ونتبناها.

هل ذلك يعني اننا سنحفر في المياه التي تركتها لنا اسرائيل؟ لا يتردد قانصو في الاجابة بـ"طبعا، ولكن قبل ان نفتح المشكلة مع اسرائيل على الحدود، لماذا لا يبدأون الحفر هنا في بيروت عند الشاطئ، وبعد ذلك نفعل ما نريد. خاصة ان الشركات التي سنتعاقد معها اصلا شركات يهودية وصهيونية وثلاثة ارباع رأسمالها صهيوني، وبالتالي لن يتركنا الاسرائيليون نستخرج النفط قبل ان ياخدوا كل الكمية التي يريدونها.

هل يفهم منك انك ضد الترسيم حاليا؟ يجيب: "لماذا نحن نستعجل الترسيم الآن ما لنا بالترسيم حاليا؟ هل يعني اننا مستعجلون على المشكلة؟ فلنخرج البترول اولا من هنا، قبل ان نذهب لنقول أننا مختلفون على بعض كيلومترات في منطقة رأس الناقورة.

فلا احد يزايد علي وطنيا في هذا الموضوع، ولا في قضية الصراع العربي الاسرائيلي، انا اتكلم علمياً، لذلك اقول الآن ان عصفورا في اليد خير من 10 على الشجرة.

وماذا اذا خلق السوريون لنا مشكلة بعد استخراج البترول في لبنان؟ يجيب قانصو

لا علاقة لهم. ثمة مشكلة حدودية بيني وبين السوري في البحر كمشكلتي مع القبرصي تماماً. لكن مع السوري نجد حلا بسهولة ولن نختلف معهم على كيلومتر بالناقص او كيلومتر بالزايد، اما الحق حق. هناك للسوري حق ان يقول لي نعم او لا. لكن لا حق له في اليابسة.

الخادم: 36 مليار برميل نفط في منطقتنا

واسرائيل "ازاحت" الخرائط لجهتها

عن اصرار مجلس النواب على سن قانون النفط في البحر من دون اليابسة، يعزو رئيس المؤسسة العربية للدراسات العميد المتقاعد سمير الخادم، السبب إلى الدراسات والاستكشافات التي تمت سابقا والتي بينت ان في البر كميات قليلة، وان كلفة استخراجها عالية جدا، سواء في منطقة جبل تربل، او في سحمر ويحمر، او جنوبي صيدا، بينما الكميات الكبيرة من احتياطي الغاز خاصة والنفط عموماً، فموجودة قبالة السواحل اللبنانية خاصة بين القطاع الموجود في منطقة البترون - شكا الهري - طرابلس باتجاه 350 درجة نحو قبرص والى الشمال باتجاه الساحل السوري. وبالتالي فان القانون الذي اقر جاء ليتماشى مع المعطيات التي صرحت عنها شركة "نوبل" بعد البحثيات التي قامت بها، والتي بينت ان لدى لبنان حوالى 123 بليون قدم مكعب من الغاز، وحوالى 36 مليار برميل من النفط في هذه المنطقة.

وطبعا نشروا خرائط، تبين لاحقا انها "مزغولة" نوعا ما، وفيها خطأ، باعتبار ان هذه الخرائط "أزيحت" لجهة اسرائيل أكثر، ومصبها في اتجاه الغرب من اسرائيل اكثر من لبنان، هي طبعا تشمل لبنان، لكن النقطة المحورية لها، على السواحل الغربية لاسرائيل، وهذه الخارطة تحتاج الى تصحيح وازاحة في اتجاه الشمال لتشمل الاراضي اللبنانية وخاصة البقعة التي تحدثنا عنها، منطقة شكا الهري في اتجاه قبرص.

وهل استخراج النفط يحتم علينا ترسيم الحدود مع اسرائيل، ولماذا؟ يجيب الخادم: قبل اي شيء يتحتم علينا ترسيم حدودنا التي هي ليست مرسمة حتى تاريخه. لاننا قبل سنة 1983 لم يكن عندنا اي نص يرسم المياه الاقليمية، الا وفق اتفاق الهدنة التي قالت في البند الذي يحكي عن المادة الثالثة انه يجب ان لا يكون اي اعتدء بين لبنان واسرائيل لا جوي ولا بري ولا بحري او في المياه الواقعة ضمن ثلاثة اميال من الخط الساحلي التابع للفريق الآخر. وهذا هو النص الحرفي الوحيد الذي اعترفت به الامم المتحدة. وقد صدر المرسوم 138 في 16 ايلول من العام 1983 والذي يحدد المياه الاقليمية وينص في مادته الاولى بالقول "مع مراعاة احكام الاتفاقيات الدولية التي يكون لبنان فريقا فيها او منضما اليها يحدد عرض البحر الاقليمي بمسافة 12 ميلا بحريا من الشاطئ ابتداء من ادنى مستوى الجذر".

هذا هو النص القانوني المعترف به حاليا في لبنان. ولا ادري اذا كان قد ارسل في حينه الى الامم المتحدة او الى محكمة العدل الدولية في لاهاي، مع ان المفروض ان يكون قد ارسل اليهما للتأكد منه.

بعد المياه الاقليمية تأتي المياه المتاخمة، التي هي ايضا بـ12 ميلا من هذه المياه وتحسب من ابتداء الجذر، يعني حين يتراجع البحر الى اقل مستوى وفق حركة المياه تبعا للمد والجذر، نبدأ بقياس 12 ميلاً، ثم نعد 12 ميلا أخرى، هي مسافة المياه المتاخمة، ثم بعد ذلك تدخل الى المنطقة الاقتصادية، وهذه المنطقة لم يحددها لبنان بعد، علما أن هناك الكثير من الدول، ومن بينها اميركا وفرنسا، وحتى التشيلي والبرازيل يقولون ان المياه الاقتصادية خاصتهم هي بحدود ال200 ميل من الشاطئ او من المكان الذي ترسم فيه الحدود، واسرائيل سبقتنا منذ ان تبين لهم ان ثمة نفطا في المياه، اجتمع الكنيست فورا وحدد المياه الاقتصادية الخاصة بهم. اما نحن في لبنان فلم نحدد بعد مياهنا الاقتصادية.

كيف، وما هي آلية ترسيم حدود المياه الاقتصادية بيننا وبين اسرائيل على وجه الخصوص؟ ببساطة على مجلس النواب ان يجتمع ويقول ان المياه الاقتصادية (ليس بالضرورة ان تكون 200 ميلا بل تتحدد) من الجذر الادنى اي من اقرب جزيرة موجودة كجزيرة رمكين في الشمال او ان نحدد 100 ميل مثلا ويصوت عليها المجلس النيابي ثم نرسلها الى الجهات الدولية.

اما عن الآليات التقنية لتحديد المياه الاقتصادية فيمكن، وفق الخادم، ان يتم من خلال وسائل تقنية تعتمد 3 طرق على الاقل، ترسيم المياه الاقليمية او المياه المتاخمة او المياه الاقتصادية، كاعتماد خط الحدود المرسوم على الخرائط الدولية ليكون امتداده المائي فاصلا بين هذه الدول. وعلى سبيل المثال فان الخط الفاصل بيننا وبين الاراضي المحتلة هو الآتي من الناقورة. هذا الخط نفسه يمكن ان نمدده في اتجاه البحر، وتكون الحدود المائية امتدادا للحدود البرية فنضرب خطا وهميا في البحر يعتبر حدودا مائية. ولكن هذا الخط عادة يكون خطاً مائياً، وبالتالي يمكن ان يكون لصالح لبنان وتكون زاويته منعكسة في اتجاه اسرائيل، حينها يحصل لبنان على مساحة اكبر.

والطريقة الثانية للترسيم هي في وضع الخط الذي يمكن ان نسميه الخط الساحلي الاوسط، وهذا خط وهمي ايضاً. كأن نضرب خطا مستقيماً على الساحل اللبناني. ومن هذا الخط نأخذ خطا عمودياً عليه وزاوية 270 درجة في اتجاه الغرب، وبالتالي يكون هذا الخط خطا مستقيما شماله يكون للبنان وجنوبه للاراضي المحتلة.

الطريقة الثالثة وتسمى بالجيومتري الخط الاوسط، الذي تكون كل النقاط التي على شماله وعلى يمينه هي على نفس المسافة منه، اي نقطة الخط الاوسط وهو الخط الراسم هذه الحدود بين البلدين في شكل لا يميل لا لجهة هذا البلد ولا الى ذاك. وطبعا فان كل هذه الامور تكون حبرا على ورق اذا لم يوافق عليها مجلس النواب ولم ترسل الى الامم المتحدة، وعند ذلك ستوافق الامم المتحدة.

هل توافق الامم المتحدة بهذه السهولة، خاصة اذا ما اعترضت اسرائيل على هذا الترسيم "الذاتي"؟ يعتقد الخادم ان اسرائيل قد تعترض وقد لا تعترض، لكننا أمام موضوع مهم جدا سيدر مليارات الدولارات على البلد والمهم ان هناك اتفاقية الهدنة. لان لجنة الهدنة ستجتمع عند نشوء الخلافات، كما يحدث الآن في المعالجات على الخط الازرق، من قبيل هذه الشجرة لكم اوهذه الشجرة لنا. وهذا الحجر لكم وذاك لنا.

المجذوب: اسرائيل لا تعترف بأي حدود برية او بحرية

رئيس الجامعة اللبنانية السابق، استاذ القانون الدولي العام في جامعة بيروت العربية الدكتور محمد المجذوب عدد الاشكاليات المتعلقة بعمليات ترسيم الحدود المائية للبنان، منطلقا من ان الاشكالية الاولى التي تتعلق بنتيجة التداخل الطبيعي للحدود اللبنانية مع سوريا من جهتي الشرق والشمال، ومع قبرص غربا ومع فلسطين المحتلة من جهة الجنوب، حيث تواصل اسرائيل عمليات البحث والتنقيب في عمق المياه الاقليمية بين غزة والناقورة.

ويبدو ان اسرائيل تتعامل مع الاكتشافات النفطية والغازية على انه حق لها قبل غيرها. وعندما اعلنت شركة "نوبل" للطاقة عن اكتشاف حقل هائل للغاز في مياه المتوسط اعلن وزير البيئة الاسرائيلي ان بلاده سوف تستخدم القوة للسيطرة على الحقول المكتشفة مدعيا ان المناطق المكتشفة هي ضمن مياه اسرائيل!.

والاشكالية الثانية، هي انه ليس للبنان حتى الآن قانون خاص لتنظيم عملية استخراج النفط وكيفية استثماره في المياه اللبنانية والاقتصادية، فمن المفترض ان يكون ذلك المدخل الطبيعي والوحيد لاجتذاب الشركات العالمية وعقد اتفاقات التنقيب معها.

والاشكالية الثالثة هي ان لبنان لا يملك ما يكفي من خبراء وتقنيات ومراكز بحوث متخصصة تؤهله للقيام بالدور الاهم في هذا المضمار.

والاشكالية الرابعة هي ان لاكتشاف النفط والغاز انعكاسات اقتصادية على عملية التنقيب ودور الشركات الاجنبية الكبرى فيها. فالمتعارف عليه ان سوق النفط تخضع لتأثير واسع ومباشر للشركات النفطية العملاقة. وبسبب ضعف الامكانات المادية والتقنية في لبنان وغياب الشركات والمؤسسات الحكومية المتخصصة بالنفط، فان التوجه سوف يكون باتجاه الشركات النفطية العملاقة المتنافسة. فهل هناك ارتباط او علاقة ما بين اطماع هذه الشركات وتأخير اصدار قانون خاص بالنفط؟

والاشكالية الخامسة هي تحديد الصلاحيات للاشراف على الموارد النفطية والغازية. ان القانون الذي سيصدر ينص على تشكيل مؤسستين. الاولى هي هيئة ادارة قطاع النفط، وهنا يدور نقاش حول ما اذا كان دورها استشاريا ام تقريريا ؟والثانية هي الصندوق السيادي الذي يقوم بتوظيف عائدات الثروة النفطية في الانماء واحتواء الدين العام.

الاشكالية السادسة هي كيفية التعاطي مع اسرائيل التي اصبحت جاهزة لمد الانابيب في البحر لضخ الغاز من حقل في فلسطين المحتلة تسميه "حقل ألوف" وهو ملاصق للحدود المائية اللبنانية ومتداخل معها.

والاشكالية السابعة تتعلق بالمناطق الواقعة خارج الحدود الاقليمية اللبنانية، اي معظم المناطق الواعدة نفطيا الموجودة في المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تصل بين لبنان وقبرص، وقد تم اتفاق مبدئي على تقسيم هذه المناطق بنسبة 50 بالمئة لكل منهما مع العلم ان المسافة بين البلدين تبلغ 125 ميلا بحريا. ولكن لبنان يقع في حوض تقع ضمنه فلسطين المحتلة ولبنان وقبرص وجزء من سوريا.

الاشكالية الثامنة هي ان التنقيب بحرا اسهل من الناحية الادارية من التنقيب برا لأن المياه الاقليمية والاقتصادية ملكية ثابتة للدولة اللبنانية في حين ان البر اللبناني ملكيات خاصة في معظمه والتنقيب فيه يحتاج الى مراسيم وتراخيص.

الاشكالية التاسعة تتعلق بترسيم الحدود البحرية. واذا كان لبنان يأخذ بالقواعد والمعايير المتبعة دوليا للترسيم، فان اسرائيل تتبع وفق هواها ومصالحها اسلوبا خاصا وغامضا في ترسيم حدودها، علما بانها حتى الان لا حدود رسمية لها، ولا تعترف في تشريعاتها باي حدود برية او بحرية. ولهذا سينشأ خلاف حول هذه المسألة. وقد تستعين اسرائيل، كعادتها، بالولايات المتحدة، لمساعدتها في الامم المتحدة، اذا طلب منها التدخل على اقرار الخريطة التي تقدمها وتعتبرها مطابقة لاحكام القانون الدولي. وقد ينصح البعض باللجوء الى التحكيم او القضاء الدولي، ولكن لبنان سيرفض حتما ذلك لعدم اعترافه بالكيان الاسرائيلي. وقد ينصح البعض الآخر بعرض الأمر على مجلس الامن الدولي، ولكن ليس من صلاحيات هذا المجلس ترسيم الحدود بين الدول. والمرة الوحيدة التي اقدم فيها على هذا الامر كانت لترسيم الحدود بين العراق والكويت، وكان ذلك سابقة أساءت الى سمعته، ثم ان مجلس الامن الذي يخضع لهيمنة الولايات المتحدة لم يعد يوحي بالثقة والشفافية.

الاشكالية العاشرة هي ان لاسرائيل اطماعاً معروفة في الارض اللبنانية واعتداءات متلاحقة على جنوبه. والثروة النفطية الجديدة قد تصبح ذريعة لاسرائيل من اجل احتلال مواقع في جنوب لبنان تطل على الورشة النفطية في البحر. فهل سيكون النفط سبباً لاندلاع حروب جديدة اذا قررت اسرائيل تجاوز حدود فلسطين الشمالية واحتلال بعض مناطق في جنوب لبنان؟

قيل ان قدوم البوارج الاميركية العملاقة الى بيروت للبحث عن الصندوق الاسود للطائرة الاثيوبية التي سقطت قرب ساحل الناعمة كان لتحقيق غرض آخر، وبالتالي ساد اعتقاد لدى كثيرين ان قدوم هذه البوارج كان عملية تمويه مدبرة، وقد تبين من تحركاتها وابتعادها في معظم الاوقات عن مكان سقوط الطائرة وعدم بذلها اي جهد للعثور على الصندوق الاسود، انها كانت تقوم بمسح الشاطئ اللبناني والبحث عن مواقع النفط والغاز في المياه اللبنانية.

وعن كيفية ترسيم الحدود البحرية، يعيد المجذوب الامر الى التاريخ الابعد، فيرى ان للبحر أهمية كبرى في حقل العلاقات والمواصلات الدولية. فهو خزان لا ينضب من الثروات السمكية والمعدنية. وقد بذلت الدول البحرية الكبرى في اوروبا، منذ نهاية القرون الوسطى، جهودا لامتلاك البحار والسيطرة عليها. وتسببت هذه الرغبة في الهيمنة باندلاع معارك بحرية طاحنة بين الكبار انتهت بانتصار نظرية حرية البحار في زمن السلم والحرب. وبعد العديد من المؤتمرات تمكنت الامم المتحدة، في العام 1982، من اقرار اتفاق قانون البحار الذي صدق عليه لبنان في العام 1995. وحدد الاتفاق عرض المياه الاقليمية باثني عشر ميلا بحريا، والمنطقة المتاخمة باثني عشر ميلا كذلك، وعرض المنطقة الاقتصادية الحصرية او الخالصة بمئتي ميل ابتداء من خط الاساس الذي ينطلق منه البحر الاقليمي. ويعتبر نظام هذه المنطقة ابتكارا أتى به اتفاق العام 1982.

وتضمن الاتفاق احكاما محددة لتسوية المنازعات بالطرق السلمية، وأنشأ محكمة سلمية لهذا الغرض، وخصوصا بعدما ازداد في السنوات الاخيرة، عدد المنازعات المتعلقة باستخدام البحار، مثل النزاع الليبي الاميركي حول خليج سرت، وكذلك النزاع بين كندا والولايات المتحدة، أو بين نيجيريا والكاميرون، او بين الهندوراس ونيكاراغوا، او بين الولايات المتحدة والمكسيك، حول تعيين الحدود البحرية بينها.

وهناك اليوم معايير وطرق وسوابق معروفة ومتداولة لترسيم الحدود البحرية. والمجال القضائي الدولي متاح لجميع الدول لتسوية منازعاتها حول تلك الحدود. ولكن لبنان الذي لا يعترف بالكيان الاسرائيلي يتجنب اللجوء الى المحاكم الدولية والمثول امامها جنبا الى جنب هذا الكيان.

خريطة تبين التلاعب الاسرائيلي بالحدود المائية اللبنانية
خريطة تبين التلاعب الاسرائيلي بالحدود المائية اللبنانية


تعليقات: