علي الشطوط والجارة المحفوظة صورتها في عبّـه

 سامية يوسف عواضه  / قطر
سامية يوسف عواضه / قطر


تتراكم الذكريات في الخاطر عند ذكر علي الشطوط،

كيف لا عن رجل لم يرى حتى الجاحظ له مثيلاً.

تتراكم الذكريات في الخاطر عن أشخاص كان لهم مروراً في حياتنا..

من هؤلاء الأشخاص من عرفنا ومنهم من لم نعرف....

كيف لا تتراكم الذكريات عن رجل لو عاش الجاحظ من جدبد لألف كتابا جديدا في البخل والبخلاء....

إنه علي "الشطوط!

عرفته عن كثب،

عندما كان يمرّ من امام بيتنا، لا أزال أذكر أن قبعته غسلت مرة واحدة....

جدتي كانت هي من غسلها له...

كان علي الشطوط مثابراً في عمله...

لا يهدأولا يتعب...

كأنه يريد أن يأخذ الدنيا من دون أن يترك لأحد شيئا...

كان ينتقل الى مكان عمله سيراً على الاقدام..

لو رآه رجل غريب لظنه من اولئك الرياضيين الذين يقاومون الشيخوخة والعجز...

لكن الحقيقة أن السير على الأقدام لا يدفع فيه مالا أو نقودا...

حتى بلغت الأمور مبلغا لو أن أحدهم عرض عليه أن يوصله بسيارته من دون مقابل ...

كان يرفض ويرفض...

إحدى المرات توقف أحد السائقين وقال له: "ما رح آخذ منك اجرة"....

لكن صاحبنا تشبثَ برأيه ...

فما كان من السائق إلا أن أصعده بالقوة ...

ركب أبو حسين و الحرارة تعصر قلبه...

وكانت التهمة : أن السائق غصبني على ركوب السيارة.

وتتراكم الذكريات ...

لا أزال أذكر يوما كانت السماء صافية..

كنا جالسين على شرفة المنزل لما مرّ أبو حسين، فدعاه أبي كي يجلس معنا بكلمته المعهودة:

"حوِّل"...

فأراد أبو حسين الشطُوط أن يتخلَص من الزيارة لكنَه نزل وسأل باستغباء:

هنا قبر المرحومة؟

فقال له أبي: هذه مسكبة( فريز)

وكأن الشطُوط يتذكر الموت وأنَه أسهل عليه من أن يزور احدهم

حتَى لو كانت شرفة بيتنا الفسيحة..

بالصدفة جاءت جارتنا وسألته: عرفتني يا بو حسين؟

فأجابها:" شو أنا كاين مصوّرك وحاطط صورتك بعبِي؟"...

هكذا هو أبو حسين...

كان يخلط الجد بالمزاح..

وهو بين هذا وذاك يريد أن يبتعد عن الناس وينزوي بنفسه حرصا منه على ما يراه حقَه وحده...

يُروى عنه أنَ شخصاً قد عرض عليه يوماً أن يوقف أملاكه (أي يتركها للوقف بعد مماته)... لا سيما أنه لم يتزوج ولم يكن عنده أولاد...

فأجابه الشطوط: "أنت يمكن ولادك متليـّين (مالئين) الساحات"..

هكذا الأيام... تمضي وتمضي ...

يأتي أناس ويرحل آخرون...

ثم تندثر الذكريات... لكن يبقى أثر علي الشطُوط باقياً مزروعاً في تراب قرية الخيام، قرية الكرم والسماحة، تصونه أسوارها.

رحمة الله عليك يا بو حسين.

سامية يوسف عواضه /قطر

مقالة المهندس أسعد رشيدي حول علي الشطّوط

مقطع فيديو لعلي الشطّوط

تعليقات: