إنتو مين؟

 إنتو مين؟
إنتو مين؟


بعد الإطلالة الاعلامية لسماحة السيد حسن نصرالله في الليلة السابعة من ليالي عاشوراء، تجرأ يوم الجمعة المنصرم الوزير أحمد فتفت بالردّ عليه في مقابلة تلفزيونية حيّة، وفي ختام المقابلة طلب الوزير فتفت من المذيعة "الإسراع في انهاء المقابلة لأن الوقت يداهم لأن يكاد يحين وقت صلاة الجمعة" على حدّ قول معاليه…

عندها تذكرت ما كان قد ذكرهه أمامي أحد الأقارب عند تشكيل حكومة السنيورة الحالية حين أعلمني هذا القريب (وهو شيوعي مخضرم) أن أحد أعضاء الحكومة، وهو الدكتور أحمد فتفت، كان رفيقاً، بل كان قيادياً في الحزب الشيوعي وكان رئيساً لفرع النجدة الشعبية في الشمال".

أي دجل هذا؟

القيادي الماركسي يخشى أن تفوته ساعة الصلاة!

بعدما ربطت ما قاله القريب عن فتفت مع ما أظهره معاليه من حرص على أداء فرض الصلاة، تذكرت قصيدة (لأمير الشعراء أحمد شوقي)، درسناها في المرحلة الابتدائية بعنوان "الثعلب والديك" ولا زلت أحفظها بالكامل لأاني أحببتها كثيراً حينها...

تقول القصيدة:

خرج الثعلب يوما في ثياب الواعظينا

فمشى في الأرض يهدي ويســب الماكرينا

ويقول الحمــد لله إلـه العــالمينــا

يا عباد الله توبوا فهو وقت التائبينا

ازهدوا في الطير إن العيش عيش الزاهدينا

واطلبوا الديك يؤذن لصلاة الصبح فينا

فأتى الديك رسـول من إمام الناسكينا

عرض الأمـر عليه وهو يـرجو أن يلينـا

فأجاب الديك عـذرا يا أضـل المهتدينا

بلغ الثعـلب عني عن جـدودي الصـالحينا

عن ذوي التيجان ممن دخل البطن اللعينا

إنهم قالوا وخير القول قول العـارفـينا

مخطـئ مـن ظـن يومـا أن للثعـلب دينـا

تنطبق هذه القصيدة بعض الشيئ على معالي الوزير، لكنها تنطبق أكثر إن جرى تعديل البيت الأخير منها ليصبح:

"مخطـئ مـن ظـن يومـا أن لفتفت دينـا"!

وما ينطبق أيضاً بصدق ودقة على الوزير فتفت هو ما كتبه عنه أستاذ جامعي في مقالة جاء فيها:

« الفتفتية» هي أن تناقض نفسك في جملة واحدة، أو أن تورد أكثر من كذبة في الجملة الواحدة.

«الفتفتية» هي أن تتكيّف مع القوى الخارجية التي تتحكّم بالبلاد، وأن تدّعي البطولة ضدّ من لم يعد مسيطراً على البلد.

«الفتفتية » هي التفريط بالتراب الوطني لترويج صناعة الشاي المستورد.

«الفتفتية» هي أن تتقن التحريض الطائفي في الوقت نفسه الذي تصيح فيه بشعارات الدولة المدنية.

«الفتفتية» هي ألا يصدّق المرء أقوالك حتى لو نطقتَ بالحقّ لكثرة ما نطقتَ بالباطل.

«الفتفتية» هي مدرسة عريقة في السياسة اللبنانية: هي في أساس صنع السياسة في لبنان عبر نبذ المبدئية والصدق في الخطاب وفي الفعل.

«الفتفتية» هي مضادة للمروءة عند العرب (التي تعني في تعريف منقول عن الأصمعي ألّا تفعل في السرّ ما قد تستحي من فعله في العلن).

وينطبق على «الفتفتيّة» ما قاله السناتور بوب كاري عن بيل كلينتون من أن عليك أن تعترف بمهارته في الكذب.

وأخيراً، «الفتفتية» هي في إيلاء الظهور الإعلامي أهمية تفوق كل ما عداها. لهذا، فإنك تجد الوزير المثقل بهموم الكرة الطائرة وهموم الشباب والأطفال متفرّغاً لمقابلات على الأقنية العربية .

ماذا تزيد على اسم أحمد فتفت. فمجرد الاسم صار مثارة للسخرية أو الدعابة أو حتى الشتيمة.

لكن ما ينطبق حرفياً على فتفت وأمثاله هو ما قاله باختصار سماحة السيّد:

"إنتو مين".

تعليقات: