حزب اللّه يرفض ابتزاز الحريري: ماضون في ملف شهود الزور حتى النهاية

حزب الله وجمعية المشاريع اتفقا على تعويض المتضريين
حزب الله وجمعية المشاريع اتفقا على تعويض المتضريين


«جلالة الملك يبذل كل الجهود للوصول إلى نتيجة، وأنا أريد التوصّل إلى تفاهم، فلا داعي لأي تصعيد، ولا داعي للتظاهرات بحجّة انقطاع الكهرباء ولا للحملات الإعلامية. نريد الهدوء والاستقرار».

ردّد سعد الحريري هذه العبارات كثيراً على مسمع من حزب الله، وأمام آخرين يعتقد أنهم على صلة بحزب الله أو حتى بسوريا. كان الحريري يكرّر لازمة أنه صاحب مصلحة مركزية في عدم حصول أي تصعيد، سياسي أو في الشارع، وأنه عندما تبلّغ أن بعض نوابه يحرّضون أبناء مناطق شمالية ساحلية على قطع الطرقات، بادر إلى الضغط وسحب الناس من الشارع ووقف كل أشكال الاحتجاجات هناك.

لكن الحريري الذي بادر إثر حادثة برج أبي حيدر إلى رفع الصوت، قال إنه فعل ذلك لاحتواء غضب «الأهالي» من أنصاره، الذين لا يتحمّلون ما حصل في بعض أحياء العاصمة. وقال أيضاً إن دعوته لمعالجة ملف السلاح في العاصمة إنما تنطلق من سعيه إلى منع حصول أيّ فتنة، وإنه لا يمكنه السكوت عمّا حصل.

حتى هذا الحد يبدو الكلام هادئاً، بريئاً، بل مقنعاً للبعض. لكن حقائق الأمور تقود فوراً إلى نتائج أخرى:

أولاً: إن طبيعة الاتصالات التي سبقت ورافقت وتلت القمة الثلاثية في بيروت، وبعض اللقاءات الخارجية، دلّت على أن الحريري يظهر خشية من موقف سياسي عالي السقف يصدر عن حزب الله يطيح حكومته، أو يجعلها مشلولة. وهو شعر أيضاً بأن النائب وليد جنبلاط صار أقرب إلى الفريق الآخر، ما يتيح إسقاط الحكومة دونما الحاجة إلى حركة في الشارع.

ثانياً: يعرف الحريري شخصياً، ومن خلفه السعودية وعواصم أخرى، أن خروجه من الحكم في هذا الوقت ستكون له آثار وخيمة على السياسات الكبرى للمحور الذي يعمل الحريري ضمنه، وهو المحور الذي يعيش مرحلة حصر الأضرار في كل المنطقة، وبالتالي فإن عليه العمل لمنع تفاقم الأمر، وصولاً إلى إخراجه من السلطة؛ لأن أي احتجاج لاحق، أو تحرّك سلبي يقوم على فكرة الإحباط، لن يؤدي إلى متغيّرات حقيقية، وأنه ليس بيد أحد في هذا العالم القدرة على تقديم العون النوعي له، وسينتهي الأمر به إلى صراخ وبكاء واحتجاج يضمر مع الوقت.

أسباب شخصية وسياسية وإقليمية تمنع الحريري من المغامرة والخروج من الحكم

ثالثاً: وهي مسألة ذات حساسية خاصة عند الحريري، وقد يراها البعض غير واقعية، وهي تتصل بالوضع المالي الشخصي لرئيس الحكومة، وهو الوضع الفائق الصعوبة الذي يجعله اليوم في حالة استدانة كبيرة جداً (سيُصار قريباً إلى نشر أرقام عن حقيقة الوضع المالي الشخصي لرئيس الحكومة ومشكلاته المتصلة مع أفراد عائلته وواقع مؤسساته الإنتاجية أو تلك التي تقوم على الإنفاق فقط، وطبيعة الأعمال التي يقوم بها في السعودية وغيرها). ولهذه الأوضاع نتائج والتزامات توجب على الحريري البقاء في السلطة إلى خمس سنوات على الأقل. وهو مضطر في ظل غياب البدائل الحقيقية إلى أن ينتج تسويات تبقيه في موقعه الحالي.

رابعاً: قابل الحريري بكثير من الخيبة والأمل الجهود الإقليمية لاحتواء مسبق لأي خطوة تصدر عن المحكمة الدولية، لكنه تصرّف بواقعية، انطلاقاً من أنه ليس صاحب القرار. لكن الحريري يميّز بين تأجيل القرار الظني أو إلغائه، وما أثاره حزب الله بقوّة تحت عنوان «ملف شهود الزور»، لأن الخطوة الأخيرة ستصيبه مباشرة من خلال إصابة أبرز مساعديه السياسيين والقضائيين والأمنيين والإعلاميين، وفي ذلك ما يجعله ضعيفاً، لا في ملف المحكمة نفسها فقط، بل في ملف العلاقة مع جمهوره أيضاً.

خامساً: اتخذ الحريري من حادثة برج أبي حيدر منصّة مناسبة للعودة إلى منطق الابتزاز، وهو هنا يذكّرنا بما بدأه قبل 4 سنوات، حين عرض على حزب الله مقايضة بأنه لن يتعرّض لملف سلاح المقاومة مقابل صمت حزب الله عن الإجراءات التعسفية التي رافقت الموجات الأولى من التحقيق الدولي، وهو يريد تكرار الأمر الآن من خلال العودة إلى إثارة ملف السلاح على أمل مقايضته بملف شهود الزور، آملاً أن تقنع سوريا، أو الوقائع، حزب الله بالامتناع عن ملاحقة هذا الملف الشائك.

سادساً: وجد الحريري في حادثة برج أبي حيدر مناسبة لإنعاش حملة التعبئة المذهبية والسياسية من خلال تصوير ما حصل على الأرض كأنه هجوم شبيه بما حصل يوم السابع من أيار عام 2008، علماً بأن الوقائع الميدانية لا تشير مطلقاً إلى ذلك، بل حتى إن قواعد حزب الله وأخرى قريبة منه خرجت من الحادثة محبطة لأنها حادثة أليمة، وقد وقعت مع حلفاء، وكانت نتيجتها خسارة كوادر من الحزب، ومن ثم تركت مضاعفات سلبية على الصعيدين السياسي والاجتماعي، ما يجعل أي مراقب عاقل ينظر إلى ما حصل على أنه خسارة كاملة لحزب الله، ما يعني منطقياً أنه ليس صاحب مصلحة فيه، وبالتالي ليس مسؤولاً عن انطلاقة شرارة الحادثة يومها.

سابعاً: يعتقد الحريري، ومقرّبون منه، أنه يجب المسارعة إلى رفع خطاب التعبئة، لأن في الشارع السُّني مَن أظهر تعاطفاً مع جمعية المشاريع (الأحباش) وذهب القريبون من الحريري إلى حدود الادعاء أن الحادث دُبّر بقصد تعويم «الأحباش» وتقديمهم في صورة القادر على استقطاب الجمهور السُّني.. وبالتالي وجد الحريري ومَن معه أن منع حصول ذلك يتطلّب المسارعة إلى الإمساك بالمبادرة من خلال قيادة الحملة على حزب الله وعلى سلاحه، وخصوصاً أن جهابذة من المقربين منه رأوا أن الإشكال ناتج من تباين سوري ـــــ إيراني، وأن دمشق تريد العودة إلى الأرض من خلال حلفاء لها لديهم حضورهم على الأرض.

ثامناً: أخطأ الحريري التقدير في شأن ما ستحقّقه حملة التعبئة؛ لأن حزب الله الذي أصابه الإحراج القوي جراء حادثة برج أبي حيدر بادر، بجهود حقيقية، إلى احتواء الأمر وإزالة آثار ما حصل، بما في ذلك إجراءات تأديبية داخلية لمنع تكرار أي ردّة فعل، برغم أن معطيات الحزب تشير مبدئياً إلى أنه جرى اغتيال كوادره، وأن الأمر لم يكن نتيجة اشتباكات عادية، وبالتالي فإن الحريري أخطأ في التمييز بين ما يمكن إثارته على صعيد الرأي العام وما يمكن إلزام حزب الله به.

ولأن الأمور سارت باتجاه مقلق جداً بالنسبة إلى حزب الله، فإن قيادة الحزب وجدت أنها أمام اختبار سياسي وأهلي وأمني حساس للغاية، لذلك يتّجه حزب الله نحو الآتي:

أولاً: إن الحزب يعمل على التدقيق في تفاصيل الحادثة، لمعرفة أمور تفيده في رسم الصورة الإجمالية، بما في ذلك درس احتمال الاختراق من جانب طرف استخباري، لبناني أو عربي، قصد إيصال الأمور إلى حد المواجهة الدموية.

ثانياً: يعمل الحزب بقوة لإعادة وصل ما انقطع مع «الأحباش» ومع أبناء تلك المنطقة، ضمن برنامج متكامل يشمل التطبيع السياسي والتواصل الاجتماعي، وإنجاز ملف الأضرار التي وقعت جراء الحادثة، والعمل مع القوى الأمنية على تعزيز الانتشار منعاً لتكرار الأمر.

فرط التهدئة يعيد ملف المحكمة إلى الواجهة وقد يدفع بنصر الله إلى إخراج المزيد من وثائقه

ثالثاً: يعي حزب الله خلفيات حملة الحريري وفريقه وأبعادها، وخصوصاً ما يتعلق بالملف الأساسي الخاص بالمحكمة الدولية والقرار الظني وملف شهود الزور. وهو قرّر رفض المقايضة والمضيّ قدماً في ملف الشهود إلى نهايته، ولو تطلّب الأمر التراجع عن التهدئة الإجمالية، أو العودة إلى قرار عقد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله المؤتمر الصحافي المتعلق بالمحكمة الدولية وبالشهود، وخصوصاً أن المساعي السعودية لم تثمر أي نتيجة حتى الآن.

رابعاً: يرى حزب الله أن الحريري نفسه تصرّف بخفّة، وبدرجة متدنّية جداً من المسؤولية العامة، وهو سعى إلى خطوات صغيرة بغية كسب وُدّ جمهوره في الأزمة، بأسلوب لا يفيد في حماية الاستقرار العام. وبالتالي فإن حزب الله يحمّل الحريري مسؤولية التصعيد القائم، وهو لن يقبل بتسوية جزئية معه، ما يعني أن حزب الله ينتظر من الحريري مبادرات للتراجع واحتواء الأمر، وسحب ملف السلاح من التداول دونما أية شروط.

خامساً: يبدو أن حزب الله في وضع لا يريد لأحد أن يحشره بزاوية كتلك التي أُريدت له في فترة ما بعد عدوان تموز 2006، حيث كان يسعى إلى لملمة الملفات من دون الوصول إلى الانفجار. وبالتالي فإن الحزب الذي يعرف حقيقة التعبئة وحجمها ومداها، قرّر عدم الخضوع لعناصر الابتزاز التي تحمّلها ضمناً، وهو يهتم أكثر بعلاقاته وتحالفاته في الساحة السُّنية، وخصوصاً أن تطورات العامين الأخيرين أظهرت تراجعاً حقيقياً لتيار الحريري، مقابل تقدم الآخرين، ومن بينهم حلفاء للحزب، من دون أن يتغاضى الحزب عن وجود حالة مذهبية تتجاوز الأطر السياسية.

بين الحريري وحزب الله ستحصل مداخلات سعودية وسورية، وسنكون أمام موجة من المساعي لإعادة الهدوء، لكن حقيقة الأمر هي أن المواجهة قائمة حكماً، لأن المفصل الرئيسي لا يتصل فقط بالقوى المحلية، حيث تتولى الولايات المتحدة مباشرة إدارة ملف المحكمة والضغط على المقاومة، في موازاة تحركات إسرائيلية تشي باحتمالات العدوان.

سحور الشام لا يفتح باب حارة حريك

ليل الثلاثاء في برج أبي حيدر، حاول لملمة آثاره، لقاءا ليل الأحد ـ الاثنين في العاصمة السورية والضاحية الجنوبية، مع تركيز اللقاء الأول على إعادة تعويم التهدئة ومقررات قمة بعبدا الثلاثية، والثاني على إراحة الشارع والتعويض على المتضررين من معارك الأسبوع الماضي

لم تنجح زيارة الرئيس سعد الحريري الى دمشق في إعادة فتح باب حارة حريك أمامه من جديد. والسحور مع الرئيس السوري بشار الأسد، الذي أقنعه بالعودة الى الهدوء لم ينعكس بصورة كاملة في لبنان. ورغم وجود سعي حثيث للجم مناخات التوتير إلا أن الأمور لا توحي بالعودة إلى مناخات التهدئة. وسط قرار من جانب حزب الله بالرد على حملة رئيس الحكومة الاخيرة، والتركيز على أن الحريري أخطأ عندما «سارع الى الترحيب بالمفاوضات المباشرة مع إسرائيل على الساحة الفلسطينية وشن حملة على سلاح المقاومة في لبنان» وأكدت مصادر قيادية في حزب الله رفض ما سمّته «استغلال الحريري لحادثة برج أبي حيدر ومحاولة ابتزاز الحزب لسحب ملف شهود الزور». وقالت إن هدف الحريري من حملته لا يخص بيروت ولا الأحياء فيها، ولا ملف السلاح، بل يقصد حصراً ملف شهود الزور الذي اتفق حزب الله والتيار الوطني الحر على المضي فيه حتى النهاية.

وما يؤكد ذلك، بحسب مصادر مطلعة، أن الحريري كان قد بدأ بعيد جلسة مجلس الوزراء التي كُلف فيها وزير العدل بمتابعة ملف شهود الزور، مساعيَ لطلب موعد لزيارة دمشق، وحُدّد هذا الموعد في الثلاثين من الجاري، ما يعني أن زيارة الليلة ما قبل الماضية لم تأت على خلفية الحوادث الأخيرة وما تبعها من مطالبات بـ«بيروت منزوعة السلاح»، ولا للإيحاء بأن الأسد «دعا» الحريري إلى سحور، بعدما رفع الأخير وفريقه الصوت ضد حزب الله.

فالطبق الرئيسي على مائدة سحور دمشق، كان تأكيد الأسد «ضرورة استمرار نهج التهدئة والحوار لحل المشكلات العالقة»، وتشديده على «أهمية تعزيز الوفاق الوطني ودعم المقاومة بما يحفظ قوة لبنان ومنعته ويحميه من الأخطار الخارجية التي تهدّد أمنه واستقراره»، بحسب وكالة سانا التي أضافت إن مباحثات الأسد وضيفه تناولت «الأصداء الإيجابية» للقمة الثلاثية في بعبدا أواخر تموز الماضي، ونقلت عن الحريري قوله إن الزيارة «التاريخية» للأسد والملك السعودي لبيروت «تؤكد حرص سوريا والمملكة على لبنان ودعم وحدته الوطنية». وتعليقاً على الإيحاءات التي سبقت الزيارة، خصوصاً لجهة توقيتها، قال مصدر قيادي في حزب الله: «واهم جداً من يظن للحظة أن بإمكانه الرهان على فصل مسار المقاومة وسوريا، علماً بأن معلوماتنا تؤكد أنه حاول (أي الحريري) أكثر من مرة اللعب على هذا الوتر ولم يحصد إلا الخيبة، وواهم جداً من يظن أنه يستطيع أن يرحب بالمفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية وأن يصوّب على المقاومة وسلاحها وأن يرقص على الدماء وينفخ بنار الفتنة، ثم يذهب الى دمشق ليمسح هذه الأخطاء وكأن شيئاً لم يكن، ومن يظن أن الامور بهذه البساطة هو في هذه الحالة كمن يستجير من الرمضاء بالنار».

نصر الله ـ قراقيرة

وإذا كانت زيارة الحريري لدمشق لم تفتح أمامه باب حارة حريك، فإن هذا الباب فتح أمس لقيادة جمعية المشاريع «الأحباش»، حيث استقبل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، رئيس الجمعية حسام قراقيرة يرافقه رئيس فرع الجمعية في البقاع أسامة السيد، في حضور عضو المكتب السياسي في الحزب عبد المجيد عمار ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا.

وقد أكدت مصادر مطلعة، أن اللقاء الذي استمر ساعات، ساده جو من الود المتبادل وتصفية للقلوب وطرح كل الامور التي ربما تراكمت خلال الفترة الماضية. وقد عرض قراقيرة المرحلة الماضية، مشيراً الى أن جمعية المشاريع لطالما كانت ظهيراً للمقاومة ولخط المقاومة، وهي تعرّضت لما تعرّضت له من عسف واعتقالات وغيرها نتيجة موقفها المبدئي هذا، وهي لم تبخل بما تملك في هذا الاتجاه، وقد تعرضت لضغوط هائلة كما تعرّضت لمغريات ضخمة لتغيير موقفها ولكنها بقيت محافظة على موقعها المبدئي. وأضاف «لطالما اعتبرنا أنفسنا ظهيراً للمقاومة، ولن نكون إلا كذلك، ونحن نفتخر بأننا جزء من البيئة الحاضنة للمقاومة وسنبقى نعمل بالاسلوب نفسه، مهما حصل وبغض النظر عما وقع».

نصر الله: حادثة برج أبي حيدر أليمة ولكن جرى استغلالها بطريقة رخيصة لمهاجمة المقاومة وسلاحها

وقال نصر الله إن حزب الله والمقاومة الاسلامية يعتبران أنهما خسرا ثلاثة شهداء في هذه الاشتباكات، مشيراً الى أحمد جمال عميرات بصفته أحد شهداء المقاومة ايضاً. وطرح نية الحزب التعويض عن الأضرار المادية التي لحقت بالمواطنين والممتلكات في المنطقة، سائلاً عما تملكه المشاريع في هذا المجال، فأجاب قراقيرة فوراً: «مالكم هو مالنا ومالنا مالكم، فأما المسجدان فقد تكفل متبرعون بإصلاح ما تضرر، وأما الجمعية فهي جاهزة للمشاركة في التعويض عن الأضرار والممتلكات» وهو الموقف الذي نوّهت به قيادة حزب الله، واتفق على تأليف لجنة مشتركة لإحصاء الأضرار والتعويض على المتضررين من المواطنين والاطراف كافة.

واتفق المجتمعون على ضرورة استكمال ومتابعة تحقيقات الجيش الى النهاية، ومعاقبة المرتكبين من أي طرف كانوا والى أية جهة انتموا، والحرص على توفير كل ما يطلبه الجيش من معلومات ومعطيات تفيد التحقيق بالحادثة. كما اتفقوا على تأليف لجان مشتركة دائمة في الأحياء لضبط الوضع بالكامل والتنسيق في منع أية ردود فعل أو استغلال من أي طرف متهور لما حصل، وتبادل المعلومات حول أي شخص يحاول الاستفادة مما جرى إن كان ينتمي الى اي من الحزب او الجمعية، او ابلاغ استخبارات الجيش إن لم يكن ينتمي الى اي من الطرفين، كذلك اتفق على لجان مشتركة بين الطرفين للتواصل السياسي والاهلي في المنطقة المعنية والمناطق المحيطة، وعدم ترك الامور للحالات الطارئة بل اعتبار هذه اللجان لجان عمل يومية.

كذلك اتفق الطرفان على تطوير العلاقة سياسياً بين القيادتين، وعلى مواجهة محاولات الاستغلال السياسي لما حصل، وعلى الاصرار على ملف شهود الزور الذي حاول البعض طرح شعار «بيروت مدينة منزوعة السلاح» للتعمية عليه وطمسه. وتناول الحديث أيضاً موضوع المحكمة الدولية، حيث جرى تبادل للآراء «بما يحضر للبنان والتحديات التي يواجهها البلد»، وكان تفاهمٌ على سبل العمل المشترك.

وتخللت اللقاء اشارات اولية وغير مباشرة الى ان محاولة اطلاق النار على الجيش في برج ابي حيدر قد تكون رداً على دور الجيش وموقفه الاخير في العديسة، خصوصاً ان الطرفين ينفيان استهداف الجيش بالنيران، كما لا تزال التحقيقات جارية لمعرفة دقائق مقتل الكادر في حزب الله محمد فواز الذي أدى مقتله الى اشتعال الامور بطريقة غير قابلة للضبط.

وقد رفض أسامة السيد (البقاع ـ أسامة القادري) وصف اللقاء بأنه لقاء مصالحة «لأنه لم يكن هناك قطيعة بيننا وبين حزب الله، لذا هذا اللقاء لقاء مصارحة، حتى العتاب بين الطرفين لم يكن موجوداً»، وكان ثمرة للقاءات عديدة حصلت على أثر الحادثة، دون أن ينفي ان للقيادة السورية دوراً كبيراً في إرساء عامل التهدئة. ونفى أن يكون المجتمعون تطرقوا الى مسألة تحميل المسؤولية الى أي طرف منهما.

وذكر مصدر في المشاريع، ان الجمعية كانت قد طلبت موعداً للقاء مع نصر الله، قبل حصول الاشتباك، واتُفق على ذلك إلا أن الموعد النهائي لم يحدد، لافتاً إلى أنه اتُفق في لقاء القيادتين على تبادل للزيارات في إطار تقديم التعازي بضحايا الطرفين. وتوقع انتهاء مسح الأضرار خلال أيام معدودة، والمباشرة فوراً بدفع التعويضات، مع الإشارة إلى أن لجنة مشتركة من الجانبين، عقدت لقاءً أمس لتنسيق قضية التعويضات.

وأعلن المصدر أن الأموال اللازمة لترميم مسجد البسطة الفوقا، تبرع بها «عدد من أهالي المنطقة ومن أحباب الجمعية»، وأن الجمعية كلفت شركة خاصة باشرت العمل أمس لإزالة آثار الحريق الذي أصابه، مضيفاً إن الجمعية ستتولى ترميم مبنى الديوان والأضرار التي لحقت بمركزها الرئيسي على نفقتها الخاصة.

وفي أول ترجمة عملية لإعادة العلاقة إلى طبيعتها بين الطرفين، يتوقع أن يشارك مسؤولون من حزب الله، في إفطار تقيمه الجمعية غروب غد، لـ«عدد من أصدقائها وشخصيات من أحزاب وجهات حليفة لها»، كانت قد دعت إليه منذ ما قبل الحادثة.

وكان قد صدر عن اللقاء بيان مشترك، تضمّن عناوين ما أكدته المصادر بالتفصيل، إضافة إلى تأكيد «دور الجيش في حفظ الأمن وعدم القبول باستهدافه أو الإساءة إليه واتهامه».

وفي ما يتعلق بالتحقيقات، تستمر الشرطة العسكرية في الجيش باستدعاء عدد كبير من الأشخاص. وحتى مساء أمس، استمر الطرفان بإرسال كل من تطلب الشرطة استجوابهم والتحقيق معهم. وأكدت مصادر معنية بالتحقيقات أن أربعة شبان موقوفين، «متنوّعي الانتماءات المذهبية»، اعترفوا بتكسير زجاج نوافذ مسجد البسطة، بينهم شخص أكد الموقوفون أنه رمى كمية من البنزين داخل المسجد وأشعل النيران فيه. ولفتت المصادر إلى ان التحقيق مع هؤلاء الموقوفين يتركز على ما إن كان أحد ما قد دفعهم إلى إحراق المسجد، أم هم قاموا بذلك من تلقاء أنفسهم، علماً بأنهم معروفون في المنطقة بتعاطي الحبوب المخدرة، ويصنفون في خانة «الزعران والمشاغبين».

أما صورة بداية الاشتباك، فلم تتضح بعد، وقد حصلت الشرطة العسكرية على تسجيلات لكاميرات المراقبة تظهر لحظة إطلاق النار على محمد فواز. وبحسب مصادر مطلعة، فإن التسجيلات تظهر فواز وهو ينتقل من رصيف إلى آخر، في مكان يبعد نحو 50 متراً عن المركز الرئيسي للأحباش، ولم تظهر عليه علامات التوتر أو الشعور بالخطر. ويظهر فواز لحظة إصابته برصاصة في رقبته، من دون أن يظهر مصدر الرصاصة. ولفتت المصادر إلى أن تحديد مطلق النار على فواز وتوقيفه يحل القسم الأكبر من الألغاز المحيطة بالاشتباك وأسبابه.

ومساء أمس، وفي حفل إفطار مغلق لعوائل الشهداء، تطرق نصر الله إلى حادثة برج أبي حيدر، التي وصفها بـ«الأليمة، ولكنها أظهرت أن هناك نوايا مبيتة»، وأن هناك أطرافاً بدت أنها تتحيّن الفرص لمهاجمة المقاومة وسلاحها. وهاجم «الاستغلال الرخيص لما حصل». وقال إنه سيعلن موقفاً في خطابه يوم الجمعة المقبل.

الاجتماع الأول و... الأخير؟

عقدت اللجنة الوزارية المكلفة «معالجة ظاهرة تفشي السلاح بين المواطنين»، اجتماعها الأول أمس برئاسة رئيس الحكومة، ويبدو أنها خلصت إلى أن المهمة أكبر منها، إذ إنها «بعد عرض سلسلة من الاقتراحات» رأت أن هذه الاقتراحات تستدعي اجتماعاً للمجلس الأعلى للدفاع، لذلك اتصل الحريري برئيس الجمهورية ميشال سليمان، وتقرر عقد اجتماع للمجلس، بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا.

ولفت أن مواقف الحريري، بعد الاجتماع وفي إفطار لجمعية المقاصد، تميزت بلهجة أهدأ من السابق، بل إن بعضها حمل تبريراً للصوت العالي في الأسبوع الماضي، فأعلن ان ما يريده هو أن يأخذ ما حصل في بيروت «حجمه الطبيعي»، وما يهمّه «عدم تكرار ما حصل وذلك لمصلحة كل اللبنانيين، لمصلحة المقاومة وأهل بيروت». وأكد أنه لا يريد الفتنة ولا حزب الله يريدها. وأوضح أن «الدعوة إلى تطبيق القانون ومعالجة الخلل الأمني الناجم عن تفشي انتشار السلاح»، ليست «موجهة إلى طرف بعينه أو إلى جهة سياسية لحساب جهة أخرى»، و«أن الجرح الذي أصاب بيروت، ليس على جهة واحدة من الوجه، بل هو واقع ومؤلم على الجهتين».

لكن تهدئة الحريري، لم تنعكس على كتلته وحلفائه فاستمرت أمس الدعوات إلى «بيروت منزوعة السلاح»، واستمر معها الهجوم المعاكس لنواب حزب الله، وخصوصا من النائب محمد رعد ردّ بأن المطلوب هو «أن تكون بيروت منزوعة الأوهام ونظيفة من المتعاملين والمتآمرين»، وقال: «لقد طرحت شعارات لا يقصد منها إلا التحريض وضرب الاستقرار واستفزاز الآخرين وهذا يتنافى مع الدعوة إلى الهدوء والاستقرار». وأضاف «إن هذا الضجيج الذي أثير بعد حادثة برج أبي حيدر لم يثننا عن مواصلة الإصرار على ملاحقة شهود الزور الذين كانوا أدوات تلطى خلفها الانقلابيون على الوضع السياسي في البلاد على مدى خمس سنوات وعكروا صفو العلاقات اللبنانية السورية وضللوا التحقيق».

ومن التطورات البارزة أمس أيضاً، تلبية النائب وليد جنبلاط، دعوة السفير الإيراني غضنفر ركن أبادي، إلى عشاء في السفارة، في زيارة هي الأولى له منذ أكثر من خمس سنوات.

القرار الاتّهامي أم سلاح المقاومة يقوّض الاستقرار؟

يشير أكثر من تصويب أدلى به الرئيس سعد الحريري مساء أمس بعد اجتماع اللجنة الوزارية، إلى محاولة استعادة الحوار مع حزب الله وتبريد الجدل الساخن المتبادل معه. لكن التصويب يصير ذا دلالة أكثر أهمية، إذ يلي زيارة الحريري دمشق فجر أمس الاثنين

نقولا ناصيف

كأن تردّي العلاقة بين رئيس الحكومة سعد الحريري وحزب الله كانت تعوزه أحداث برج أبي حيدر الأسبوع الماضي، كي تضاعف وطأتها بعد الخلاف المتنامي بين الطرفين على القرار الاتهامي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ومن خلاله على المحكمة الدولية. ولم يكن يعوز هذه العلاقة أيضاً الجدل الساخن بين نواب تيّار المستقبل ونواب الحزب، سواء حيال المناداة ببيروت مدينة منزوعة السلاح، أو معاودة الحملات على سلاح حزب الله، أو حتى تقليل أهمية حرب الشوارع الصغيرة التي دارت بين مسلحي الحزب ومسلحي جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية واختصارها بإشكال فردي، حتى يتأكد مقدار المأزق الذي يواجهه الحريري والحزب.

على مرّ خطب الإفطارات اليومية، تجنّب الحريري، حتى اندلاع أحداث برج أبي حيدر، اتخاذ موقف من القرار الاتهامي، داعياً إلى ما راح يكرّره يومياً عن التهدئة والحوار و«الكلمة الطيّبة». ترافق ذلك مع انكفاء تيّار المستقبل كذلك عن الخوض في القرار الاتهامي سوى تأكيد التمسّك بالمحكمة الدولية. كانا قد تفاهما في تلك الغضون على تبريد سجالهما حول شهود الزور مذ عُهِدَ إلى وزير العدل إبراهيم نجار، وكلاهما يعرف أن إحالة كهذه غير شافية له: لا حزب الله يتوقع من الوزير إعادة فتح ملف هؤلاء لدى القضاء اللبناني، ولا الحريري كان يرغب في إضفاء صدقية على وجود هذا الملف مذ أصبح على طاولة مجلس الوزراء بمواقفة رئيس الحكومة بالذات. وهكذا لم يجعلا من شهود الزور مشكلة، ولا سبباً للانقسام، لكن موضوع هؤلاء لم يصبح كذلك ـــــ وخصوصاً ـــــ موضوعاً قابلاً للتوافق والتفاهم. غداة الاشتباكات العنيفة، خرج رئيس الحكومة عن «الكلمة الطيبة» ليوجه تلميحاً، ونواب تيار المستقبل جهاراً، انتقادات حادة إلى حزب الله وتحميله مسؤولية ما حدث في برج أبي حيدر، والخوض مجدّداً في سلاح حزب الله.

الحريري لخليل: هل تريدني أن أنسى دم والدي؟

كان انقطاع الحوار المباشر بين الحريري والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في صلب التشنّج المتنامي بين حزبي الرجلين. لا يستقبل نصر الله رئيس الحكومة ما لم يتخذ مسبقاً موقفاً سلبياً من قرار اتهامي يتردّد أنه يتهم أعضاءً في حزب الله باغتيال الرئيس رفيق الحريري. ولا يجاري الحريري مطلب نصر الله هذا كي لا يقع في فخ التناقض بين دعمه غير المشروط للمحكمة الدولية، مهما تكن القرارات التي قد تتخذها، وبين تحفظه عن قرار اتهامي قبل أن يصدر. في ظلّ هذا التباعد، عقد رئيس الحكومة مع معاون نصر الله حسين الخليل في الأسابيع الأخيرة اجتماعين، أولهما بعد القمّة الثلاثية في قصر بعبدا في 30 تموز، وثانيهما بعد المؤتمر الصحافي الرابع للأمين العام في 9 آب. كلاهما لم يفضيا إلى نتيجة إيجابية تنبئ بمعاودة الحوار المباشر بين الحريري ونصر الله. لكن الاجتماع الأول كان الأسوأ، بسبب تمسّك كل من الحريري والخليل بوجهة نظره.

بعدما عرض الخليل موقف حزب الله من السياق الذي سلكه عمل المحكمة الدولية بعد التحقيق الدولي، وإسهابه في العلاقة التي كانت قد جمعت نصر الله بوالده الراحل ومحطات توافقهما، متطرقاً أيضاً إلى اتهام سوريا باغتيال الحريري الأب، ومن ثم اعتقال الضباط الأربعة، انتهى إلى الخلاصة الأكثر تعبيراً عن الموقف الرسمي والمتشدّد لحزب الله، والشرط اللازم لحصول لقاء الحريري ونصر الله، وهو الآتي: لن يقبل حزب الله بالمسار الذي تسلكه المحكمة الدولية راهناً، ولن يقبل خصوصاً بأي اتهام يُوجّه إلى الحزب باغتيال الرئيس السابق للحكومة، وإن تلميحاً، وحضّ رئيس الحكومة على اتخاذ موقف صريح وواضح حيال ذلك.

كان ردّ الحريري عرضاً آخر لوجهة نظره من عمل المحكمة الدولية، وتمسّكه بالوصول إلى العدالة والحقيقة، والرغبة في الحوار الداخلي وحماية الاستقرار، كي يختم في نهاية المطاف بالقول، مخاطباً الخليل: هل تريدني أن أنسى دم والدي؟

عقّب معاون نصر الله: لا نريدك أن تنسى دم أبيك، ولا أيضاً البحث الجدّي عن القاتل الحقيقي له، الذي يُفترض مبدئياً أن يكون إسرائيل. نحن وأنت نريد معرفة قاتل أبيك، لكن المعادلة ليست في تلبيسنا جريمة القتل كي لا تنسى دم أبيك.

لم يكن الاجتماع الثاني عاصفاً كالأول. إلا أن رئيس الحكومة بدا أكثر استعداداً للتفاهم. مع ذلك، بقي خيط الحوار المجدي مقطوعاً بين الطرفين، وخصوصاً أن حزب الله، تبعاً للمطّلعين عن قرب على موقفه، أجرى جولتي الحوار مع رئيس الحكومة بناءً على تمنٍّ مباشر من رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي رغب إليه في إبقاء أبواب التواصل بين الطرفين مفتوحة.

حصل ذلك كله قبل اشتباكات برج أبي حيدر التي أيقظت مجدّداً ـــــ وإن بين الحلفاء ـــــ الاحتقان السنّي ـــــ الشيعي الكامن.

واقع الأمر أن تلك الاشتباكات انتقلت بالجدل المتشنج بين الحريري وحلفائه في قوى 14 آذار، وحزب الله وحلفائه في قوى 8 آذار، من القرار الاتهامي والمحكمة الدولية إلى إقحام سلاح المقاومة في نزاعات داخلية، واعتباره ـــــ على الأقل في اعتقاد أفرقاء قوى 14 آذار ـــــ الأكثر تهديداً للاستقرار وبثّ الفوضى، والأكثر استجلاباً لفتن مذهبية من القرار الاتهامي، على نقيض ما كان قد أشاعه الحزب تكراراً في معرض رفضه هذا القرار، لئلا يحدث كل ذلك.

خليل للحريري: المعادلة ليست في تلبيسنا جريمة القتل، كي لا تنسى دم أبيك

استخلص أيضاً أن الفريق الآخر يسعى إلى حجب الشكوك في المحكمة الدولية والقرار الاتهامي، كي يضعها في سلاح حزب الله الذي لا يكتفي بالتعرّض لخصومه ومعارضيه فحسب، شأن ما حدث في 7 أيار 2008، بل يعمّمه على حلفائه وشركائه في الخيار السوري. التقط الحزب هذه الإشارة عندما لاحظ أن الحملة العنيفة على سلاحه اقترنت باتهامه بإثارة نعرات مذهبية من خلال التعرّض لتنظيم سنّي هو الأحباش، الأكثر استفزازاً من داخل السنّة لتيّار المستقبل، سواء بالنسبة إلى الخيار السياسي لهذا التنظيم واتهامه في أوقات شتى في الحقبة السورية بالارتباط المباشر بالاستخبارات العسكرية السورية، ولا سيما منها باللواء رستم غزالة، أو بالنسبة إلى خياره العقائدي الذي يجعله سنّياً نقيضاً من سنّية تيّار المستقبل. مع ذلك، أخذ حزب الله في الاعتبار توجّه مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني إلى مسجد البسطة الفوقا كي يؤم المصلين بعد يومين من الاشتباكات، ولم يذهب إلى مسجد محمد الأمين على جاري عادته، وكان يشترك في الصلاة فيه الحريري وسلفه الرئيس فؤاد السنيورة.

لفتته تلك الإشارة التي قلّلت إلى حدّ تصعيد الاحتقان المذهبي، فلم ينضم المفتي إلى النبرة العالية التي طبعت مواقف نواب تيّار المستقبل، ولم يستعد ما قاله يوم 7 أيار 2008 بأن الشيعة يغزون بيروت السنّية. بيد أن حزب الله لم يفصل كذلك تصرّف قباني عن جهود كان يبذلها في أكثر من اتجاه: بعد لقائه نصر الله قبل أكثر من شهر وتأكيده له أن السنّة في لبنان لن يقبلوا باتهام حزب الله باغتيال الحريري الأب، يسعى إلى ترتيب زيارة لدمشق لطيّ صفحة الماضي في علاقته بها، المشابهة لعلاقة رئيس الحكومة بها حينذاك.

وإذ تبدو سلسلة المواقف التي أطلقها رئيس الحكومة في اتجاه حزب الله، على هامش اجتماع اللجنة الوزارية الثلاثية مساء أمس، مستعيداً «الكلمة الطيّبة»، فاتحة استعادة الحوار معه من غير أن يكون واثقاً من الاجتماع بنصر الله، على أثر زيارته الرابعة دمشق ولقائه الرئيس بشّار الأسد وتأكيدهما معادلة دمشق التي تقرن الاستقرار الداخلي بحماية المقاومة، يتجه الحزب إلى إعادة توجيه الجدل الدائر مع معارضيه في المنحى الذي سبق اشتباكات برج أبي حيدر تبعاً للآتي:

1ـــــ عدم فصل موقفه من القرار الاتهامي عن موقفه من المحكمة الدولية، شأن عدم تمييزه التحقيق الدولي عن المحكمة الدولية. وهو بذلك، يقترب يوماً بعد آخر من خياره الحتمي: الخروج من الإجماع الوطني على المحكمة الدولية مذ تحقق لأول مرة في أول طاولة حوار وطني في 2 آذار 2006.

2ـــــ عزمه على عقد مؤتمر صحافي بعد عطلة الفطر لخبراء في الاتصالات من داخل الحزب، يظهرون خلل عمل التحقيق الدولي ثم المحكمة الدولية من خلال شهود الزور وقطاع الاتصالات. وهي إشارة إلى عدم اكتفائه بما أُنيط بوزير العدل القيام به. وينطلق الحزب من مقاربة تجعله يطابق بين خلل شهود الزور الذين قادوا إلى اتهام سوريا باغتيال الحريري الأب، وخلل الاتصالات التي ترمي إلى اتهام الحزب بجريمة الاغتيال. وكشأن ارتكاز التحقيق الدولي على شهود الزور، يرتكز القرار الاتهامي، في تقويم الحزب، على الاتصالات. إلا أنه يسعى إلى إبراز قرائن جديدة تكشف الاختراق الإسرائيلي لقطاع الاتصالات اللبنانية وسبل استخدامها في وجهة تجريم الحزب.

استعاد الحريري في اتجاه حزب الله «الكلمة الطيّبة»
استعاد الحريري في اتجاه حزب الله «الكلمة الطيّبة»


تعليقات: