صيف العرقوب جمال طبيعة وفرصة لتلاقي الأهل


دروب المساء تستعيد الشباب والشابات والمهرجانات تنشط في القرى..

العرقوب ـ

العطلة الصيفية في قرى العرقوب لها طعم آخر مع جمال الطبيعة وطيب المناخ والفاكهة الصيفية، ناهيك عن لقاء الأهل والأحبة بعد طول غياب، حيث يتجمع الأبناء والأحفاد وقت العصرونية عند الجد والجدة يتسامرون بأحاديث عن ذكريات الطفولة وشؤون وشجون كل منهم في غربته وبحثه عن لقمة العيش، إلى جانب القهوة والشاي ونفس نارجيلة ينتقل من واحد لآخر ممن يدخنونها، ويتناولون الفاكهة من خيرات القرية والتي تكاد تكون كلها خالية من المواد الكيماوية، إضافة إلى أحاديث الجد والجدة التي لا تنضب عن أيام زمان.

فهذا أبو علي وزوجته، لديهما عشرة من الأبناء والبنات وثلاثين من الأحفاد، يعيشان لوحدهما في منزل متواضع، وطوال العام ينتظران حلول فصل الصيف كي تجتمع العائلة، ومنذ ساعات الصباح يصبح منزلهما مقصداً ليتباركوا من عطفهم وحنانهم، وليتناولوا ما تطبخه وتصنعه الجدة من أكلات، صحية ومغذية ومن خيرات القرية، قد يكونوا نسوها أو لم يعرفوها أصلاً مثل كبة البطاطا والكشك والرشتا والعدس بالسلق، وأيضاً ما يأتي به الجد من فواكه صيفية بطيخ وشمام وتين وعنب وصبار الذي لا تؤثر أشواكه في يدي الجد التي اعتادت عليه.

أما الشباب والشابات فهم يمضون المساءات في "كزدورة" على دروب القرية لتقطيع الوقت واللهو مع أصدقاء لا يلتقونهم إلا في فصل الصيف، يحيكون تلك الدروب جيئة وذهاباً، فيما آخرون تقلهم سياراتهم، اللبنانية والسعودية والكويتية والإماراتية والقطرية والأوروبية وغيرها، ببطء سببه عجقة الكزدورة، فيما المذياع يصدح من نوافذ السيارات بأغان لبنانية وخليجية وأجنبية أحياناً.

وعندما يحل الليل ورغم ندرة المطاعم والمقاهي في قرى العرقوب، باستثناء شبعا وفيها عدد من المطاعم عند نبع الجوز، يتجه هؤلاء وذويهم إلى أقرب مطعم أو مقهى أو منتزه عند ضفاف نهر الحاصباني أو الليطاني أو حتى الوزاني، أو في مطاعم ومقاهي في مرجعيون ومنطقتها، لتناول العشاء والسهر على صوت الموسيقى أو حضور حفلة لهذا المطرب أو ذاك ولهذه المطربة أو تلك.

كل من هؤلاء الشباب والشابات يعبر على طريقته عن كونه في وطنه وفي عطلة صيفية يستحقها بعد عام من الدرس أو العمل في الغربة بعيداً عن قريته وأهله وأصدقائه.

وعند الصباح يكون للآباء دور في متابعة ما زرعوه في أرضهم خلال الأعوام الماضية وما تجنيه من خيرات، أو متابعة بناء منزل العمر أو بناء تجاري يستثمرون فيه عرق الغربة، فتلاحظ كما لو أنهم ليسوا في إجازة بل هم في لحظات الجد والعمل حتى وقت الظهيرة.

وفي نهاية الأسبوع تنطلق العائلة من الجد والجدة وحتى أصغر الأحفاد لقضاء يوم في فيء أشجار الصفصاف والحور والدفلى واللعب واللهو والسباحة في مياه النهر الذي يسارع في جفافه.

أما المهرجانات والنشاطات الصيفية التي تنظمها البلديات والجمعيات الأهلية المحلية، فلها دورها في قضاء إجازة الصيف وهناك مكان ودور للجميع خاصة الأطفال ومن هم دون الخامسة عشر، حيث تقام مهرجانات تراثية في أكثر من قرية، إضافة إلى مخيمات للأطفال والأولاد.

أما المقيمين في قراهم، فالعطلة الصيفية ليست للقاء الأهل والأحبة والأصدقاء فقط ولا إجازة للتسلية بل فرصة للعمل والإنتاج لتأمين رزق العائلة ومستلزمات فصل الشتاء من الحطب وجفت الزيتون والمازوت للتدفئة، ومونة شتوية من كشك وقورما ومربيات وكبيس وغيرها، كون العرقوب منطقة جبلية، يصل ارتفاع شبعا مثلاً لأكثر من 1400 متر عن سطح البحر.

وفي الصيف تنشط الحركة، في تلك القرى التي تكاد تخلو من أهلها خلال الشتاء، وتشهد المؤسسات التجارية على أنواعها والمطاعم والمقاهي على قلتها، حركة وإن كانت متواضعة، يعمل أصحابها بجد ونشاط لتأمين حاجات المغتربين والزوار معتبرين أن موسم الصيف هو فرصة للتعويض عن حركة السوق الضعيفة طوال العام.



تعليقات: