قطر... 2022!


«توقعوا المدهش»..

ادعموا ملف قطر لاستضافة كأس العالم في كرة العالم.. في العام 2022.

قبل كل مباراة من مباريات كأس العالم الجارية حالياً في جنوب أفريقيا، وكلما هدأت مباراة في الوقت المستقطع من اللعبة، يطل إعلان تلفزيوني مليء بالألوان والفرح والأطفال، يقفزون من سور أبيض إلى ساحة كروية مشمسة، داعين جمهور العرب إلى دعم ملف الاستضافة القطري. فيشعر المرء أمام الإعلان بالسحر أولاً، نظراً لامكانية اقتراب هذه المباريات العالمية من ساحة تنطق بلغتنا، وتؤثر في سياساتنا ويومياتنا، وإن عجزنا فعلياً عن دعمها.

كما يشعر المرء بالغرابة أمام هذا الإعلان.

فكثيرون ممن شاهدوه ظنوا في بادئ الأمر أن الدعم مطلوبٌ لاستضافة المونديال المقبل، أو التالي على أبعد تقدير. ثم مرّت الأيام الكروية، وتكثّفت في العين صور هذا الإعلان، وبدأ الرقم يستقر في المخ. إنه العام 2022.

العام 2022 يبدو كالسراب أمام العين اللبنانية، يلوح ويختفي، كأنه آتٍ، لكن.. ربما لا. العام 2022 يبدو بعيد المنال. فعندما اتضح التاريخ المنشود، انتشرت بين كثيرين عبارات من نوع: «إذا ضلّيــنا طيبين.. اللــه يعطينا عمر، لندعم!».. وراحت الأصــابع تعد الـسنوات، والأذهان تكتشف الأعمار في هذا التاريخ. قد اكون في منتصف الأربعين من العمر حينها.. وهو أكثر وهي أقل.. هل نبقى على اهتمامنا بالمونديال، حينها؟ هل يبقى المونديال؟ ماذا لو سحبت كرة القدم تماماً من الرياضة؟ او، مثلاً، ماذا لو تركت قطر مساحتها، وأصبحت دولة اخرى بحدود جديدة؟ يصعب تصوّر العام 2022 على لبنانيين كثر، فمن المعروف أن اللبناني يعاني من العجز عن التخطيط لأكثر من عام مقبل، على أبعد تقدير أحياناً، بسبب الظروف التي يمرّ بها بلده.. دائماً، وفجأةً. ظروف تتسم دوماً بالمصـيرية والوجودية، كما أن «تهديد وجود الكيان» شعار قائم في كل حين، ولأسباب تبدو دائماً مختلفة و«طارئة».

القطريون يخططون للمدى البعيد، وربما، لذلك، يحتل الأطفال دور البطولة في الإعلان. فهم الذين سينشّطون المونديال إذا حلّ في قطر، بعد 12 سنة. إن دولتهم تجهّز لهم حدثاً يستضيفونه «عندما يكبروا».. على عكس الديون التي تبتسم في وجه كل شاب لبناني، وطفل آتٍ.

في العام 2014، يستضيف البرازيل الفائز بكأس العالم لخمس مرات، المونديال. تلك قصة ستكون رائعة. البرازيل تنافس، البرازيل ترقص، البرازيل تلعب على أرضها. صورة أشبه بحفل عيد ميلاد في بيت مصنوعة جدرانه من الحلويات. رسوم متحركة، وخيال.

أما دورتا العامين 2018 و2022 فلا تزالان قيد المنافسة. لن تختار الـ«فيفا» مضيفاً لكلتا الدورتين من القارة ذاتها، ستنوّع في اختيارها القارات. والدول المتنافسة هي، إلى قطر: أستراليا، بريطانيا، اليابان، روسيا، كوريا الجنوبية، والولايات المتحدة الأميركية. كما قدّمت هولندا وبلجيكا عرضاً مشتركاً للاستضافة، نظراً للتجاور وإمكانية توحيد الجهود، وكذلك فعلت إسبانيا والبرتغال. ومن هذه الدول، يذكر أن قطر وكوريا الجنوبية ركّزتا جهودهما على طلب استضافة دورة العام 2022، كما أن اليابان وأستراليا اللتين كانتا قد قدمتا طلبي استضافة لأي من الدورتين عادتا وركّزتا الجهود على دورة العام 2022. علماً أن كلاً من المكسيك وإندونيسيا قدّمت طلباً خاصاً للاستضافة، ثم عادتا وسحبتاه.

وإن كان المرء يودّ أن يؤلم الذات أكثر على مستوى التخطيط المستقبلي فمن المفيد معرفة أن تركيا وكندا والصــين والهند تجهز مخططاتها لتقديم عروض الاستضافة في العام 2026.

إلى أقصى الرمق، وأبعد.. هكذا تخطط الدول حيواتها. وبفضل التلفزيون، بات بإمكان الدول التي تعيش كل يوم بيومه، أن تكتشف آليات أخرى لعيش الحياة، ليست بالضرورة «سحرية» أو «غامضة» كما كان الناس ينظرون إلى بلدان ما خلف البحار، وإنما منهجية وواضحة وبالألوان.

الاقتصاد يواجه بالنقد وبالبحث عن آليات التحسين. السياسي يواجه بالنقد على أساس المشروع والوجهة. الرياضي يواجه النقد على أساس الأداء وأخلاق اللعب. والغد لا يأتي فجأة، فهو يبدأ اليوم. والدليل: انظر الصورة.

تعليقات: