السيد نصرالله: اهم ما انجزه اسطول الحرية اعادة الاهتمام العالمي بقضية غزة

الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله
الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله


أكد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ان ما جرى لاسطول الحرية الذي كان متوجهاً لكسر الحصار على قطاع غزة شاهد اضافي على الطبيعة العدوانية للعدو الاسرائيلي وعلى الطبيعة الوحشية منذ تأسيس هذا الكيان الذي تأسس على الاجرام والمجازر، وانه شاهد على فتكه بالمدنيين العزل، وعلى ارهاب الدولة الذي تمارسه اسرائيل. كما انه شاهد على عدم احترامها لأي قيمة واي قوانين او علاقات دبلوماسية وعلى ان اسرائيل تعتبر نفسها فوق القانون وان كل شيء مباح فوق القانون والاعراف والديانات من أجل مصالح اسرائيل.

الامين العام لحزب الله وفي كلمة له عبر شاشة عملاقة في مهرجان التضامن والتأييد للشعب الفلسطيني المحاصر وتكريماً الشهداء والمناضلين الذين كانوا على متن اسطول الحرية الذي كان يسعى لكسر الحصار على قطاع غزة اكد اننا امام حدث عظيم في سياق صراع شعبنا مع هذا العدو المحتل المغتصب، وان ما جرى وشاهد على ان هذا العدو يستخف بالجميع ولا يحسب لأحد حساباً، ورسالة لكل الذين ينظرون او يتطلعون الى يوم يتصورون فيه الى ان السلام والعلاقات الدبلوماسية تحمي شعوبهم.

السيد نصرالله اكد ايضاً ان ما جرى في البحر الأبيض مع اسطول الحرية شاهد جديد على ان الادارة الأميركية الحالية ما زالت تلتزم بالمطلق خط الدفاع عن اسرائيل وجرائمها ومنع ادانتها وتمييع مطالب التحقيق حيث تذهب الادارة الأميركية الى الاعتبار ان ما فعلته اسرائيل حق دفاعها الطبيعي. كما اشار الى ان ما جرى يكشف زيف الحكومات في الدول التي تدعي الدفاع عن كرامة وحقوق الانسان، حيث ان الكثير من هذه الدول لاذ بالصمت لأن اسرائيل ارتكبت الجريمة، وان ما جرى يكشف طبيعة العجز العربي في مواجهة الاستحقاقات الأخيرة.

واذا شدد على ان اسرائيل اخطأت في الحسابات حيث تصورت ان عدوانها سيجعل القيادة التركية تتراجع بل انها تفاجأت بردة الفعل التركية على مستوى السلطة والشعب، اعتبر ان لهذا الحدث تداعيات في العالم وان نتائج تحققت، وان هذا الحدث كان فاعلاً، وان دماء الشهداء انجزت الكثير.

واوضح الامين العام لحزب الله ان اهم ما انجزه اسطول الحرية انه اعاد الاهتمام الى العالم قضية الحصار المفروض على غزة والذي نسيه العرب والعالم وان هذه الدماء والحناجر استطاعت ان تفرض هذه القضية على جدول اعمال كل حكومات العالم، كما استطاع اسطول الحرية ان يفرض على العالم اطلاق دعوات كما سمعنا من بان كي مون (الامين العام للامم المتحدة) لفك الحصار عن غزة ودعوات من روسيا وغيرها، هذا لم نسمع به قبل اسطول الحرية.

واشار السيد نصرالله ان من النتائج المباشرة ايضا قيام الحكومة المصرية مشكورة بفتح معبر رفح وهذه نتيجة طيبة لاسطول الحرية، كما ان ما جرى اوجد جواً مناسباً لحراك فلسطيني نحو المصالحة، موضحاً ان ما جرى سيعقد على العدو اي تفكير او تخطيط على عدوان او غزة، كما انه مصداق جديد للفشل الاسرائيلي والارتباك والعجز في القيادة الاسرائيلية.

الامين العام لحزب الله اوضح ان اسرائيل بدأت تحصي الخسائر وان ما قامت به هو حماقة حيث كان يمكن لهذا العدو مصادرة الاسطول دون الاقدام على مجزرة كما فعل. واكد ان الاحساس الاسرائيلي بالعبء واضح. واشار سماحته الى ان من بين النتائج المهمة لما جرى لاسطول الحرية ايضاً الموقف الكويتي حيث طلب مجلس الأمة الكويتي ووافقت الحكومة وقررت الانسحاب من المبادرة العربية، وتساءل هل هناك مجالس نيابية اخرى بالعالم العربية تقتضي بهذه الخطوة. واوضح ان ما فعلته اسرائيل بأسطول الحرية يحرج الاعتدال العربي ودعاة التطبيع الموجودين بوقاحة.

واذا اعتبر الامين العام لحزب الله ان هناك فرصة ممتازة اليوم لفك الحصار عن غزة اشار الى ان ذلك يتطلب المزيد من اساطيل الحرية المتجهة الى غزة، ودعا الى ان يتشكل اسطول ثان وثالث ورابع وغيرها، حيث يسقط بذلك هدف اسرائيل بالتفكير من جديد بالقيام بخطوات مشابهة، وان القيام بخطوات مشابهة يشير للاسرائيلي انه فشل في خطته، كما ودعا للمزيد من المشاركة اللبنانية المتنوعة في اسطول الحرية رقم 2.

وناشد الامين العام لحزب الله الجميع للعمل على ابقاء معبر رفح مفتوحاً وتوجه بالمناشدة للقيادة المصرية، كما دعا للتضامن جميعاً دول جامعة الدول العربية وشعوب العالمين العربي والاسلامي والوقف الى جانب القيادة المصرية حيث لم يتمكن عندها احد ان يحرجها ويجبرها على اغلاق معبر رفح.

كما دعا السيد نصرالله الى مساندة الموقف التركي الذي سيتعرض للكثير من الضغوط، وان هناك ضغوطاً ستمارس على تركيا لعدم اندفاع تركيا الى موقع متقدم من الجهة العربية بالصراع العربي الاسرائيلي ولمنع تدهور علاقتها مع اسرائيل.

السيد نصرالله واذ دعا للعمل على ابقاء قضية غزة في دائرة الاهتمام العالمي وتحويل القضية الفلسطينية الى قضية عالمية وقضية انسانية، اوضح ان اسطول الحرية فتح الباب مجدداً لاعادة القضية الفلسطينية الى الاهتمام العالمي لتصبح قضية عالمية. كما دعا سماحته لمواصلة المطالبة بالتحقيق الدولي لانه سيحرج اسرائيل لانها سترفضه، كما ويجب رفع قضايا على القادة الاسرائيليين حيث امكن في كل العالم.

وختم الامين العام لحزب الله بالدعوة الى مواصلة العمل لنكون اقوياء وواثقين من مواقفنا، والعمل على كسب الاصدقاء وحفظهم، واعتبر ان الشعب التركي يعيد اليوم تركيا الى الامة كما وشدد على ضرورة العمل ليكون لدينا ولدينا قوة الحق وان نمتلك قوة القوة لأننا في عالم لا يحترم الا الاقوياء، وقال : "اهم شيء ان نحتفظ بالمقاومة في لبنان وفلسطين و على امتداد امتنا، بوجود امثال الذين شاركوا باسطول الحرية وبوجودكم، اسطول الحرية لن يقف عند حد يوم بل سيستمر لتكون الحرية لهذه الامة وللقدس وفلسطين وغزة من نير المشروع الاسرائيلي الاميركي".

وهنا نص الكلمة كاملة:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

السادة العلماء السادة النواب السادة الوزراء الأخوة والأخوات أيها الحفل الكريم السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.

أودّ في البداية أن أتوجه بالشكر الجزيل لكم جميعا على تلبيتكم السريعة للدعوة إلى هذا اللقاء التضامني التكريمي الذي هو جزء من مسؤوليتنا, وهذا الحضور الكبير والسريع ليس مفاجئا على الاطلاق, ألستم أشرف الناس وأطهر الناس وأكرم الناس.

أيها الأخوة والأخوات: في هذا اليوم المبارك والعظيم أود في البداية أن أشير إلى بعض مناسباته الجليلة إسلامياً ووطنياً ثم نعبر إلى أسطول الحرية والكرامة والعزة والشهامة.

في البداية أتوجه اليكم بالتبريك في الذكرى العطرة للولادة الميمونة لبضعة خاتم الانبياء (ص) وريحانته وروحه التي بين جنبيه الصدّيقة الطاهرة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام, وأيضاً أود في هذا اليوم الذي يناسب أيضا ذكرى رحيل إمام المستضعفين وقائد الثائرين والمجاهدين والمقاومين, محيي قيَم الأنبياء وباعث النهضة والصحوة ومشاعر الإباء سماحة الإمام السيد روح الله الموسوي الخميني رضوان الله تعالى عليه لأتقدم من سماحة الامام القائد آية الله العظمى السيد الخامنئي دام ظله ومن الشعب الإيراني المجاهد ومن جميع محبي ومؤيدي وعشاق هذا الإمام بأسمى وأرفع آيات العزاء والمواساة. ووطنياً من الواجب أيضاً أن نتوجه في الذكرى السنوية لاستشهاد رئيس الحكومة الأسبق الرئيس الشهيد رشيد كرامي إلى عائلته وإلى أهله وإلى محبيه وإلى الشعب اللبناني في هذه المناسبة الوطنية التي استشهد فيها رجل كبير من رجال هذا الوطن، رجل الوحدة والمقاومة والوطنية والعروبة والإباء, ثم تتوجه عقولنا وقلوبنا وأبصارنا الى من توجه اليهم أسطول الحرية، إلى أهلنا الصابرين الصامدين المقاومين الثابتين الشرفاء في قطاع غزة, الذين واجهوا كل أشكال الحصار والعدوان والقتل والتجويع ونوجه إليهم التحية وإلى كل شعبنا الفلسطيني العزيز والمظلوم والمجاهد والثابت على حقوقه في أراضي 1948 وفلسطينيي 48 وليس فقط عرب 48, وإلى أهلنا في الضفة وفي القدس وإلى شعبنا الفلسطيني في كل أرض الشتات, ثم إلى من جمعنا أسطولهم وشموخهم وشجاعتهم وتضحيتهم, التحية إلى كل المشاركين في أسطول صنع الحرية, إلى جرحاهم إلى شهدائهم إلى سهرهم وتعبهم، إلى خوفهم وشجاعتهم إلى ثباتهم إلى دمائهم ودموعهم وآهاتهم وصرخاتهم, بطبيعة الحال يجب في أرض لبنان أن أخص بالتحية البعثة اللبنانية وكل الأخوة اللبنانيين الأعزاء فرداً فرداً الذين شاركوا في هذا الاسطول ليكونوا رسل المقاومة اللبنانية بكل أطيافها وأحزابها ليكونوا رُسُل الإرادة اللبنانية والعزم ورسل العزم والثبات والتضحية والشهادة التي صنعت الانتصار في لبنان, ولنعبّر في هذا اليوم بالاعتزاز الكبير بالشهداء الذين نجتمع لتكريمهم, الشهداء الذين شاء الله تعالى أن يكونوا جميعا من جنسية واحدة، ليس في هذا لهو ولا عبث ولا صدف, وانما مشيئة الله هو الذي يختار الشهداء من بين الناس واختارهم جميعا من هذه الجنسية لحكمة يريدها ويرضاها.

أتوجه باسمكم جميعاً لعوائل الشهداء الأعزاء الأتراك بالتبريك والتعزية كما هي عادتنا, التبريك لحصول أعزائهم على هذا الشرف وهذا الوسام الإلهي الرفيع, والتعزية على فقدان الأحبة والأعزّة, ومن خلالهم أوجه التحية إلى الشعب التركي الذي توحّد خلف أسطول الحرية وخلف شهداء هذا الأسطول وإلى القيادة التركية التي استطاعت أن تثبت حضورها وشجاعتها وحكمتها في إدارة هذه المواجهة.

أيها الأخوة والأخوات: اليوم نحن أمام حدث كبير وعظيم في سياق صراع أمتنا وشعوبنا مع العدو المحتل الغاصب لفلسطين والمعتدي على شعوب أمتنا وأراضينا ومقدساتنا ومنطقتنا. نحن نفهم ما جرى في هذا السياق, اسمحوا لي في الوقت المتاح أن أوزع كلمتي على العناوين وكلها ترتبط بهذا الحدث وما بعده, أولاً توصيف الحدث, ثانياً الدلالات والعبر, ثالثاً النتائج, رابعاً ما يجب أن نعمل وأن نفعل وأن نوظّف.

في التوصيف كلمة مختصرة لأنكم واكبتم وشاهدتم كل شيء, هناك أسطول مؤلف من مجموعة سفن، بعضها ينقل أفراداً وبعضها ينقل مؤناً، توجه إلى قطاع غزة لهدف واضح ومحدد وأساسي, وهو كسر الحصار عن أهل غزة, وتألف هذا الأسطول من مئات الاشخاص, ومن شخصيات ينتمون إلى عشرات الجنسيات, ومن رجال دين مسلمين ومسيحيين ونواب ونخب ورجال ونساء, وكان من بينهم أيضاً ـ وأنا أقصد بهذه الاشارة لنعود اليها بالدلالات والنتائج ـ وكان من بينهم من ينتسب أيضاً الى دول دول تقيم معها إسرائيل علاقات دبلوماسية، وكان العدد الأكبر أو العدد الكبير ينتمون إلى التابعية التركية، الدولة التي تقيم معها إسرائيل منذ زمن طويل علاقات دبلوماسية وعسكرية وأمنية واقتصادية, تم مهاجمة أسطول الحرية في المياه الدولية في قرصنة علنية ومكشوفة وواضحة وتم ارتكاب الجريمة والمجزرة مما أدى إلى استشهاد تسعة شهداء أتراك وجرح العشرات من المتضامنين, وتم احتجاز كل المتضامنين وسوقهم إلى التوقيف وإلى السجن ومصادرة المؤن والسفن وتم لاحقاً وبسرعة نسبية، هنا أيضاً أنا أوصّف لأن لذلك علاقة بالدلالات، تم لاحقاً وبسرعة نسبية إطلاق سراح جميع المعتقلين المخطوفين, هذا في التوصيف بايجاز والصورة واضحة عندكم ولكن أردت التوصيف ليساعدني في الإشارة إلى الدلالات.

ثانيا في الدلالات والعبر: هذه الجريمة والمجزرة هي شاهد إضافي على الطبيعة العدوانية لهذا العدو، على الطبيعة الوحشية، على الطبيعة الراسخة في هذا الكيان منذ تأسيسه، وهو كان قد تأسس على ارتكاب المجازر والجرائم, هذا شاهد جديد على فتكه بالمدنيين العزّل من الرجال والنساء ودون اعتبار, هذا شاهد جديد على إرهاب الدولة التي تمارسه إسرائيل, وعلى عدم احترام إسرائيل لأي قيم إنسانية وأخلاقية ولأي قانون دولي أو أعراف دولية واتفاقات دولية أو علاقات دبلوماسية، (وهذا شاهد) على أن إسرائيل تعتبر نفسها فوق القانون فكل شيء مباح، فوق القانون وفوق الأخلاق وفوق الشرائع السماوية وفوق الديانات فكل شيء مباح من أجل مصالح إسرائيل واعتباراتها, وهذا شاهد جديد أيضاً على أن هذا العدو يتصرف أنه فوق العقاب وفوق المحاسبة وفوق المساءلة من هذا العالم, وشاهد جديد على أن الإسرائيليين يقتلون ويقتلون، حملتَ السلاح أم لم تحمل السلاح, كنت أعزلاً أم كنت مدججاً بالسلاح, وهذه عبرة لمن يقول أن السلاح ذريعة للعدوان, هل كان المتضامنون في أسطول الحرية يحملون السلاح ليكون ذريعة لقتلهم وسفك دمائهم وإلقاء أجساد بعضهم في البحر؟ وشاهد على أن هذا العدو يستخف بالجميع، بالدول، بالشعوب بالمجتمع الدولي، بالعالم كله, ولا يحسب لأحد حساباً، حتى للدول التي يقيم معها علاقات دبلوماسية أو يعقد معها اتفاقيات عسكرية وأمنية أو ما شكل, وهذه رسالة لكل الذين ينظرون أو يتطلعون إلى يوم يتصورون فيه أن السلام ممكن مع هذا العدو القاتل وأن العلاقات الدبلوماسية تحمي مواطنيهم أو تحمي شعوبهم.

في الدلالات والعبر ما جرى في البحر الأبيض المتوسط مع أسطول الحرية وما بعده من ردود الأفعال شاهد جديد على أن الإدارة الأمريكية ما زالت، الإدارة الحالية، تلتزم بالمطلق خط الدفاع عن إسرائيل وعن جرائمها ومجازرها, ومنع إدانتها ومساعدتها على الإفلات من العقاب وحتى تمييع مطالب التحقيق، بل أكثر من ذلك، تذهب الإدارة الأمريكية إلى اعتبار أن ما قام به العدو هو حقه الطبيعي كما قال نائب الرئيس الأمريكي بايدن, وهنا يتوجه السؤال إلى أصدقاء أمريكا وإلى المراهنين عليها وعلى التغيير في سياستها الشرق أوسطية ليتأكد لهم من جديد أن كل شيء يمكن أن يتغير في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط إلا ثابت واحد هو إسرائيل ومصالح إسرائيل وأمن إسرائيل وحماية إسرائيل في أن ترتكب ما تشاء من المجازر حتى بحق من ينتمي إلى دول هي في تحالف عسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية.

ما جرى أيضاً، في الدلالات والعبر، يكشف عن زيف الحكومات والدول في العالم التي تدعي الحماية والدفاع عن حقوق الإنسان وعن حرية الإنسان, وعن كرامة الإنسان, كثير من هذه الدول لاذ بالصمت لأن الجريمة ارتكبتها إسرائيل، ولو كان فعل مقاوم في ساحة من ساحات المقاومة قام بشيء مشابه لتصدّت كل هذه الحكومات دفاعاً عن حقوق الإنسان, أما البعض الآخر فقد أدان بخجل واعتبر الأمر منتهياً.

للأسف الشديد ما جرى أيضاً يكشف طبيعة العجز العربي في مواجهة الاستحقاقات المهمة، ولست بحاجة للتعليق كثيراً على قرارات وزراء الخارجية العرب، فالشارع العربي وحده

يعرف طبيعة التعليق.

من جملة الدلالات والعبر في المقابل، السرعة في إطلاق سراح المعتقلين والمحتجزين، هذا فيه عبرة كبيرة جداً ودلالة كبيرة جداً، لماذا؟ دعوني أقول للأسف لأن المعتقلين ليسوا فقط عرباً، ولو كانوا عرباً فقط كانوا "بدون يشمشطو فينا الإسرائيليين أد ما بدكم"، طبعا سيقيمون حسابات معيّنة تتصل بحركات المقاومة لكن لا تتصل بالموقف الرسمي العربي في كل حال، لأن إسرائيل تجزم بأن الموقف الرسمي العربي سيقف عاجزاً حتى لو تم إحتجاز مئات المتضامنين العرب في أسطول الحرية لأن هذا الموقف العربي كان عاجزاً وما زال عاجزاً أمام إحتجاز آلاف الأسرى الفلسطينيين من رجال ونساء وأطفال في السجون الإسرائيلية.

ما هو الجديد في هذه المسألة برأيي هو وجود المئات من المواطنين الأتراك. هنا إسرائيل أخطأت في الحسابات، تصورت أنها عندما تعتدي وتقتل وتحتجز وتمارس الإرهاب بحق أسطول الحرية، هذا سوف يجعل القيادة التركية تتراجع وترتبك وتخاف، وتبحث عن أي تسوية ممكنة، للأسف هكذا تعودت إسرائيل مع الحكومات.

أنا اجزم بإن القيادة الصهيونية تفاجأت برد الفعل التركي، سواء على مستوى القيادة أو على مستوى الشعب وحتى على مستوى المؤسسات ومختلف الأحزاب، حتى الأحزاب المعارضة لحزب العدالة والتنمية، عندما وقفت القيادة التركية واستخدمت علاقاتها مع إسرائيل (طبعا نحن لا نؤيد لأي دولة إسلامية أن تقيم علاقات لكن هذا أمر موجود قبل حزب العدالة والتنمية) وجاءت القيادة التركية لتقول للإسرائيليين إذا إحتفظتم بأيٍّ من المتضامنين سنقطع علاقتنا معكم هذا لم يكن في حساب الإسرائيلي. أنا سمعت الإسرائيليين في الأيام الأولى "كتير عنترو في أول يوم وثاني يوم" وقالوا إن المتضامنين تعدّوا على الجنود وضربوا الجنود وإن كل يد ارتفعت على جندي إسرائيلي ستحاكم فخرجت القيادة التركية لتقول لهم إذا حاكمتم واحداً منهم سنحاكم قادة إسرائيل.

ممتاز "نود أن نعرف لماذا خرجوا"؟ لأن هناك تركيا، هناك دولة قوية وشعب قوي خلف قيادته وهناك قيادة قوية وتحسن استخدام عناصر القوة المتاحة لديها.

بالنسبة لإسرائيل أن تقوم تركيا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل فهذا زلزال، هذه مسألة كبيرة وخطيرة جداً على المستوى الإستراتيجي ولذلك بدأ التلاوم الآن في داخل الكيان الصهيوني، أن تقف تركيا وتقطع علاقاتها العسكرية مع إسرائيل والأمنية والاقتصادية مع إسرائيل فهذه نقطة قوة وهذا سلاح مهم، في المآزق والحروب السابقة، في الحرب على غزة الأخيرة، وفي الحرب على لبنان عام 82، وفي اجتياح الضفة ومجزرة جنين لطالما خرجت الشعوب العربية لتطالب بعض الدول العربية التي تقيم علاقات مع إسرائيل لتقول لها استخدمي هذا السلاح ولم تفعل. ولكن تركيا استخدمت هذا السلاح ولم تطالب فقط بمواطنيها بل اعتبرت أن الأسطول كله مسؤوليتها ولذلك أمكن خروج الإخوة وبعضهم من الذين يجلسون بينكم الآن.

هنا إذاً العبرة للبعض الذي يتحدث عن الدبلوماسية. دبلوماسية التذلل والتسول والوهن والضعف والتمني والرجاء والإعتراف بالعجز لا تجلب إلا الذل وإلا الضياع وإلا الخسران. نعم الدبلوماسية المستندة إلى القوة إلى قوة الشعب والقيادة والدولة والمنطق والسلاح هذه الدبلوماسية المستندة إلى القوة تستطيع أن تفعل وأن تنجز.

في النتائج: هذا الحدث الذي حصل مع أسطول الحرية كان له تداعيات في العالم وتحققت نتائج وأنا اذكر هذه النتائج لأقول إن هذا حدث فاعل ولأقول إن دماء الشهداء أنجزت الكثير ولأقول لكل الذين أصيبوا أو جرحوا وشاركوا في أسطول الحرية لكل الذين شاركوا إن ما فعلتموه وما أنجزتموه لم يذهب هباءً، لقد حققتم نتائج كبيرة جداً بفعل حضوركم ودمائكم وصمودكم وصبركم:

أولاً: أهم ما أنجزه أسطول الحرية وبدماء الشهداء أيضاً أنه أعاد إلى الاهتمام العالمي من جديد قضية الحصار الوحشي اللا انساني المفروض على غزة منذ سنوات. هذا الحصار الذي نسيه العالم ونسيه العرب وأصبح أمراً عادياً لا يذكر حتى في آخر الأخبار، استطاعت هذه الدماء وإستطاعت هذه الحناجر والسواعد أن تفرض هذه القضية مجددا على جدول أعمال كل الحكومات في العالم وجعلتها خبر أولاً في وسائل إعلام العالم وفي اهتمامات الشعوب.

ثانياً: استطاع أسطول الحرية أن يفرض على العالم إطلاق دعوات.. لأول مرة نسمع من الأمين العام للأمم المتحدة الذي سكت طويلا دعوة إلى فك الحصار عن غزة فوراً، دعوات من دول أوروبية، من روسيا، من دول مشاركة في اللجنة الرباعية التي كانت تغطي الحصار على غزة، من دول عديد في العالم.

هذا لم نسمع به قبل أسطول الحرية وشهداء الأسطول.

ثالثاً: من النتائج المباشرة قيام الحكومة المصرية مشكورةً بفتح معبر رفح حتى إشعار آخر، وبمعزل عن أي تفسير أو خلفية أو ظروف، هذا الأمر بحد ذاته هو نتيجة طيبة لأسطول الحرية وارتدادات الأسطول.

رابعاً: إن ما جرى أوجد جواً مناسباً ومساعداً لحراك فلسطيني نحو المصالحة وإنهاء الأنقسام.

خامساً: هذا الذي جرى سيعقّد أو يصعّب إلى حد ما، حتى لا أبالغ، على العدو الصهيوني أي تفكير أو تخطيط لعدوان جديد على غزة، العدوان على لبنان أو سورية أو إيران له حساباته المختلفة. نحن قلقنا الكبير هناك (في غزة) ومما لا شك فيه أن تضحيات اسطول الحرية ستعقّد هذا المناخ على العدو.

سادساً: المزيد من فضيحة إسرائيل أمام الرأي العام العالمي.

سابعاً: المزيد من الوعي لدى شعوبنا العربية والإسلامية المعنية بالدرجة الأولى بهذا الصراع وبمواجهة هذا العدو.

ثامناً: المزيد من فضيحة السياسات الأمريكية في منطقتنا وفضيحة المراهنين عليها.

تاسعاً: مصداق جديد للفشل الإسرائيلي والإرتباك الإسرائيلي والعجز في القيادة الإسرائيلية، القيادة السياسية والأمنية والعسكرية، لست أنا الذي يقول ذلك، الإسرائيليون اليوم، لو طالعتم كل الصحف الإسرائيلية ولو إستمعتم إلى ما يقوله الشارع، اللغة التي يتم الحديث عنها هي الحديث عن الفشل وعن الإرتباك وعن الخسارة وعن الفضيحة وعن الوقوع بالفخ، هذه مصطلحات الصحافة الإسرائيلية موجودة، بعض المسؤولين الإسرائيليين يتكلم، الدعوات إلى تشكيل لجنة تحقيق، الآن في إسرائيل يقومون بإحصاء الخسائر السياسية والمعنوية.

وبالتأكيد ما قام به العدو الإسرائيلي هو حماقة، هو حسابات خاطئة، هو سلوك منحرف يعبر عن عنجهيتهم، وإلا كان (العدو) يستطيع أن يصادر هذا الأسطول وأن يفرض عليه السير بوسائل مختلفة باتجاه ميناء أشدود ويفعل ما فعل دون الإقدام على قرصنة ومجزرة وجريمة وسفك دماء كما فعل.

عاشراً: الإحساس الإسرائيلي بالعبء، لست أنا من أقول ذلك، رئيس الموساد مائير دغان، الجهاز الأمني الذي يعمل في الخارج والأقدر على تقدير الموقف الدولي والخارجي للقيادة الإسرائيلية هو يقول إن إسرائيل بدأت تتحول من ذخر وذخيرة وعون لأمريكا إلى عبء على أمريكا، لأنه مع كل فشل ومع كل جريمة ومع كل مجزرة أمريكا معنية بأن تأتي وتحمي وتدافع وتساعد وتدفع الثمن وهذا ما قاله أيضاً قائد القيادة الوسطى في القوات الأمريكية الجنرال ديفد بترايوس، عندما قال نحن ندفع من دماء جنودنا نتيجة دعمنا لإسرائيل التي تحولت إلى عبء على الولايات المتحدة الأمريكية. لاحقا تبهدل (بترايوس) فصرح تصريحاً ثانياً صلّح قليلاً. هذه هي إسرائيل بعد الحادث، قيادة لا تحسن التصرف لا سياسياً ولا إعلامياً ولا عسكرياً ولا أمنياً ولا ميدانياً مع أسطول أعزل ليس معه سلاح ولا صواريخ ولا أي شيء على الإطلاق. هذه من النتائج التي ستزيد الإرتباك والوهن في هذا الكيان.

حادي عشر: التطور في الموقف التركي.. بلا شك هذه من النتائج المهمة. اليوم الموقف التركي مختلف، طبعاً الموقف التركي كان حاضرا أثناء عدوان 2006، أثناء العدوان على قطاع غزة تقدم الموقف التركي وتطور، لكن ممّا لا شك فيه في حادثة أسطول الحرية أ، الموقف التركي تقدم كثيراً وسمعنا المواقف التي أطلقها القادة والمسؤولون الأتراك وآخرها أمس الرئيس التركي عبدالله غول الذي قال إن العلاقات لن تعود على أي حال كما كانت، وهذا في كل الأحوال هو تقدم جيّد وكبير ومهم في الموقف التركي. وكما أشرت في حديث الدلالات أن من النتائج الآن أن إسرائيل بدأت تخسر تركية (لا أقول إنها خسرت تركيا، أنا لا أبالغ في أي تقييم) وهذا تحول استراتيجي كبير في المنطقة. إسرائيل كانت لها علاقات دولية وإقليمية مهمة جدا في المنطقة. إيران في زمن الشاه كانت داعماً وقوة إستراتيجية وعمقاً إستراتيجياً لإسرائيل. هذا العمق الإستراتيجي فقدته إسرائيل بانتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران بقيادة الإمام الخميني قدس سره، وتحول إيران إلى متبنٍّ وداعم وملتزم بالمطلق بالقضية الفلسطينية المركزية. بقيت تركيا، من أسطول الحرية بالتحديد أستطيع أن أقول: بدأت إسرائيل تخسر تركية.

هل ستخسرها بالكامل؟ هذا مرهون بالظروف والأوضاع والأحداث والتطورات ولكن هذا من النتائج المهمة.

ثاني عشر: من النتائج المهمة الموقف الكويتي.. عندما طلب مجلس الأمة الكويتي والحكومة الكويتية وافقت وأخذت الخطوة الأولى وقررت الانسحاب من المبادرة العربية. هل هناك مجالس نيابية أخرى وحكومات أخرى في العالم العربي تقتدي بمجلس الأمة الكويتي والحكومة الكويتية؟ بالتأكيد، باسمكم جميعا نحن نوجه التحية إلى مجلس الأمة الكويتي وإلى الحكومة الكويتية على هذا الموقف الكبير، البعض كان يقول ماذا يعني أن نسحب المبادرة العربية، ما قيمة هذا الموضوع؟ نعم له قيمة سياسية وله قيمة معنوية. الآن لا نريد فتح "شق انغام مع العرب" لكن المبادرة العربية فيها تنازلات كبيرة للعدو الإسرائيلي. عندما نقول هذه المبادرة سحبت نقول لهم إن كل التنازلات التي قدمناها في المبادرة انتهت وعدنا إلى المربع الأول. هذا له قيمة سياسية وإستراتيجية كبيرة جدا.

وأخيراً في النتائج لننتقل إلى المقطع الأخير، فإن ما حصل بالتأكيد هو يحرج ويربك كل دعاة التسوية وكل دعاة التطبيع وكل دعاة الإستسلام وكل المراهنين على المفاوضات المباشرة وغير المباشرة مع العدو الإسرائيلي وظروفهم صعبة جداً. في 25 أيار اضطررت لأن أستشهد بكلام لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وهي قالته ولم أخترعه أنا "وأن ما تفعله إسرائيل يحرج محور الاعتدال العربي" أضيف ما فعلته إسرائيل في أسطول الحرية نعم يحرج الاعتدال العربي ويحرج كل دعاة التطبيع في العالم العربي الذين ما زالوا موجودين وبعضهم موجود بوقاحة. قرأت في بعض الصحف الخليجية أمس مقالات تتحدث أن أسطول الحرية هو حماقة محضة! ومقالات تدافع عما فعله الجنود الإسرائيليون! قلّما تجد صحيفة إسرائيلية تدافع عما فعله الجنود الإسرائيليون، ولكن هناك مقالات في صحف خليجية كتبت تدافع عما قام به الجنود الإسرائيليون وتحمّل المسؤولية للمتضامنين في أسطول الحرية! على كل حال هم قلة قليلة ونادرة، والأيام والحق والشرف والشهامة وأعاصير الشرفاء في هذه الأمة ستكنسهم من هذه الأمة إن شاء الله.

أما ما يجب القيام به:

أولاً: يجب الاستفادة من الفرصة الحالية. اليوم هناك فرصة ممتازة جداً لتحقيق هدف أسطول الحرية وكل ما سبقه من شريان الحياة وقوافل أخرى، وهو فك الحصار عن أهلنا في قطاع غزة. هذا يتطلب تشكيل المزيد من أساطيل الحرية المتجهة إلى قطاع غزة. يجب أن يتشكل أسطول ثانٍ وثالث ورابع وخامس، ومن جنسيات مختلفة، وهنا في الحقيقة يسقط الهدف الإسرائيلي من إرهاب الدولة ومن قتل الشهداء في الأسطول لأن هدف نتنياهو الذي أعلنه وتحدث عنه هو أن يردع وأن يمنع أحداً في هذا العالم من التفكير من جديد من القيام بخطوة مشابهة. القيام بخطوات مشابهة تقول للإسرائيلي أنت لم تستطع أن تحقق أياً من أهدافك في إرهابك وفضيحتك وجريمتك.

في أسطول الحرية الحالي كان هناك هذا العدد من الأخوة اللبنانيين الأعزاء، أنا أدعو إلى المزيد من المشاركة اللبنانية المتنوعة في أسطول الحرية رقم 2. اليوم الحملة الأوروبية المعنية بأسطول الحرية أعلنت أنها فتحت الدعوة للالتحاق بأسطول الحرية رقم 2 وأنها حتى الآن تلقت مئات الطلبات في أوروبا. أين العرب؟ أين المسلمون؟ أين الشعوب العربية؟ أين الشعوب الإسلامية؟ يمكن أن يتساءل البعض إلى أين يريد أن يبعثنا السيد؟ هؤلاء الأخوة أمامكم الآن، مرفوعي الرأس ذهبوا وجاؤوا والذين سيذهبون سيعودون وإسرائيل كما تحسب حساباً لتركيا هناك، كما تحسب حساباً لعلم أحمر فهي تحسب حساباً لعلم أصفر. الذين يشاركون في أسطول الحرية رقم 2 من اللبنانيين يعرفون جيداً أنهم ينتمون إلى بلد وإلى شعب وإلى مقاومة لا يمكن أن تترك أسراها في السجون. لا يقولنّ أحد أن السيد يريد أن يفتح "مشكل جديد" لا ، لا نريد فتح مشكل جديد، لكن نريد أن نكون نحن اللبنانيين أيضاً جزءاً من هذه المساهمة الإنسانية الأخلاقية القومية الوطنية الإيمانية وألا نترك هذه المسؤولية فقط للذين يأتون من خلف البحار.

ثانياً: في نفس هذا السياق، أن نناشد جميعاً وندعو جميعاً ونعمل جميعاً ليبقى معبر رفح مفتوحاً، طبعاً أن نناشد القيادة المصرية وندعوها لأن تبقي هذا المعبر مفتوحاً، وهنا أعلق على قرارات وزراء الخارجية العرب لأقول، العرب ووزراء الخارجية العرب والحكومات العربية ليست بحاجة لأن تذهب إلى مجلس الأمن لتفك الحصار عن غزة. تعالوا لنرى، والآن نتحدث بهدوء: ما مشكلة مصر في فتح المعبر؟ إذا كان هناك ضغوط دولية أو اتفاقات دولية أو إحراجات معينة أو سلبيات اقتصادية معينة، تعالوا لنتضامن جميعاً، دول جامعة الدول العربية ، دولة منظمة المؤتمر الإسلامي، شعوب العالمين العربي والإسلامي، نحن نقف جميعاً إلى جانب القيادة في مصر والحكومة في مصر، وعندما يقف العالم العربي والإسلامي حكومات وشعوب إلى جانب القيادة المصرية لن يستطيع أحد أن يحرجها أو يفرض عليها إغلاق معبر رفح، هذا أمر عملي. تفضلوا واعقدوا اجتماعاً في القاهرة ، في منظمة المؤتمر الإسلامي، وانظروا ما هي المشكلة؟ هناك ضغوط ، هناك ظروف صعبة، تعالوا جميعاً نتعاون لنبقي هذا المعبر مفتوحاً ولسنا بحاجة إلى أحد في هذا العالم، لا إلى مجلس أمن ولا إلى أمم متحدة ولا إلى إدارة أميركية ولا إلى اتحاد أوروبي ولا إلى أحد، نحن العرب ونحن المسلمون نستطيع أن نفك الحصار عن غزة بهذه الطريقة المدروسة والمحسوبة والهادئة والعاقلة.

ثالثاً: مساندة واحتضان الموقف التركي الذي سيتعرض للكثير من الضغوط. انظروا إلى احترام القوي: لقد اضطر أوباما إلى أن يفتح التلفون مع الطيب أردوغان، الطيب الطيب أردوغان، لو كان القتلى ينتمون إلى دولة عربية معينة هل كان سيفتح أوباما تلفونا؟

على كلٍّ هناك ضغوط كبيرة ستمارس على تركيا لتجاوز ما حصل ولعدم تطوير موقفها تجاه إسرائيل ولعدم السماح بتدهور العلاقة مع إسرائيل ولعدم إندفاع تركيا إلى موقع متقدم على مستوى المنطقة العربية والإسلامية بمسألة الصراع العربي الإسرائيلي، في مواجهة الضغوط التي قد تتعرض لها تركيا والقيادة التركية بالتأكيد هي بحاجة إلى كل مساندة رسمية وشعبية في العالمين العربي والإسلامي.

رابعاً: العمل على إبقاء قضية غزة وحصار غزة في دائرة الإهتمام العالمي والإنساني وليس العربي والإسلامي فقط، وتحويل ـ وكما قال سماحة الإمام الخامنئي دام ظله ـ القضية الفلسطينية من جديد إلى قضية عالمية وإلى قضية إنسانية.

في السابق هناك من حاول، عندما كانت قضية فلسطين قضية العالم الإسلامي، أن يقول إن هذه قضية العالم العربي، وخرجت القضية من العالم الإسلامي، وأصبحت تركيا وإيران وباكستان ومعها مسلمو الهند وأندونيسيا وماليزيا لا دخل لهم فهذه قضية عربية، الفرس والعجم والترك والأفغان والهنود ...

في العالم العربي وتحت عنوان القرار الفلسطيني المستقل أيضا أصبحت القضية فلسطينية والعرب لا دخل لهم. قضية فلسطين أصبحت قضية غزة والضفة والقدس الشرقية واللاجئين وذهب ثلثا فلسطين. سماحة الإمام الخامنئي يدعو إلى أن نعود لنقول إنّ قضية فلسطين هي قضية فلسطينية وقضية عربية وقضية إسلامية وقضية إنسانية على مستوى العالم.عندما تستمع إلى مواقف شافيز الأخيرة التي وصف فيها إسرائيل بالدولة الملعونة والمنبوذة هل نستطيع القول لـ شافيز أن لا دخل لك فهذه القضية عربية! عندما تجد أنّ نيكاراغوا تبادر إلى سحب سفيرها وتجميد علاقاتها مع إسرائيل هل نقول لـ نيكارغوا لا دخل لكم هذه قضية عربية!

أسطول الحرية فتح الباب مجدداً لإعادة القضية الفلسطينية إلى الإهتمام العالمي لتصبح قضية عالمية، هذا ما يجب أن نواصل العمل له، العلماء والكتاب ووسائل الإعلام والإنترنت والفضائيات والأحزاب والقوى الحيّة والبرلمانيين، يمكن أن نفعل ذلك.

خامساً: مواصلة المطالبة بالتحقيق الدولي، وإن كنّا نعرف أن التحقيق الدولي لن يصل إلى نتيجة وسيتم تمييعه ولنا تجارب طويلة بالتحقيق الدولي ولكن يجب إحراج إسرائيل التي سترفض بالتأكيد أي تحقيق دولي مع إنها ارتكبت مجزرتها في المياه الدولية ومع إنها قامت بقرصنة مكشوفة وواضحة.

سادساً: رفع دعاوى قضائية على القادة الإسرائيليين من السياسيين والعسكريين والأمنيين والجنود حيث يمكن في كل أنحاء العالم على ما فعلوه بأسطول الحرية ولنفتح الملفات السابقة. نحن في حزب الله لم يكن عندنا في هذه النقطة كثير من الوضوح، لكن التجربة تقنع، أنه نعم فلنتوجه، الذين قتلونا في قانا وارتكبوا مجازر بنا وهدموا بيوتنا في لبنان وفي فلسطين، فلنرفع دعاوى قضائيّة عليهم حيث يمكن في العالم. وفي المقابل هم سيرفعون دعاوى قضائية، فليكن، أوروبا التي نذهب إليها "حنبطّل نروح عليها والمصاري الحاطينون في البنوك الأوربية فليصادروها"، لا مشكلة، ولكن لا شك أن رفع الدعاوى القضائيّة على الجرائم الإسرائيلية يحاصر القادة الإسرائيليين في العالم ويربكهم وقد فعل.

سابعاً: أن نعمل جميعا وبكل الإمكانات المتاحة على تذكير وتنوير العالم بحقيقة إسرائيل الكاذبة والخادعة والمنافقة، إسرائيل التي قدّمت نفسها للرأي العام العالمي أنها واحة الديموقراطية في الشرق الأوسط، أنها الدولة الوحيدة التي تلتزم بالقانون وبالأعراف في وسط محيط متوحش، يجب أن نستفيد من أسطول الحرية لنحدث العالم عن كل مجازر إسرائيل من دير ياسين وحولا 1948 إلى قانا الأولى إلى جنين إلى قانا الثانية إلى قطاع غزة، كل مجزرة ترتكبها إسرائيل يجب أن نفتح معها كل المجازر لنقول للرأي العام العالمي ولأحرار وشرفاء العالم: هذه هي إسرائيل التي تخدعكم والتي تدافع عنها حكوماتكم.

وأخيراً، أن نواصل العمل لنكون أقوياء ولنكون مقتدرين ولنكون واثقين من خياراتنا ومن موقفنا، أن نعمل على كسب الأصدقاء وحفظ الأصدقاء، الإمام الخميني نقل إيران من عدو للعرب إلى حليف وصديق وسند للعرب، كيف نحفظ هذه الصداقة مع إيران؟ اليوم حزب العدالة والتنمية والشعب التركي يعيد تركيا إلى الأمّة، كيف نحفظ صداقة تركيا وموقعها الجديد وموقفها الجديد، ولا نخترع عداوات هنا وعداوات هناك كما يفعل بعض العرب. أن نعمل لنكون أقوياء لأنّ هذا العالم وكما قلنا في 25 أيار لا يحترم إلاّ الأقوياء، يجب أن يكون لدينا ـ ولدينا ـ قوة الحق، فيجب أن نمتلك قوة القوة لأننا في عالم لا يحترم إلاّ الأقوياء.

أيها الإخوة والأخوات، إنّ أهم وفاء وأعظم وفاء لشهداء أسطول الحرية أن نتمسك بحقوقنا وقضايانا وثوابتنا وطريقنا الموصل وهي المقاومة، المقاومة في لبنان والمقاومة في فلسطين والمقاومة على امتداد أمتّنا، هذا هو المستقبل الذي نصنعه بأيدينا دون أن يمن علينا أحد في هذا العالم ولا نتسوّله من أحد في هذا العالم.

أيها الإخوة والأخوات، بوجود أمثال الذين شاركوا في أسطول الحرية وبوجودكم وبشرفكم وشهامتكم وشجاعتكم وإقدامكم وتضحياتكم وإخلاصكم أسطول الحرية لن يقف عند يوم ولا عند حدود سيستمر لتكون الحرية لغزة والحرية لكل فلسطين والحرية للقدس ولبيت المقدس وكنيسة القيامة والحرية لهذه الأمّة من نير المشروع الأمريكي الصهيوني المتسلط على رقابنا بسواعد المقاومين وبإرادة المجاهدين وبدماء الشهداء الزكية إنشاء الله .

بارك الله فيكم، وأشكر لكم حضوركم من جديد ومعاً نواصل طريق التحرير والحرية لنصنع الكرامة لشعبنا وأمتنا ومقدساتنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

تعليقات: