فرنجيّة: نجم المرحلة الرابعة

 فرنجيّة: لست ضد التوافق في بعض الحالات القاسية
فرنجيّة: لست ضد التوافق في بعض الحالات القاسية


يترقب النائب سليمان فرنجية المرحلة الرابعة من الانتخابات البلدية ليُكرس زعامته الزغرتاوية، ولا يخفي تشوّقه إلى رؤية المفرقعات المردية تملأ سماء البترون والكورة بعدما خذلت نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة المناصرين في هذين القضاءين

للانتخابات البلدية ضروراتها. في زغرتا كانت هذه الانتخابات سبباً للقاء رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية ورئيس حركة الاستقلال ميشال معوض، لأول مرة، مرتين.

الساعات السبع بين الرجلين كانت كافية ليكوّن الزعيم الزغرتاوي اقتناعاً، يبدو سلبياً، بشأن معوض. يروي فرنجية أنه فور مصافحته معوض أول مرة، قال له إنه يلتقيه بصفتيهما ابني زغرتا، ولا علاقة أبداً لهويتيهما السياسية، فأثنى معوض على هذا الكلام. لكنه، بعد إعلان انفراط التوافق صرّح أنه كان يفاوض فرنجية بالنيابة عن 14 آذار. و«قس على ذلك»، يردد رئيس تيار المردة، مستغرباً بصراحته المعهودة كيف يمكن السياسيين أن يذهبوا إلى هذا الحد في قول الشيء وعكسه، معتذراً عن البوح ببعض مذمات معوض بحلفائه، وفي مقدمتهم القوات اللبنانية.

لقاء فرنجية ومعوض حرّك الساحة الزغرتاوية، وافتراقهما السريع أيضاً. فلم يتضح وسط تضارب الروايات حقيقة ما حصل. يروي فرنجية الخارج من الانتخابات النيابية منتصراً رغم الجهود الجبارة التي بذلتها ماكينة 14 آذار لزعزعة زعامته، أنه مدّ يده لملاقاة معوض. لكنه فوجئ بمعوض حائراً بشأن ما يريده: «يرحب بأن يكون رئيس بلدية زغرتا ـــــ الزاوية ألدّ خصومه، ثم يطلب تزكية غيره. يطلب إعطاء رئاسة اتحاد بلديات زغرتا لرئيس مجلس بلدي في قرية ليست عضواً في الاتحاد. يطلب التكتم على المفاوضات ثم يتصل بنفسه بالمعنيين ليبلغهم تفاصيل التفاوض. يشارك في إعداد بيان مشترك ثم يدعي أنه مجرد اقتراح وصله من فاكس بنشعي»، فضلاً عن تضييع الوقت. وإذ يشدد فرنجية على أن «المجالس بالأمانات»، يتحفظ على ذكر التفاصيل التي يذكرها المحيطون به عن مطالبة معوض بالحصول بداية على ثمانية أعضاء في المجلس البلدي (من أصل 21) وأربعة مخاتير (من أصل 11)، ثم تمنيه الحصول على نصف هؤلاء فقط. ويكتفي فرنجية، في هذا السياق، باستغراب دفاع معوض عن حقوق أهل القضاء، فيما تثبت الاستحقاقات المتتالية استهتار معوض بهؤلاء. فقد رفض ابن النائبة السابقة نايلة معوض إعطاء الحرية لبلديات زغرتا في انتخاب من يمثلهم في رئاسة الاتحاد، مصراً على إلزامهم مسبقاً برئيس للاتحاد يختاره وفرنجية بدلاً منهم.

يستغرب فرنجية دفاع معوض عن حقوق أهل القضاء ورفضه أن يختاروا رئيس الاتحاد

لكن ألا تقدم الانتخابات البلديات موطئ قدم إضافية للقوات في قضاء زغرتا؟ أبداً، يقول فرنجية. لا مشكلة لدى المردة، سواء أكانت الانتخابات تُربّح القوات أم تُخسرها، فهي تأخذ من حلفائها حصراً. ويشير فرنجية في هذا السياق إلى «التزام جعجع أسلوب عمل أساسه تزكية الخلافات والانحياز إلى عائلة ضد أخرى على أمل بناء حيثية خاصة به، مستفيداً من السلبية». ففي قضاء بشري مثلاً، تتشعب العلاقات الاجتماعية لفرنجية. لكنه، وفق كلامه، لا يشجع هؤلاء على خوض معارك تقسم القرى وفق حسابات عائلية، ثم يأتي هو ليدعم عائلة ضد أخرى ويخرج لاحقاً ليقول إن لديه في هذه القرى نصف الناخبين.

يعمل فرنجية بهدوء. المرحلة الأولى من الانتخابات، في جبل لبنان، كانت مهمة له. تابع تفاصيلها، تاركاً لأنصاره حرية التحرك كأفراد مع الالتزام بتحالفات المعارضة. ووجد أخيراً وسط الرابحين أصدقاء له، مثل رئيس بلدية جبيل الجديد زياد حواط «الذي هو ابن عائلة صديقة لآل فرنجية، ومن أبعد المواطنين عن القوات». وفي الموضوع الجبيلي، يؤكد فرنجية أنه كان ضد خوض أي شكل من أشكال المعارك ضد رئيس الجمهورية، فضلاً عن أن معركة جبيل ـــــ المدينة لم تدرس بدقة. أما المرحلة الرابعة والأخيرة، في محافظة الشمال، فهي الأهم بالنسبة إليه.

تعثُّر التوافق يريح أنصار فرنجية الذين يرون أن معوض وفريقه السياسي بالغا في الاعتداد بالنفس، والانتخابات البلدية فرصة لإعادتهما إلى حجمهما، وخصوصاً أن من يدفع الأموال يراجع حساباته. المغتربون مشغولون في أعمالهم، والناخب السني سيكتفي بالاقتراع في بلدته من دون تأثير على النتيجة العامة. بدوره، يرى فرنجية في الانتخابات فرصة لاختيار مرشحين جديين قادرين على التغيير، معتزاً باختياره المهندس توفيق ألبير معوض الذي لم يتجاوز ثلاثين عاماً بعد لرئاسة بلدية زغرتا ـــــ الزاوية، مفترضاً أن معوض قادر على ضخ دم جديد وخلق ديناميكية شبابية.

الحديث عن نموّ قواتي غريب عجيب في البلدات المارونية في الكورة مبالغ فيه

في البترون، يجد فرنجية نفسه معنياً جداً بمعركة المدينة، وخصوصاً أن رئيس المجلس البلدي مرسلينو الحرك قريب منه. ويتمنى فرنجية أن يعود «الصديق القديم النائب السابق سايد عقل إلى موقعه الصحيح. فأنا لا أراه إلى جانب حزبي القوات والكتائب، هو ولد ونشأ ونضج في موقع الخصم لهما». وبحسب فرنجية، فإن الغلبة في جرد البترون هي للنائب بطرس حرب، وحلفاؤنا أحرار هناك، سواء في الاتفاق مع حرب على تجنيب البلدات معارك، أو في الاحتكام إلى صناديق الاقتراع لتحديد الأحجام. أما وسط البترون، فهناك شبه توازن في ميزان القوى. وفي الساحل ستبرز غلبة تيار المردة والتيار الوطني الحر وحلفائهما.

يحظى قضاء الكورة باهتمام فرنجية الذي يبدو مطلعاً على التفاصيل الانتخابية في قرى تلك المنطقة. ويرى أن التوافق يجنب عدداً كبيراً من البلدات انتخابات قاسية، متوقفاً عند أهمية التوافق في بلدة نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري برئاسة غابي دريق «الذي نعدّه صديقنا»، فيما المعركة متكافئة، بحسب فرنجية، في بلدتي كسبا وكفرعقا، وتميل إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي وحلفائه في بلدة أميون. ويشير إلى أن الكلام على نمو قواتي «غريب عجيب» في البلدات المارونية في الكورة مبالغ فيه.

وما دام الحديث عن القوات، يمكن الانتقال إلى بشري التي كان للمردة حضور في مجالسها البلدية التي تستعد لمراسم التسليم والتسلم. يشرح فرنجية أن كلام النائبة ستريدا جعجع على فوز القوات بالتزكية في ثلاث بلديات بشراوية دليل على طغيان الحضور القواتي في هذا القضاء، فيه الكثير من المبالغة. فالمردة مثلاً يفوزون بالتزكية في نحو ثماني بلدات زغرتاوية، لكنهم لا يعرضون عضلاتهم بالطريقة نفسها. ويشرح فرنجية أن هناك عدّة معارك في قضاء بشري، في بلدات بعضها بمثابة معاقل للقوات. ويفترض انتظار نتائج الانتخابات لتقويم الوضع الفعلي لحضور القوات في بشري.

فقد فرنجية في الشهرين الماضيين بضعة كيلوغرامات إثر إجرائه عملية جراحية. يترك فقدان الوزن بصمات واضحة عليه، لكن الانتخابات البلدية تعيد النبض إلى طبيعته، وخصوصاً أنها تعطيه المبرر للبقاء في بنشعي. بين الانتخابات النيابية والبلدية، ملاحظة أساسية في بنشعي: الزعيم الزغرتاوي يتصرف على أساس أنه المعني الأول والأخير بزعامته الشمالية، وعليه ملاحقة التفاصيل في زغرتا وفي الكورة والبترون وبشري، لأن الربح في هذه الأقضية سيكون للجميع والخسارة له وحده.

تعليقات: