الجريمة في لبنان: ترتفع أم تنخفض؟

المجتمع اللبناني مجتمع آمن في الأساس
المجتمع اللبناني مجتمع آمن في الأساس


كثُر الحديث عن ارتفاع معدّلات الجريمة في لبنان في الآونة الأخيرة، لكن أكّد أمنيّون أن الجهود المبذولة لمكافحة الجريمة تؤدّي دوراً في خفض نسب الجريمة على جميع الأراضي اللبنانية

«الجريمة جزء من الحياة» يقولها ضابط كبير في قوى الأمن الداخلي حائز شهادة في العلم الجنائي، وهو يستند في قوله إلى عالم الاجتماع إميل دوركهايم، الذي يرى أن للجريمة وظيفة اجتماعية، ليقول إنه لا يمكن إلغاء الجريمة إلغاءً كاملاً.

ويرى المسؤول الأمني أن نسبة الجريمة في لبنان مقبولة، مستنداً إلى أرقام وإحصاءات الحوادث الجنائية التي وقعت على مدار العام الفائت، مشيراً إلى دراسة تُصنّف الدول إلى أربع فئات. فالفئة الأولى تضم الدول الأقل إجراماً في العالم كاليابان، ويضع المسؤول الأمني لبنان في الفئة الثانية التي تضم الدول ذات معدلات الجريمة المتدنّية. وهناك فئة الدول ذات معدل الجريمة المرتفع كأوروبا الغربية، والفئة الرابعة تضم بلدان الجريمة الأكثر ارتفاعاً كالولايات المتحدة الأميركية وروسيا.

خلافاً للكلام الشائع عن ارتفاع معدّل الجريمة يرى المسؤول الأمني «أنّ المجتمع اللبناني مجتمع آمن في الأساس»، لافتاً إلى «أننا لا نكافح الجريمة بالجهود الأمنية فقط بل بالتربية أيضاً». وينطلق المدير العام من مقولة إنه «حتى الرُسل لم يصنعوا المدينة الفاضلة»، ليشير إلى أنّ معدلات الجريمة تتجه إلى الانخفاض. وأفاد أن الجرائم الكبرى كالسلب بقوة السلاح تراجعت، لكنه لفت إلى أن هذا وفقاً للسلوك الإجرامي يفرض على المجرم أن يرتدّ إلى الجريمة الصغرى كسرقة البيوت. فعمليات سلب السيارات تراجعت بنسبة 50%، كما أن معدل عمليات النشل يصل إلى أربع حوادث يومياً على جميع الأراضي اللبنانية. أمّا في ما يتعلّق بجرائم القتل، فهناك معدّل قتيل واحد كل خمسة أيام. لكن مقابل هذا التراجع، يبرز ارتفاع في نسبة جرائم السرقات الصغيرة (سرقة البيوت والمحالّ).

رغم كلام رجال الأمن في لبنان عن أنّ معدلات الجريمة في لبنان تتجه نحو الانخفاض، وبعيداً عن اعتبار أن معدلات الجريمة قد انخفضت بنسبة تسعين في المئة، يأتي تقرير أعدّته قناة CNN، رأى أنّ بيروت من بين أخطر عشر مدن في العالم، ليناقض الأرقام والإحصاءات التي تنشرها شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي، فيضع بغداد وديترويت وكاراكاس في موازاة بيروت، من حيث انعدام الأمن فيها، مع العلم أن ديترويت احتلت رأس قائمة أخطر المدن الأميركية لعام 2009.

اعتمد معدّو التقرير في بحثهم عن أسوأ مدن العالم على أحدث التقارير ذات العلاقة بالشقّ الأمني، كتقرير «ميرسر» عن الأمن الشخصي على المستوى العالمي، وتقرير مجلة «فورين بوليسي» عن معدلات الجريمة، إضافةً إلى تقرير مجلة «فوربس» ومنظمة «مجلس المواطنين للأمن العام» CCSP. كذلك اعتمدوا في اختيارهم على الأمن الشخصي والاستقرار الداخلي في المدن، إضافةً إلى أخذهم بالاعتبار مدى فاعلية تنفيذ القوانين والعلاقات مع الدول الأخرى. لذا وبناءً على ما تقدّم، جرى اختيار المدن العشر الأكثر خطورةً في العالم، من دون ترتيب، بحسب مجلتي «ميرسر فورن بوليسي» و «فوربس» وCCSP. فكانت العاصمة الفنزويلية كاراكاس، وعاصمة صناعة السيارات العالمية ديترويت، ومن ثم نيو أورليانز الأميركية وخواريز المكسيكية، إضافةً إلى عاصمة المال الباكستانية لاهور، ومدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا، كذلك العاصمة الروسية موسكو، وأخيراً العاصمة اللبنانية بيروت، التي عدّها التقرير أقل المدن أمناً في المنطقة.

واشنطن عاصمة الإجرام؟

أغفل التقرير مدناً أميركية ترتفع فيها الجريمة أضعاف ممّا هو موجود في لبنان. فالجرائم العنيفة (violent crime)، بحسب إحصائيات الجريمة الصادرة عن تقرير الجريمة الذي يعدّه مكتب التحقيقات الفدرالي، في العاصمة الأميركية واشنطن، التي يبلغ عدد سكانها 591 ألف مواطن، بلغت 3736 جريمة في الستة أشهر الأولى من عام 2009. أمّا سرقة السيارات، فكانت 2682 سرقة، فضلاً عن حوادث الاغتصاب التي بلغت 92 حالة. وبالنسبة إلى مدينة لوس أنجلس التي يقارب عدد سكانها الأربعة ملايين، المساوي لعدد سكان لبنان نسبياً، فعدد الجرائم العنيفة فيها بلغ 11617 جريمة في المدة نفسها، فيما بلغ عدد السيارات المسروقة 8656 سيارة، تضاف إليها 459 جريمة اغتصاب.

تعليقات: